لم يرى أن الأدب مع الإخوة كالأدب مع الأباء والأبناء سواء فعلي الإخوة الصغار من الأدب نحو إخوتهم الكبار ما عليهم لأبائهم وأن الإخوة الكبار نحو إخوتهم الصغار ماكان لأبويهم عليهم من حقوق وواجبات وأداب وذلك لما ورد : حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده.
ولقوله-صلى الله عليه وسلم-: " بر أمك وأباك ثم أختك وأخاك ثم أدناك أدناك".
ثانياً: الأصدقاء
أداب الأخوة في الله والحب والبغض فيه سبحانه وتعالى
المسلم بحكم إيمانه بالله تعالى لا يحب إذا أحب إلا في الله؛ ولا يبغض إذا أبغض إلا في الله ، ولأنه لا يحب إلا ما يحب الله ورسوله ولا يكره إلا ما يكره الله ورسوله ، فهو إذا بحب الله ورسوله يحب وببغضهما يبغض
• ودليله في هذا قول الرسول – صلى الله عليه وسلم- : " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان "
وأن هذا غير مانع للمسلم أن يتخذ إخواناً أصدقاء في الله تعالى يخصهم بمزيد محبة ووداد ، إذ رغب الرسول – صلى الله عليه وسلم- في اتخاذ مثل هؤلاء الإخوان والأصدقاء بقوله : " المؤمن إلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" • وقوله: " إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ، ووجوههم نور ليسوا بأنبياء و لا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء . فقالوا : يا رسول الله صفهم لنا . فقال : المتحابون في الله والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله"
• وقوله : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إني أخاف الله تعالى ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"
وشرط هذه الأخوة أن تكون لله وفي الله بحيث تخلو من شوائب الدنيا وعلائقها المادية بالكلية ويكون الباعث عليها الإيمان بالله لا غير وأما أدابها فهي أن يكون المتخذ أخاً عاقلاً: لأنه لا خير في أخوة الأحمق وصحبته، إذ قد يضر الأحمق الجاهل من حيث يريد أن ينفع حسن الخلق: إذ سيئ الخلق وإن كان عاقلاً فقد تغلبه شهوة أو يتحكم فيه غضب فيسئ إلى صاحبه .
تقياً : لأن الفاسق الخارج عن طاعة ربه لا يؤمن جانبه، إذ يرتكب ضد صاحبه جريمة لا يبالي معها بأخوة أو غيرها لأن من لا يخاف الله تعالى لا يخاف غيره بحال من الأحوال ملازماً للكتاب والسنة وقد أوجز هذه الأداب في اختيار الأصحاب أحد الصالحين فقال يوصي ابنه يا بني إذا عرضت لك إلى صحبة الرجل حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مئونة مانك. اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها اصحب من إذا سألته أعطاك وإن سكت ابتداك وإن نزلت بك نازلة واساك اصحب من إذا قلت صدق قولك إن حاولتما أمراً أمرك وإن تنازعتما شيئاً أثرك .
حقوق الأخوه في الله :
المواساة بالمال ، فيواسي كل منهما أخاه بماله إن احتاج إليه.
أن يكون كل منهما عوناً لصاحبه يقضي حاجته ويقدمها على نفسه.
أن يكف عنه لسانه إلا بخير ، فلا يذكر له عيباً في غيبته أو حضوره ولا يستكشف أسراره ولا يحاول التطلع إلى خبايا نفسه أن يعطيه من لسانه ما يحبه منه فيدعوه بأحب أسمائه إليهويذكره بالخير في الغيبة والحضور يعفو عن زلاته ويتغاضى عن هفواته ويستر عيوبه ويحسن به ظنونه أن يفي له في الأخوة فيثبت عليها ويديم عهدها ألا يكلفه ما يشق عليه وألا يحمله ما لا يرتاح معه فلا يحاول أن يستمد منه شيئاً من جاه أو مال أو يلزمه بالقيام بأعمال أن يدعو له لأولاده ومن يتعلق به بخير ما يدعو به لنفسه وأولاده ومن يتعلق به. وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : " إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك : ولك مثل ذلك" .
ثالثاً: معاشرة أصناف الخلق
أولاً: الأداب مع الأقارب
المسلم يلتزم لأقاربه وذوى رحمه بنفس الأداب التي يلتزم بها لوالديه ووالده وإخوته ، فيعامل خالته معاملة أمه ، وعمته معاملة أبيه ، وكما يعامل الأب والأم يعامل الخال والعم في كل مظهر من مظاهر طاعة الوالدين وبرهما والإحسان إليهما فكل من جمعتهم وإياه رحم واحدة من مؤمن وكافر اعتبرهم من ذوى رحمه الواجب صلتهم وبرهم والإحسان إليهم ويصله وإن قطعوه ويلين لهم و إن قسوا معه وجاروا عليه
وقال الله تعالى:" وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ "
• قال الله تعالى:"فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
قال سبحانه وتعالى:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ"
قال له -صلى الله عليه وسلم- أحد أصحابه:" من أبر؟ فقال : أمك، ثم أمك ، ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب"
وسئل -صلى الله عليه وسلم- : عما يدخل الجنة من الأعمال ويباعد عن النار، فقال:" تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، و تصل الرحم"
وقال- صلى الله عليه وسلم- :" الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة".