بمناسبة إحياء الأرض الذي يوافق 30/03/2012
يوم الأرض هو يوم الانتفاضة الوطنية العارمة التي تفجرت في الثلاثين من آذار من العام 1976، على شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية في معظم القرى والمدن والتجمعات الفلسطينية داخل الخط الأخضر، احتجاجاً على سياسة التمييز العنصري، ومصادرة الأراضي التي تمارسها السلطات الاسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، الصامدين على أرضهم. كما شارك في انتفاضة يوم الأرض الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، ليشكل بذلك حدثا فلسطينيا وطنيا جامعا، ورمزا لوحدة هذا الشعب ولحمته وتمسكه بأرض آبائه.
كان السبب المباشر ليوم الأرض إقدام السلطات الاسرائيلية يوم التاسع والعشرين من شباط من هذا العام، على مصادرة نحو21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل ومنها عرابة، سخنين، دير حنا وعرب السواعد وغيرها لتخصيصها لإقامة المزيد من المستعمرات الصهيونية في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه العرب. وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين الداخل وخصوصا المتضررين المباشرين عن إعلان الإضراب العام في يوم الثلاثين من آذار. وفي هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل والمثلث إضراباً عاماً، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين والقوات الإسرائيلية، وكانت أعنف الصدامات في قرى سخنين وعرابة وديرحنا.
بلغت حصيلة أحداث يوم الأرض ستة من الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة ثرى أرض الآباء والأجداد وسقطوا دفاعاً عن حقهم وأرضهم، لأنهم يحبون وطنهم وأرضهم. إن الإنسان الفلسطيني يحب وطنه ويحن إليه دائماً إذا ما ابتعد عنه، فالوطن ليس مكان للعيش فقط، بل هو العنوان والملاذ والمستقر، هو جزء من حياة المواطن الفلسطيني، امتزج حبه بعقله وقلبه حتى أصبح الفلسطيني يضحي بالغالي والنفيس في سبيل تحريره وإحقاق حقوقه.
إن حب الوطن غريزة في النفس وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يذكر موطنه غزة ويشتاق إليها:
واني لمشتاق إلى أرض غزة ** وإن خانني بعد التفرق كتماني
سقى الله أرضاً لو ظفرت بها ** كحلت بها من شدة الشوق أجفاني
إن حب الوطن والأرض عند الفلسطيني واجب، وذلك لما لفلسطين من مزايا كثيرة، فهي مهد الحضارات ومنطلق الرسالات، واليها أسرى برسولنا محمد ( صلى الله عليه وسلم) ومنها عرج به إلى السماوات العلى، وفيها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأحد المساجد التي تشد إليها الرحال.
عن أبي هريرة (رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" (رواه البخاري).
وكذلك أرض فلسطين أرض مقدسة عند المسيحيين ففيها كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم والبشارة في الناصرة. وقد بارك الله عز وجل أرض فلسطين في القران الكريم فقال : "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله".
إن حب الوطن من الدين، وجعل الإسلام الدفاع عن الوطن فرضاً على كل مسلم إذا ما أغتصب شبرَ من أرضه، وهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يعز عليه ترك مكة حينما هاجر منها بدينه فنظر إليها نظرة المحب المشتاق وقال مودعاً : "والله إنك لخير أرض الله، وأحبُ أرض الله إلي ولولا أني أُخرجتُ منك ما خرجت" (رواه الترمذي). وعن ابن عباس قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: "ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك" (رواه الترمذي).
كذلك لا بد من الإشارة إلى إن المخيم الذي أجبر الفلسطيني على إن يسكنه لا يعتبر موطنا اصلياً للفلسطيني اللاجئ، وإنما هو مكان مؤقت اضطر الفلسطيني على أن يسكن فيه ويعيش فيه، حتى يأتي يوم العودة إلى الوطن الأصلي إلى المدينة والقرية الفلسطينية، فكل فلسطيني طرد من أرضه وبيته ما زال يحتفظ بمفتاح البيت، فأهلنا اللاجئون ينتظرون العودة إلى ديارهم بفارغ الصبر، ويعيشون على أمل الالتحام مرة أخرى مع أرضهم.
ولابد أن نأخذ العبرة من يوم الأرض,وأن نتمسك بأرضنا وبوطننا,وبقيمنا وأخلاقنا,ودينناالاسلامي الحنيف الذي يقرر قاعدة {حب الوطن من الايمان}
ولابد أن نأخذ العبرة من إخواننا المهجرين من أرضهم,لأن الانسان مهما عاش مبعدا عن وطنه ولو كان مذللا ومحترما,فيشعر بأنه غريب,ولا يشعر بهذا إلا من ذاق مرارة التغريب.
قوتنا في ديننا, قوتنا في وحدتنا, قوتنا في تماسكنا,ولا نسمح لأي كان أن يمس شبرا من أرضنا,لأن الوطن غالي وعزيز.
نسأل الله تعالى لإخواننا ونقول:
اللهم من اعتز بك فلن يذل , ومن اهتدى بك فلن يضل, ومن استكثر بك فلن يقل, ومن استقوى بك فلن يضعف ,ومن استغنى بك فلن يفتقر, ومن استنصر بك فلن يخذل, ومن استعان بك فلن يغلب ,ومن توكل عليك فلن يخيب ,ومن جعلك ملاذه فلن يضيع ,ومن اعتصم بك فقد هدي إلى صراط مستقيم, اللهم فكن لإخواننا في أرض فلسطين وليا ونصيرا ً, وكن لهم معينا ومجيرا,,وردهم إلى أرضهم,وانصرهم على عدوهم, إنك نعم المولى ونعم النصير.
آمين