المطلب الثاني : الاتجاهات الحديثة للمسئولية الدولية
الأسلوب التقليدي : لقد وضع القانون الدولي بصورة تقليدية قيودا قليلة على حق دولة من الدول أو حق أفراد تكون الدول مسئولة عنهم من ناحية الاشتراك في أنشطة تهدد بإلحاق الضرر بالبيئة وللدول مصلحة مشتركة في الاحتفاظ بأكبر قدر من التعقل عند استخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل أراضيها، وقد اعترفت هذه الدول بطريقة ضمنية بقيمة حفظ المناطق الواقعة خارج نطاق سيادتها القانونية مفتوحة كي توضع فيها نفايات المواد التي لا يمكن التدخل في شئون الدول يمكن أن تؤدي إلى أضرار غير مقبولة بالمصالح الهامة للدول ،ومن ثم تصبح مصدرا للمنازعات بين الدول ولتفادي ذلك أمكن الوصول إلى معايير محددة يمكن أن تخرق سلطة الدولة الخالصة والمطلقة . وثمة أسلوب تقليدي للسيطرة على النشاط الذي يخرق صور التلوث المرسومة هو أن يحمل الدولة التي يسبب لها هذا النشاط مسئولية أي ضرر يحدث ولكن سوءا كان النشاط في حد ذاته غير قانوني أو قد يؤدي إلى آثار قانونية هامة فإنه لا يجلب مسئولية قانونية إلا بعد أن يتم النشاط أو تظهر هذه الآثار قد يكون الهدف هو الحيلولة دون فساد البيئة ولكن لا يمكن اتهام الدولة بمسئوليتها إلا بعد أن يحدث التلوث .
ــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق صـ13
المسئوليات المستحدثة للمسئولية الدولية: إن إحدى المسائل المتناهية الأهمية التي برزت في مناقشات مسئولية الدولة عن التلوث من وجهة النظر التقليدية هي ما إذا كان الخطأ ضروريا قبل مساءلة الدولة عن الضرر الذي يقع خارج أراضيها أم لا ؟ وفي مقدورنا أن نعيد صياغة المشكلة حتى تتمشى مع الطريق الذي انتهجته لجنة القانون الدولي بأن نسأل ما إذا كانت التزامات الدول الأساسية التي تفرض قواعد الالتزام بعمل يتوقف على قيام الدولة أو عدم قيامها بعمل من الأعمال أو يتوقف على قواعد الالتزام بنتيجة وفي هذه الحالة تكون مشاهدة الحادث المحظور هو أساسي مسئولية الدولة . ولاحظنا أن الالتزام نتيجة ما زال يحتاج إلى بعض الربط بين سلوك الدولة المسؤولة واثر التلوث وإن الأثر يحد من أهمية الخطأ كعنصر مطلوب من أجل فرض مسئولية الدولة وبهذه الطريقة تزيد من فاعلية نظم المسئولية القانونية سواءا كوسيلة لتحديد تكاليف التغيير التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي وأيضا كرادع للنشاط الملوث . (1)
الإصلاح : بغض النظر عن المعيار القانوني المستخدم فإذا ثبتت المسئولية القانونية على الدولة أو أي طرف آخر وفقا لقواعد القانون الدولي فإنه يعتبر مسئولا من الناحية القانونية لتعديه حدود الحد الأدنى للتلوث على خرق القواعد القانونية الدولية فإننا نطبق القاعدة العامة التي أشارت إليها محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية مصنع كروزو، تقول هذه القاعدة "أن أحد مبادئ القانون الدولي أن أي خرق الاتفاق يستتبعه التزام بدفع تعويض " أن واجب دفع تعويض هو قاعدة ثانوية تترتب عندما تفشل الدولة في الوفاء بالتزاماتها الأساسية ،وإذا كان القيام بعمل أو عدم القيام بهذا العمل – لا يخرق في حد ذاته القانون الدولي يظل الطرف المسؤول مطلوباً منه أن يفي بالتزامه الأساسي عن طريق القيام بعمل إيجابي الإصلاح الضرر الذي وقع (2).
منع الأضرار التي تصيب البيئة : يتطلع خبراء القانون الدولي إلى فرض مجموعة من القواعد السلوكية الاولية التي تحمل الدولة المسؤولية قبل وقوع الضرر ،وعلى خلاف الاتجاه الموجود في نظم المسؤولية القانونية التي تضع قواعد لتحديد مسؤولية الدولة على أساس نتائج العمل الذي تقوم به الدولة ،فأن هذه المعايير الجديدة تحاول أن تحدد بوضوح الخطوات الإجرائية التي ينتظر من الدول أن تتخذها للوفاء بالتزامها الأساسي ألا وهو منع الأنشطة التي تحت سيطرتها من إلحاق الضرر بالمناطق الخارجية عن نطاق ولايتها الإقليمية.
ويمكن أن نفرق بين هذه القواعد التي تحكم "كبح الضرر الذي يهدد البيئة" و"منع ضرر البيئة" حيث أن المضمون الذي سيتم تطبيقه في كل من الحالتين يختلف اختلافا بيناً ، ففي الحالة الأولى يكون التهديد ،وغالباً ما يكون نتيجة حادث غير منظور، مثل عاصفة تجعل ناقلة بترول تجنح ،وقد يطلب عملاً إيجابياً حتى من جانب من ليست لهم صلة مباشرة به، أما بالنسبة للسفينة أو للشواطئ التي قد تتلوث وذلك إذا أردنا تجنب
ــــــــــــــــــ
(1)نبيل أحمد حلمي : الحماية القانونية الدولية للبيئة من التلوث صـ116. دار النهضة العربية للطبع والنشر والتوزيع, القاهرة, 1991م.
(2)المرجع السابق صـ128.
وقوع أضرار بالغة ،أما "منع ضرر البيئة" فيشير إلى مجموعة من الالتزامات الإجرائية من جانب الدولة التي يكون النشاط قد جرى فيها بما يهدد بأن تكون له أثار ضارة للبيئة ولكن بشكل غير فوري وفي معظم الحالات تتطلب القيام بعمل قبل أن يبدأ النشاط الذي يمكن أن يهدد البيئة (1).
المبحث الثاني : التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الأضرار البيئية
يرى بعض الفقهاء صعوبة في تطبيق القواعد التقليدية الخاصة بالمسؤولية الدولية على الأضرار التي تصيب البيئة ، ويفضل هؤلاء الفقهاء اللجوء إلى وسائل إدارية أو فنية أو وسائل قانونية غير تقليدية من أجل تحقيق حماية فعالة للبيئة في ظل التطورات التي يمر بها المجتمع الدولي، وقد عبر عن هذه الحقيقة المبدأ رقم (22) من إعلان استوكلهم الخاص بالبيئة في عام 1972م ، وكذلك المبدأ رقم (13) من إعلان ريودي جانيرو عام 1992م ، وذلك بتشجيع التعاون الدولي من أجل العمل على تطوير قواعد المسؤولية الدولية عن أضرار التي تلحق البيئة .
وفي إطار التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الأضرار البيئية سنقسم هذا المبحث إلى المطلبين التاليين :
المطلب الأول : الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال حماية البيئة.
المطلب الثاني : إيجاد الحلول المناسبة للصعوبات السابقة .
المطلب الأول : الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال حماية البيئة .
إن الأضرار العابرة للحدود والتي تصيب مناطق تقع داخل نطاق السيادة الإقليمية لدولة أخرى يثير عدة تساؤلات تتعلق بالقواعد التقليدية للمسؤولية الدولية ،والتي يأتي في مقدمتها ما يلي :
1)علاقة السببية بين التصرف المخالف والضرر الناشئ عنه : يثير التلوث العابر للحدود عدة مشاكل منها :
المسافة: فلا يمكن أن تحدد بدقة المسافة التي تفصل بين مصدر الضرر وبين المكان الذي حدث فيه الضرر، كتلوث الهواء الجوي أو تلوث المياه بالنفايات المشعة أو بالادخنه لا يعرف حدوداً معنية .
ولكنه يمتد إلى مسافات بعيدة من الصعب تحديدها والسيطرة عليها أيضاً .
تقدير التعويض : من الصعب تقدير التعويض في حالة التلوث العابر للحدود ففي حالات معينة من التلوث كما في حالة التلوث النووي والذي لا تظهر أثاره بصورة فورية ، ولكنها تظل كامنة ثم تظهر بعد عدة سنوات وذلك كما في حادثة المفاعل النووي في منطقة تشيرنوبل في أو كرانيا في السادس والعشرين من إبريل عام 1986م ، يصعب حصر حجم الخسائر والأضرار فور الحادثة (1).
صعوبة حصر أنواع التلوث : ففي بعض الحالات التي تصيب النبات أو الحيوان أو حتى المباني يصعب تحديد مصدر ونوع التلوث الذي يسبب الضرر الذي يحدث نتيجة تفاعل عدة أنواع من التلوث ،وذلك كما في حالة تلويث مياه الأنهار الدولية بإلقاء النفايات أو بتصريف مياه المصانع والمفاعلات النووية .
صعوبة حصر أثار التلوث : فمن الثابت علمياً أن مصادر التلوث لا تحدث نتائج متماثلة دائماً . ذلك لأن الظروف الطبيعية تلعب دوراً هاماً في هذا المجال، فإلقاء نفايات ملوثه في النهر يحدث ذات الإضرار خلال فترة حركة المياه ، وهناك أيضاً عوامل أخرى مثل الرياح والشمس والضباب يمكن أن تؤثر على التلوث الجوي وهنا يصعب إسناد الإضرار إلى مصدر محدد وبالتالي يصعب المطالبة بالتعويض.
2)صعوبة تحديد فاعل التلوث : طبقاً للقواعد العامة للمسؤولية القانونية ينبغي أن يكون المتسبب في الضرر محدداً، ولكن في التلوث العابر للحدود لمسافات بعيدة أو حتى لمسافات قصيرة من الصعب تحديد المتسبب في الضرر،كما في حالة التلوث الجوي من الأدخنة المتطايرة من عادم السيارات أو من المصانع وذلك لتعدد الأشخاص المسؤولين عن هذه الإضرار.
3)صعوبة حصر الإضرار التي تلحق بالبيئة : نظراً لصعوبة إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الضرر في حالة الضرر البيئي ، فإن مسألة حصر الإضرار تصبح ضرورية من أجل تقدير قيمة التعويض وهي مسألة من الصعب تقديرها لأنها تختلف من حالة إلى الأخرى ،بالإضافة إلى أن التقدير هنا يتم بصورة تقريبية .
4)الأساس القانوني للمسؤولية عن الضرر البيئي : لا يوجد في القانون الدولي العام - في مرحلته الراهنة – قاعدة عرفية دولية تسمح بتطبيق نظرية المسؤولية المطلقة أو المشددة ،كما أن هذه النظرية لم تصل بعد إلى درجة اعتبارها أحد المبادئ العامة للقانون، ذلك لدى الاتجاه الغالب في فقه القانون الدولي ،ولهذا فإن اللجوء إلى هذه النظرية لا يمكن أن يحدث إلا من خلال اتفاق دولي صريح ،وهذا بالفعل هو ما لجأت إليه
ــــــــــ
(1)سعيد سالم جويلي : مواجهة الأضرار بالبيئة بين الوقاية والعلاج صـ20،جامعة الامارات،1999م
بعض الاتفاقيات الدولية في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، واستخدام مركبات الفضاء وبعض حالات من التلوث فإذا لم تتوفر مثل هذه الاتفاقيات سيصعب على ضحايا التلوث البيئي تحريك المسؤولية استناداً إلى نظرية الخطأ أو نظرية الفعل غير المشروع للمطالبة بالتعويض عن الإضرار الناجمة عن أنشطة غير محظورة دولياً .
5)نظام الحماية الدبلوماسية : إذا كان الشخص الذي يتمتع بجنسية الدولة ( أ ) يقيم على إقليم الدولة (ب) وهي الدولة المتسببة في الضرر الذي لحق هذا الشخص فإنه طبقاً لنظام الحماية الدبلوماسية يمكن لهذا الشخص اللجوء إلى المحاكم الداخلية للدولة (ب) فإذا لم يتمكن من ذلك يمكنه اللجوء إلى دولة (أ) لتتولى هي مباشرة الدعوى الدولية تجاه الدولة ( ب) المتسببة في الضرر . ويقتضي نظام الحماية الدبلوماسية ضرورة توافر شرطان : فعلاوة على ضرورة تمتع الشخص بجنسيه الدولة التي تتولى حمايته ،ينبغي أن يقوم هذا الشخص باستنفاذ طرق الطعن الداخلية ،إلا أن تطبيق هذا النظام يؤدي إلى بعض العقبات أمام المطالبات المتعلقة بالأضرار البيئة (1).
المطلب الثاني : الحلول المناسبة للصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية
في ظل الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال البيئة ،ذهب اتجاه متزايد في الفقه الدولى يدعو إلى إيجاد الحلول المناسبة وذلك من خلال :
تطوير مفهوم المسؤولية الدولية : بالإضافة إلى الاتجاه المتزايد في الفقه والذي ينادي بتطبيق نظرية المسؤولية المطلقة في مجال البيئة للتغلب على المشاكل التي تعترض إقامة علاقة السببية بين التصرف والضرر الناجم عنة، يقترح البعض تطوير مفهوم المسؤولية الدولية المباشرة .
فمن الثابت أن المسؤولية الدولية للدولة تنشأ إذا تم إسناد الفعل غير المشروع إلى الدولة أو إلى أحد أجهزتها الرسمية، وتسمى المسؤولية في هذه الحالة بالمسؤولية الدولية المباشرة . أما أن كان هناك أفعال غير مشروعة صادرة عن الأفراد أو الأشخاص على إقليم الدولة، فإن المسؤولية الدولية لا تتحقق هنا إلا إذا تبين أن هناك خطأ أو تقصير من جانب الدولة في القيام بالتزاماتها الدولية، فإذا تم إثبات ذلك تقوم مسؤولية الدولة عن أنشطة الأفراد أو الأشخاص ،وتسمى المسؤولية هنا بالمسؤولية الدولية غير المباشرة ،إلا أن مثل هذا المفهوم لمسؤولية الدولة قد تعرض لتطور في ظل مقتضيات القانون الدولي للبيئة وفرض التزامات جديدة على عاتق الدولة ،والتي يأتي في مقدمتها ذلك الالتزام الذي يمنع الدول من أن تستخدم إقليمها للاضرار بأقاليم الدولة الأخرى ،وهو التزام دولي مستمر في الفقه و العمل الدوليين .
ــــــــــ
1) المرجع السابق، صـ20
ونظراً لان كثيرا من الأنشطة البشرية ذات الآثار البيئية الضارة بالمجتمع تتم على يد أشخاص لا تكون الدولة مسئولة مسئولية مباشرة عنهم إلا أن هذه الأنشطة تخضع من حيث المبدأ لرقابة وإشراف الدولة من حيث منح التراخيص أو فرض نوع من الرقابة والإشراف، ومن هذه الزاوية يمكن أن تكون الدولة مسؤولة مسئولية مباشرة وليست غير مباشرة ، وهو الأمر الذي يحقق نوعا من فعالية مسئولية الدولة يتفق ومتطلبات حماية البيئة، وطبقا لهذا المفهوم تلتزم الدولة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع الأشخاص الخاضعين لاختصاصها من القيام بأية أنشطة ضارة بالبيئة فإذا لم تقم الدولة بالتزاماتها تعرضت للمسئولية الدولية .
تطوير القواعد الإجرائية المتعلقة بتسوية المنازعات البيئية :
ذهب بعض الفقهاء إلى ضرورة تطوير مفهوم الحماية الدبلوماسية بما يتفق ومتطلبات حماية البيئة ،وذلك من الشرطين اللازمين لأعمال هذه الحماية ،ويرى هؤلاء الفقهاء أن شرط الجنسية ليس لازما في تحريك دعوى المسئولية الدولية عن الأضرار البيئية . فالفرد المضرور يمكن أن يكون متمتعا بجنسية الدولة المدعى عليها ويستند حق الدولة في المطالبة بالتعويض في هذه الحالة إلى قواعد القانون الدولي التي تكفل لها حماية إقليمها من أية أضرار خارجية، ولا تمارس الحماية الدبلوماسية في حالة الضرر البيئي إلا في حالة عدم وجود علاقة( الإقامة ، تعاقد بين الطرفين) بين المضرور والدولة المتسببة في الضرر ،فإذا مارست الدولة الحماية الدبلوماسية فإن ذلك يكون في نطاق اختصاصها الشخصي ( ويتحقق مثل هذا الفرض في المناطق خارج السيادة الإقليمية للدول مثل منطقة أعالي البحار والفضاء الخارجي والمناطق القطبية ) .(1)
أما بالنسبة لشرط استنفاذ طرق التقاضي الداخلية ، فمن الثابت أن قاعدة استنفاذ طرق الطعن الداخلية تستند إلى الخضوع الإرادي من قبل الشخص الذي يوجد بينه وبين الدولة مصدر الضرر ثمة علاقة ( تعاقد-إقامة... الخ ) وان لم تكن هذه العلاقة موجودة أو لم يعبر هذا الشخص عن إرادته في الخضوع لمثل هذا النظام القانوني في تلك الدولة ، فان قبل هذه الحالة ،يكون ضحية العمل مخالف تجاه دولته ، كما في حالة إقامة هذا الشخص في دولته ، هنا يجوز للدولة تحريك دعوى بالمسئولية دون الالتزام بشرط استنفاد طرق الطعن الداخلية.
وعلى عكس ذلك الاتجاه سارت اتفاقية المسئولية الدولية عن الأضرار الناجمة عن الأشياء الفضائية عام 1972 حيث لا تشترط المادة (7) من هذه الاتفاقية ضرورة استنفاد طرق الطعن الداخلية ، وتبعا لذلك تكون للمضرور حرية الاختيار في أن يتقدم مباشرة لحكومته لمطالبتها بالتدخل ، أو أن يتقدم مباشرة بدعوى تعويض أمام المحاكم القضائية أو الأجهزة الإدارية للدولة التي قامت بإطلاق الأشياء الفضائية التي حدثت الأضرار .
وبالإضافة إلى ما سبق ورغبة في تذليل الصعوبات التي تعترض الحصول على التعويض المناسب عن الأضرار البيئية، تم إبرام عدة اتفاقيات تستهدف ضمان تلقي المضرورين للتعويض الملائم دون أن يؤدي ذلك
ــــــــــ
2)حازم محمد عتلم،المنظمات الدولية الاقليمية والمتخصصة،دار النهضة العربية ، القاهرة ،2002م
إلى توقف الأنشطة، نجد أمثلة لهذه الاتفاقيات في الأنشطة المتعلقة بتشغيل السفن والمنشئات النووية ،وكذلك السفن التي تقوم بنقل البترول .( 1)
المبحث الثالث : حماية البيئية عن طريق العقوبات الرادعة
المطلب الأول: مكافحة التلوث
النشاط الحكومي: تعمل الحكومات – القومية والمحلية في مختلف أرجاء العالم على التخلص من التلوث الذي يسبب التلف لأرضنا من يابسة وهواء وماء ،وبالإضافة إلى ذلك بذلت جهود دولية عديدة لحماية الموارد الأرضية.
وقد سنت العديد من الحكومات المحلية القوانين التي تساعد في تنقيه البيئة .
الجهود العلمية : دفع الاهتمام الواسع بالبيئة العلماء والمهندسين إلى البحث عن الحلول التقنية لهذه المسألة . فبعض الأبحاث تحاول إيجاد طرق للتخلص من التلوث أو تدبيره ، وبعضها الآخر يهدف إلى منعه.
المؤسسات والمصانع . اكتشفت العديد من الشركات أن الحد من التلوث أمر مطلوب من المنظور التجاري ،فقد وجد بعضها أن الحد من التلوث يحسن صورتها لدى الجماهير كما أنه يوفر المال.
وطور آخرون منتجات أو وسائل لا تشكل خطورة على البيئة ، وذلك سعياً لكسب رضى المستهلكين ، كما طور البعض الآخر أنظمة لمكافحة التلوث ،لاعتقادها بأن القوانين سترغمهم على فعل ذلك، آجلاً أو عاجلاً . وتحد بعض الشركات من التلوث لأن القائمين على هذه الشركات آثروا أن يفعلوا ذلك.
الزراعة : يطور العلماء والمزارعون طرقاً لتنمية الغذاء تتطلب القليل من الأسمدة والمبيدات . وستخدم الكثير من الزارعين الدورات الزراعية ، أي المناوبة بين المحاصيل من سنة لأخرى ، لتقليل الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية .
المنظمات البيئية: تساعد في مكافحة التلوث عن طريق محاولة التأثير على المشرعين وانتخاب القادة السياسيين الذين يولون اهتماماً بالبيئية . وتقوم بعض الجماعات بجمع الأموال لشراء الأراضي وحمايتها من الاستغلال . وتدرس جماعات أخرى تأثيرات التلوث على البيئة ، وتطور نظما لإدارة ومنع التلوث ، وتستخدم ما توصلت إليه من نتائج لإقناع الحكومات والصناعات بالعمل على منع التلوث أو الحد منه . وتقوم المنظمات البيئية أيضاً بنشر المجلات والمواد الأخرى لإقناع الناس بضرورة منع التلوث.
جهود الأفراد : يعد حفظ الطاقة من أهم الطرق التي يمكن للفرد أن يتبعها للحد من التلوث . فحفظ الطاقة يحد من التلوث الهوائي الناجم عن محطات القدرة . وقد تؤدي قلة الطلب على الزيت والفحم الحجرى إلى التقليل من انسكاب الزيت ، ومن التلف الحاصل للمناطق المشتملة على الفحم الحجري إلى التقليل من انسكاب الزيت ، ومن التلف الحاصل للمناطق المشتملة على الفحم الحجري. والتقليل من قيادة السيارات يعد أيضاً أحد أفضل طرق توفير الطاقة وتجنب التلوث الحاصل للهواء.
و في مقدور الناس أيضاً شراء المنتجات التي لا تشكل خطراً على البيئة . فبإمكان الأسر ، على سبيل المثال ، أن تحد من التلوث عن طريق تقليل استخدام المنظفات السامة ، والتخلص الصحيح من هذه المنتجات . فإذا ما امتنع المستهلكون عن شراء المنتجات الضارة فلسوف يتوقف المصنعون عن إنتاجها.
المطلب الثاني: أمثلة تطبيقية على بعض العقوبات المتعلقة بحماية البيئة:
كان لابد من تزويد القانون بجزاء مادي يكفل احترم قواعده ويميزها عن غيرها من قواعد السلوك الأخروى ،كقواعد الدين أو قواعد الأخلاق أو قواعد المجاملات ،التي يتمثل جزاءاتها في العقاب أو الثواب الأخروي ،أو في تأنيب الضمير ، أوفي استنكار الناس وازدرائهم للمخالف . وللجزاء في القانون الداخلي صور ثلاث هي الجزاء الجنائي والجزاء المدني والجزاء الإداري ،وقد تجتمع كافة صور الجزاءات القانونية معاً لمواجهة نفس المخالفة المرتكبة ضد أحكام قوانين حماية البيئة فصاحب المشروع الذي يتسبب في تلويث البيئة قد يحكم عليه بالسجن أو الغرامة كجزاء جنائي وبإزالة آثار التلوث وتعويض الأضرار المترتبة عليه كجزاء مدني، فضلا عن غلق المشروع أو إلغاء ترخيصه كجزاء إداري . (1)
أولا : الجزاء الجنائي : يتخذ الجزاء الجنائي شكل عقوبة على النفس أو الجسم أو الحرية أو المال ،ومن القوانين التي تجنبت النص على الحبس كعقوبة المخالفة أحكامها قانون حماية البيئة في إمارة دبي الصادر بالأمر المحلي رقم 61 لسنة 1991م، فلم ينص على الحبس أو السجن كعقوبة على مخالفة أحكامه أيا كانت أهميتها أو خطورتها ونصت على أن يعاقب من يخالف أحكامه أو أحكام لائحته التنفيذية بإحدى العقوبات التالية :
1- الإنذار .
2- غرامة لا تقل عن خمسة آلاف درهم ، وتتضاعف الغرامة في حالة التكرار بما لا يزيد خمسة عشر ألف درهم .
3- إغلاق المحل لفترة لا تزيد عن شهر .
4- إلغاء الرخصة .
وذلك فضلا عن تحميل المخالف نفقات الإزالة أو الإصلاح التي تحددها البلدية، ومصادرة الأدوات أو الأجهزة التي استخدمت في ارتكاب المخالفة .
وبعض القوانين – كالقانون العماني – لم تنص على عقوبة الحبس إلا كعقوبة لجريمة واحدة فقط، اعتبرها أخطر الجرائم المنصوص عليه فيه ، وهي جريمة إعطاء بيانات كاذبة، ومع ذلك جعلت الحبس اختياريا ، فقضت بأن تكون العقوبة هي السجن لمدة لا تتعدى ستة أشهر أو الغرامة (2)
ثانيا : الجزاء المدني : يتخذ الجزاء المدني أشكالا متعددة تشترك جميعا – كما هو الشأن في كافة صور الجزاء القانوني – في تأكيد سيادة القانون وكفالة احترام أحكامه وهذه الأشكال هي البطلان والإزالة والتعويض .
ثالثا : الجزاء الإداري : يتخذ الجزاء الإداري وكغيره من صور الجزاء - أشكالا متعددة هي الإنذار أو التنبيه وتأديب الموظفين المسئولين، والغلق المؤقت أو وقف العمل وإلغاء الترخيص .
ونظرا لأن السكان هم المتسببون الرئيسون في تلويث الأماكن العامة المحيطة بهم على وجه الخصوص مما يجعلهم مسئولين عن تنظيفها وإزالة ملوثاتها على نفقتهم ، فقد أجازت قوانين بعض الدول فرض رسوم
ــــــــــ
(1)ماجد راغب الحلو – قانون حماية البيئة صـ137 المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية, الإسكندرية, 1999م
2) راجع الباب الخامس في المرسوم السلطاني رقم 10لسنة 1982 بشأن حماية البيئة ومكافحة التلوث بسلطنة عمان .
إجبارية يؤديها شاغلوا العقارات المبنية بما لا يجاوز نسبة معينة من قيمتها الايجارية كنسبة 2% مثلا – تخصص حصيلتها للنظافة العامة ومن الأمثلة على هذه القوانين قانون النظافة العامة المصري رقم 38 لسنة 1967م.
وتجيز بعض القوانين للوزير المختص أن يأمر بإخراج النفايات المودعة في باطن التربة – وليس فقط على سطح التربة- على نفقة مولدها ،وذلك كالقانون الهولندي الصادر عام 1976م ،وتلزم بعض القوانين أصحاب النفايات وملوثي البيئة بإزالة الملوثات أو التخلص منها قبل أن تصل إلى البيئة، فتلوث أي عنصر من عناصرها ومن ذلك القانون الفرنسي الصادر عام 1975م الذي يلزم كل من يولد أو يحوز نفايات يمكن إن تشكل خطراً على الإنسان أو البيئة بالتخلص منها تفاديا لأثارها الضارة .
وفي معرض حديثي عن حماية البيئة عن طريق العقوبات والجزاءات الرادعة أجدني مدفوعا للحديث عن هذا الجانب في دول الخليج ،مقتصرا مقارنتي بين دولتين هما: الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ،من حيث القواعد التي تنظم هذه المسألة في مجال حماية الخليج العربي من التلوث بالزيت.
فقواعد منع ومكافحة تلوث مياه الخليج العربي بالزيت ليست قواعد أخلاقية أو قواعد سلوك فحسب، بل هي أيضا قواعد قانونية مصحوبة بجزاء يوقع على المخالف بواسطة السلطة العامة عند الاقتضاء ، هذا الجزاء قد يكون إداريا أو جنائيا وقد يكون مدنيا .
وطبقا لاتفاقيتي عام 1954م ، 1973م فإن الدول المتعاقدة ملتزمة بأن تلاحق جنائيا لأشخاص المخالفين لاحكامها ، كما أن المادة 12/3من بروتوكول 1989م الخاص بالتلوث البحري الناجم عن استكشاف واستغلال الجرف القاري تلزم الدول المتعاقدة بالعمل على وضع عقوبات على التصريف غير الصحيح .
ففي دولة الإمارات العربية المتحدة تقضي المادة 59 من قانون المحافظة على الثروة البترولية ،بأنه يعاقب بغرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم كل شخص لم يتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع تلوث الهواء والمياه الجوفية السطحية والمياه الإقليمية ومياه الجرف القاري والشواطئ وكافة الجزر الواقعة في المياه الإقليمية والجرف القاري وتضاعف العقوبة إذا تكررت المخالفة .
أما في سلطنة عمان توجد ثلاثة قوانين كل منها تقضي بعقوبات محددة فالمادة 9 / 6 من قانون النفط والمعادن تعاقب من يخالف نصوصه بالسجن مدة لا تتعدى 10 سنوات أو الغرامة التي لا يتجاوز مليون ريال عماني أو بكلتا العقوبتين ،ومن بين نصوص هذا القانون نص مادة 2 /5 الذي يفرض على القائمين بالعمل بذل العناية اللازمة لمنع حدوث أضرار خطيرة بالبيئة .
أما قانون مراقبة التلوث البحري فإن المادة 1/2 منه تلزم من يصرف مادة ملوثة في المياه الإقليمية بدفع غرامة لا تتعدى 5 آلاف ريال عماني .
وهناك أخيرا العقوبات الواردة في قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث رقم 10/82 والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم 63/85 وهي عقوبات متنوعة .(1)
فمن يدلي بيانات كاذبة أو مضللة في إقرار التأثير البيئي بشأن مشروع معين، يعاقب بالسجن مدة لا تتعدى 6 اشهر أو بغرامة لا تتجاوز 10 % من راس المال المستثمر في المشروع وذلك بالإضافة إلى جواز وقف العمل بالمشروع.م26
ومن يتسبب في أي تلوث للبيئة نتيجة لعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة يعاقب بغرامة تساوي ثلاثة اضعاف تكاليف تلك الإجراءات أو ثلاثة أضعاف قيمة الضرر الناتج عن هذه المخالفة أيهما أكبر (م 29) .
أما عن المسؤولية المدنية على مخالفة قواعد منع ومكافحة التلوث بالزيت في دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان فهي كالتالي :
في دولة الإمارات العربية المتحدة ورد النص على المسئولية المدنية عن التلوث في الفقرة الثانية في المادة 56 من قانون المحافظة على الثروة البترولية ،التي تقرر أنه: إذا ترتب على عمليات الجهة العاملة حدوث تلوث وجب عليها أن تبادر فورا لإزالة الآثار الناجمة عنه وفق الأساليب الفنية الحديثة " والذي يبدو أن هذا النص يقيم مسئولية الجهة العاملة على أساس موضوعي هو حدوث أضرار التلوث بصرف النظر عن وجود خطأ أو إهمال ،فالمسئولية تقوم" إذا ترتب على العمليات حدوث تلوث " أما عن نطاق المسئولية فلأول وهلة يبدو أنها لا تمتد لتعويض المضرورين (الصيادين أو محطات اعذاب المياه مثلا ) لأن النص يفرض على الجهة العاملة أن تبادر فوراً لإزالة الآثار الناجمة من التلوث، ولكن بإمعان النظرنجد أن الأضرار التي تلحق بالغير تعد أثرا من آثار التلوث تجب إزالته ، وذلك بالتعويض عنه، وكان جديرا بالمشرع الإماراتي أن ينص على وجوب تعويض المضرورين صراحة على نحو ما ورد في المادة 58 من نفس القانون التي يتوجب على الجهة العاملة أن تؤدي إلى دائرة النفط والتعويض المناسب عن ضياع أو تبذير البترول .(1)
أما في سلطنة عمان فتوزعت النصوص المتعلقة بالمسئولية المدنية بين ثلاثة قوانين :
الأول : هو قانون النفط والمعادن ،الذي تنص مادته 3 /5 على أن يتحمل القائمون بالعمل المسئولية عن جميع الإضاعة والتبذير أو التلويث الناجم عن عملياتهم وعليهم القيام بكافة الأعمال الضرورية والمناسبة لاعادة أية منطقة حدث فيها التلوث والإضاعة والتبذير إلى سابق عهدها، وذلك حسب الأنظمة التي تصدرها المديرية وفي حالة تقاعس أي قائم بالعمل على إعادة المنطقة المعنية إلى وضعها السابق ،تقوم المديرية بذلك حسب ما تراه مناسبا على حساب القائم بالعمل ، ويحق لها اتخاذ أي إجراء تراه مناسبا في تلك الظروف بما في ذلك توقيف عمليات القائم بالعمل " فالمسئولية التي يقررها النص تقوم على فكرة تحمل التبعة، التي تقوم إذا حدث الضرر دون حاجة إلى توافر ركن الخطأ ،لكنها تقف عند إزالة الضرر بإعادة تأهيل المنطقة الملوثة ولا تمتد إلى تعويض المضرورين .
ــــــــــ
(1) عاشور عبد الجواد عبد الحميد – حماية الخليج العربي من التلوث بالزيت صـ42 ،جامعة الامارات،1999م
الثاني : هو قانون مراقبة التلوث البري ،حيث تقضي المادة 1/6 بأنه إذا تقرر أن تصريف مادة ملوثة ( زيت أو مزيج زيت ) إلى مياه الخليج المعلنه منطقة خالية من التلوث قد صدر عن مركب أو موقع بري أو أجهزة نقل النفط ،فإن مالك ذلك المركب أو مالك أو شاغل الموقع البري أو تلك الأجهزة لنقل النفط يلتزم بالمسئولية وبغض النظر عن إيجاد لوم أو إهمال " .
أ- عن تكاليف وضع حد للتلوث أو إيقافه أو خفضه أو إزالته، ولاعادة بيئة المنطقة إلى الحالة التي كانت عليها قبل حدوث التصريف .
ب-عن الأضرار التي تلحق أي شخص من جراء التصريف بالإضافة إلى التكاليف المشار إليها .
الثالث : هو قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث والذي يقرر في المادة 27 منه ( معدلة بمرسوم سلطاني رقم 63/ 85) أن يتحمل " كل من يخالف أي حكم من أحكام هذا القانون جميع التكاليف الناجمة عن معالجة الأضرار وكذلك بالتعويضات التي قد تترتب على هذه الأضرار ،وفي حالة تقاعس المالك عن معالجة تلك الأضرار في الفترة الزمنية التي تحـددها الوزارة يحق للوزارة تكليف من تـراه للقيام بهذه المعالجة على نفقة المالك (2).
ــــــــــ
(1) المرجع السابق صـ45
(2) انظر لائحة تنظيم استصدار الموافقات البيئية والتصريح البييئي النهائيالصادرة بالقرار الوزاري رقم(187-2001) ،سلطنة عمان،وزارة البلديات الاقليمية والبيئة وموارد المياه- المديرية العامة للشؤون البيئية.
الخاتمة
وختاماً فإن خلاصة القول نؤكد أن دراسة موضوع هام جداً كموضوع التلوث البيئي ، ومدى المسؤولية الدولية فيه ، هو موضوع متجدد ودقيق ، واعترف أن البحث فيه ليس بالأمر السهل ، وذلك بسبب التطور المتلاحق في دراسات حماية البيئة، واختلاف الاتجاهات الفقهية المهتمة بالمشاكل الدولية للبيئة ، وهذا يدعوني الى توجيه ندائي للمتخصصين في القانون الدولي ومنظمات حماية البيئة لإشباع جانب المسؤولية القانونية الدولية،دراسة وتمحيصاً وكذلك عنصري الضرر والتعويض في هذا المجال ، إضافة إلى مسؤولية الدولة عن الأفعال التي تأتيها مسببة التلوث الذي يهدد البشرية جمعاء، وأن يحددوا المعيار الذي بموجبه يتم قياس درجة جسامة تلك الأفعال، وتوضيح جميع هذه المفاهيم وتأصيلها للباحثين بحيث لا يجدون فيها لبساً ولا غموض.
وبالرغم من أن موضوع البحث يختص بالجانب الدولي ويتجه للدول والمنظمات الدولية،بحكم حجم الكارثة ،إلا أنني لا أغفل دور جميع البشر ،كلاً من خلال موقعه،وذلك في التأثير سلباً أو إيجابا على البيئة ، فالجميع مدعوون لتحمل مسؤولية الحفاظ على البيئة ، وفي حالة تقاعسنا وقصرنا في أداء هذا الواجب ، فإننا نصبح حينها متآمرين في جريمة تخريب هذا الكوكب،وعقوبة هذه الجريمة عامة،وهو الضرر الذي سيقع علينا جميعاً وهو لا يعرف الحدود بل يجتازها دون رقيب ولا حسيب ولا جواز سفر،وسينتشر التلوث وآثاره حينها في كل مكان بحيث يصعب القول بوجود مناطق أمنه منه.
رغم هذا كله، فإن الأوان لم يفت بعد ! لكن لابد من وجود التضامن والتعاون الدولي ،ويكون لزاماً على المنظمات الدولية تنسيق الجهود فيما بينها ، وعلى الدول سن القوانين والتشريعات البيئية الصارمة وملء الفراغ القانوني في مجال حماية البيئة،وعلى وسائل الإعلام تجيش جهودها الجبارة في سبيل التوعية البيئية ، فالهدف هو أن يحيا الإنسان حياة مستقرة وآمنة خالية من المخاطر والأمراض وبعيدة عن كل مظاهر الخوف والقلق، لنحقق بعدها آمالنا المنشودة.
تم بحمد الله.