خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة الإعلان عن موعد الانتخابات التشريعية لسنة 2012
9 فبراير2012
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
لـقـد تعـهــدت فـــي خــطــابي يـوم 15 فريل الـمـاضـــي بمـبـاشــرة تعميق الـمسار الديمقراطي و تعزيز دعائم دولة الـحق و القانون، من خلال تمكيـن هيئاتـنا الـمنتخبة من التمتع و الاعتداد بمشروعيـة لا نقص فيها، و تمكيـن الـمواطنيـن و الـمواطــنات من الـمساهمة، على أوسع ما تكون الـمساهمة، في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم و مستقبل أبنائهم.
من أجل ذلك، تـم إصدار نصوص تشريعية جديدة شملت القوانيـن الـمتعلقة بالنظام الانتخابي والأحزاب السياسية والتـنظيمات الـجمعوية وتمثيل الـمرأة في الـمجالس الـمنتخبة و حالات التـنافي مع العهدة البرلـمانية و كذا قوانيـن الإعلام و البلدية و الولاية.
الآن، و قد تم ذلك، بناء على تجربة شعبنا، و من منطلق إرادتـنا الوطنية، و على ضوء ما ورد في الآراء والـمقترحات التي عبرت عنها الأحزاب السياسية و الشخصيات الوطنية و تـنظيمات الـمجتمع الـمدني، في الـمشاورات التي جرت، على الصعيديـن الوطني و الـمحلي، حول الإصلاحات السياسية، أرى أننا قد هيئنا الأرضية التشريعية للدخول في مرحلة جديدة من الـممارسة الديمقراطية.
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
سنستهل الـمرحلة الإصلاحية الـجديدة، على بركة الله، بإجراء الانتخابات التشريعية الـمقبلة، في إطار أحكام النظام الانتخابي الذي أصبح ساري الـمفعول، و ذلك في يوم 10 مايو 2012.
إن هذه الانتخابات التشريعية تشكل استحقاقا مصيريا، يفتح لنا الباب لاستكمال إعادة بناء الدولة الـجزائرية، بعد مرور خمسيـن سنة على استرجاع سيادتها، بحيث تصبح دولة تسودها الـحكامة الفضلى و الـمواطنة الواعية، في كنف العدالة الاجتماعية و التضامن الوطني.
لقد أُتُّخذت كافة الترتيبات لضمان شفافية الانتخابات، و ستجري عملية الاقتراع و الفرز تحت الـمراقبة الـمباشرة لـممثلي الـمرشحيـن، في جميع مكاتب التصويت. و ستتكفل الهيئات الوطنية للـمراقبة و الـمتابعة على التأكد من مراعاة قانون الانتخابات.
كما للأحزاب و القوائم الـمستقلة الـمشاركة، حق ممارسة التقصي و الـمراقبة، في كل مرحلة من مراحل الاقتراع. و ستسهر هي الأخرى على سلامة الـمسار الانتخابي، من خلال تشكيلها للجنة الـمستقلة لـمراقبة الانتخابات، التي ستؤدي مهامها بقوة القانون، بعيدا عن كل وصاية أو تدخل، و هي مسؤولة في ضبط الحملة الانتخابية الرسمية و على ضمان الإنصاف فيها بيـن الـمترشحيـن.
و تـنفيذا أيضا، لأحكام القانون العضوي الـمتعلق بالنظام الانتخابي، ستتولى لجنة متألفة حصريا من قضاة، مهمة الإشراف على الانتخابات، و النظر في سائر مسار الإقتراع، من بداية إيداع الترشيحات إلى غاية إعلان النتائج من قبل الـمجلس الدستوري. اللجنة هذه مخولــة، عــن طريــق الإخطــار أو بمبادرة منها، لاتخاذ قرارات نافذة، ضمانا لاحترام القانون، مــن طرف الأحزاب الـمتـنافسة و من طرف الهيئات الـمكلفة بتـنظيم الانتخابات.
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
لقد قررنا دعوة ملاحظيـن دولييـن لـمتابـعـة الانتخــابـات القادمة. و قد قامت الحكومة بتوجيه الدعوة لعدد من الـمنظمات الدولية، التي ننتسب إليها بالعضوية أو الشراكة، لإرسال ملاحظيـــها إلــى الجزائــر. كــمــا تــم توجيه الدعوة لنفس الغرض إلى بعض الـمنظمات غير الحكومية.
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
تتحمــل الهيـئات الإداريـة، في الوطن، مسؤولية ضمان حياد أعوانها حيادا تاما، في كل ما يتعلق بالانتخابات. كما يتعيـن عليها التأكد من التعاون التام للإدارة الـمحلية مع الهيئات الوطنية لـمراقبة الانتخابات و الإشراف عليها، و مع الـملاحظيـن الدولييـن، في كنف احترام القانون.
و على كل مسؤول أو عضو في الحكومة، أو موظــف ســام، أو إطار مسيّر في مؤسسة عمومية، يترشح للانتخابات التشريعية الـمقبلة، أن يلتزم بالامتـناع عن استعمال وسائل الدولة أثناء حملته الانتخابية وعن القيام بأية زيارة عمل إلى الولاية التي يترشح فيها.
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
الديمقراطية التي نروم بناءها تمر عبر الـمشاركة الحرة للـمواطن في الحياة السياسية التعددية، من خلال مساهمته في الأنشطة الحزبية و ممارسته لحرية التعبير و احتكامه إلى صندوق الاقتراع، و عبر تجنيب مقدسات الشعب، و ثوابت هويته، الـمزايـدة و الـمتاجرة بها.
و أنتظر من الأحزاب السياسية، و النقابات، وتـنظيمات الـمجتمع الـمدني، أن تعمل سويا على تعبئة الناخبيـن و الناخبات، و لا سيما الشباب منهم، من أجل القيام بما توجبه الـمواطنة النصوحة الصادقة، من إقبال على الوفاء بالواجب الـمدني والسياسي، و اختيار للبرامج و الرجال والنساء، و الإدلاء بحكمهم في صلاحهم و أهليتهم.
دور الأحزاب السياسية في تحقيق مصداقية الانتخابات التشريعـية الـمقبلــة و جـدواها واحترام ضوابطها بـلا اسـتــثـنــاء، دور لا بديل عنها فيه، يتمثل في إعداد برامج جادة مجدية تتساوق حقا و انشغالات الـمواطنيـن، و في انتقاء و تزكية الـمرشحيـن و الـمرشحات القادريـن على أداء الـمهمة النيابية حق أدائها، و فسح الـمجال رحبا أمام الـمرأة و الشباب بما يُمَكِّن من إثراء التركيبة البشرية لـمؤسساتـنا الدستورية بالكفاءات النسوية و الشبانية.
إننا ننتظر إذن، من الناخبيـن والناخبات، هبة صريحة إلى الإدلاء، بكل سيادة، بصوتهم الحر في التعبير عن الإرادة الشـعبيــة. و لا يجب أن يغيب عنهم أنهم يتحملون مسؤولية تفويض النيابة عنهم، في التصرف في مقدرات البلاد و ممارسة سلطة الشعب، للـمرشحيـن و الـمرشحات الذيـن سيرسو عليهم اختيارهم .
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
لا نريد الانتخابات التشريعية الـمقبلة مجرد منافسة من أجل الفوز بالـمقاعد، بل تسابقا من أجل ترجيح أفضل البرامج و خيرة النُّخَب الـجديرة بالنيابة عن الشعب بأمانة و كفاءة، و ذلك من خلال التفعيل الأمثل للنصوص التشريعية ذات الصلة، قصد التوصل إلى تـنصيب مجلــس شعبــي وطـنــي جــديد، ثم الانتقال إلى الخطوات الإصلاحية الـموالية وإنجاحها إنجاحا يليق بمقام بلادنا و تضحيات شعبها.
إنــنــي أتوقــع مــن الــجـمـيع ما سيزيدني اعتزازا بالشعب الجزائري الأبي، بكل فــئاتـه و أحزابه ونقاباته الـملتزمة بوطنيتــها، و شبابه الـمتوثب للنهوض بمجتمعه، و ذلك ثقة مني بأن الـمؤسسات و الهيئات و جميع الفاعليـن السياسييـن سيقومون بدورهم على أتم وجه، و في الإعداد الجيد لـممارسة الشعب سيادتـه، في كـنــف جــو لا مكان فيه لزرع الريبة و البلبلة.
إن هؤلاء ملزمون بتحمل مــســؤوليـاتـهــم، باستـيفــاء كــل ما تقتضيه الانتخـــــابات النزيهـــة، من شروط الـمنافسة الحرة الشريفة و التصدي الحازم لكل أنواع الإخلال بضوابطها.
و من الشباب الغيور على وطنه أنتظر أن يغتـنم هذا الـموعد الانتخابي الحاسم ليثبت حضوره فيه، ناخبا ومُنْتَخَباً، معززا بذلك انخراطه في عملية بناء حاضر وطنه و مستقبله.
و لـما كنت أولي نفس العناية للـمواطن الـمقيم خارج الوطن و ذاك الـمقيم داخله، فإنني كلي ثقة أيضا في أن جاليتـنا في الخارج ستعرب، في الـموعد الانتخابي القادم، عن ارتباطها بوطنها بـمشاركة مشهودة، إن شاء الله، مشاطرةً شعبَها سعيَهُ الـجماعي في سبيل بناء دولته القوية و مواصلة نهوضه التـنموي.
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
بعد الوفاء بما التزمت به أمامكم، بخصوص استكمال بناء دولة الحق و القانون و تعميق الـمسار الديمقراطي، من خلال تـنظيم مشاورات واسعة مع الفعاليات السياسية الوطنية و الـمجتمع الـمدني، و إصدار العدة القانونية الضرورية، و توفير الشروط الـملائمة، نحن بصدد القيام بهذه الخطوة الأولى، الـمتمثلة في تـنظيم الانتخابات التشريعية القادمة. و يبقــــى عليـنا جميعا أن نكون فـــي مستوى هذا الاستحقاق الفــاصــل بإقبـال جمـاعــي حاشد على مكاتب الاقتراع، و الخروج بمجلس شعبي وطني يتمتع بالشرعية و الـمصداقية وكفيل بإعطاء دفع نوعي في سبيل إنجــــاح الاصـــــلاحات - بمـا في ذلك التعديلات الدستورية - الـمعتمدة فـــي مسيرة بلادنا نحو الغد الأفضل.
شكرا على حسن الإصغاء.
تــحـيـا الجـزائــر!
الـمجد والخلود لشهدائنا الأبرار!
والســــلام علـيـكـــم
ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة إلا بالله - اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى .
بالله عليكم اخوتي في الله لا تنسوني بالدعاء.