القران يحي القلوب
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى (اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ) وقد جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى (ألم يأ ن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)
وفي هذا إشارة إلى أن حياة القلوب تكون بذكر الله تعالى وما نزل من الحق وهو القرآن مثل ما أن حياة الأرض الميتة تكون بالماء،
قال مالك بن دينار رحمه الله:ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن؟ إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض.
هل اشتاقت روحك لتلاوة أعطر الآيات من كتاب الله؟ هل خصصت لهذا الكتاب العظيم وقتاً من يومك؟ متى كانت آخر مرة ختمت فيها القرآن؟ ما مدى تأثرك بكلام الله؟ أسئلة كثيرة تدل إجاباتها على مدى اتصالنا بكلام الرحمن ، وتكشف لنا حقيقة ما عندنا من الإيمان .
الاتصال بكتاب الله يحيي القلب ، ويبث الإيمان ، ويربط الروح بالله ، ويطمئن النفس ، ويزيد الأنس ، ويمتع النظر ، ويحفظ القلب من الآثام ، ويشغل الفكر بما يفيده في الدنيا والآخرة ، ويحميه من الأفكار والخيالات الفاسدة.
مهما كان انشغالنا ، وازدحام الأعمال بين يدينا ، وتراكم المهام في دفتر يومياتنا ، فلا يصح أبداً أن ننشغل بشيء - مهما كان – عن تلاوة كلام الله ، والاتصال بآياته المحكمة وعظاته المؤثرة .
أي خسران هذا ، وأي غبن نقع فيه عندما ننشغل عن كتاب الله بما هو دونه ، بزعم أننا لا وقت لدينا ، مع علمنا بجزيل الثواب لمن يتلو آيات الكتاب ، فكلنا يعلم أن الحرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، فكل حرف بعشر حسنات!
لكن المصيبة أن هذا الغبن لا يظهر إلا في يوم التغابن ، يوم توزن الحسنات والسيئات بميزان القسط الذي يبين فيه مثقال الذرة (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) ، ذلك اليوم الذي يقول فيه العبد (يا ليتني قدمت لحياتي) .
ألا يستحي أحدنا من الله أن يكون داعية ، أو طالب علم ، أو إماماً ، أو ملتزماً بدين الله ، وتمر عليه الأسابيع لم يفتح فيها مصحفاً ، ولم يقرأ فيها جزءاً واحداً ، ولا عهد له بختم القرآن إلا في رمضان الماضي؟!
إذن أخي الغالي ، اجعل لك ورداً يومياً تقرؤه من كتاب الله ، مهما كان انشغالك ، ورتب جدولاً لختم القرآن ، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختمونه كل أسبوع مرة ، حدد مقدار تلاوتك بما يتناسب مع طاقتك ، وليكن جزءاً في اليوم كبداية مناسبة ، وبهذا تختم القرآن تلاوة مرة كل شهر .
وهاك بعض التوصيات التي تعينك على ذلك بإذن الله :
1) اشتر مصحفاً صغيراً (مصحف الجيب) ، واجعله رفيقك أينما حللت وحيثما ارتحلت ، فذلك أدعى للارتباط بكتاب الله ، لو كان اهتمامنا باصطحاب المصحف معنا أينما كنا كاهتمامنا باصطحاب الهاتف الجوال لتغيرت أحوالنا!
2) حدد مقداراً ثابتاً للتلاوة كل يوم ، كالجزء أو الجزأين مثلاً.
3) اجعل لك رفيقاً صالحاً يعينك على تلاوة هذا الورد اليومي ، ولتكن بينكما منافسة .
4) خصص وقتاً محدداً من يومك لتلاوة هذا الورد اليومي ، وليكن في فترة النهار ، حتى تستطيع أن تعوض ما فاتك من التلاوة ليلاً إذا حدث لك ظرف طارئ.
5) استغل وقت فراغك في تلاوة المزيد من كتاب الله ، فعندك أوقات كثيرة تضيع في الانتظار ، وتهدر في ما بين الأعمال الكبيرة ، دون أن تشعر بها .
كثير ممن يزعمون أنهم لا يجدون وقتاً هم في الحقيقة مشغولون بلا مهمة ، تضيع منهم أوقات كثيرة بسبب عدم استعدادهم لاستغلالها ، وعدم تخطيطهم لاستثمارها.
كم من طلاب الجامعات والموظفين من يستقل المواصلات العامة ، ويقضي أكثر من ساعتين أو ثلاث يومياً ذهاباً وإياباً ، دون أن يقرأ فيها حرفاً واحداً يكون له ذخراً في يوم الحسرات .
نسأل الله تعالى ، أن يوفقنا لتلاوة كتابه ، والعمل به ، وأن يجعله حجة لنا لا حجة علينا ، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته .
ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة إلا بالله - اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى .
بالله عليكم اخوتي في الله لا تنسوني بالدعاء.