السرقة عند الأطفال
* السرقة عند الطفل الصغير:
إن استخدامنا لكلمة سرقة بالنسبة للطفل الصغير أو تلقيبه باللص الصغير أمراً مبالغاً فيه، ويمكننا استبدالها بمصطلح "أخذ الطفل للأشياء".
أخذ الأطفال للأشياء ظاهرة شائعة عند الغالبية العظمى منهم، فإذا ذهب الطفل إلى الحضانة أو إلى منزل أحد الأصدقاء فهو يعود وفى حوزته لعبة داخل جيبه أو فى يده .. وهذا لا يعنى أن الأم فشلت فى التنشئة السوية له، أو أن هذا سيكون مؤشراً بأن الطفل سيكون لصاً وله الميول الإجرامية.
- السرقة عند الطفل الصغير.
- السرقة عند الطفل الكبير.
- نصائح هامة.

فكل ما يحتاجه الطفل هو توجيه من أمه لأنه ما زال فى مرحلة تعلم السلوك الأخلاقية وما هو صحيح وخطأ .. فلا داعي لمبالغة الآباء عند إصدار رد الفعل عند التعرض لمثل هذه المواقف مع أطفالهم.
المزيد عن التعلم عند الأطفال ..
ونحن نتحدث هنا عن الطفل الصغير الذي لا يزال لا يعي تصرفاته وأفعاله، فهو يتصرف بدون تفكير، فالطفل الصغير تنصب كل اهتماماته الأولية على اكتشاف العالم الذي يحيط به ويتفاعل مع الآخرين من خلاله.
والدافع من وراء أخذ الأشياء هو رغبته فى الحصول على هذا الشيء الذي أعجبه ويريد أن يعطى الفرصة لنفسه للتعرف عليه عن قرب أكثر وأكثر .. وفى الوقت ذاته هو لا يدرك أن هذا السلوك غير مقبول اجتماعياً أو أن هذا الأشياء تخص الغير.
ومثل هذا التصرف بنظرة أعمق، يعكس لنا نمو القدرات العقلية والإدراكية للطفل للتعرف على العالم الخارجي من خلال الاكتشاف والبحث.
إن مفهوم الملكية الخاصة عند الأطفال الصغار مبهماً وصعباً عليهم فى نفس الوقت، لا يعرف أن ما يخص غيره قد لا يخصه والعكس صحيح.
وتنشأ من هنا معضلة فهم مصطلح الملكية الخاصة" وخاصة أن الأطفال تلقن ببعض التعليمات من جانب الآباء بأن يشاركوا أخواتهم أو أصدقائهم فى اللعب سواء التي تخصهم أو تخص غيرهم.
فالطفل يرى من خلال هذه التعليمات أن كل لعبة يلعب بها تنتمي إليه ويمكن الحصول عليها حيثما أراد ذلك .. هذا التلقين التعليمي سليم مائة بالمائة لأن له مدلول أعمق من تعليم الطفل كيفية التفاعل مع الآخرين ومشاركتهم وأن ينأى بنفسه عن الأنانية التي تعوق صحته النفسية فى مراحل عمرية أكبر .. وما ينبغي أن يتم الالتفات إليه هو تعليمه المشاركة المقننة أو المشروطة التي تتلخص فى أن الطفل بإمكانه اللعب بلعب غيره إلا أنه فى النهاية لابد وأن يعطيها لصاحبها.
المزيد عن اللعبة والطفل ..
وألا يتم اللعب بها إلا بعد الاستئذان .. وهى قاعدة ذهبية لا ينبغي أن ينساها الآباء.
فإذا كانت مشاركة الغير فى اللعب مشروطة بإرجاعها إلى صاحبها، ومن قبلها الاستئذان .. فينبغي أن يتعلم الطفل أن الاستئذان لا يكون رخصة دوماً للحصول على ما يريده فإذا استأذن من الممكن أن يقابل طلبه بالرفض أو القبول.
على الأب والأم على الجانب الآخر أخذ الحذر عند استخدام كلمة "لا"، فهناك كلمة "أجل" بالمثل.
فالطفل مع كلمة "لا" سيتوقف عن الاستئذان وينصرف إلى فعل الأشياء بعيداً عن أعين أبويه وفى غيابهما .. فحتى مع ضرورة استخدام الرفض، لابد ألا تترك الفرصة لهم للتفكير فى هذه الكلمة والأفضل جذب انتباهه إلى نشاط بديل .. ومع هذه الأدوات المصاحبة للاستئذان سيبدأ الطفل فى الشعور بالذنب إذا لم يلتزم بتعليمات أبويه وحينها يكون الدرس الملقن له قد استوعبه بنجاح من تعلم الأمانة.

من الهام جداً ملاحظة الآباء لاستجابات أفعالهم عندما يضعهم الطفل فى موقف محرج من أخذ الأشياء، وخاصة إذا حدث ذلك أما جمع من الناس فى السوبر ماركت على سبيل المثال، ينبغي أن يتحول الموقف إلى درس إيجابي يحاول الآباء من خلاله محو السلوك السلبي وإحلال آخر إيجابي مكانه، فالابتعاد عن كلمة لص أو اتهام الطفل بالسرقة يترك أثراً فى نفسه لا يجدى معه أى تلقين أو سلوك إيجابي يحاول الآباء تعليمه إياه.
فالطفل فى السن العمرية الصغيرة مازال فى مرحلة تعلم وتلقين للقيم والسلوك الاجتماعية المقبولة اجتماعياً.

أمـا

* السرقة عند الأطفال الكبار:
إذا بلغ الطفل من العمر ثمانية أعوام وقام بأخذ الأشياء غير المملوكة له حينها توصف بـ"السرقة"، وتوضع حينها الكثير من علامات الاستفهام لماذا يقوم الطفل بهذا السلوك الشاذ وليس الطبيعي كما وصفناه من قبل عند الطفل الصغير، فالطفل بوصوله لهذه السن لم يعد يأخذ الأشياء بقدر ما يسرقها سرقة فعلية، وهنا مدعاة لقلق الآباء!
فالطفل عند سن الثامنة يفرق بين الخطأ والصواب .. وهو يلجأ إلى فعل السرقة لشيء أبعد من مجرد التعرف والتعلم على العالم المحيط به .. وإنما لأسباب أكثر تشابكاً وتعقيداً تتصل بصحته النفسية.
أجل الطفل بلجوئه إلى السرقة فى سن كبيرة، فهو يعانى من خلل فى البناء الاجتماعي الذي يعيش بداخله المتمثل فى الأسرة من الأب والأم والأخوات.
ومن الأسباب التي قد تدفع الطفل للقيام بالسرقة فى سنه الكبير:
- إهمال الأب والأم للطفل واهتمامه بغيره من الإخوة، ففعل السرقة لديه يمثل الدافع لجذب انتباه أبويه إليه ولكي يثير مثار نقاشهم .. الأمر الذي يجعله يشعر بالأهمية حتى وإن كان لفت الانتباه بفعل غير سوى.
- الاضطراب العائلية والخلافات بين الأب والأم التى تتكرر أمام أطفالهم تجعل نشأتهم نشأة غير صحية وغير سوية لأنهم يعيشون فى بيئة مذبذبة يفتقدون فيها إلى النصيحة السليمة مما يؤدى إلى انحرافهم ووقوعهم تحت تأثير أصدقاء السوء أو تبنى الأفكار السيئة التي تراودهم ولم يجدوا نهى عنها من قبل الآباء المنغمسين فى خلافاتهم وشجارهم.
- إحساس الطفل بالضعف واتهام ممن حوله له بذلك، قد يدفعه إلى القيام بهذه الأفعال التى تشعره بالقوة والتفوق على الآخرين مثل الاحتيال والسرقة .. وغيرها من الأسباب الأخرى.
لابد من السيطرة على الغضب عند التعامل مع المشكلة، لأن الطفل فى هذه المرحلة العمرية يصر على العند، وبدلاً من التوبيخ والتعنيف البحث عن الأسباب التى زجت به لاقتراف هذه الأفعال السلبية وغيرها من الأفعال الأخرى التي قد لا تروق للأب والأم أن يروا طفلهم يتصرف بها.
المزيد عن الغضب ..
وفى حالة العجز عن التعامل مع السلوك السلبي، يأتى دور المشورة الطبية النفسية التي تعالج المشكلة من جذورها عند الطفل لضمان وصوله إلى مرحلة المراهقة وهو فى حالة تمكنه من مواجهة التغيرات الجذرية التي سيمر بها.
المثابرة من جانب الآباء أيضاً لغرس الأمانة وغيرها من الصفات الحميدة مسئوليتهم، وهى خصال تستحق المجهود والإصرار على تدعيمها فى الأطفال مهما كانوا صغار أو كبار.
المزيد عن الأسرة ومسئولية التربية ..

* نصائح هامة:
- تعليم الطفل الاستئذان قبل أخذ أي شىء فى البيت من خلال استئذان الأشخاص البالغين فى المنزل فالطفل يتعلم بالقدوة وتقليد الكبار فيما يفعلونه.
- الشرح للطفل مفهوم الأمانة فى مقابل مفهوم السرقة مع ضرب الأمثلة له، فالطفل يتعلم أيضاً من خلال القصص حتى وإن كانت وهمية، لكنها تجد صدى فى نفسه.
- التعامل مع السرقة التي تمت بالفعل من جانب الطفل بهدوء بالغ، وتقديم تفسير له لماذا تعتبر السرقة سلوكاً خاطئاً.
- أما الطفل الصغير الذي عاد من الحضانة وفى جيبه لعبة، عليه بتوجيهه أن صاحبها سيحزن عندما لا يجدها كما أنه لن يجد لعب فى الحضانة يستعين بها فى الأيام التالية إذا داوم على مثل هذا الفعل (بأسلوب مبسط للغاية حتى يستوعبه).
- فى حالة السلوك الإيجابي لا يتم إهماله وإنما الثناء والإطراء على الطفل من أجل تكراره ولمعرفة الفارق بين السلوك الإيجابي ونقيضه السلبي من خلال تشجيع الآباء .. وإلا لن يلتفت إلى فعل أى شىء لغياب المديح والتشجيع فكله سواء من وجهة نظره عند أبويه .. فلِمَ يبذل مجهوداَ!
المزيد عن أساليب التربية المختلفة ..



بالله عليكم اخوتي في الله لا تنسوني بالدعاء.

التوقيع: بلمهدي محمود