mahmoudb69 عضو ماسي
عدد الرسائل : 2700 العمر : 55 الموقع : houda.houdi@gmail.com المدينة التي تقطن بها : ورقلة الوظيفة : telecom السٌّمعَة : 16 تاريخ التسجيل : 25/02/2012
| موضوع: الثورة المسروقة و المصالحة الموهومة و الرئاسة المحسومة يحي أبوزكريا الجزء الثاني السبت أبريل 28, 2012 6:51 am | |
| كتاب الثورة المسروقة و المصالحة الموهومة و الرئاسة المحسومة . أبناء باريس يقتلون أبناء باديس في الجزائر . يحي أبوزكريا . وبدأ ضباط عسكريون جزائريون ينشرون ما كان مدرجا تحت مبدأ سرّي للغاية و قد تحدوا الجهاز العسكري الأمني الذي ينتمون إليه و قرروا أن يبرؤوا ذمتهم و أن يعودوا إلى صفوف شعبهم, ومنهم : العقيد محمد سمراوي الذي كان يملك رتبة رفيعة في المخابرات العسكرية و الذي عمل بين شهر آذار 1990 وأغسطس 1992 نائب مدير في مديرية التجسس المضاد ثم رئيس مصلحة البحث والتي كانت مع المركز الرئيسي للعمليات من أكبر الهياكل في المخابرات والذي مثلّ أيضا الإستخبارات والأمن بصفة عضو في إدارة حالة الحصار عام 1991 ثم حالة الطوارئ عام 1992 , و الذي ألفّ كتابا بعنوان :
سنوات الدم في الجزائر , و في هذا الكتاب يؤكّد سمراوي بأن الجماعة الإسلامية المسلحة هي مجموعات قامت بصناعتها عدد من المراكز التابعة للمخابرات وكانت تلك الجماعات تطبق ما يطلب منها و قارئ كتابه يكتشف ما يكفي من الأدلة .
و من الكتب الأخرى مافيا الجنرالات للكاتب هشام عبود و الذي كان في الدوائر العسكرية العليا ففضل الآخرة على الدنيا و الضابط الحبيب سويدية صاحب كتاب الحرب القذرة في الجزائر .
و مما يؤخذ على الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة أنّه يعرف كل هذه الحقائق , غير أنه متستر علي الإستئصاليين , وهناك منافع متبادلة ليس على قاعدة آدم سميث : دعه يمر دعه يربح , بل على قاعدة : أدعك تسرق , دعني أسرق أقوات الجزائريين , و ذات يوم إتهم عبد العزيز بوتفليقة بعض الجنرالات بذبح الأبرياء من أبناء الشعب الجزائري , فردّ عليه الجنرال خالد نزار بقوله : بأن بوتفليقة و أخاه سعيد بوتفليقة سرقا الجزائر والجزائريين و أثروا ثراء قارون النظام السياسي وطرف من خارج النظام كما كان يحدث في السابق .
و الحمد لله رغم أن أجهزة المخابرات الجزائرية حملت ملفا تطوف به العالم لإتهام يحي أبوزكريا بتهمة خبيثة سمجة , إلاّ أنهم لم ينجحوا , وخابت مساعيهم , وحتى بعض الدول العربية التي تعاطفت معهم , وجردتني من جواز سفري طالبتهم بالدليل , وكان الكذب ديدنهم , و الخبث رائدهم . وقد حاولوا تسجيل شهادات في التلفزيون الجزائري لمسلحين معتقلين أو رجال إستخبارات مغروسين داخل الجماعات المسحلة , لإدانة جزائريين في الخارج , و الحمد لله حتى ضباطهم الملتحون إعترفوا بأن يحي أبوزكريا رجل إعلام وتلفزيون و فكر , وما دخله بجبال المدية و البليدة و التي لم يزرها في حياته .
و ينقل أحد الضباط الجزائريين المخلصين لعروبة الجزائر و إسلاميتها أنّ المسمى القعقاع نقل له أن عنتر زوابري أمير الجماعة الإسلامية المسلحة و هو في الواقع أحد ضبّاط الإستخبارات الجزائرية إلتقى في شقة بنواحي الصومعة -البليدة - مع ضابط إسمه مداني يحمل رتبة مقدم وكان ذلك في شهر نيسان - أبريل 1998وكان موفدا من قبل العقيد بشير طرطاق ومن بين مادار في اللقاء أن الضابط أخبر زوابري أن مصالحهم تريد إنشاء علاقة بين التنظيم الإرهابي صنيعة السلطة الجزائرية و صحفيين مشهورين يفضحون النظام الجزائري , فسأل هذا الضابط عنتر زوابري هل تعرف يحي أبوزكريا .
فرد عليه زوابري أنه لا يعرف يحيى أبوزكريا إلا من خلال التلفزيون
وقد كان من بين الذين حضروا الإجتماع أبوتراب رشيد قوقالي أحد أمراء الجماعة الإسلامية المسلحة الذي قتله القعقاع بنفسه من أجل نورالدين بوضياف آخر أمراء التنظيم .
وهنا قال الضابط مداني مفهما إياهم الخطة التلويثية والجهنمية :
نحن لا تهموننا أنتم بل أنتم صنيعتنا والذي يهمنا أولئك الذين يفضحون العسكر يحيى أبوزكريا و رابح كبير وأنور هدام وأبناء عباسي مدني ومراد دهينة و غيرهم .
و هذه الإتهامات التي حاول الإستئصاليون من خلالها إسكاتي لم تجد نفعا , وحتى السويديون سخروا فريقا بكامله لمراقبتي ورصد إتصالاتي الأرضية و الخليوية و الإلكترونية , و كلفهم ميزانيات عملاقة , وفي النهاية أقروا بأنّ يحي أبوزكريا رجل فكر وثقافة , و هو داعم للمقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين , بالحجج و الأفكار وليس بالسلاح والبندقية وغير متورط مع أي جهة , و القانون السويدي يكفل له أن يفكر كما يشاء , شرط أن لا يمارس عملا أمنيا .
و حاولت الأجهزة الإستئصالية في الجزائر تجريب القاعدة , وهذه المرة أيضا خابوا , فإن مؤلفاتي وكتبي و مواقفي وبرامجي التلفزيوينة و مؤلفاتي خير من يفضح السلطات الكاذبة , والتي أدمنت الكذب على الشعب الجزائري منذ الإستقلال , و مما كتبته في القاعدة المغاربية ما يلي : و حسب المعلومات المتوفرّة فإنّ تنظيم القاعدة يريد أن يحوّل الجزائر إلى قاعدة خلفية له ينطلق منها لتفعيل إستراتيجيته فيما لو أخفق بشكل كامل في العراق وأفغانستان , فالجزائر تتمتّع بمناطق جبلية وعرة و يصعب السيطرة على تضاريسها الجغرافية بالإضافة إلى وجود إستعداد لدى كثير من شبابها لتبني فكر القاعدة نتيجة إخفاق السلطة في معالجة مواضيع البطالة و الفقر و التهميش الأمر الذي حمل العديد من الشباب الجزائريين إلى تبنّي الفكر الإنتحاري , و حسب المعلومات أيضا فإنّ تنظيم القاعدة نجح في تهريب مئات العناصر من العراق وليبيا وتونس و أفغانستان و أوروبا إلى الجزائر عبر الحدود الصحراوية الواسعة والتي يسهل التسللّ عبرها , وهذه عينة عما كنت أكتبه .
والعجيب أن الأجهزة الإستئصالية تحاول إبتداع ملفات جديدة , في وقت إنكشفت فيه مؤامراتهم و حقيقتهم و جرائمهم و حاولت أن تلوث سمعتي , ولم تنجح , و الدليل مئات الآلاف من الجزائريين الذين منحوا أصواتهم و حبهم و تمنوا أن أكون معهم في وطننا الجزائر نبنيه بفكرنا وسواعدنا , بعيدا عن القهر و الظلم و التهميش وسرقة الثروات .
و يبقى القول أن أي خطب يلمّ بي – والله من ورائهم محيط – تعتبر هذه الوثيقة كوصية وشهادة للجهات السياسية و العدلية و القضائية و القانونية , فأحصل بذلك على شرف لا يناله إلاّ ذو حظّ عظيم , و يكبّ القتلة في الدرك الأسفل من التوقير الدولي و السمعة الدولية في الدنيا و في الآخرة يكبّون على وجوههم في النار .
بعد إستقلال الجزائر في 05 تموّز – يوليو 1962 ألفّ الرئيس الجزائري الأسبق محمّد بوضيّاف الذي أغتيل في 28 حزيران – يونيو عام 1992 في الجزائر كتابا بعنوان : الجزائر الى أين ! وبعد عقود مازال السؤال ساري المفعول ومازالت الأجوبة تتوالى على هذا السؤال دون أن تعرف الجزائر طريقها باتجاه السلامة الكاملة . والواقع أنّ الاجابات على هذا السؤال كانت كثيرة ومتشعبة , كما أنّ الاجابات التي تطرقّت إلى المسؤول عن الكوارث السياسية والأمنيّة التي حلّت بالجزائر وصناعة الموت كثيرة أيضّا . وبعد كتاب الحرب القذرة للضابط الجزائري الحبيب سوايديّة والتي يتهّم فيها المؤسسة العسكريّة بإقتراف مجازر فظيعة ضد مدنيين في الجزائر , وكتاب الضابط السابق في المخابرات الجزائريّة هشام عبّود والذي كان يعمل بقسم التحاليل والتقييم في المخابرات الجزائرية عندما كان على رأسها الأكحل عيّاط وبعدها عمل مديرا لمكتب مدير المخابرات الجزائريّة بعد لكحل عيّاط محمّد بتشين الذي بدوره أصبح المستشار الأمني لزروال في وقت لاحق , وكتاب عبّود يحمل عنوان : مافيا الجنرالات ومن المتوقّع أن يثير زوبعة كبيرة كالكتاب الذي أثاره كتابا الحرب القذرة في الجزائر لسوايديّة ومن قتل من في بن طلحة ! ليوسف نصر الله , و كتاب رجل المخابرات العسكرية العقيد محمد سمراوي سنوات الدم في الجزائر .
وفي كتابه مافيا الجنرالات يحمّل هشام عبود المحلل في الإستخبارات الجزائريّة سابقا الجنرالات مسؤوليّة الضلوع في معظم قضايا الإغتيالات والإضطرابات السياسية و الأمنيّة , ونفس هذا الضابط كشف لجريدة لونوفال أوبسرفاتور الفرنسيّة من أنّ الجنرال العربي بلخير رئيس ديوان رئيس عبد العزيز بوتفليقة حاليّا أصدر شخصيّا الأمر باغتيال المعارض الجزائري المحامي علي مسيلي في فرنسا , وكان عبّود الذي يعيش لاجئا سياسيّا في باريس قد سربّ معلومات خطيرة للصحافة الفرنسية عن الأدوار التي إضطلعت بها الأجهزة الأمنيّة في الجزائر . إن الكارثة التي حلّت بالجزائر يتحمل وزرها بالدرجة الأولى جنرالات فرنسا و الذي هم أركان ما يعرف بحزب فرنسا وللإشارة فإنّ أحد عشر -11 – جنرالا من الذين ألغوا خيار الشعب الجزائري في كانون الثاني – يناير 1992 , منهم تسع - 9 - جنرالات كانوا ضباطا في الجيش الفرنسي و المخابرات الفرنسية , و منهم الجنرال محمد العماري رئيس هيئة الأركان السابق و الذي إعترف لمجلة لوبوان - Le point الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 17 جانفي 2003 ص 45 على أنه شارك في معركة الجزائر , هذه المعركة التي قتل فيها آلاف الجزائريين في الشوراع و الزنزانات , و كثيرا ما كان الجنرال العماري بأنه مستعد لقتل ثلاثة ملايين في الجزائر ولا يسمح بإقامة دولة إسلامية في الجزائر , بل كان يقول أيضا أنا مستعد أن أعطي الإسلاميين منطقة صغيرة نائية على طريق غزة وأريحا أولا , كان يعتبر نفسه صهيونيا و الإسلاميين كالفلسطينيين , والجنرال محمد تواتي لعب دورا كبيرا في قتل ثوّار الجزائر و كان يشارك قوات بيجار في ذبح الجزائريين وطبعا أما الجنرال خالد نزار الذي أحد أخلص المخلصين لفرنسا ويفتخر بأن أباه كان وفيا للجيش الفرنسي الذي عمل فيه , و أنه ينتمي إلى مجموعة لاكوست التي تسللت إلى الثورة الجزائرية و نحرتها من الداخل , و خالد نزار الذي إنضم إلى الثورة الجزائرية في آخر أيامها بتخطيط من المخابرات الفرنسية وجد نفسه يعين الرؤساء ويقيلهم , و يقتل نصف الشعب الجزائر , و لعلّ خالد نزار هو أبرز مصداق لما قاله الجنرال شارل ديغول و هو يغادر الجزائر : لقد تركت في الجزائر بذورا ستينع بعد حين .
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ فرنسا وعندما عجزت عن قمع الثورة الجزائرية و التي فجرها الرجال المخلصون الغيورون على الجزائر , أسست أجهزتها الأمنية ما يعرف بالجيس السري و الذي أرهب المواطنين الجزائريين ,و في إطار التنسيق المحفوف بالسرّية التقى "جون جاك سوزيني" و"بيار لغيار" يوم 10/02/1961 في مدريد , وأتفقا على تأسيس تنظيم إرهابي جديد يحمل اسم منظمة الجيش السري .O. A . S كبديل لكل التنظيمات السياسية العاملة على ترجيح فكرة "الجزائر فرنسية"، ترأسها الجنرال المتقاعد" صالان" بمساعدة الجنرال" جوهو" و"غاردي"وسوزيني .و هذا التنظيم الذي إستعان بالعملاء الجزائريين و الخونة كان يقتل الجزائريين ويذبحهم و يتخذون من دماء الجزائريين حبرا لكتابة شعار : الجزائر فرنسية إلى الأبد , على الجدران , و في الساحات العامة وغيرها . إستعانت منظمة الجيش السري بالأقدام السوداء و العملاء وكان من أهدافها :لتحقيق أهدافها ، رأت منظمة الجيش السري مشروعية كل الوسائل: تخريب المصالح الحيوية و التصفية الجسدية للإطارات الجزائرية . و إغتيال المؤيدين لسياسة ديغول و أعمال السطو و النهب للبنوك ومصالح البريد و تأسيس فروع للمنظمة في فرنسا و تشكيل ميليشيات يؤطرها أساسا ضباط متقاعدون وبعض الغلاة من العملاء الجزائريين و الأقدام السوداء و خلق جو من الإرهاب المنظم و توزيع المناشير التحريضية واستعمال البث السري الإذاعي والكتابات الجدارية والقتل الجماعي والفردي لكل من يعترض برنامجها . و تعتبر منظمة الجيش السري البوتقة التي إنصهرت فيها مختلف التنظيمات الإجرامية بعد أن أحسوا بإقتراب ساعة إنهيار حلمهم القائم على أسطورة الجزائر فرنسية إلى الأبد . و حاولت هذه المنظمة الوقوف ضد إستقلال الجزائر وذلك بإرتكاب جرائم عديدة في حق الشعب الجزائري والممتلكات العمومية , وتخطيط العمليات العسكرية ونشر شبكة من الخلايا ضمت مختلف شرائح المعمرين والأجهزة الأمنية و إستهداف عدد كبير من الجزائريين من مختلف الشرائح وقتل المساجين في زنزانات مراكز الشرطة مثلما وقع في مركز شرطة حسين داي و تنفيذ سلسلة من التفجيرات قدرت بنحو2293 تفجير بالعبوات البلاستيكية خلال الفترة الممتدة مابين سبتمبر 1961 و مارس 1962 أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 700 ضحية و تصعيد العمل الإجرامي للمنظمة بعد التوقيع على وقف إطلاق النار، الحرق العمدي للمؤسسات منها ما أصاب مكتبة جامعة الجزائر في 7جوان 1962 حيث أتى على أزيد من 600 ألف كتاب . وبقدر ما كان لهذه المنظمة من تأثير في إيجاد ضمانات للأقلية الأوروبية في المفاوضات بقدر ما أثرت سلبا على مصير بقائهم في الجزائر المستقلة . و أصدرت هذه المنظمة في ذلك الوقت البيان التالي : أيها الفرنسيون من جميع الأصول ..
إن الساعة الأخيرة لفرنسا بالجزائر هي آخر ساعة لفرنسا في العالم وآخر ساعة للغرب. اليوم كل شيء جاهز كي يضيع أو ينجو ، كل مرهون بإرادتنا، و بالجيش الوطني. نحن ندرك أن المعركة الفاصلة قربت ونعرف أن الانتصار في معركتنا هذه يتطلب الوحدة الشاملة والانضباط التام. وكذلك قررت كل الحركات الوطنية السرية وتنظيماتها المقاومة دمج قواهم ومجهوداتهم في حركة مقاومة واحدة هي: منظمة الجيش السري O.A.S" أيها الجزائريون بجميع أصولكم. بكفاحكم من أجل الجزائر فرنسية، فإنكم تكافحون من أجل حياتكم وشرفكم ومستقبل أبنائكم ، تشاركون في الحركة الكبرى للتجديد الوطني. وفي هذا الكفاح ، ستتبعون أوامر منظمة الجيش السري فقط. تأكدوا أننا سنوجه أسلحتنا جميعا ، ضد التخلي عن الجزائر وإن الانتصار مضمون إذا عرفنا كيف نناله في الهدوء والثقة، كلنا واقفون جاهزون، كلنا موحدون . تحيا فرنسا…إنتهى البيان
وفرنسا التي كانت مصرة على البقاء في الجزائر ومنحت الإستقلال لتونس والمغرب من أجل أن تبقي يدها على الجزائر نجحت وبإمتياز في تأسيس عصابة من الجزائريين الذين ألحقوا أكبر الأضرار بثورة الجزائر وإستقلالها . و قد نجح عملاء باريس بقتل مئات المجاهدين من أبناء باديس خلال الثورة الجزائرية المباركة . فالشهيد مصطفى بن بولعيد أحد الستة الذين فجروا ثورة التحرير تمت تصفيته من قبل أحد الجواسيس الجزائريين الذين كان مغروسا في صفوف الثوار , و ذلك خلاف الرواية الرسمية التي أعتمدت بعد الإستقال من أن الشهيد بن بولعيد قضى خلال إنفجار مذياع مفخخ في ظروف غامضة . و حسب رواية الطاهر الزبيري آخر قادة الأوراس التاريخيين فإن عودة مصطفى بن بولعيد إلى مركز قيادة منطقة الأوراس فاجأت عجول عجول الذي آلت إليه قيادة المنطقة العسكرية التي كانت تحت قيادة بن بولعيد و ذلك بعدما تمكن عجول عجول من التخلص من شيحاني بشير نائب بن بولعيد الذي خلفه على رأس المنطقة قبل إعتقاله على الحدود التونسية الليبية، وكان عجول هو الذي أمر بقتل نائبه شيحاني بشير و عشرات المجاهدين و كان بشير شيحاني يعتبر من أهم العقول الجزائرية ومن أكبر المثقفين , إلى درجة أن بن بولعيد وبخ عجول قائلا له : إن الجزائر غير قادرة على إنجاب مثل بشير شيحاني .
ويرى الزبيري أن الجهاز المفخخ الذي أدى إلى استشهاد مصطفى بن بولعيد تركته فرقة للجيش الفرنسي بمكان غير بعيد عن مركز قيادة الأوراس ، وعند مغادرتها للمكان عثر المجاهدون على الجهاز فحملوه إلى مصطفى بن بولعيد الذي أراد تشغيله فانفجر الجهاز مما أدى إلى استشهاد البطل بن بولعيد ، وقد إعترف بعض جنرالات فرنسا في مذكراتهم بأنهم هم من خطط وفخخ الجهاز الذي أدى إلى استشهاد أحد مفجرّي الثورة الجزائرية مصطفى بن بولعيد قائد المنطقة الأولى . أما سعيداني فقد إتهمّ عجول بإغتيال نمر الأوراس , و أنه غير مكانه عندما أمسك بن بولعيد المذياع المفخخ المذياع الذي لغمّه على الألماني بطب من عجول عجول أحد الجواسيس الجزائريين داخل صفوف الثورة الجزائرية .
و يذهب الكاتب محمد عباس إلى القول بأنّ المخابرات الفرنسية وعلى أعلى المستويات في باريس هي التي دبرت عملية إغتيال مصطفى بن بولعيد بإعتراف جنرالاتها الذين إعتبروا هذه العملية إنجازا كبيرا لهم يستحق الإفتخار ، حيث نشر أحد رجال المخابرات الفرنسية كتابا تحت إسم مستعار تحدث بالتفصيل عن هذه العملية "الناجحة" التي أدت إلى تعطيل ولاية الأوراس من 1956 إلى غاية نهاية 1959 وبداية 1960 وتحييدها عن الكفاح المسلح . و كان لفرنسا جيش كبير من العملاء الجزائريين الذين كانوا تابعين للمخابرات الفرنسية . و لم يكن مصطفى بن بولعيد المجاهد الأول أو الأخير الذي صفته المخابرات الفرنسية بأيدي العملاء الجزائريين المدربين إبان الثورة الجزائرية , فهناك آلاف المجاهدين و الذين قتلوا في الجبال أو دلّ على مكان وجودهم العملاء الجزائريون فقتلوا أو نسفت بيوتهم كما حدث مع علي لابوانت و حسيبة بن بوعلي .
و مثلما تمت تصفية مصطفى بن بولعيد فقد صفيّ أيضا أحد قادة الثورة ومهندس مؤتمر على أيدي بعض الذين كان يعتبرهم رفاقا له في كانون الأول - ديسمبر 1957 . و كان رمضان يرى أمور الجزائر يجب أن تكون بيد قادة الثورة الجزائرية في الداخل و ليس بيد قادة الخارج , و قيل أن هواري بومدين و من إستولوا على الحكم لاحقا كانون وراء تصفيته .
و توالت الإغتيالات في الجزائر أثناء وبعد الإستقلال , الأمر الذي أكدّ للجزائريين أن منظمة الجيش السري الفرنسي لم تغادر الجزائر مع ديغول , و أن عملاء فرنسا من الجزائريين الخونة كلفوا بالبقاء في الجزائر لمهام أخطر , و هكذا توالت الإغتيالات حيث أغتيل محمد خميستي بالرصاص سنة 1962 , و إغتيل محمد خيضر في العاصمة الإسبانية مدريد 1967 وكريم بلقاسم في فرانكفورت سنة 1970 و كل من محمد خيضر و كريم بلقاسم كان من اللذين الخلية المفجرة لثورة التحرير , و عندما أطاح هواري بومدين بالرئيس أحمد بن بلة في 19 حزيران – يونيو 1965 هاجر كريم بلقاسم إلى ألمانيا و قال قولته المشهورة : سبع سنوات من الإستقلال كانت أسوأ من سبع سنوات من الحرب , و قرر بومدين تصفيته , كما جرت تصفية كثيرين من قبل الأجهزة الإستخباراتية الجزائرية و التي كانت مؤلفة من أصحاب التوجهات الفرانكفونية و الشيوعية , وتكونّ بعضهم على يد الإستخبارات السوفياتية السابقة والستازي . و قد إتهم أحمد محساس - وهو من مواليد 1923 ببودواو ، و الذي بدأ نضاله في صفوف الحركة الوطنية في سن مبكر و أعتقل مرارا لنشاطه السياسي , و كان عضوا في المنظمة الخاصة مستوى القيادة العليا و في عام 1950 أعتقل من قبل الجيش الفرنسي و نقل إلى سجن البليدة وفرّ لاحقا مع أحمد بن بلة – الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة بفضح أسرار المجاهدين و الثوّار الجزائريين , و كشف محساس أن بن بلة قدم للشرطة الفرنسية كل المعلومات عن المنظمة السرية دون أن يتعرض لأي تعذيب وقال لقد كشف ودل المخابرات الفرنسية على كل الشخصيات الثائرة , وبادر إلى ذلك دون أن يعذبّ .
عندما نالت الجزائر إستقلالها الناقص في 05 تموز – يوليو 1962 رفض الرئيس أحمد بن بلة طلبا برلمانيا لعشرات النواب الجزائريين بتعريب الإدارة و التعليم و كل مناحي الحياة في الجزائر , و أعتبرت هذه الخطوة تكريسا للإحتلال الثقافي , و تقديسا للثقافة الفرنسية و إعمالا لبند مخفي في إتفاقيات إيفيان ينص على إستمرار سيطرة الثقافة الفرنسية على المشهد الثقافي و السياسي الجزائري . و حتى عندما أقرّ مشروع محو الأمية في عهده , تمّ اللجوء إلى اللغة الفرنسية لمحو الأمية , و قد سئل أحمد بن بلة عن ذلك فأجاب بقوله : لقد بدأنا بمحو الأمية بالفرنسية , و لم يكن عندنا ما يكفي من المعلمين باللغة العربية لتسيير مؤسسة تربوية واحدة . طبعا هذا القول عار عن الصحة لأنّ حكومة بن بلة الفتية جمدّت قانون التعريب بالكامل و سجنت رموز جمعية العلماء المسلمين الجزائريين , و كان هناك كم هائل من الجزائريين الذين يتقنون اللغة العربية . غير أنّ عملاء فرنسا الذين أصبحوا مقربين من دوائر القرار و مستشارين للرؤساء الجزائريين لعبوا دورا كبيرا في قتل اللغة العربية في الجزائر والتي ما زال يتكلم بها الرئيس الجزائري و كبار المسؤولين الجزائريين . فمحمد حربي الذي كان مستشارا للرئيس أحمد بن بلة لم يكن فرانكفونيا فقط , بل كان ينكر على الجزائر عروبتها وإسلامها وحتى ثورتها , فهو يقول في أحد كتبه الشهيرة بأنّ الثورة الجزائرية لم تكن إنتفاضة شعبية بل كانت حركة عفوية قوامها بعض المتحمسين و يرى بأنّ هذه الإنتفاضة العفوية كان وراءها مصالي الحاج وليس جبهة التحرير التي كان على رأسها أقلية من مسلمي الجزائر . ويبدو أن محمد حربي بدأ يكتب هذا الكلام بعد سجنه في الجزائر من قبل نظام هواري بومدين لوقوفه ضد إنقلابه العسكري على أحمد بن بلة و بعد قضائه خمس سنوات في السجن غادر إلى فرنسا وشرع ينظّر للثورة الجزائرية من منظور فرانكو شيوعي , و هو الذي أرجع التسلط إلى بنيوية شخصانية الثوّار , و يقول محمد حربي في هذا السياق : نظراً لكون قادة جبهة التحرير الوطنية الجزائرية ما كانوا لحظة ظهورهم على مسرح الأحداث يحظون بدعم حركة جماهيرية حقيقية وديناميكية ، فإنهم حصلوا على قيادة الحركة بالقوة وحافظوا عليها بالقوة. ولإقتناعهم بضرورة العمل بكل عزم من أجل حماية أنفسهم من أعدائهم ، فقد إختاروا متعمدين الطريق التسلطية . و يعتبر جلبير مينييه المؤرخ محمد حربي واحدا من أهم المؤرخين الجزائريين الذين ناضلوا ضد فرنسا و الحزب الواحد ويعتبر كتابه أرشيف الثورة الجزائرية و احدا من أهم الكتب , غير أنه ينسجم تماما مع حربي ونظريته القائلة أن الجزائر إستقلت بالعامل السياسي وليس بالعامل الثوري و العسكري , هو إذن في نظره نصر مقابل نصر . وحربي هذا المشبع بالثقافة الفرنسية كان واحدا من أهم مستشاري الرئيس أحمد بن بلة و محمد حربي من مواليد 16 حزيران –يونيو 1933 بالحروش في مدينة سكيكدة ناضل في صفوف حزب الشعب وحركة إنتصار الحريات الديمقراطية من أوائل المسؤولين السريين لفدرالية جبهة التحرير في فرنسا، تقلد مسؤوليات عديدة قبل وبعد الإستقلال تعرض للسجن خمس سنوات لمعارضته إنقلاب بومدين على بن بلة في 19 حزيران – يونيو 1965 وبعد إطلاق سراحه إختار المنفى وتفرغ لكتابة مؤلفات عن الثورة الجزائرية . ومن أهم مؤلفاته باللغة الفرنسية : في جذور جبهة التحرير، الشعبوية الثورية في الجزائر جبهة التحرير الوطني السراب والحقيقة و أرشيف الثورة الجزائرية و الجزائر وقدرها وفي مذكراتها يعتبر أنّ جبهة التحرير كانت عنيفة وشرسة و ظالمة وهي الصفة التي لازمتها حينما حكمت البلاد بعد نيل الاستقلال. و يعتبر أيضا أن الخونة الجزائريين قتلوا الجزائريين أكثر مما قتلت فرنسا , و العجيب أن ذهنية بهذه التوجهات يجد نفسه في دوائر القرار و يصنع القرار مع بن بلة , و يشير بظلامية اللغة العربية و عدم إنسجامها مع الجزائر تاريخا وراهنا ومستقبلا , فيما الشيخ الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوضع تحت الإقامة الجبرية بأمر من أحمد بن بلة . وقد طلب الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد و بطريقة رسمية من المحامي الجزائري علي هارون الدفاع عنه والمطالبة بتصحيح المعلومة المتعلقة بإنضمامه للجيش الفرنسي، والتي نشرها بعض المؤرخين طيلة 25 سنة ومنهم محمد حربي . ويشار إلى أن المؤرخين محمد حربي و جييلبير مونيي و بن جامان ستورا وعاشور شرفي ذكروا في مؤلفاتهم بأنّ الشاذلي بن جديد كان ضابطا أو ضابط صف في الجيش الفرنسي.
و محمد حربي الذي جرد الهٌوية الوطنية من اللغة العربية و فضل الفرنسية عليها ، جردّ التاريخ الجزائري من البعدين العربي و الإسلامي بالكامل , وهو الفعل الإجرامي الذي كرسته نخبة فرنسا في الجزائر حيث حظر اللغة العربية و تدمير الصحافة المعربة , و حرمان حملة الشهادات المعربة من المواقع المهمة و الذين كان يسميهم الفرانكفونيون و أبناء باريس بالبعثيين أو المشارقة , ووصل الأمر بمحمد حربي وخلال المحاضرة التي ألقاها يوم 16/10/2008 في المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر حيث طلب من الجزائريين تجريد تاريخهم من طابعه الوطني ومن إنتمائه للعروبة والإسلام , ولم يكتف بذلك بل تهجم على المؤرخين أبناء باديس تركيزهم على البعدين العربي والإسلامي من أمثال : مبارك الميلي وأحمد توفيق المدني . وقد بات معروفا أن أبناء فرنسا في الجزائر هم وراء تعطيل اللغة العربية و التي تحتاج إلى قرار سياسي سيادي وهو غير متوفر لحد الأن في الجزائر والتي سيكتشف الجزائريون ذات يوم أن بلادهم ليست مستقلة مطلقا . و عندما عارض محمد حربي محمد بوخروبة أو هواري بومدين سجن 5 سنوات غادر بعدها إلى فرنسا , و الواقع أن بومدين أحيط من كل جانب بجواسيس فرنسا , و أبناء باريس الذين نخروا الدولة و يبدو أن هذا الإكتشاف جاء متأخرا حيث قررت المخابرات الفرنسية إغتيال بومدين و تؤكّد أرملته أنيسة بومدين بأن الملف الطبي لزوجها ما زال تحت خانة سري للغاية و أن جهات ما لا تريد الكشف عن لغز إغتيال هواري بومدين و ذلك عبر مادة الثاليوم التي جعلت جسمه هزيلا وضعيفا وقد إعترف الأطباء الروس الذين إستقبلوا هواري بومدين أن مالك مادة الثاليوم هم الفرنسيون , و قد وجد هذا الإغتيال هوى في نفوس الإسرائيليين . و قد إعتبرت المخابرات الفرنسية هذا الإغتيال إنجازا لها بإعتبار أنها عبدت الطريق نحو تحكمها الكامل في الجزائر عبر ضباطها الذين أصبحوا وسيصبحون جنرالات في عهد الشاذلي بن جديد .
ومن الضباط الجزائريين الذين رقتهم وصعدتهم و غرستهم فرنسا داخل الجيش الجزائري الجنرال العربي بلخير و هو الضابط السابق في الجيش الفرنسي برتبة ملازم ثان قبل الإستقلال . وكان أبوه أحد أبرز البشاوات الذين دعموا الاستعمار الفرنسي و ألحق أكبر الأضرار بالمواطنين الجزائريين في مدينة تيارت . فرّ العربي بلخير من الجيش الفرنسي مع عبد المجيد علاهم و عبد النور بقة و محمد بن محمد و حمو بوزادة و مصطفى شلوفي و عبد المالك قنايزية و مختار كركب و لحبيب خليل و رشيد ميموني و خالد نزار وسليم سعدي. ويعرف هؤلاء وغيرهم بمجموعة لاكوست التي خططّ لها أن تغادر الجيش الفرنسي وتلتحق بالجبال وليس بجيش التحرير الجزائري في سنة 1958 , وطلب من هؤلاء إنتظار الأوامر القادمة من القيادة الفرنسية . و من بين ضباط الصف الذين تم ترقيتهم ملازمين من طرف الجيش الفرنسي قبل إرسالهم في مهمة بتونس عام 1961 : محمد العماري ومحمد تواتي . و معظم الأسماء التي ذكرت ومعظم الشخصيات أصبحت تصنع القرار في الجزائر بشكل مباشر . و عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري الذي يقول أنه كان عضوا في قيادة الأركان العامة فهو لم يكن كذلك على الإطلاق . لأن بلخير حاول تأكيد نضاله من خلال شهادة بوتفليقة , و كلاهما في وضع لا يحسد عليه و العربي بلخير والذي أتهم أيضا بإغتيال محمد بوضياف و المسيلي و آلاف المعارضين الجزائريين و الذي كان يعرف بالغول كان ظلاّ للشاذلي بن جديد , وبعد قتل هواري بومدين ساهم في إيصال بن جديد إلى الرئاسة , و التي أصبح أمينا عاما لها يحكم الجزائر في الظل مع مجموعة جنرالات فرنسا . و بسرعة مذهلة رقيّ العربي بلخير إلي رتبة عقيد، ثم عين مستشارا للمجلس الأعلى للدفاع والأمن المرتبط مباشرة بالرئاسة . ثم أمينا عاما للرئاسة ، فمديرا لديوان الرئيس الشاذلي بن جديد و لقد أصبح بلخير في ظرف وجيز أحد أقطاب الرحى في المنظومة السياسية و الأمنية والعسكرية الجزائرية , و إستفاد من موقعه وأسس أمبرطويات مالية رهيبة و جيرّ الإقتصاد الجزائري لصالح فرنسا بالكامل . ويعترف الرائد الأخضر بورقعة أن جزائريين كان مع الجيش الفرنسي قلبا وقالبا يقتلون الجزائريين أصبحوا جنرالات في الجزائر يوجهون الجيش الجزائري , و مما قاله الأخضر بورقعة لبرنامج زيارة خاصة الذي يقدمه سامي كليب : في 14 تموز - يوليو شاركوا في الإحتفال في الجيش الفرنساوي شارع جيش التحرير الآن ووصلوا إلى قمة الحكم هذا شيء معروف يعرفه العام والخاص. و خالد نزار منهم .
وقد كلف الضابط الفرنسي السابق العربي بلخير بتنفيذ عمليات لصالح المخابرات الفرنسية و التي منها إنهاء مسعود زڤار الذي ولد في 08 كانون الأول - ديسمبر 1926 بالعلمة من عائلة فقيرة جدا . غادر الجزائر إلى فرنسا وهو لم يتجاوز العاشرةحيث عمل لمدة 4 أشهر وعاد ببعض المال لمساعدة أهله . و قد كان معروفا بالذكاء الشديد , و كان يؤمن بأهمية المال والإستخبارات في طرد المستعمر الفرنسي من الجزائر .
و طبق هذه النظرية بحذافيرها فنجح في قطاع المال و الأعمال وفي الإستخبارات أيضا , وكانت له علاقة مع نيكسون و جورج بوش الأب بالإضافة إلى العديد من الشخصيات العالمية، وهو أيضا الرجل الذي كان يملك مؤسسة للطيران وبئر للنفط بتكساس و كان على علاقة بكثير من المؤسسات المالية و الصناعية و الإقتصادية في العالم . ومن خلال الأسماء الحركية و الوهمية التي عرف بها كرشيد وبحري وغيرها إستطاع أن يخترق ألأمريكيين و حتى الدوائر القريبة من الرئيس الفرنسي شارل ديغول , و قد أتاح له هذا الإختراق أن يفيد الثورة الجزائرية إلى أبعد الحدود وفي كل مرة كان يزود قيادات الثورة بمعلومات سرية للغاية عن فرنسا وشبكة إتصالاتها و منظومة تسلحها و كان الرئيس هواري بومدين يقدر عاليا ما قام مسعود زقار .
وعندما زار الرئيس السابق الشاذلي الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس ريغن إلتقى بجورج بوش الأب الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس وقال للشاذلي سلم لي على صديقي زڤار. و كان زقار قد حذرّ الثورة الجزائر من محاولات إغتيال عديدة كانت ستقوم بها الأجهزة الأمنية الفرنسية داخل صفوف الثورة الجزائرية , و حذرّ من عدوان أمريكي على الجزائر سنة 1967 .
كان هواري بومدين يقدر زقار , و لذلك عندما قتل بومدين تأثر مسعود زقار و ما كان يظن أن فرنسا التي إخترق زقار منظومتها الأمنية أصبحت تحكم الجزائر عبر ضباطها . وبعد نجاح هؤلاء الضباط في إيصال الشاذلي بن جديد إلى سدّة الرئاسة طلب زقار مقابلة الرئيس الشاذلي للحديث معه في قضايا هامة ، لكن هذا الأخير رفض استقباله، والرسالة طبعا كانت واضحة وصريحة: الرئيس الجديد يرفض التعامل مع زڤار ويفضل عدم التعامل مع أقوى شخصية أمنية جزائرية عملة للمصلحة الجزائرية العليا . وفي أواخر سنة 1982 قام الرئيس الشاذلي بزيارة إلى فرنسا وهو إختراق خطير لبروتوكول جزائري بأن لا يزور رئيس الجزائر من قتل مليونين شهيدا في ظرف سبع سنوات , وقد طلب الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران من الشاذلي إعتقال زقار وبعد هذه الزيارة مباشرة , و في 8 كانون الثاني – يناير 1983 أصدر مجلس المحاسبة قرارا بالتحقيق مع وزير الخارجية السابق السيد عبد العزيز بوتفليقة بتهمة سرقة أموال وزارة الخارجية ، وفي اليوم ذاته كان مسعود زڤار جالسا في بيته في شارع البشير الإبراهيمي في قلب الجزائر العاصمة ففوجئ برجال المخابرات و الأمن العسكري يداهمون بيته و إتصل من بيته بالعربي بلخير مدير الديوان برئاسة الجمهورية في عهد الشاذلي وقال له: الأمن العسكري موجود الآن ببيتي ويريد توقيفي , ماذا يجري حولي فردّ عليه بلخير "لا تقلق نفذّ ما يطلبونه وسأحل المشكلة, و لم يكن يدر في ذهن مسعود زقار أن العربي بلخير يضحك عليه , و وضع في زنزانة إنفرادية في سجن البليدة العسكري .
و تآمر عليه ضباط فرنسا في الجزائر , و مكث في السجن بضع سنين دون أن يعرف ما هي تهمته , و لم يكن يدري أن ضبط فرنسا في الجزائر كان يبعثون تقارير مفصلة عن أعماله و إخرتاقه للمنظومة الأمنية و العسكرية الفرنسية , و توفي مسعود زڤار في 21 تشرين الثاني - نوفمبر 1987 بأحد فنادقه بمدريد ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه بالعلمة .
و لو عاد زقار إلى الحياة لقرر أن يخترق ضباط فرنسا في الجزائر ويعلن عن الثور الثانية لإحراز الإستقلال الكامل للجزائر .
الشاعر الذي فجرّ ثورة الجزائر شعرا وخلدّها في العالم العربي والذي حاصره أبناء باريس في الجزائر بعد الإستقلال وهمشوه شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا
المرء مادام حيّا يستهان به
ويعظم الرزء فيه حين يفتقد .
يقول المثل الجزائري / عندما كان حياّ كان يشتاق إلى ثمرة و عندما مات غرسوا نخلة جنب قبره .
و نظرا لجهوده الكبيرة في مجالات الفكر والأدب والنضال الوطني، منحه عاهل المملكة المغربية محمد الخامس في عام 1961 وسام الكفاءة الفكرية من الدرجة الأولى. ومنحه الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة وسام الاستقلال ووسام الاستحقاق الثقافي، ومنحه الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد في عام 1984 ـ بعد رحليه ـ وسام المقاوم، كما مُنِحَ اسمُه وسام الأثير من مصفّ الاستحقاق الوطني من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 4/7/1999.
ولد الشاعر مفدي زكريا عام 1909م بقرية بني يزغن التي تقع في ولاية غرداية جنوب الجزائر حفظ جزءا من القرآن ومبادئ العربية والفقه وأصوله في الكتّاب الذي كان موجودا في القرية . وقد لاحظ أقرباؤه أن مفدي زكريا كان رجلا في صغره و أن وعيه كان متقدما للغاية , كان رجلا في سن الطفولة
ثم إصطحبه والده معه وهو إبن سبع سنين إلى مدينة عنابة شمال شرق الجزائر التي كان تاجرا بها، وفيها أتمّ حفظ القرآن . وبدأ تلقى تعليمه الأول بمسقط رأسه ثم قصد تونس لإكمال دراسته , ولاية غرداية جنوب الجزائر. لقبَّه زميل دراسته سليمان بو جناح بـ "مُ في سنة 1922 قرر والده إبتعاثه إلى تونس , وهناك درس في مدرسة السلام القرآنية ، وبعد سنتين إنتقل إلى المدرسة الخلدونية ، ثم تحول إلى جامع الزيتون ة، وأخذ عن علمائها دروس اللغة والبلاغة والأصول وفقه اللغة فدي" فأصبح لقبه الأدبي الذي إشتهر به.
تألق نجمه في تونس و برع في نظم الشعر وكان يواكب الحركة الشعرية والأدبية في المشرق العربي , حيث كانت تصل تونس آخر الإبداعات الشعرية و الأدبية التي ترى النور في الضفة الأخرى من الوطن العربي .
وكان مفدي زكريا شجاعا مقداما لا يعرف الخوف و لا تلين عزيمته كلمات التهديد ولا التعذيب والسجن ولا حتى الموت من أجل الوطن,كمل نظاله بالشعر والقلم والمجاهدون بالسلاح والمدفع وقد أسقط هذه الخصال على بنوية شعره الذي كان قويا كقوة شخصيته . في 17 أغسطس -أوت1937 حكم على الشاعر مفدي بالسجن بتهمة التآمر و هي تهم ملفقة عادة و عندما أطلق سراحه واصل نشاطه الفكري . وكان للبيئة الإسلامية الأصيلة التي ترعرع وسطها ولمصادر ثقافته الدينية دور كبير في صقل شخصيته الشعرية وكانت مدينة غرداية مشهورة بأصالتها وحفاظها على القيم والمبادئ و العلوم العربية والإسلامية . كما أن قسوة الإستعمار الفرنسي عليه وعلى شعبه أثرت فيه إلى أبعد الحدود ..وعندما أتم تعليمه غادر تونس عائدا إلى وطنه الجزائ، وتوجه للعمل التجاري ولكنه لم ينقطع عن مجال الفكر والأدب ، وقد إشتهر سكان غرداية بالذكاء والنجاح في المجال التجاري . كان مفدي زكريا واحدا من رواد الحركة الوطنية التي تبنت مبدأ الثورة على الإستعمار الفرنسي , وأيدّ بقوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولكنه لم ينخرط فيها رغم تكوينه الإسلامي و الديني , بل إختار الإنضمام إلى الحركات الوطنية . وعندما إندلعت ثورة نوفمبر سنة 1954 وجد نفسها وتلقائيا واحدا من جنودها و الناطقين بإسمها فسخرّ شعره لخدمة القضية الجزائرية و الدفاع عن مظلومية الشعب الجزائري , وإتخذ من شعره وسيلة لتعرية الإستعمار الفرنسي الذي حاق بالجزائريين سوء العذاب . وكان سباقا إلى رحاب الثورة الجزائرية و صادف ألوان العذاب و البلاءات و سجنته السلطات الإستعمارية الفرنسية خمس مرات . كان مفدى زكريا ضمير ثورة التحرير الجزائرية الناطق و الحي ورائد مسيرتها وكان المجاهدون الجزائريون يرددون أشعاره في ساحات المعارك ، وعلى أعواد المشانق ، إلى أن إستقلت الجزائر في العام 1962 .
أقام عندها في الجزائر ومارس التجارة وفتح مكتبا للتمثيل التجاري ولكنه لم يخلق للتجارة فكسدت تجارته . فيما صوته كان مدويا على الدوام . ولم تسعفه الظروف للإستقرار فتوجه إلى تونس سنة 1963 ومكث بها إلى سنة 1969 حيث يمم شطر المغرب وإستقر بالدار البيضاء وفتح مدرسة للتعليم الثانوي هناك , و هكذا أضاعت الجزائر شاعرها الذي خلدّ ذكراها في كل الأمصار . ولم تمنعه التجارة من أن يواصل النشاط الثقافي حيث كان يشارك في الملتقيات و المؤتمرات ومنها مؤتمر الفكر الإسلامي الذي عرفت الجزائر به . مفدي زكريا يعتبر صاحب الروائع في الجزائر فهو صاحب الأناشيد الوطنيّة النشيد الوطنيّ الجزائريّ ، و . نشيد مؤتمر المصير بتونس و نشيد إتّحاد النساء التونسيّ و نشيد معركة بنزرت التاريخيّ و نشيد الجلاء عن المغرب و نشيد الجيش المغربي، وغيرها من الأناشيد.
و نشيد فداء الجزائر الذي دشنّ الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي و نشيد العلم الجزائريّ، نشيد الشهداء و نشيد جيش التحرير الوطنيّ ، نشيد الاتّحاد العامّ للعمّال الجزائريّين ، نشيد إتّحاد الطلاّب الجزائريّين ، نشيد المرأة الجزائريّة ، نشيد بربروس
أما نشيد إلياذة الجزائر فهو الذي توجّ به كل الروائع , و أعتبرت إليادة الروائع لما فيه من جماليات ومزح بين التاريخ المجيد والراهن الثائر والحرية و التحرر .
ومن مؤلفاته: اللهب المقدس و من وحي الأطلس و إلياذة الجزائر و تحت ظلال الزيتون و دليل المغرب العربي الكبير. وكانت وفاته يوم الأربعاء 02 رمضان 1397هـ الموافق 17 أوت 1977م بتونس وعمره تسعة وستون عاما ونقل جثمانه إلى الجزائر ودفن بمسقط رأسه في بني يزقن - ولاية غرداية.
و الواقع وكما يقال فإنّ الأبناء يكملون مسيرة الأباء , وقد ألف الدكتور سليمان الشيخ إبن مفدي زكريا ـ سفير الجزائر السابق بالقاهرة – العديد من الكتب عن الدراسات وله الفضل في إقامة مؤسسة مفدي زكريا و التي أصدرت كتبا كثيرة عن شاعر الثورة الجزائرية .
وما أصدرته هذه المؤسسة :
مفدي زكريا شاعر مجَّد الثورة ـ حوارات وذكريات ـ لبلقاسم بن عبد الله. وتاريخ الصحافة العربية في الجزائر لمفدي زكريا جمع وتحقيق د.أحمد حمدي. وديوان أمجادنا تتكلم وهو ديوان لم يسبق نشره لمفدي زكريا و الكتاب الرابع والأخير فهو كلمات مفدي زكريا في ذاكرة الصحافة الوطنية من إعداد وتقديم د. محمد عيسى وموسى .
ومن أشعاره , شربت العقيدة حتى الثمالــــة ....فأسلمت وجهي لـرب الجلالــه ولولا الوفـاء لإسلامنــــا.... لمـا قرر الشعب يومـا مآلـــه ولولا استقامــة أخلاقنــــا.... لمـا أخلص الشعب يوما نضالــه ولولا تحالف شعـب وربٍّ ....لمـا حقق الرب يومــا سؤالـه هو الدين يغمـر أرواحنــا.... بنـور اليقيـن ويرسي العدالــه ونجده يكرر الصورة نفسها في إلياذته عن مناسبة نفمبر إذ يقول:
تأذن ربك ليلـة قــــــدر.... وألقى الستــار على ألف شهـر وقال لـه الشعب: أمـرَك ربــي.... وقال لـه الرب: أمــرُك أمـري ولعلع صـوت الرصاص يــدوّي.... فعـاف اليراع خـرافة حبـــر وتأبى المــدافع صوغ الكلام.... إذا لم يكـن من شواظ وجمــر وتأبى القنـابل طبع الحــروف.... إذا لم تكـن من سبائك حُمـــر وتأبى الصفائح نشر الصحـائف ....ما لم تكــن بالقرارات تســري ويأبـى الحديد استمـاع الحديث.... إذا لم يـكن من روائـع شعـري نفمبــر غيرت فجر الحيــاة ....وكنت نفمبـر مطلـع فجــر وذكرتنـا في الجـزائر بــدرا .. فقمنـا نضاهـي صحابــة بدر
يقول في قصيدته "البردة الوطنية" سنة 1937:و هو يدعو إلى الإتحاد المغاربي .
تونس والجزائر اليوم، والمغـــرب.... شعب لن يستطيع انفصـــالا وحدة أحكـم الإلـه سَـداهـا،.... مـــن يـرد قطعـه أراد محالا نبتـت من أب كريـم وأمّ سمـتْ.... في الحــياة عمًّــا وخــالا نصبـوا بينــها حـدودا من الـ.... ألـواح، جهلا وخدعـة، وضلالا فاجعلـوا إن أردتـم الكون سـ ....ـدًّا، وضعوا البحر بيننا والجبـالا نحن روح مـزاجه الضـاد والد ....يـن، فل |
|