mahmoudb69 عضو ماسي
عدد الرسائل : 2700 العمر : 55 الموقع : houda.houdi@gmail.com المدينة التي تقطن بها : ورقلة الوظيفة : telecom السٌّمعَة : 16 تاريخ التسجيل : 25/02/2012
| موضوع: آداب الأكل في الإسلام الثلاثاء مايو 01, 2012 1:26 pm | |
| آداب الأكل في الإسلام
"إن مقصد ذوي الألباب لقاء الله تعالى في دار الثواب ولا طريق إلى الوصول للقاء الله إلا بالعلم والعمل، ولا يمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن، ولا تصفو سلامة البدن إلا بالأطعمة والأقوات والتناول منها بقدر الحاجة على تكرر الأوقات، فمن هذا الوجه قال بعض السلف الصالحين: إن الأكل من الدين وعليه نبه رب العالمين بقوله وهو أصدق القائلين: {كلوا من الطيبات واعملوا صالحا}، هكذا قدم الإمام الغزالي لباب آداب الأكل في كتاب إحياء علوم الدين.
وسنحاول هنا عرض رؤية طبية نفسية لما ورد بالباب ويختصُّ بما لا بد للآكل من مراعاته وإن انفرد بالأكل.
ومن يقرأُ ما كتبهُ الغزالي يدركُ كيفَ أن المسلم حين ينظر إلى الطعام والشراب إنما ينظرُ نظرةً تميزهُ عن غير المسلمين، فهو ينظر إليهما نظرة الوسيلة التي تقود لما هو أفضل وأكمل، فتصبحُ عمليةُ الأكل في حد ذاتها عبادةً ما دامت النيةُ أن يتقوى بها المسلمُ على العبادة بمفهومها الواسع، والذي يشملُ كل سعي يسعاهُ المسلمُ في حلال.
ما قبل الأكل ويبينُ الإمام الغزاليُّ في آداب ما قبلَ الأكل البدء بالتأكد من كون الطعام حلالاً من كسبٍ حلال، ثم يتبع ذلك بالوضوء أو غسل اليدين قبل الطعام، ويستشهدُ بحديث رسول الله : "الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفى اللمم"، وفي رواية "ينفي الفقر قبل الطعام وبعده"، ولأبي داود والترمذي من حديث سلمان: "بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده"، ورغم أنها كلها أحاديثُ ضعيفة، فإن الغزالي يرى أن غسل اليد أقربُ إلى النظافة والنزاهة. ولم يذكر الغزالي في هذا الموضع ما أجدهُ في فقه السنة (السيد سابق، 1365هـ) من أن الوضوءَ قبل الأكل يستحبُّ إذا كانَ الإنسانُ جُنُبًا، فعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: "كان النبيُّ إذا كانَ جُنُبًا وأراد أن يأكلَ أو ينامَ توضَّأ"، وعن عمار بن ياسر "أن النبي رخَّصَ للجنبِ إذا أرادَ أن يأكلَ أو يشربَ أو ينام أن يتوضَّأ وضوءهُ للصلاة" رواهُ أحمدُ والترمذيُّ وصححه.
أما الأمر الثالثُ الذي أوصى به الغزالي فهو "أن يوضع الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض؛ فهو أقرب إلى فعل رسول الله من رفعه على المائدة، ثم يستشهدُ الغزاليُّ بحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه: "كان رسول الله إذا أتي بطعام وضعه على الأرض" أخرجه أحمد في كتاب الزهد ورواه البزار، والسفرةُ هيَ فرشةُ المسافر على الأرض،
ويستكملُ الغزاليُّ: وإن قلنا الأكل على السفرة أولى فلسنا نقول الأكل على المائدة منهي عنه نهي كراهة أو تحريم؛ إذ لم يثبت فيه نهي، وما يقال إنه أُبدع بعد رسول الله فليس كل ما أبدع منهيا بل المنهي بدعةٌ تضادُّ سنةً ثابتة وترفع أمرا من الشرع مع بقاء علته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب، وليس في المائدة إلا رفع الطعام عن الأرض لتيسير الأكل وأمثال ذلك مما لا كراهة فيه. ثمَّ يوصي الغزاليُّ في
الأمر الرابع بإحسان الجلسة على السفرة أثناء الأكل. فعن عبد الله بن بشير رضيَ اللهُ عنهُ قال: "كان رسول الله ربما جثا للأكل على ركبتيه وجلس على ظهر قدميه، وربما نصب رجله اليمنى وجلس على اليسرى" أخرجه أبو داود. وأما الأمرُ الخامسُ من آداب ما قبل الأكل فيتعلقُ بنية الآكل "أن ينوي بأكله أن يتقوى به على طاعة الله تعالى ليكون مطيعا بالأكل ولا يقصد التلذذ والتنعم به، فإنه إذا أكل لأجل قوة العبادة لم تصدق نيته إلا بأكل ما دون الشبع؛ حيث إن الشبع يمنع من العبادة ولا يقوي عليها، فمن ضرورة هذه النية كسر الشهوة وإيثار القناعة على الاتساع. ويستشهدُ الغزالي بحديث المقداد بن معد، قال رسول الله : "ما ملأ آدمي وعاءً شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس"، رواهُ الترمذي والنسائي وابن ماجه.
والأمرُ السادس هو "أن يرضى بالموجود من الرزق والحاضر من الطعام ولا يجتهد في التنعم وطلب الزيادة"، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي "سأل أهله الأدم فقالوا ما عندنا إلا خل، فدعا به فجعل يأكل ويقول نعم الأدم الخل نعم الأدم الخل". رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما عاب رسول الله طعاماً قط، إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه"، متفقٌ عليه.
وأما الأمرُ السابعُ فهو الاجتهادُ في تكثير الأيدي على الطعام ولو من الأهل والولد، ويستشهدُ بالحديث الشريف عن وحشي بن حرب رضي الله عنهُ أنهُ قال: "قال اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه"، أخرجه أبو داود وابن ماجه. وعن أنس رضي الله عنه: "كان رسول الله لا يأكل وحده".
حالة الأكل يقول الإمام الغزاليُّ في آداب حالة الأكل: أن يبدأ بـ بسم الله في أوله وبالحمد لله في آخره ولو قال مع كل لقمة بسم الله فهو حسن حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله تعالى، ويقول مع اللقمة الأولى بسم الله ومع الثانية بسم الله الرحمن ومع الثالثة بسم الله الرحمن الرحيم، ويجهر به ليذكر غيره". ومن الأحاديث التي وردت عن رسول الله في وجوب تسمية المسلمِ في حالة الأكل: عن عمر بن أبى سلمة رضي الله عنهما قال: قال لي : "سمِّ الله وكل بيمينك، وكل مما يليك". متفقٌ عليه
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : "إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإذا نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره" رواه أبو داود والترمذي.
ومع بدء الأكل "يأكل باليمنى ويبدأ بالملح ويختم به ويصغر اللقمة ويجود مضغها وما لم يبتلعها لم يمد اليد إلى الأخرى فإن ذلك عجلة في الأكل، ولا يجوز الإسراف في الأكل، ويُكره أن يزيد عن الشبع لقوله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجدٍ وكُلوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفوا إنهُ لا يُحِبُّ المسرفين} (الأعراف 31)،
ولكن أجازَ بعضُ الفقهاء زيادةَ الشبع للتَّقَوِّي على الطاعات كالصوم وغيره، أو التقوي على أداء الواجبات، أو حتى لا يستحيي الضيفُ.. ولشدة كراهة الإسراف في الطعام فقد شبَّهَ القرآن الكافرين بالأنعام السائبة في أكلهم وشربهم: (والذين كفروا يَتَمَتَّعُونَ ويأكلونَ كما تأكُلُ الأنْعامُ والنَّارُ مَثْوًى لهم).
ومن السّنّة النبوية الأكل بثلاث أصابع، قال القاضي: والأكل بأكثر منها من الشّره وسوء الأدب، ولأنّه غير مضطرٍّ لذلك لجمعه اللّقمة وإمساكها من جهاتها الثّلاث: وإن اضطُرّ إلى الأكل بأكثر من ثلاثة أصابع، لخفّة الطّعام وعدم تلفيقه بالثّلاث يدعمه بالرّابعة أو الخامسة هذا إن أكل بيده، ولا بأس باستعمال الملعقة ونحوها، وقد كان رسول الله يأكلُ بثلاث أصابع؛ فقد جاء في صحيح مسلم عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها".
بعد الأكل وفي القسم الثالث يعرض الغزاليُّ ما يستحبُّ بعد الفراغ من الطعام فأولُ كلامه "أن يمسك قبل الشبع ويلعق أصابعه ثم يمسح بالمنديل ثم يغسلها"، فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي : "كان إذا رفع مائدته قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مستغنى عنه ربنا"، رواه البخاري، وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنياه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
ومما ورد في لعق الأصابع بعد الأكل ويستفاد منه أيضًا إكرامُ الخبز ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أنه قال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما أصابها من أذى وليأكلها ولا يمسح يده حتى يلعقها أو يـُلْـعِـقها، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة". قال النووي: أي أن الطعام الذي يحضر الإنسان فيه بركة لا يدري أن تلك البركة فيما أكل أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة، فينبغي أن يحافظ على هذا كله فتحصل البركة، والمراد بالبركة ما يحصل به التغذية ويسلم عاقبته من الأذى، ويقوي على الطاعة. وأما التقاطُ فتات الطعام فإن روايات الأحاديث الواردة بشأنهِ قد وصفها الغزالي بأنها منكرةٌ جدٍّا، ورغمَ أن التقاط اللقمة الساقطة وإماطة الأذى عنها إن كانَ قد لحقها أذىً ثم أكلها، كما ورد في الحديث الصحيح عند مسلم قد يوحي باستحباب التقاط الفتات، فإن الغزالي اكتفى بما أخرجهُ أبو الشيخ في كتاب الثواب وهو قولهُ : "من أكل ما يسقط من المائدة عاش في سعة وعوفي في ولده"، كما أشار الغزالي إلى أن التقاط الفتات هو بمثابة مهور الحور العين
ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة إلا بالله - اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى . بالله عليكم اخوتي في الله لا تنسوني بالدعاء التوقيع: بلمهدي محمود
|
|