نسمات رقيقة
كل ما أذكره في ذلك اليوم بقايا ذكريات متناثرة أحاول أن أجمعها من دهاليز ذكرياتي .......لأن ذلك اليوم
كان الأجمل و الأسوأ في حياتي كيف لا و هو من شوه نفسي و قتل أحلامي و ترك في قلبي جرحا لا يندمل .
كان الجو حار فإنزعجت نفسي و بدأت أحس بصعوبة في التنفس ...كنت أحسن أن جدران الغرفــــة تنطبــق
على صـــدري و تتلذذ في تعذيبي .... خرجت من المنزل مسرعة و كأنني أهرب من الموت و إستسلمــــت
إلى روحي التي كانت تقودنــي إلى مكان مجهود......... مشيت و مشيت لأجد نفسي ابتعد كثيرا عن العمران
لم أنظر ورائي و لم أهتم إلى مصيري المهم أنني كنت أشعر بالراحة كلما تقدمت ........بدأت أحس بنسمة عليلة
تدور حولي لتبعث في نفسي الحياة من جديد تتبعت تلك النسمة و هي تتقاذقني ذات اليمين و ذات الشمال و كأنها
تقودني إلى مكان ما و مع تلك النسمة كنـت أسمع صوت جميل حتى هيئ لي أن النسمة تتراقص على ذلك اللحن ..
أكملـــت مسيرتي الطويلة و فجــأة توقفت و فتحت عينايا دهشة لما رأيت أمامي ......
سبحان الله إنه أروع مشهد رأيته في حياتي ......
مشهد خيالي......إنه البحر .......إنه البحر حقا أمام عيني .....هكذا كنــت أردد ...... أغمضـــت عينايا و بدأت
أستنشـق الهواء النقي بدأت أحس بالراحة تسري في عروقي لتوزع على كامـل جسـدي.... نظـرت إلى اليميـن
فوجدت نسمـة تراقص أمواج البحر الصغيرة مرة تدفعها إلى الشاطيء و مـرة ترجعها إلى البحــر من جديد .....
فقلت في نفســـي هـذا هـــو المد و الجزر الذي سمعت عنه الكثير .......نظرت هناك و إذا بنسمة تداعب الصخور
رأيت تلك النسمة تدخل بين الصخور محدثة أجمل إيقـــاع موسيقي .....مددت نظري و إذا بنسمة تحت جناحي
طائر النــورس تقوده إلى عنان السماء و هناك رأيت نسمات رقيقة تدفع سحبا لتزين بها زرقة السماء الصافية
راسمــة أجمــــل لوحـة فنيــــــة .......
و فجـــــأة ........ توقـــف كل شيء .....غادرت طيور النورس اللوحة و ساد الهدوء .... تخلت كل نسمة عن عملها
و قررت أن تتحــــد لترقص لنفسها و ليس لغيرها... إجتمعت و بدأت تتراقــص محدثة بذلك فوضى عارمة ....
الأمواج الصغيـرة تحولت إلى أمواج عملاقة و السماء الصافية أصبح لونها شاحبا من هول المفاجئة و السحب غطت
نفسها بلون اسود معلنة عن الحـــداد ........بقيــــت في مكاني أرى تغيـــر الصورة من سيء إلى أسوأ و قلبي تسارعت
دقاته فأحسست بالخــوف و الوحـــدة .
تلك النسمات أصبحت ريح و بعدها تحولت إلى سونامي يضرب و يحطم كـل شــيء ....لم يرأف لا بحجر
و لا بشجــــر ....و الأهم لـــم يـــــــرأف بقلبــي و لم يرحم عجزي .
***************
إنتهـــى الأمـــر......دمر كل شيء ......أينما أنظر أجد الخراب ......و بعدها ساد السكون من جديد لأسمع عودة
عزف الموسيقــــــة مـــــن جديـــــــد .
نظرت فإذا بالنسمـــــات تفرقت من جديد و رجعت كل نسمة إلـــــــى عملها و كأنها لم تفعل شيئا .
إخوتي يجب أن نشكر الله على نعمه و نرضى بها مهما كانت قليلة فأحيان كثيرة كثرة النعم تصبح نقمة علينا ......
فالحمد لله ...الحمد لله ....الحمد لله على نعمه
التوقيع :بلمهدي محمود