مقدمة :
إن أصل الضريبة ضارب في القدم وليس وليد العصر الحالي كما إنها ومن خلال مرورها بعدة عصور وأزمنة اتخذت عدة أشكال حيث كانت في القدم تحصل لصالح الحكام والملاك وأصحاب النفوذ والسيطرة وتدخل في أملاكهم الخاصة وبالتالي فهي تخدمهم وحدهم واقتصرت مهام الدولة في الحفاظ على الإستقرار الأمني والدفاع وكذا حماية الدولة في حين أثقلت كاهل الشعب واستنزفت أموالخم وممتلكاتهم من خلال الرسوم والاقتطاعات المستمرة والمجحفة .
لكن وبعد ظهور الإسلام ونشره لمبادئه السمحة فقد أصبحت هده الاقتاعات أكثر عدالة كما أنها أخذت عدة أشكال منها الزكاة , العشور ,الخراج , الجزية ..... وذلك لتمويل بيت مال المسلمين .
ثم أتى بعد ذلك الطبيعيين الذين فرضوا الضريبة العقارية بينما آدم سميث فقد بضريبة وحيدة على ريع الأراضي وهو من بين وأكد مبادئ فرض الضريبة وهي العدالة اليقين , الملائمة في الدفع والإقتصاد في النفقات .
أما ( جاي ساي ) يرى أن أفضل الإنفاق هو ما قل مقداره وان خير الضرائب هي ما قلت نسبتها وان الضرائب شر لابد منه طالما الفرد محتاج إلى خدمات عامة1.
بينما (جو هوبستون) يري أن الإرض ليست هي العامل الوحيد الذي يعطي ربحا , حيث توجد عوامل أخرى متمثلة في الربح والفوائد والأجور .... إلخ2 .
وبوصولنا إلي الوقت الحالي فقد تطورت الضريبة وتعددت أنواعها وأشكالها ونسبها فهي تمس كل المداخيل حتى مداخيل الأفراد البسطاء كما أنها تطورت من حيث الوظيفة انتقلت من الجانب التمويلي القديم الذي يرتبط بالحماية والدفاع إلى وظيفة اقتصادية سياسية وتمويلية من أجل الرفع من وتيرة التنمية ومن ثم خدمة المصلحة الإجتماعية .
المبحث الأول : مفهوم الضريبة ونظمها وأهدافها :
نظرا للتقدم الإجتماعي الذي عرفه العالم فقد توسعت مهام الدولة من مهمة الدفاع وحفظ الأمن إلى مهام أخرى اجتماعية واقتصادية تطلبت منها الزيادة في الإنفاق , وبالتالي فقد أصبحت الدولة مجبرة على البحث المستمر عن الإيرادات التي تغطي هذه الالتزامات المتزايدة حيث استخدمت عدة تقنيات ومن بين وأكثر التقنيات نجاعة وفعالية ظهرت التقنيات الضريبة بكل وضوح .
ــــــــــــــ
1 صالح الرويلي (اقتصاديات المالية العامة ) ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 1992ص 107.
2نفس المرجع ص108.
إن الدولة ومن خلال فرضها للضريبة فهي تهدف إلى تحقيق أهداف مالية واقصادية واجتماعية وكذا سياسية فالضريبة تلعب دورا هاما في الإقتصاد الوطني وذلك من خلال تأثيرها على عدة مستويات , فهي تؤثر على الإستهلاك وعلى الأسعار وخصوصا على الإستثمار .
فالضريبة لها دور هام جدا في الرفع من مستوى الاستثمارات نظرا لكون المستثمر يقيم وزنا كبيرا لمعدل الضريبة , كما أنها تؤثر على الإنتاج من خلال تأثيرها نفقته وكذا دورها الريادي في عملية إعادة توزيع الدخل وإحدات التوازن الإحتماعي .
ولتحصيل الضريبة عدة طرق تستعمل من طرف الدولة وبشكل يضمن لها دخول المبالغ المحصلة إلى الخزينة العامة .
المطلب الأول : مفهوم الضريبة :
قبل الوصول إلى تعريف شامل للضريبة فقد مرت هذه الأخيرة بقدر كبير من التعاريف المختلفة والتي تجمع في مجملها عدة أراء ووجهات نظر لعدد من الإقتصاديين والباحثين .
فقدعرفها (حامد عبد المجيد دراز) و(علي عباس) كمايلي : " الضريبة هي فريضة إلزامية يلتزم الممول بأدائها إلى الدولة بغض النظر عن المنافع التي تعود عليه تحقيقا لأهداف المجتمع ".1
وعرفها (جاستون جيبير) كمايلي : " هي أداء نقدي تفرضه الدولة أو السلطة على الأفراد بطريقة نهائية وإجبارية وبلا مقابل بقصد تغطية الأعباء العامة ".
وعرفها (يوسف أحمد بطريق) بأنها : " وسيلة لتوزيع الأعباء العامة بين الأفراد وتوزيعها قانونيا وسنويا طبقا لقدراتهم التكلفية".
كما جاء في الملتقي العام للجباية لسنة 1999 تعريفها كمايلي : " هي عبارة عن اقتطاع نقدي إجباري ونهائي وبدون مقابل ودلك وفقا لقوانين مقرر من أجل تغطية أعباء الدولة والجماعات المحلية ".2
ويعرفها الفكر الإقتصادي الحديث أنها فريضة نقدية تقتطعها الدولة أو من ينوب عنها جبرا وبصفة نهائية ودون أن يقابلها نفع معين وتفرضها الدولة طبقا للقدراة التكلفية للممول وتستخدمها في تغطية النفقات العامة والوفاء بمقتضيات السياسة المالية العامة للدولة ".
ويمكن لنا استخلاص العناصر الأتية من هذه التعاريف :
• الضريبة اقتطاع نقدي .
• الضريبة اقتطاع قانوني وإلزامي .
• استخدام الضريبة لتحقيق أهداف المجتمع .
ــــــــــــــ
1حامد عبد المجيد دراز (مبادئ المالية العامة ) مركز الإسكندرية للكتاب طبعة 2000ص90.
2ملتقى الجباية العام لسنة 1999.
1.اقتطاع نقدي : يتم اقتطاع الضريبة على شكل مبلغ مالي يوجه لتمويل الخزينة العامة فقد كانت الضريبة في العصور الوسطى تفرض عينيا ونقديا واستقرت الأن في الشكل النقدي بإعتباره المناسب للنظم الماية المعاصرة .
2.اقتطاع قانوني وإلزامي :
إن المكلف بالضريبة مجبر على دفعها للدولة بغض النظر عن استعداد أو رغبته في الدفع فهي فريضة تمارسها الحكومة بناءا على قوانيين يوافق عليها أغلبية ممثلي الأمة , كما أن جبايتها وتحصيلها من أعمال السلطة العامة فهي ملزمة بتوضيح شكل الضريبة ونوعها وسعرها ووعائها وموعيد التسديد وطرق التحصيل وكذا كيفية الربط إلى جانب استخدام طرق التنفيذ الجبرية وكذا إجراءات الردع والعقاب في حالة التهرب أو الإمتناع عن أداء الواجب الضريبي .
3.استخدام الضريبة لحقيق أهداف المجتمع :
لقد تغيرت أشكال الضريبة على مر الزمن وكذا الهدف من تحصيلها فقد في بادئ المر كوسيلة لتوفير الأموال لصالح الطبقة الغنية ودخولها في ممتلكاتهم الخاصة فكانت اداة إجحاف واستبداد في يد الحكام ولكنها اليوم وبغض النظر على مختلف التعديلات التي لحقت بها وقد أصبحت لا تفرض إلا بموافقة ممثلي الشعب وبدافع التضامن الإجتماعي لتحقيق أهداف مستمدة من حاجة المجتمع ككل ومع التقدم الإجتماعي والإقتصادي , فقد أصبح لزما على الدولة إدانة الفوارق الإجتماعية وتحقيق العدالة , الإنسانية والسعي إلي المحافظة على الإستقرار الإقتصادي ومعالجة التضخم والإنكماش وكذلك تشجيع بعض الأنشطة الحيوية والحد من أخرى والتحكم في افستهلاك بالشكل الذي يحقق الصلع العام والهدف الجوهري لفرض الضريبة
الفرق بين الضريبة والرسم :
تعريف الرسم : يعرف لرسم على أنه مورد مالي تحصل عليه الدولة ممن يكون في الحاجة إلي خدمة خاصة وتنفرد الدولة بوضعه وادائه.1
الخصائص المشتركة بين الضريبة والرسم :
الضريبة والرسم يشتركان في خاصية واحدة وهي كون الأثنين اقتطاع نقدي يدفعها الأفراد والشركات لتمويل ميزانية الدولة.2
ــــــــــــــ
1محمد يسري حسن عثمان (اقتصاديات المالية العامة ) , ص14.
2صالح الرويلي (اقتصاديات المالية العامة ) ديوان المطبوعات الجامعية , طبعة 1992,ص111
كون الإثنين مفروضان من قبل السلطات بموجب قانون معد سابقا.
كون الإثنين يتجددان بدون مشورة من يدفعهما فلا المستفيد ولا المكلف يناقش في مقدار أو طريقة أدائهما
نقطة الإختلاف : إن الضريبة إجبارية وهدا ما يميزها عن الرسم الذي يدفع لقاء خدمة معينة طلبها طوعيا دافع الرسم من السلطات (كرسوم الهاتف ) فهذا عنصر الجبر نسبي لأنه مرتبط بمنفعة خاصة .
المطلب الثاني : تحديد أسس وأهداف الضريبة :
هناك أسس لرفض الضريبة وهي :
• العدالة .
• اليقين .
• الملائمة في الدفع .
• الإقتصاد في النفقات .
1. العدالة : ويقصد بها أن يساهم جميع الأفراد في النفقات دون تميز وكل حسب مقدارته ويمكن اختصار الضريبة في النقطتين أساسيتين :
هي أن كل الأشخاص في المجتمع يساهمون في الأعباء العامة للدولة .
• كل شخص يشارك في الأعباء العامة للدولة , يساعد في ذلك حسب مقدرته التكلفية والتي تعني مستوى الدخل والحالة الإجتماعية لهذا الشخص .
2. اليقين : ونقصد به أن تكون الضريبة محدودة المعالم واضحة من حيث وعائها ونسبتها أو مبلغها , وطريقة دفعها , وموعد تحصيلها , وإعفاءاتها المترتبة في حالة عدم دفعها أو تأخيرها ومن أجل توفير عنصر اليقين يجب أن يتوفر في التشريعات الضريبة مايلي : 1
- الوضوح في التشريع الجبائي بمعني أن تكون الضريبة محدودة المعالم واضحة من حيث وعائها نسبتها أو مبلغها جلية سهلة الأسلوب دون تعقيد .
- أن تقوم السلطة الموكل إليها فرض الضريبة وتحصيلها بإعداد النماذج السهلة والبسيطة والتي يفهمها عامة الممولين , وكل هذه النقاط يجب أن تكون محدودة و موضحة بأسلوب بسيط ومفهوم لكل الأشخاص في القانون المالية وإذا كانت الضريبة تنقصها نقطة من النقاط السالفة الذكر فإنها نكون بصدد تعسف ضريبي .
ــــــــــــــ
1حسن مصطفى "المالية العامة " ديوان المطبوعات الجاامعية , طبعة 1999,ص45
3. الملائمة : وهي الملائمة في الدفع تعني أن يكون موعد الدفع للضريبة يتلائم مع موعد الدفع أي تحقيق الوعاء الخاضع للضريبة (الإيرادات ) أي لا يجب أن تدفع الضريبة قبل تحقيق وعائها مثلا IBS(الضريبة على أرباح الشركات ) تدفع في نهاية السنة وكذلك للشخص الأجير لا يمكن أن نفرض علية الضريبة قبل تحقق أجره .
4. الإقتصاد في النفقات : بمعني أن يراعي الإقتصاد في تكاليف الإجراءات الإدارية الخاصة بالتحصيل وذلك بضبط تكاليف الجباية إلي أدنى حد ممكن حتى يكون الفرق بين الجباية والتكاليف أكبر قدر ممكن .
أهداف الضريبة
هناك أربع إهداف مسيطرةتسعى الضريبة جاهدة لتحقيقها وهي :1
1. الهدف المالي : إن الهدف المالي هو الهدف التقليدي للضرائب فهي تعتبر أهم ممول للخزينة العامة كما أنها تسعى إلى تحقيق التوازن الداخلي والخارجي من خلال التوازن في الميزانية العامة والتوزان في ميزان المدفوعات إلا أنها لم تحقق الهدف المنشود فهي تلعب دورا ثانويا في التمويل الميزانية العامة مقارنة مع الجباية البترولية لكن الدولة تسعى جاهدة إلي تحسين إيرادات الجباية العادية وإحلالها محل الجباية البترولية وتجسيدا لذلك تظهر الإصلاحات الجبائية التي اعتمدتها الدولة منذ 1992.
2. الهدف الإقتصادي : هدف الضريبة في المجال الإقتصادي هدف جوهري وهام جدا فهي تسعى إلي تحقيق استقرار اقتصادي وذلك بمعالجة ظاهرة التضخم والإنكماش فرفع نسبة الضريبة وتوسع فرضها يلائم حالة التضخم فهي تمتص كمية النقد الزائدة كما أن تخفيض سعرها وزيادة إعفاءاتها يلائم حالة الإنكماش فيزيد من الإدخار وبالتالي التوسع في الإستثمارات فالضريبة تسعى إلي تحقيق ما يسمى بالمربع السحري للسياسات الإقتصادية بوزاياه الأربعة التي تعبرعن : الإستقرار , العمالة ., النمو , التوازن الداخلي ( من خلال توازن الميزانية العامة ) والخارجي ( من خلال توازن ميزان المدفوعات ) .
ــــــــــــــ
1عبد المجيد قدي "النظام الضريبي الإقتصادية" رسالة ماجيستير, جامعة الجزائر سنة 1991.
3. الهدف الإجتماعي : يمكن تلجيص الأهداف الإجتماعية للضريبة فيمايلي :
• باعتبار الضربية وسيلة لإعادة التوزيع في الدخل فهي تؤثر على الحياة الإجتماعية للأفراد من خلال فرض ضريبة مرتفعة على الأغنياء وتخصيصها لزيادة دخول الطبقات الفقيرة مما يتفق والعدالة الإجتماعية .
• تخفيف حدة التفاوت بين الدخول والثروات .
• قد تهدف الدولة من خلال فرض الضريبة إما تشجيعا للإستهلاك بتخفيض الضريبة أو تقليل الإستهلاك برفع قيمتها .
4. الهدف السياسي : إن فرض الضريبة و الرسوم الجمركية بنسبة عالية على منتجات بعض الدول وتخفيضها على منتجات دول أخرى يعتبر هذا استعمالا للضريبة لأهداف سياسية .
المطلب الثالث : النظم الجبائية :
تعريف النظام الجبائي : يعتبر النظام الجبائي الجزائري كغيره من الأنظمة الجبائية العالمية نظاما تصريحيا يعتمد على تصريحات يعتمد على تصريحات المكلفين كقاعدة لفرض الضريبة لكنه كغيره من الأنظمة يعاني من نقائص ونقاط ضعف تمس معظم أجهزته بداءا بهشاشة الإدارة الجبائية التي من شأنها السهر على تطبيقه بشكل جيد وفعال .
بالإضافة إلي الهيكل العام للنظام الجبائي الذي يزيد من تعقيده وعدم ثباته واستقراره , وصولا إلي الضغط الجبائي الذي يعبر عن جملة ما يحدثه فرض الضرائب من تأثيرات على مستوى الفرد والبلد على حد سواء,وللنظام الجبائي دور كبير في عملية التحصيل الجبائي .ومن بين النظم الجبائية مايلي :
1. الضرائب المباشرة وغير المباشرة : وخصائص هذه الضرلئب هي :
1.1 الضرائب المباشرة : هي ضرائب تفرض عادة على الموارد والإيرادات التي تتميز بالثبات والإستقرار كالمداخيل و رؤوس الأموال وهي تقتطع مباشرة من الدخل أو رأس المال للمكلف وذلك بعد حصر ثروته ومداخيله وتحديد الواقعة المنشئة للضريبة بدقة ويقع العبء الضريبي مباشرة على المكلف بها قانونا ولا يمكن نقل عبئها إلي الأشخاص أخرين إلا في حدود ضيقة.1
ــــــــــــــ
1حامد عبد المجيد دراز "مبادئ المالية العامة" مركز الإسكندرية للكتابة طبعة 2000ص 174 .
مزايا الضرائب المباشرة :
أهم ما يميز الضرئب المباشرة هو تمتعها بالثبات النسبي في حصيلتها فهي لا تتغير في وقت قصير ولاتئثر بها الضروف الإقتصادية الطارئة إلا في حالات خاصة فنظرا لكونها تفرض على المواد الثابتة نسبيا كالدخل ورأس المال فحصيلتها تكون ثابتة عموما . وهي أقرب للعدالة الضريبية بحيث أن المكلفين
بها معرفون لدى مصلحة الضرائب ومن خلالها تقرر الإعفاءات الضريبية الخاصة بكل ممول وإعفاء غير القادرين على الدفعها .
هناك علاقة وطيد بين المكلف بالضريبة ومصلحة الضرائب وهذه الأخيرة هي بينة بظرف المكلف بالضريبة وموعد وكيفية التحصيل لهذه فإن العلاقة هي علاقة مباشرة .
طالما أن الضرائب المباشرة تخصم من المركز المالي للمكلف والذي يتمثل في الدخل أو رأس المال وهي عناصر ثابتة نسبيا فعندما ترى الدولة نفسها في الحاجة ماسة إلي موارد مالية إضافية فما عليها إلا أن تزيد نسبة هذه الضرائب .
عيوب الضرائب المباشرة :
لا تتصف الضرائب المباشرة بالعمومية , أي أنها مفروضة على كل أفراد المجتمع يتطلب تحصيلها جهاز إداري ضخم مما يجعل التكاليف الجبائية تزداد وهذا يعكس مبدأ الإقتصاد في لنفقات والدليل على هذا النظام لضريبي الجزائري وبصفة خاصة عندما يتعلق الأمر بالضريبة على أرباح الشركات IBS لكي يتسنى لمصلحة الضرائب حسابها يجب تقديم (17) وثيقة إدارية ومحاسبية جبائية مما يستوجب وجود مصالح أخرى متنوعة لحسابها وهذا ما يزيد من التكاليف الجبائية.
2.1 الضرائب غير المباشرة : هي ضرائب غير ثابتة وتفرض على الممول عند أدائه لتصرف غير متوقع كإنفاق الدخل أو القيام بنقل الملكية وهي تفرض على المكلف بها عند تصرفه أو استعماله لثروته فالضريبة غير المباشرة تتماشي مع الثروة في نقلها ومراحلها كالإنتاج والإستهلاك والتداول .1
كما أن المكلف بها يمكنه التخلص من عبئها الضريبي ذلك من خلال نقلها إلي أشخاص أخرين حيث يستقر عبئها الضريبي على المستهلك الأخير مثل الضريبة على القيمة المضافة TVA.
مزايا الضرائب غير مباشرة :
من أهم مزايا الضرئب غير المباشرة هي حصيلتها الوفيرة وتمويلها الدائم للخزينة العامة للدولة طول السنة كما أن المكلف بها لا يشر بها كونها متضمنة في السعر .
ــــــــــــــ
1عبد المنعم فوزي "المالية العامة و السياسات المالية " دار النهضة العربية لبنان, 1972 ص113
عيوب الضرئب غير المباشرة :
تعتبر الضرائب غير مباشرة أقل عدالة من الضرائب المباشرة كونها لاتعير اهتماما ولا اعتبارا لشؤون الإجتماعية للمكلف بها ولا تنص على أي إعفاءات متعلقة بالحالة الإجتماعية للمكلف بها .
إن الضرائب غير المباشرة تفرض عادة على المواد الواسعة الإستهلاك لذا ترتفع أسعارها وتؤثر بذلك على الميل الحدي للإستهلاك .
يتطلب فرضها أو تحصيلها جهاز لمراقبة النتجين حتى لا يتهربوا منها ويمنع التحايل على عدم دفعها وهذه العملية قد تؤدى إلى عرقلة عملية الإنتاج في المؤسسة وفي الواقع الجزائري فإن نظام TVA يلزم الخاضعين لها بأن يكونوا ملتزمين بفاتورة كل المبيعات الخاضعة لهذا كوسيلة لعدم التهرب من الرسم على القيمة المضافة .
2. الضريبة الوحيدة والمتعددة :
1.2 الضريبة الوحيدة : لقد تعددت آراء المفكرين الإقتصادين تجاه تصنيف الضريبة الوحيدة فمنهم من يرى إن الضريبة الوحيدة هي التي تخص الناتج الصافي الزراعي ومنهم من يرى أنها الضريبة تخص الريع العقاري بما أنه أساس إنشاء أي ثروة ومن هنا تتفرع الآراء وتتباين حسب المدارس الإقتصادية وحسب وجهات نظر المفكرين الإقتصاديين , لكن المهم أن هذا النوع من الضرائب يتصف بسهولة تنظيمها فهي تفرض على أساس نسبة مبلغ النفقات العامة إلي الدخل الوطني كما أنه يحددها سعر عام تقتطع على أساسه الضريبة المستحقة على كل ممول .1
كما يعاب على الضريبة الوحيدة أنها تحتاج إلي نفقات جبائية ضخمة ففي ظل الضريبة الوحيدة كنظام معمول به يسعى الممول بكل السب للتهرب من دفعها مما يزيد عبئ مكافحة التهرب منها وتكاليفه من التزامات الدولة .
2.2الضرائب المتعددة : إن الضرئب المتعددة تتميز بتباين عناصرها وغزارة حصيلتها فهي تمس جميع الشرائح وتتسم بمبدأ العدالة الضريبية فهي بتعدد أشكالها وأنواعها تمسح بتصحيح عيوب ضريبة ما من خلال الأخرى .
ويعاب عليها كثرة نفقاتها الجبائية كما أنها لا تتيح للممول فرصة للإطلاع الكافي على كل أنواعها لذا على السلطات العامة أن تضع نظاما ضريبيا ملائما وبسيطا .
ــــــــــــــ
1حامد عبد المجيد دراز"مبادئ المالية العامة" , مركز الإسكندرية للكتابة طبعة 2000
3. الضرائب العينية والضرائب الشخصية :
1.3 الضرائب العينية : إن الضرائب العينية تعتمد على المال كوعاء لها دون أن تعيرأي اهتمام لشخصية مالكه وهي ترتبط بالسعرالنسبي للضريبة حيث أنها تعتمد على المال أيا كان حجمه كما أنها لا تقدم أي إعفاءات لصالح الممول ويتميز هذا النوع من الضرائب بالبساطة كونه يعتمد على المال فقط
ويعاب عليها أنها لا تتفق ومبدأ العدالة الضربيية ولا تتميز بالمرونة , إذ إنها غير مرنة مما لا يمنح للممول فرصة التفاهم والمناقشة مع الإدارة حول الضريبة ودفعها . 1
2.3 الضرئب الشخصية : من لفظ تسميتها نفهم أنها تهتم بشخص الممول فهي تنصب على المال كوعاء لها مع الأخذ بعين الإعتبار ظروف الممول الإجتماعية والشخصية فهي تعتبر من أكثر الضرئب عدالة وتحقيقا لقواعد العدالة الضريبية , كما أنها تمتاز بعدة مميزات منها المرونة والديناميكية لكنها في المقابل تعتمد على أجهزة بالغة التعقيد .
4. الضرئب النسبية والتصاعدية :2
1.4 الضرائب النسبية : وهي ضرائب تعتمد على نسبة ثابتة في فرضها رغم تغير المادة الخاضعة لها أي تفرض بنسبة محددة وسعر ثابت على كل الدخول , سواء كانت صغيرة أو كبيرة وهي تتميز بتحكم وجور وتعسف من طرف الإدارة الضريبية .
2.4 الضرائب التصاعدية : هي الضرائب التي تتغير نسبتها وقيمتها بتغير قيمة وعائها فهي تزداد عند زيادته والعكس صحيح .
وهي تتميز عن غيرها باعتبارها أكثر تحقيقا للعدالة الضريبية فهي تراعي معدل الدخول ولا تتعامل معهم بنفس الطريقة . ويعاب عليها ظانها تقلل من تكوين رأس مال الممول بالقدرة الموجودة في الضريبة النسبية.
وهي تعتمد في تطبيقها على سلم تقسيم من خلاله شرائح معينة مثل سلم الشرائح المعمول به حاليا بالنسبة للضريبة على الرسم الإجمالي .
ــــــــــــــ
1 عبد المنعم فوزي مرجع سبق ذكره 136..
2 شرع عبد المالك ولعمور خالد " التهرب الجبائي وانعكاساته على الإقتصاد الوطني " مذكرة لنيل شهادة ليسانس علوم التسيير –الأغواط – 2004/2003 ,ص10.
جدول يمثل سلم الشرائح ( الوحدة بألف دينار جزائري ) : 1
المبــالغ النســبة
أقل من 60.000
من 60.000 إلي 180.000
من180.000 إلي 360.000
من 360.000 إلي 1080.000
من 1080.000 إلي 3.240.000
أكثر من 3.240.000 %0
%10
%20
%30
%35
%40
المطلب الرابع : طرق تحصيل الضريبة :
يقصد بالتحصيل كيفية وطرق إدخال قيمة الضريبة إلي الخزينة العامة للدولة ومن أجل هذا تتبع إدارة الجباية طرق مختلفة في تحصيل الضريبة , وهناك طرق عدة لتحصيل الضريبة وأهمها :
1. التوريد المباشر : ومعناه أنه عندما تحدد مصلحة الضرائب الدين الواجب دفعه من جانب الممول وميعاد الدفع والإجراءات التي يجب إتباعها لتوريد قيمة الضريبة إلى قباضة الضرائب وذلك في الميعاد المحدد وقد يتم التوريد المباشر للدين الضريبي من خلال قيام الممول بلصق طرابع الدمغة .
إذ بمجرد تحديد دين ضريبة الدمغة يقوم الممول بالوفاء مباشر بدين الضريبة عن طريق شراء طوابع الدمغة اللازمة ولصقها على العقود والشهادات .
2. الأقساط المقدمة : وفقا لهذه الطريقة يمكن للممول أن يقوم نتقدير قيمة الضريبة التي تستحق عليه في نهاية السنة وذلك بطريقة تقريبية حيث يقوم بدفع الضريبة عن طريق أقساط مقدمة تحت الحساب أو تحت حساب الضريبة ,وفي نهاية السنة وبعد تحديد الضريبة تقوم بعملية التسوية على أساس ما دفعه من أقساط وما يجب دفعه وبذلك إذا كان هناك نقص تطالب إدارة الضرئب ما تبقي وإذا دفع الزيادة ترد له ما يستحق ويمتاز هذا الأسلوب بأنه : 2
• يخفف من وقع الضريبة على الممول يجعل أدائها سهلا كما أنه لا يحس بدفعها عكس دفعها مرة واحدة في نهاية السنة وإذا تعذر عليه دفعها فإنه يلجأ إلي كاة الوسائل للتحايل والتهرب .
ــــــــــــــ
1 مديرية الضرئب لولاية ورقلة .
2حامد عبد المجيد دراز مرجع سبق ذكره ص. 236
• هذه الطريقة تضم للخزينة العامة إيرادات مستمرة على مدار السنة , وهذا ما يتناسب مع احتياجات الدولة عكس دفعها مرة واحدة .
1. الحجز من المنبع : لذلك تحقق الجباية الضريبية وانعدام حدوث التهرب الضريبي وهذه الطريقة يلزم بوقفها جهة معينة أو شخص معين بتحصيل الضريبة من الممول مباشرة ووضعها في الخزينة العامة وتتميز هذه الطريقة بمايلي :
• يضمن هذا الأسلوب الحجز من المنبع تدفق الإيرادات الضريبية إلي الخزينة باستمرار خلال السنة المالية 1 .
• يخفف هذا الأسلوب من وقع الضريبة على دافعها 2 , وفي أغلب الأحيان يجهل مقدارها.
• إنقاص النفقات الجبائية في ظل هذه الطريقة وخاصة إذا كان الشخص المكلف بتحصيل الضريبة وتوريدها للخزينة لا يتقاضى في الغلب آجرا .
• رغم كل هذه المزايا إلا أنها تسجل عيوب منها :
عدم شعور الممول بوقع الضريبة يجعله لا يهتم بمتابعة مراقبة النشاط الحكومي .
اعتماد هذا الأسلوب من خص من غير موظفي الإدارة الضريبية قد لا يملك الكفاءة اللازمة ولا يلم بأحكام النظم الضريبة فيجعله يخطئ في تفسير البنوذ وللوائح الضريبية مما يفقد الخزينة العمومية من بعض الإيرادات أو يسمح للممول من التهرب أو يثقل العبء عليه.
المبحث الثاني : الجباية كمصدر هام في تمويل الميزانية العامة للدولة
المطلب الأول : ماهية الميزانية العامة للدولة وتحديد أقسامها وملحقاتها
تعريف الميزانية : الميزانية هي ترجمة لكلمة BUDGET ذات الأصل لأنكلو ساكسوني التي تعبر عن الحافظة التي تحتوي على الوثائق المتعلقة بالموازنة الخاصة بمؤسسة وأصل الكلمة العربية التي اشتقت منها هي الميزان .
فالميزانية بمفهومها العصري هي عبارة عن موازنة مالية تحضرها السلطات العامة كل عام وتعتبر مشروعا لنفقاتها وإيراداتها السنوية , وهذه التقديرات التي تعتبرفي نفس الوقت أداة فعالة لتوجيه وتنظيم الإقتصاد الوطني للدولة المعاصرة .
ــــــــــــــ
1على خليل "المالية العامة" دار زهران طبعة .204
2نفس المرجع ص .204
فمن الناحية القانونية تمثل الميزانية العامة للدولة قانون مالية مصوت عليه من طرف البرلمان يخطط ويسمح لمدة سنة كاملة بتمويل مصاريف الدولة من خلال الإيرادات المتوقع الحصول عليها وبالتالي لا يجب أن ينظر إلي الميزانية الدولة من الجانب المحاسبي فقط .1
مـــاليا : تعتبر الميزانية العامة للدولة من أهم الدعائم للنظام المالي وتحديدا للإيرادات والمصاريف لمدة سنة كاملة (قادمة) .
اقتصادي : تعمل على توجيه النفقات والإيرادت للتأثير على الإنتاج والإستهلاك .
سياسي : تعتبر الميزانية أداة مراقبة في يد الحكومة بإعتبارها مرآتها والخلاصة التي يتطابق بها رأي السلطة التنفدية مع السلطة التشريعية .
اجتماعيـا : أداة تستعملها الدولة من أجل إعادة توزيع الدخول وتوجيه السكان .
أقسام الميزانية العامة للدولة وملحقاتها :
عمليات الميزانية مرتبة إلي ثلاثة أصناف :
1. الميزانية العامة : تمثل أغلبية مصاريف وإيرادات الدولة وهي مشكلة قائمة .
2. حسابات التخصيص الخاص : وهي مخصصة لعمليات خاصة عكس الميزانية العامة فإن هذه الحسابات تمول عبر إيرادات ميزانيات محددة ومعروفة لمؤسسات تابعة لدولة تقدم خدمات للمواطنين مثل : مؤسسة دعم تشغيل الشباب التي تمولها ميزانية الدولة ل سنة عبر حسابات التخيص الخاص .
3. الميزانيات الملحقة : تخضع هذه الميزانيات للقواعد التي تخضع لها حسابات التخصيص الخاص يصوت عليها في البرلمان وتعرض في فصل خاص ومنفصل .
حسابات التخصيص الخاص والميزانيات الملحقة يجب أن تكون متوازنة أي أن الإرادات يجب أن تغطي بشكل إجباري المصاريف , أما الميزانية العامة فغالبا ما تقدم متوازنة والحالة الأكثر شيوعا هي عجز الميزانية أي أن المصاريف تكون أكبر من الإيرادات مما يستلزم تمويل إضافي عن طريق تسبيقات من البنك المركزي أو طرح سندات الخزينة في السوق التداول .
ــــــــــــــ
1صالح الرويلي (اقتصاديات المالية العامة )ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 1992.ص16
المبادئ التقنية للميزانية : تحدد أهم المبادئ التقنية للميزانية بالقواعد الأساسية الآتية :1
1. سنوية الميزانية : وهذا يعني أن جميع ماجاء في الميزانية يجب أن ينفذ خلال سنة واحدة وليس المقصود بالسنة الميلادية كما هو الحال في الجزائر , فرنسا , وسوريا من01 جانفي حتى31 ديسمبر بل يمكن أن تكون مطلع السنة للميزانية غير هذا التاريخ :
في01 أفريل : انجلترا , وألمانيا والعراق .
في01 مارس : تركيا .
في01 جويليه : الولايات المتحدة الأمريكية .
2. مبدأ شمولية الميزانية : هذا يعني أن تشمل الميزانية مجموعات متجانسة من حيث طبيعة البنوذ , ويضيف الحقوقيين مبدأرابع هو مبدأ الإذان القانوني لتنفيذ الميزانية الذي يجب أن تتجدد كل سنة لأنه إن انقضت السنة ولم تصرف الإعتمادات المخصصة فإن أمر الصرف بحاجة إلي ترخيص جديد ليحق له إستعمال الرصيد الباقي في السنة الجديدة .
المطلب الثاني : مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة :
تنص المادة6 من القاون رقم 17/84 المؤرخ في 07 جويلية 1984 المتعلق بقوانين المالية , على أن إيرادات والنفقات النهائية للدولة المحددة سنويا عن طريق قانون المالية والموزعة حسب الأحكام التشريعية والنظيمية السارية المفعول تشكل الميزانية العامة للدولة .
مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة :
تلخص المادة 11 من نفس القانون السابق موارد الميزانية العامة للدولة التي تتكون من :
1. إيرادات ذات طابع جبائي وكذلك تحصيل مختلف الغرامات .
2. مداخيل وعائدات أملاك الدولة .
3. تحصيلات الخدمات المقدمة وختلف الأتوات .
4. مداخيل المسابقات والهبات والعطايا .
.5 تسديد رأس مال القروض التنسيقات الممنوحة من طرف الدولة عن طريق الميزانية العامة وكذلك تسديد الفوائد الناتجة عنها .
6. المنتوجات المختلفة للميزانية والتي نص القانون صراحة على تحصيلاتها مثل حقوق الطوابع وقسيمان السيارات .
7. مداخيل المساهمات المالية والمرخصة قانونا .
ــــــــــــــ
1نفس المرجع السابق ص20
8. الحصة التي تعود للدولة من أرباح مؤسسات القطاع العمومي المحدد عن طريق التشريع الساري المفعول.
المطلب الثالث : مشاكل توازن الميزانية :
تعتبر الميزانية متوزنة إذا كان مجموع النفقات يساوي مجموع الإيرادات وبالتالي فهذا دليل على حسن الإدارة المالية والعدالة التي يفرضها المنطق .
لأن أي زيادة في الإيرادات عن النفقات يعني أن المواطنين المكلفين بدفع الضريبة قد تخطوا عبئا ماليا كبيرا خلال السنة المالية وبالتالي فقد اخضعوا-أي المكلفين- إلي ضغط جبائي خانق قد ينمي لديهم حب التملص من الضريبة باعتبارها جائرة ومرتفعة وبالتالي يرتمون في أحضان الغش والتهرب الجبائي .
وفي حال نقص الإيرادات عن النفقات يمكن أن نقول بأن الميزانية في الحال عجز يجب تغطيته لتفادي توسيع الأزمات والآفات الإجتماعية .
ولقد دافع الإقتصاديون طويلا عن مبدأ توازن الميزانية لدرجة أنهم كانوا يعتبرون أن أصلح وزير للمالية هو الذي يستطيع موازنة الميزانية لأن عدم توازنها يؤدي إلي خطر مزدوج :
• خطر الإفلاس : لأن الدولة مضطرة لتسديد موظفيها وفي حالة عجز الميزانية تضطر الاستدانة الخارجية التي تستنزف مواردها وقواها باستمرار من خلال إجبارها على تسديد القروض , إلي جانب الفوائد المركبة وبالتالي يبقى هذا الدين عبئا ثقيلا على كاهل الميزانيات القادمة وينتقل إليها العجز المالي المستمر .
• خطر عدم توازن الميزانية : لأنه عند تسجيل عجز الميزانية من خلال عدم توازن الإيرادات والمصاريف تعمد السلطة إلي طبع العملة النقدية من جديد بدون تغطية من السلع والمنتوجات في السوق وبالتالي يحدث تضخم نقدي وينجم عن ذلك ارتفاع الأسعار وانخفاض في قيمة النقوذ وهذه الحلقة المفرغة يصعب الخروج منها في حالة استمرار عجز الميزانية .
وبالتالي فالدولة تسعى جاهدة إلي ضمان التوازن الإقتصادي العام لأنه هو الضمانة لإعادة توازن الميزانية وهذا في حالة كون العجز المقصود مؤقت ومن خلال الرقابة الصحيحة التي تضمن التناسب بين زيادة النفقات العامة وخلق القدرة الشرائية الجديدة هذا من جهة ومن جهة أخرى بين العناصر المستخدمة في الإنتاج في العاطلة التي يراد بعث النشاط فيها من جديد .
المطلب الرابع : أهم التدابير المتخذة لمعالجة الغش والتهرب الجبائي من خلال قوانين المالية:
تمهيد:
في قانون المالية لسنة 2007 تغير الشيئ الكثيرفيما يخص تدابير بالشئ تدابير مكافحة الغش والتهرب الجبائيين خاصة في نظام الدفع الجزافي إذ استحدثت ضريبة جزافية وحيدة تعوض الرسم على القيمة المضافة ،والرسم على النشاط المهني والضريبة الدخل الإجمالي, ويبقى قانون المالية لسنة2002 قانون مكافحة الغش والتهرب الجبائيين حيث يعمل على ترجمة الأهداف والأولويات المدرجة في برنامج الإنعاش الإقتصادي على المديين القصير والمتوسط , كما يعمل على تجسيد الجهود المبذولة من طرف الدولة قصد التكفل بإحتياجات غير قابلة للإنضغاط والمتزايدة باستمرار وبدون انقطاع .1
وبهدف تنشيط وتشجيع الإستثمار بغية إدراج الإقتصاد الوطني ضمن النظام الإقتصادي العاالمي الجديد .
و في هذا الإطار وضعت مجموعة من التدابير التشريعية والتنظيمية تتعلق بالتعريفة الجمركية وتطوير الإستثمار وتسيير مساهمات الدولة .
وقد نصت قوانين الماليةعلى مجموعة من التدابير التي تخدم الإقتصاد الوطني وتقاوم الغش والتهرب الخبائي منها :2
• تدعيم تدابير محاربة الغش والتهرب الجبائي .
• تدابير ترمي إلي إعادة هيكلة وتبسيط النظام الجبائي .
• إحداث قانون للإجراءات الجبائية .
تدعيم تدابير محاربة الغش والتهرب الجبائي : قصد دعم إجراءات محاربة الغش والتهرب الجبائيين المقننة نصت قوانين المالية على مجموعة من التدابير ترمي إلي جعل هذه الإجراءات أكثر انسجاما .
1. وضع رقم التعريف الإحصائي : بغية محاربة مناورات الغش والتهرب الجبائيين وضعت إجراءات جبرية للمكلفين بالضريبة وهذا قصد إلزامهم باكتساب كل تصريحاتهم أو تسليمهم شهادات الإعفاء بيان التعريف الإحصائي .
ــــــــــــــ
1 قانون المالية لسنة 2005
2 قانون المالية لسنة 2002
2. العقوبات المطبقة عند عدم تقديم رقم التعريف الإحصائي : يترتب عن عدم تطبيق وتقديم رقم التعريف الإحصائي أو تبليغ معلومات خاطئة وغير صحيحة علاوة على التعرض للعقوبات المنصوص عليها في التشريع الجبائي الساري المفعول إلغاء :
• تسليم مختلف شهادات الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة .
• تسليم مستخلص الجداول .
• استفاذة من التخفيضات في المجال الرسم على النشاط المهني .
• منح التأجيلات القانونية لدفع الحقوق والرسوم .
• اكتتاب أجال الإستحقاقات الدفع.
3. حصر ممارسة أنشطة استيراد المواد والمنتوجات والسلع الموجهة لإعادة بيعها على حالها في شركات تجارية فقط :
قصد التقليص بشكل محسوس من ممارسات الغش والتهرب الجبائيين على ممارسة أنشطة استيراد المواد والمنتوجات والسلع لإعادة بيعها على حالها في الشركات تجارية فقط.
4. استرجاع الحقوق والرسوم المطابقة لرقم الأعمال الخاص بالمكلفين بالضريبة المستفيدين من مزايا جبائية بسبب نقص في التصريح :
يسمح هذا التدبير للإدارة الجبائية بممارسة الرقابة الجبائية على المؤسسات المستفيذة من مزايا جبائية لهذا الغرض يمكن اللجوء إلي الرفع من مبلغ الأعمال المصرح به في حالة ثبوت نقص في التصريح في الرقم الأعمال أو في النتائج أوفي الجور المدفوعة ستكون الزيادات في المبلغ الضربية المترتبة في ذلك محل استرجاع للحقوق والرسوم المطابقة ضمن شروط القانون العام وهذا بغض النظر عن الإعفاء الممنوح .
5. تصنيف ممارسة الغش قصد تطبيق العقوبات :
على سبيل البيان حددت قوانين المالية الحالات التي يمكن اعتبارها أعمال الغش وهذا قصد تطبيق العقوبات المنصوص عليها في التشريع الجبائي الساري المفعول حيث يتعلق الأمر على وجه الخصوص بــ:
• إخفاء أو محاولة إخفاء يقوم بها أي شحص لمبالغ أو حواصل تخضع للرسم على القيمة المضافة المدين بها هذا الشخص وخاصة عمليات البيع بدون فاتورة .
• تقديم مستندات خاطئة أو غير صحيحة مدعمة الطلبات الرامية إما للحصول على تخفيض نتيجة الإستفادة منحق الممنوح له قانونا أو إبراء من الضريبة من طرف الإدارة أو التنازل أو استرجاع الرسم على القيمة المضافة أو الإستفادة من مزايا جبائية ممنوحة لصالح بعض الفئات من المكلفين بالضريبة 1.
• تعمد إغفال تدوين حسابات أوالسماح بتدوين حسابات خاطئة أو وهمية في الدفتر اليومي وفي الدفتر الجرد المنصوص عليهما في المادتين 10-9 من القانون التجاري أو في الوثائق المخصصة لذلك لايطبق هذا النص الإ على المخالفات لسنوات تسيير تم إقفال حساباتها .
• قيام المكلف بالضريبة بتنظيم إعماره أو اللجوء إلى أي مناورات أخرى قصد عرقلة تحصيل كل ضريبة إو رسم مدين به .
• كل عمل أو مناورات أو تصرف ينم عن نية .
6. إلزامية تبليغ الرسم على القيمة المضافة المفوتر في كشف الزبائن :
يجب أن يتضمن كشف الزبائن المرفق بالتصريح المتعلق بالرسم على النشاط المهني مبلغ الرسم علي القيمة المضافة الذي تمت فوترته.
7. تأسيس حق المعاينة :
نص قانون الإجراءات الجبائية الجديد على تأسيس حق المعاينة ويمكن بمقتضى أحكام هذا القانون ممارسة هذا الحق في كل الأمكنة من قبل الأعوان المحققين تحت رقابة القاضي وبترخيص من السلطة القضائية التي يجب أن تقدم إليها طلب ترخيص مؤسس قاونا ويتضمن كل البيانات موضوع المعاينة .
حيث يجب على الأعوان المحققين المؤهلين قانونا البحث والحصول وحجز كل الوثائق أو المستندات أوالدعائم أو العناصر المادية التي من شأنها تبرير هذه الممارسات الرامية إلى التهرب من الوعاء أو الرقابة أو دفع الضريبة .
يجب أن تستجيب ممارسة هذا الحق للشروط التالية :
• تبليغ الرخصة بالمعاينة .
• توضيح ساعات المعاينة .
• إجراء المعاينة .
• الحجر المترتب عن المعاينة .
ــــــــــــــ
1 نفس المرجع السابق.
وعليه يأتي حق المعاينة ليدعم ترتيبات حق الرقابة المعمول به والممارس من طرف الإدارة الجبائية في الحالة ثبوت مناورات تدليسية ومحاربة تدليس أو غش .
تدابير خاصة بإعادة هيكلة وتبسيط النظام الجبائي :
قصد إضفاء مرونة أكبر على النظام الجبائي تعمل قوانين المالية على تدابير ترمي إلي تحقيق تخفيف وإحداث انسجام في معدلات وتعريفات بعض الحقوق والرسوم وكذلك إجراءات الإخضاع الضريبي والتصريح ببعض المداخيل .
إعادة هيكلة وتخفيض المعدلات والتعريفات في المجال التسجيل .
إعادة هيكلة حقوق الطابع .
توسيع مجال تطبيق حقوق التسجيل .
إعادة هيكلة الرسم العقاري .
إعادة هيكلة رسم التطهير .
الزيادة في تعريفات الرسم الداخلي على الإستهلاك المطبق على المنتوجات التبغية .
تبسيط إجراءات فرض الضريبة على المداخيل المتأتية من الإيجار.
إعادة هيكلة إجراءات التصريح في المجال الرسم على النشاط المهني المطبق على شركات النقل والبنوك و التأمينات .
إحداث قانون للإجراءات الجبائية :
نص قاون لسنة 2002 على إحداث قانون للإجراءات الجبائية الذي يندرج في منظورتحديث وتبسيط وخلق انسجام في الإجراءات التي يلجأ إليها المكلف بالضريبة في علاقاته بالإدارة الجبائية .
ويعتبر هذا القانون الجديد ركيزة إضافية في الإستراتجية الجديدة التي رعت فيها المديرية العامة للضرائب والتي يرمي هدفها إلي ضمان حقوق المكلفين بالضريبة بشكل أوفر من خلال تمكينهم من قانون جديد يحمي حقوقهم من جهة ومن جهة أخرى يحثهم على التقيد يالتزاماتهم بدفع الضريبة .1
لهذا الغرض يسمح قانون الإجراءات الجبائية بالتوفيق بين المبادئ المؤسسة للضريبة والتي هي المساواة في الإقتطاع الجبائي وتساوي الجميع أمام الضريبة .
وفي هذا الشأن تم إضفاء انسجام القواعد الإجرائية بدء من تحديد الوعاء للضريبة إلي حين تحصيلها مرورا بالرقابة والمنازعات الجبائية وكذا جمعها في وثيقة واحدة ألا وهي قانون الإجراءات الجبائية .
وعليه لن يلاقي المكلفون بالضريبة صعوبات في المستقبل قصد الإطلاع على الإجراءات التي يتحتم عليهم إتباعها من أجل معرفة حقوثهم أو تحريك دعوى أمام العدالة بعد استنفادهم لكل طرق الطعن الإداري .
خاتمة :
لقد سلطنا الضوء في هذا الفصل على أهم وأبرز مصادر التمويل التي تلعب دوراحيويا في تغدية الميزانية العامة للدولة بحيث اكتسب طابعا خاصا وأهمية أكبر مع مرور الزمن إلا وهي : الضريبة. فقد تطرقنا إلي مفهومها ومختلف أسسها وأهدافها ونظمها وكذا طرق تحصيلها .
وبالنظر إلي ميزات وخصائص الضرائب والرسوم وكذا الأهداف التي ترمي إليها نلاحظ بوضوح أن حصيلتها المالية تبقى غير مستقرة وغير كافية لتغطية مختلف النفقات .وذلك نظرا للنزيف المالي الذي تتسبب فيه ظاهرة الغش والتهرب الجبائي والتي تساهم في تعميق جذور الأزمة المالية الخانقة وتقضي على كل مبادرة للتطور والإزدهار كما تحرم الميزانية العامة للموارد هامة .