ورقلة مدينة صحراوية ، في الجنوب الشرقي من الجمهورية الجزائرية وهي عاصمة لولاية
متسعة الأطراف تحمل رقم 30 في التقسيم الإداري الجزائري ، تحد ولاية ورقلة من الشرق ولاية وادي
سوف،ومن الغرب ولاية غرداية،ومن الجنوب ولايتي إيليزي وتامنراست ، ولها حدود دولية مع كل من
تونس الجماهيرية الليبية .تتربع الولاية على مساحة تقارب 163233 كم مربع ، وتبعد عن الجزائر
العاصمة حوالي 900 كيلومترا.
مدينة ورقلة :
مدينة ضاربة في القدم ، ومركزا عمرانيا هاما ، فهي ملتقى للطرق ، وتحتوي على ثروة هامة من
النخيل، فضلا عن الثروات البترولية التي تزخر بها باطن الأرض اليوم.
يذكر شارل فيرو:" أن العرب أطلقوا على ورقلة سلطانة الواحات ، فمن غابر الأزمان كانت مركزا
فعال وعاصمة للمنطقة الصحراوية... " 1 ويضيف " إّنه باستثناء ورقلة المدينة العتيقة ونقوسة فإن كل
المدن المتبقية حديثة نسبيا " 2 . وهو ما ذكره ابن خلكان في وفياته حيث قال : " ... فلما ملكت زناتة
بلاد المغرب ودخلوا إلى الأمصار والمدن أقام بنو معقل هؤلاء في القفار،وتفردوا في البيداء،فنموا نموا لا
كفاء له،وملكوا قصور الصحراء التي اختطها زناتة بالقفر مثل قصور السوس غربا ثم توات ثم بودة ثم
تمنطيت ، ثم واركلان ثم تاسبيت ثم تيكرارين شرقا،وكل واحدة من هذه وطن منفرد يشتمل على قصور
عديدة ذات نخيل وأنهار وأكثر سكانها من زناتة وبينهم فتن وحروب على رياستها فحازت عرب معقل
هذه الأوطان في مجالاتهم ووضعوا عليها الإتاوات والضرائب وصارت لهم جباية يعتدون فيها ملكا..." 3
،اما الحسن الوزان فقد ذكر في كتابه " وصف أفريقيا " أن :" وركلة مدينة أزلية بناها النوميديون في
صحراء نوميديا ، لها صور من الآجر النيئ ودور جميلة وحولها نخل كثير ويوجد في ضواحيها عدة
قصور وعدد لا يحصى من القرى ، الصناع فيها كثيرون وسكانها أغنياء جدا ، لأنهم في اتصال مع
مملكة إكدز ، منهم عدد كبير من التجار الأجانب الغرباء عن البلد لاسيما قسنطينة وتونس يحملون إلى
وركلة منتجات بلاد البربر ويستبدلونها بما يأتي يه التجار من بلاد السودان . الشحم واللحم نادران جدا ،
وتؤكل الجمال والنعام ، وأغلب الناس سود ... وأهل وركلة كرماء ظرفاء يستقبلون الغرباء استقبالا حسنا
"... 4
حول التسمية:
تعرف اليوم باسم ورقلة. ولكن المراجع التاريخية القديمة تورد تسميات نذكر منها " وارجلان "
" واركلا " " وارقلان " ، أما سكان القصر ونقوسة اليوم فيلفظون الاسم بلكنة بربرية:"
وارقرين " أو " ورقرن ". وهكذا فقد اختلفت التسمية من حيث النطق ،و كثر الجدل حول مختلف معانيها
5 التي نورد البعض منها :
1 مقال ل " شارل فيرو " المجلة الإفريقية العدد 30 السنة 1886 صفحة 159
2 نفس المرجع والصفحة
3 وفيات الأعيان وأنباء الزمان لابن خلكان تحقيق د إحسان عباس ج 1 دار الثقافة بيروت 1968 ص 287
4 وصف أفريقيا " ط 2 دار الغرب الإسلامي بيروت 1983 صفحة 136 " Léon l'africain الحسن الوزان
5 أوردنا بعضا من هذه الآراء على سبيل المثال راجين أن يتعمق البحث أكثر قصد أثراء الساحة الثقافية والعلمية – ه
.د 1
. وارجلان : هناك رواية شفوية ترى أن التسمية مركبة من جزأين : الجزء الأول هو: " وار " وهو
لفظ بربري يعني حسب رأيهم الأسد مثل ما نجده في لفظ " واهران " ؛ أما الجزء الثاني فهو " جلان "
أو جلا وتعني بالعربية ذهب أو هرب، وبالتالي فالتسمية تعني:" الأسد الذي انجلى واختفى " على
أساس أن أسدا كان يعيش في المنطقة ثم هرب بقدوم السكان الأوائل واستقرارهم في المنطقة.
2. هناك رأي يقترب من الرأي الأول ولكن بدلا من " جلا " نجد " قلى " أي أن هذا الأسد وقع في نار
أعدت له فقلي. وهي الرواية كذلك رواية شفوية اعتمد عليها البعض لتفسير التسمية " وارقلان "
3. ومنهم من عاد للمناجد العربية فوجد أن لفظ " رقلة " يعني النخلة الباسقة ، وعليه رأى أن ذلك أساس
التسمية خصوصا وأن المنطقة هي منطقة نخيل أو رقلات حمع رقلة
4. أما الرأي الأخير فهو للأب ليتيلو صاحب كتاب " ورقلة الحاضرة الصحراوية " 6 ،فقد قام هذا الكاتب
بمقارنة بين مختلف اللغات الأمازيغية – التارقية ، القبائلية ، الشاوية – فوجد أن أصل اللفظ هو : "
وار إيكلان " وهو مؤلف من جزأين ، الجزء الأول هو : " وار " من الفعل البربري تيرو أو يارو
وتعني ولد أو ولدت ، و تاروا وهو جمع يعني أبناء ، وهو ما نجده في : " وار انشريس " – وار فلة
". وعليه ف " وار " وهوالجزء الأول من اللفظ هو أمازيغي يعني أبناء .أما الجزء الثاني : فهو
"إيكلان " وهو جمع مفرده آكلي وهو الأسود أو الأسمر أو الزنجي ؛ وهذا اللفظ نجده إلى اليوم
والكثير من أبناء منطقة القبائل يسمون أبناءهم بهذا الاسم وعلى هذا الأساس يصبح اللفظ المركب "
وارايكلان " يعني أبناء الزنج أو السود وهو التفسير الأقرب إلى الصواب.
أصل السكان :
يرجع أغلب من تعرض لهذا الموضوع أن أصل السكان بربر، فالمؤرخ عبد الرحمان بن
خلدون( و: 1332 م/ ت 1406 م) يقول عن بني واركلا :" بنو واركلا هؤلاء أحد بطون زناتة كما تقدم
من ولد فرني بن جانا ... كانت فئتهم قليلة وكانت مواطنهم قبلة الزاب ، اختطوا المصر المعروف بهم
لهذا العهد على ثماني مراحل من يسكرة ... بنوها قصورا متقاربة الخطة ثم استبحر عمرانها فائتلفت
مصرا ...ولما استبد الأمير أبو زكرياء بن أبي حفص بملك افريقيا ..مر بهذا المصر فأعجبه وكلف
بالزيادة في تمصيره واختط مسجده العتيق ومئذنته المرتفعة وكتب عليها اسمه وتاريخ وضعه نقشا في
الحجارة ..." 7. وتذكر بعض المصادر أن ورقلة كانت اسما لإقليم كبير،وأن سكانها الأصليون أثيوبيون
نسبة إلى قرمة أو جرمة وهي مدينة موجودة حاليا بليبيا ) garamantes - أو قرمنتيون – قرمنت
نواحي فزان كما نجد أن البعض يحمل هذه التسمية " جرمونة " أو " الجرموني " ) 8 . ويتعرض صاحب
"نزهة المشتاق" لأصل البربر أنهم يعودون إلى:" جانا وهو أبو زناتة المغرب وجانا...انتهوا إلى أقصى
المغرب فتفرقت هناك ونزلت مزاتة ومغيلة وضريسة الجبال ونزلت لواتة أرض برقة ونزلت طائفة من
هوارة بجبال نفوسة ونزل الغير منهم بأرض الغرب الأقصى ونزلت معهم قبائل مصمودة فعمروا تلك
البلاد وقبائل البربر زناتة وضريسة ومغيلة ومقدر وبنو عبد ربه وورفجوم ونفزة ونفزاوة ومطماطة
7 عبد الرحمان بن خلدون."كتاب العبر..." مج 7 الجزء 13 القسم الأول .دار الثقافة – بيروت – بدون تاريخ. ص 106
و 107
8 القرمنت :
de la civilisation des Garamantes, période dont témoignent les tombes qui jalonnent l’oued el-
Adjal. Les
Romains, cherchant à établir un commerce avec le Soudan, soumettent la région en 19 av. J.-C.
et lui donnent son nom actuel : Phazania. Ils installent un comptoir commercial à Garama, cité de
terre aujourd’hui en ruine, et leurs expéditions atteignent vraisemblablement les rives du lac
Tchad. Au XIIIe siècle, l’empire de Kanem-Bornou prend possession du territoire et cherche à
conserver le fructueux contrôle du commerce caravanier qui gagne en importance avec la
conquête musulmane de l’Afrique du Nord. Toutefois, le Fezzan ne cesse de représenter un enjeu
géopolitique entre les pouvoirs installés à Tripoli et les courants religieux qui se disputent la
suprématie en Afrique du Nord
ولمطة وصنهاجة وهوارة وكتامة ولواتة ومزاتة وصدراتة ويصلاسن ومديونة و******وجة ومداسة وقالمة
واوربة وهطيطة ووليطة وبنو منهوس وبنو سمجون وبنو وارقلان وبنويسدران وبنو زيرجي وورداسا
وورهون وسائر قبائل البربر..." 9
واعتبرت ورقلة في بعض المؤلفات ضمن بلاد الجريد، يقول صالح باجية:"... أغلب سكان الجريد
يرجعون إلى قبيلة نفزاوة الراجعة إلى مادغس الأبتر... والملاحظ أن القبائل البربرية التي توطنت
بالجريد قد امتازت بالصولة وقوة الشوكة ، لذلك توافر زعماؤها وقوادها الحربيون الذين لعبوا دورا
تاريخيا هاما لا في هذه المنطقة فحسب بل في المنطقة الممتدة من جبال الأوراس إلى آريغ و وارجلان ،
ومن افريقية التونسية إلى جبال نفوسة ..." 10
وعرفت ورقلة بحكم موقعها وثرائها سكانا من أصول ,إثنيات مختلفة توافدت إليها عبر أزمنة ضاربة في
القدم وهم :
السكان الأصليون : الذين عمروا المنطقة منذ العصر النيوليتي ولا شك أن أحفادهم يشكلون جزءا من ·
سكان ورقلة ونقوسة وهم القرامنت
البرابرة الزناتيون : وقد أعطوا لورقلة لهجتها ومجموعة من التقاليد والعادات ·
اليهود : وقد اختفوا تماما وقد كان لهم دور اقتصادي هام ·
السود الأفارقة : وقد قدموا من إفريقية على مدى 9 قرون واختلطوا بالسكان المحليين ، والقادمون ·
المتأخرون حافظوا إلى اليوم على مجموعة من تقاليد موطنهم الأصلي
العرب : ولم يختلطوا بالسكان الأصليين ولكن اختلطوا مع بعض القبائل البربرية الرحل وأعطوهم ·
لغتهم العربية. 11
أحياء المدينة :
ذكرت الباحثة الفرنسية في علم الجغرافيا مادلين بريقول في كتابها " بلاد ورقلة " : "...ورقلة
مجموعة من القصور المحصنة محاطة بحدائق مسقية بنبع مياه قوية جدا..." وقسمت مادلين قصور ورقلة
إلى 04 مجموعات هي :
1. المجموعة الأولى: موجودة في الشمال الشرقي لورقلة وهي إفران. البور . وا نقوسة حاليا وهناك قصور
أخرى في هذه الجهة ولكن لم يبق لها أثر.
2. المجموعة الثانية: من جهة الجنوب أي حوالي 08 كليلومترات عن ورقلة الحالية وتحيط بعين موسى
3. المجموعة الثالثة: قرب سبخة الشط وهي : بلاد بني ورقلة القصر حاليا وقرية أخرى مكان الرويسات
حاليا وأخرى تسمى ملوش شمال قرية الشط حاليا وقد اندثرت
المجموعة الرابعة: على بعد 05 كيلومترات وقد اندثرت ولم يبق منها سوى الآثار وهي بلاد قوية