لا تحزن إن الله معناكان متعبٌ مرهق ، شديد الإعياء ، كل من يراه يجد الهم بين عينيه ،
يقضي ليله بالتفكير، ونهاره بالبحث ، يبحث عمن يجد له واسطة
لتدخل ابنته التي أقبلت لهذه الدنيا بعد طول انتظار إلى أحد المستشفيات الكبيرة لتتعالج من مرض خطير ألمّ بها ،
فهو لم يستطيع دفع أقساطه ، استعان بإخوته وأصدقائه ، الكل اعتذر عن مساعدته ،
ظل حزينا وجلس ليفكر في حل آخر ، تذكر أن له رب مدبر لا يخيب من توكل عليه،
توضأ وصلى ركعتين بكى في سجوده ، أخبر ربه بكل ما حدث له ، انتهى من صلاته ليتلقى مكالمة من أحد أقاربه
بأنه سوف يدخل ابنته المستشفى بواسطته فرح كثير وشكر الله وفي المستشفى وجدوا الأطباء بأن مرض ابنته هين وليس كما شخصوا لها في البداية
فكان فرج الله له واسع
في أي درجة تصنف نفسك بثقتك بالله وتوكلك عليه في أمورك؟ وهل هو آخر من تلجأ إليه إذا سدت كل الأبواب؟
1-معنى الثقة بالله والتوكل على الله:
قال ابن سيده: وكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه وأعتمدت فيه عليه، ثقة بكفايته
يقول ابن قيم الجوزية :التوكل على الله والثقة به من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه
إن الثقة بالله معناها: تعلق القلب بالله ونزع الثقة بالمخلوق مهما بلغ مركزه مع بذل الأسباب الشرعية
الثقة بالله ترتبط بحسن الظن به : (أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء
إن الثقة بالله تجعلك ترتبط بالله وينبع بداخلك إحساساا بالأمان بأنه معك وأنه هو من يدبر أمورك
وهذا لا يعني بأن لا تثق في أحد أو لاتبذل الأسباب ولكن بأن تكون تعتقد بأن الأشخاص
وسيرك لتقويم وضعك هم أسباب وضعهم الله في طريقك لييسر عن طريقهم أمرك
فلا تجعل إحساسك بذلك أقوى من إحساسك بثقتك بالله عزوجل
فالثقة بالله متى ماكان منبعها القلب كان الأمان والطمأنيينة والرضا بكل ماقسمه الله وقدّره
فهذا قدوتنا يخبره صاحبه عندما كانا في الغار مختبئان من المشركين : لو أن أحدا نظر تحت قدميه لرآنا
فقال له رسول الله سيد الموقنين (لا تحزن إن الله معنا)
كيف تكون واثقا بالله؟
1-الثقة بالله تطمئن قلبك وتعلو بها همتك وتسمو وترتقي بروحك إلى الخالق فتتوكل عليه حق التوكل وتدعوه وأنت موقن بالإجابة
فما أن ترفع يديك إلا وأنت موقن بإحدى ثلاث :
عن النبي قال: ((ما من مسلم يدعو، ليس بإثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته،
وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها)) قال الرواي: إذا نكثر، قال الرسول: ((الله أكثر))
قال ابن حجر: "كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة، فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه.
تفتح أبواب السماء ودونها إذا قرع الأبواب منهن قارع
إذا أوفدت لم يردد الله وفدها على أهلها، والله راء وسامع
وإني لأرجو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن مالله صانع
للدعاء شروط ومن شروطه:
حضور القلب وإظهار الفاقة والضراعة إلى الله جل شأنه قال تعالى :
(ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين).
قال ابن جرير: تضرعًا: تذللاً واستكانة لطاعته:
وخفية: بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه،
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض
فإذا سألتم الله –أيها الناس- فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل".
ملاحظة في الدعاء :
يرى الكثير أن الدعاء ليس دائما يستجاب وذلك لأنك تدعو وأنت تقول قد يستجاب دعائي ووقد لا يستجاب ، ، فالتردد والشك يضعفان من قوة دعائك
وهذا هو (تضارب الرغبات مع الخيال فإن خيالك سيكسب دون خلاف) أنت ترغب بشي وتدعو الله وفي خيالك
بأنه لن يتحقق فخيالك وشكك بأن الله قد لا يستجيب دعائك هو ما جعله لا يتحقق،
ولكن إذا دعوت أنت موقن الإجابة ،، ويكون هذا عندما تجعل أفكارك إيجابية وترددها على عقلك الباطن بإيجابية
بأن الله لن يخيبك ستنبثق الثقة بالله، وذلك هو (الإيقان بالإجابة)(ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة)
2- لحصول الثقة بالله كن متصلاً بالله فلا تبعد عنه فتُحرم
إن الثقة بالله هي السعادة فسعادتك في قلبك كنت في قصر أو كوخ صغير،فأحسن الظن بالله
فما خلقنا إلا لنكون سعداء ، عمار الأرض ، ولم يخلقنا ليعذبنا ،،
حاشاه وهو القائل
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)