البشائرُ الدَّالةُ على رِفعةِ شأنِهِ
ولمَّا ءانَ بُروزُ حقيقَتِهِ المحمَّدِيَّةِ، وإظهارُهُ جِسْمًا ورُوحًا بصُورَتِهِ ومعناهُ، نقَلَهُ إلى مَقَرّهِ مِنْ صَدَفَةِ ءامِنَةَ الزُّهرِيَّة، وخصَّهَا القَريبُ المُجيبُ بأنْ تكونَ أُمًّا لمُصطفاهُ، ونُودِيَ في السمواتِ والأرضِ بِحَمْلِهَا لأنوارِهِ الذَّاتيَّة، وصَبا كلُّ صَبٍّ لهُبوبِ صِباهُ، وكُسِيتِ الأرضُ بعدَ طُولِ جَدْبِها منَ النَّباتِ حُلَلاً سُنْدُسيَّة، وأَيْنَعَتِ الثّمارُ وأعْطى الشَّجَرُ لِلجاني جَناهُ، واحتسَتِ العوالِمُ منَ السُّرورِ كأسَ حُمَيَّاهُ، وبشَّرَتْ هواتِفُ الجِنّ بإِظلالِ زَمَنِهِ وانتُهِكَتِ الكَهَانةُ ورَهَبَتِ الرَّهبانيَّةُ، ولَهَجَ بخَبَرِهِ كلُّ حَبْرٍ خَبيرٍ وفي حُلا حُسْنِهِ تاهَ، وأُتِيَتْ أُمُّهُ في المنامِ فقيلَ لها إنَّكِ قدْ حملْتِ بسيّدِ العالمينَ وخيْرِ البَريَّةِ، فسَمّيهِ إذا وَضَعْتِيهِ مُحَمَّدًا فإنَّهُ ستُحمَدُ عُقباهُ.
قال بعضُ العلماءِ ممَّنْ ألَّفَ في قصَّةِ المولِدِ الشَّريف:
حمَلَتْ ءامنةُ بنتُ وَهْبٍ برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَشِيَّةَ الجُمُعَةِ أوَّلَ ليلةٍ منْ رجَبٍ، وإنَّ ءامِنَةَ لمَّا حملَتْ برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانت ترى الطيورَ عاكفةً عليْها إجْلالاً للذي في بطْنِها، وكانتْ إذا جاءَتْ تستقي مِنْ بئْرٍ يصعَدُ الماءُ إليْها إلى رأسِ البئْرِ إجلالاً وإِعْظامًا لرسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ