الْحَمْدُ للهِ وَحدَه، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَنْ وَالَه،
أَمَّا بَعد..
فَإِنَّ العبدَ في هذه الدُّنيا مُعَرَّضٌ للابتلاء والامتحان، وهو فيها يسير بِقَدَرِ وقضاءِ الملكِ الدَّيَّان،
قال الله تعالى [ الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ ] .
وقال تعالى [ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوآ إِنَّا للهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ
مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأَوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ] .
وَعَن سَـعْدِ بنِ أبي وَقَاصٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُـولَ الله ! أَيُّ النَّاسِ أَشَـدُّ بَـلاَء ؟ قَالَ :
(( الأَنْبِيَاء، ثُمَّ الصَّالِحُون، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنَ النَّاس، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِه، فَإِنْ كَانَ فِي
دِينِهِ صَلاَبَةٌ زِيدَ فِي بَلاَئِه، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْه، وَمَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى
ظَهْرِ الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَة )).
وإن من جملة ما يبتلى به الإنسان في هذه الدُّنيا أن يصاب بالعين، قال الله تعالى:
[ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ، وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ، وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ،
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ] .
فحقق صلى الله عيله وسلم الشرَّ عند صدور الحسد، دون تدخل مباشر حسي :
[ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ] .
وعن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عيله وسلم قال :
((الْعَيْنُ حَقّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا)).
وقال رسول الله صلى الله عيله وسلم : ((أَكْثَرُ مَن يَمُوتُ مِن أُمَّتِي ـ بَعدَ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ ـ بِالْعَيْن)).
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه ، قال: قَالَ رسول الله صلى الله عيله وسلم : (( إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ ( تعلق ، وتغري به ) بِالرَّجُلِ -بِإِذْنِ اللهِ- حَتَّى يَصْعَدَ حَالِقًا ( جبلاً شاهقاً ) ثُمَّ يَتَرَدَّى مِنْه )).
فالعين حقٌّ لا ريب فيها، ولكنَّها لا تؤثر إلا بإذن الله صلى الله عيله وسلم ، فقد يصيب العائنُ بها
نفسَـه، وقد يصيب غيره، من حبيب أو بغيض، أو قريب أو بعيد، أو شاهد أو غائب، أو جليل أو حقير،
برغبته أو بغيرها، وقد يصيب وهو مسلم، أو كافر، وقد يصيب وهو أعمى، أو بصير.