المطر
قياس الأمطار
توزيع الأمطار
التوزيع العالمي
أسباب سقوط المطر
تكوُّن المطر
التباين في كميات الأمطار
________________________________________
المطـر شكل من أشكال قطرات الماء المتساقطة. وتتشكل قطرات المطر عندما تتحد قطيرات الماء في السحب، أو عندما تنصهر أشكال التساقط مثل الجليد والمطر الثلجي والبَرَد. وتسقط الأمطار على معظم أنحاء العالم، ويكون التساقط في المناطق المدارية على شكل أمطار. أما في القارة المتجمدة الجنوبية وفي بعض الأماكن الأخرى في العالم فيكون التساقط ثلجًا.
وتتفاوت قطرات المطر في أحجامها تفاوتًا كبيرًا، كما تتفاوت في سرعة سقوطها، إذ يتراوح قطر القطرات ما بين 0,5 و6,4ملم. فالقطرة الأكبر هي الأسرع في السقوط. وعند مستوى سطح البحر، تصل سرعة سقوط قطرة المطر التي يصل قطرها 5ملم إلى حوالي تسعة أمتار في الثانية (9م/ث). أما الرذاذ، الذي يتألف من قطيرات صغيرة، يقل قطرها عن 0,5ملم، فإن سرعة الواحدة منها تصل إلى 2,1م/ث أو أقل من ذلك.
ويعتمد شكل قطرة المطر على حجمها؛ فقطرة المطر التي يقل قطرها عن 1ملم يكون شكلها كروياً، ومعظم القطرات الكبيرة تتفلطح عند السقوط.
والمطر ضروري للحياة، لأنه يمد الإنسان والحيوان والنبات بالماء. ويُلاحظ أنّ مظاهر الحياة تكاد تنعدم في المناطق التي تعاني قلة الماء، أو قلة سقوط الأمطار عليها. وتساعد الأمطار على منع فقدان التربة السطحية القيِّمة بإيقاف العواصف الرملية. كما أن الأمطار تنظف الهواء من الغبار والملوثات الكيميائية.
ويمكن أن تكون الأمطار ضارة أيضًا، فكثرة الأمطار قد تخلق اضطرابًا في الاتصالات وتسبب الفيضانات وتدمّر الممتلكات وتهدد الحياة إذ تتلف المحاصيل وتسرِّع فقدان التربة السطحية.
قياس الأمطار
تقاس الأمطار بعدة طرق. ويعد مقياس المطر أكثرها شيوعًا. وهو أسطوانة بها أنبوب ضيق يتصل بقمع في الأعلى. وعندما تسقط الأمطار في القمع تجري في الأنبوب إلى حيث تقاس الكمية بمخبار أو دورق مدرج خاص.
وتستعمل شبكة من مقاييس المطر لقياس كمية التساقط في إقليم ما. وتثبت مقاييس المطر في الفصل الممطر، أو الرطب بحيث تكون متباعدة بحوالي 15كم. أما في الفصل الجاف، فتوضع بشكل متقارب، لأن زخات خفيفة من المطر، قد تحدث في نطاق ضيق. وعادة ما تستخدم مقاييس المطر على مستوى الأرض. وتتمثل كمية الأمطار السنوية لمنطقة ما بجملة ما تم جمعه في هذه المقاييس من أمطار خلال السنة.
هناك بعض الأجهزة تقيس غزارة الأمطار، وهي تمثل معدل التساقط في فترة محدودة، وتكون عادة ساعة واحدة من اليوم. ويمكن استخدام جهاز قياس المطر ذي الميزان (مقياس المطر الوزني) لهذه الغاية. ويحتوي هذا الجهاز على وعاء موضوع على ميزان، وعندما تكون مياه المطر في الوعاء، فإن وزن الماء يضغط على الميزان إلى الأسفل، وتسجل هذه الحركة في حاسوب وتحول إلى أرقام ذات معنى.
وفي بعض الأحيان يقيس علماء الأرصاد الجوية الأمطار بوساطة رادار الطقس، حيث يرسل هذا الجهاز الإلكتروني موجات راديوية تنعكس من قطرات المطر. وتسمى الموجات المنعكسة الصدى، وتظهر على الشاشة نقطًا مضيئة. وتدل شدة لمعان النقط على حجم قطرات المطر وعددها، لذلك يدل الصدى على كمية الأمطار وغزارتها. كما أن الرادار يقيس الأمطار التي لا تتمكن المقاييس العادية من قياسها، نظرًا لتباعدها الكبير في جميع المناطق.
توزيع الأمطار
خريطة توزيـــع التساقط في العالــم
التوزيع العالمي. يبلغ متوسط ما تتلقاه الأرض من أمطار وغيره من أشكال التساقط حوالي 86 سم سنوياً. وبعض المناطق في العالم ذات أمطار وفيرة، وبعضها الآخر ذات أمطار شحيحة. وتصل كمية الأمطار في بعض المناطق الاستوائية إلى مايزيد 1,000سم سنوياً. فالأمطار تسقط يومياً طوال العام على هذه المناطق، كما هو الحال في غربي إفريقيا وحوض الأمازون في أمريكا الجنوبية.
وتتميز أمطار السواحل المدارية بغزارتها. وأكثر كمية من الأمطار الغزيرة سجلت على الإطلاق خلال 24 ساعة كانت في سيلاوس الواقعة في جزيرة ريونيون إحدى الجزر المدارية في المحيط الهندي. فقد تهطل عليها 188سم من الأمطار يومي 15 ـ 16 مارس 1952م.
وهناك أقاليم مدارية، لا تسقط عليها الأمطار إلا قليلاً. وتضم هذه الأقاليم شبه الجزيرة العربية وصحارى أستراليا الواسعة، وشمالي إفريقيا. وقد امتدت أطول فترة مسجلة لم تسقط فيها أمطار 14 عامًا من سنة 1903 إلى 1917م وكانت في أريكا بتشيلي.
أما المناطق الواقعة ما بين المناطق المدارية والدوائر القطبية والمسماة الأقاليم المعتدلة، فإن سواحل بعض قاراتها تهطل عليها أمطار غزيرة، في حين تقع الصحارى في داخل هذه القارات. وتوجد المناطق الأخرى التي تتميز بقلة أمطارها، حول الدوائر القطبية.
ويسقط مايزيد على 200سم من الأمطار فوق المناطق المرتفعة من المملكة المتحدة، بينما تقل الكمية إلى 76سم في المناطق الشرقية المنخفضة.
وأستراليا هي القارة الأقل مطرًا بين القارات، عدا القارة المتجمدة الجنوبية. فنصف أستراليا لا تزيد كمية الأمطار السنوية فيه على 25سم. وهذا يمثل الحد الأدنى لتفادي الجفاف، أو الظروف الصحراوية. ويبلغ معدل سقوط الأمطار على مجمل القارة 42سم في السنة.
ويقع أكثر الأجزاء جفافًا في القارة الأسترالية شرقي بحيرة أيري جنوب القارة، حيث يصل معدل سقوط الأمطار إلى 10سم في السنة، وفي أغلب السنوات يكون أقل من ذلك. أما أكثر مناطق نيوزيلندا جفافًا، فتوجد في وسط أوتاجو، إذ لا يزيد معدل سقوط الأمطار سنويًا على 30سم. وتقع أكثر مناطق نيوزيلندا رطوبة على الجانب الغربي لجبال الألب الجنوبية، حيث تزيد كمية الأمطار السنوية على 700سم. وتتلقى مدينة تولي الواقعة على الساحل الشمالي الغربي لكوينزلاند ما يزيد على 440سم من الأمطار سنويًا. وهي الأكثر أمطارًا في أستراليا.
وسجلت أعلى كمية من الأمطار، سقطت على أستراليا في يوم واحد في الثالث من فبراير 1893م، حيث بلغت الكمية 91سم.
________________________________________
بعض التسجيلات المطرية
________________________________________
معدل التساقط السنوي على سطح الأرض يصل إلى 86سم، بما فيها المطر والثلج والبرد.
أعلى كمية أمطار في العالم هطلت في جبل وياليلي في جزر هاواي، بالولايات المتحدة. حيث بلغ المعدل السنوي 1,168سم.
أقل كمية أمطار في العالم سجلت في أريكا في تشيلي، إذ وصل المعدل السنوي للأمطار إلى 0,76سم فقط.
أسباب سقوط المطر
كيف يتكون المطر طور خبراء الأرصاد الجوية نظريتين تفسران تكوين المطر. الأولى نظرية الاندماج، والثانية نظرية البلورات الثلجية. ويوضح الشكلان العمليات التي تتمَّ في ضوء هاتين النظريتين.
تكوُّن المطر. تنشأ الأمطار من بخار الماء في الغلاف الجوي. ويتكون بخار الماء عندما تتسبب حرارة الشمس في تبخر الماء من المحيطات وغيرها من المسطحات المائية. فالهواء الرطب الدافئ يبرد عندما يرتفع، وتقل كمية البخار التي يمكنه حملها. وتسمى درجة الحرارة التي لا يمكن للهواء عندها، أن يستوعب كمية إضافية من الرطوبة نقطة الندى. فإذا انخفضت درجة الحرارة إلى ما دون نقطة الندى، يتكاثف بخار الماء على شكل رذاذ مشكلاً السحب. ويتكاثف بخار الماء على شكل جسيمات متناهية في الصغر تسمى نويات التكاثف. وتتألف هذه النويات من الغبار وأملاح البحار والمحيطات، وبعض المواد الكيميائية المنبعثة من المصانع وعوادم السيارات. وعند تكاثف بخار الماء تنطلق حرارة، تجعل السحب ساخنة، ويساعد هذا التسخين على دفع السحب إلى أعلى، وبذلك تصبح أكثر برودة. وقد فُسر تكوُّن قطرات الأمطار في مثل هذه السحب بنظرية الاندماج ونظرية البلورات الثلجية.
نظرية الاندماج. تنطبق هذه النظرية على الأمطار المتكونة فوق المحيطات وفوق المناطق المدارية. وبناء على هذه النظرية، فإن مختلف أحجام قطرات الماء الأكبر تسقط بصورة أسرع من القطرات الأصغر منها. وبناءً على ذلك، فإن هذه القطرات تصطدم بالقطرات الصغرى ومن ثم تضمها إليها. وتُدعى هذه العملية الاندماج. فإذا سقطت قطرة كبيرة من الماء مسافة 1,5كم في إحدى الغيوم، فإنها قد تدمج معها مليون قطيرة، وبهذه الطريقة، تصل القطرة إلى ثقل لا يستطيع الهواء تحمله، فيسقط بعضها على الأرض على شكل قطرات المطر، وتتحطم القطرات المتبقية التي يزيد قطرها عن 6ملم إلى رذاذ. وتتحرك هذه القطرات إلى أعلى، إذا ارتفعت السحابة بسرعة، ثم تسقط مرة أخرى وتتكرر عملية الاندماج.
نظرية البلورات الثلجية. تفسر هذه النظرية معظم مظاهر التساقط في المناطق المعتدلة. فعملية تكون الأمطار بناءً على هذه النظرية، تعتبر أكثر حدوثًا من ظاهرة الاندماج؛ إذ تحدث عملية البلورات الثلجية في السحب التي تقل درجة حرارة الهواء فيها عن الصفر المئوي (درجة تجمد الماء).
وفي معظم الحالات، تضم مثل هذه السحب قطرات من مياه فائقة البرودة، تبقى في حالة السيولة رغم تدني درجة حرارتها إلى ما دون الصفر المئوي. وتكون البلورات الثلجية في هذا النوع من السحب في شكل جسيمات مجهرية تُدعى نويات الثلج. وتحتوي هذه النويات الثلجية على جسيمات متناهية الصغر من التربة، أو الرماد البركاني.
وتتكون البلورات الثلجية، عندما تتجمد القطرات فائقة البرودة على النويات الثلجية. فعندما تنخفض درجة الحرارة إلى 40°م تحت الصفر أو أقل، فإن قطرات الماء تتجمد بدون نويات الثلج. وتحت ظروف معينة يمكن أن تتشكل البلورات الثلجية رأسًا من بخار الماء. وفي هذه الحالة يبدأ بخار الماء بالترسب على النويات الجليدية، بدون أن يمر بحالة السيولة.
ويزداد حجم البلورات الثلجية التي تشكلت قرب القطرات الفائقة البرودة، وذلك عندما يترسب بخار الماء من قطرات السحابة على هذه البلورات. ونتيجة لسقوط البلورات من خلال السحابة، فمن الممكن اصطدامها وانضمامها مع غيرها من البلورات، أو مع القطرات فائقة البرودة. وعندما يصل وزن البلورة إلى حد لايعود الهواء قادرًا على حملها، تسقط من السحابة. ومثل هذه البلورات تصبح قطرات المطر، إذا مرت خلال طبقات هوائية تزيد درجة حرارتها على الصفر المئوي.
وتقوم تجارب الاستمطار، أو ما يُدعى تطعيم السحب على أساس نظرية البلورات الثلجية. وفي هذه التجارب توضع عدة مواد كيميائية داخل السحب، لتعمل عمل نويات الثلج. وتساعد هذه العملية أحيانًا على تحسين فرص تكون البلورات الثلجية. انظر: الاستمطار.
التباين في كميات الأمطار. يتأثر هطول الأمطار بعدة عوامل مختلفة، كالارتفاع واتساع المسطحات المائية والتضاريس والتيارات الهوائية. وتساهم هذه العوامل في تحديد الاختلافات في كمية الأمطار على الكرة الأرضية.
وبشكل عام، يزداد معدل سقوط الأمطار عند دوائر العرض القريبة من خط الاستواء منها عند المناطق المحاذية للقطبين. فعند خط الاستواء، تسبب حرارة الشمس المرتفعة تبخر كمية كبيرة من الماء. ولكون المناطق القطبية تتلقى كميات قليلة من أشعة الشمس فالهواء بارد ولا يستطيع حمل كمية كبيرة من بخار الماء. وتهطل على المناطق القريبة من المسطحات المائية كميات أكبر من الأمطار من المناطق الجافة داخل القارات. ويعود مصدر الأمطار الغزيرة من تبخر الرطوبة من المصادر المائية القريبة، كالمحيطات والبحيرات ونظم الري. ويعود سبب ندرة الأمطار في صحراء وسط آسيا بشكل رئيسي إلى بعدها الكبير عن البحر.
وتهطل السفوح الجبلية المقابلة للرياح كميات من الأمطار أكبر من المناطق الأكثر انخفاضًا. ويعود سبب ذلك، إلى أن هذه السفوح تساعد الهواء الدافئ الرطب على الصعود إلى مستويات أعلى، مما يساعد على برودة الهواء ومن ثم تشكيل السحب وتساقط الأمطار. وتعاني معظم المنحدرات البعيدة عن الريح الجفاف، لأن الهواء يحمل كمية من الرطوبة أقل بعد أن يمر فوق قمم الجبال. ففي قارة آسيا، تسقط كميات تتراوح بين 510سم و 1,500سم من الأمطار على السفوح الجنوبية لجبال الهملايا. لكن السفوح الشمالية لنفس الجبال، يقل معدل سقوط الأمطار فيها عن 25سم سنوياً.
ويعود سبب الأمطار الموسمية، وبخاصة في المناطق الواقعة قرب الأقاليم المدارية، إلى الرياح التي تهب خلال فصل الشتاء في اتجاه معاكس لاتجاهها في فصل الصيف. وتسمى مثل هذه الرياح الرياح الموسمية. تعبر الرياح الموسمية جنوب آسيا مسببة هطول أمطار غزيرة. وقد سقطت أكبر كمية من الأمطار المسجلة في سنة واحدة على بلدة تشيرابونجي قرب شيلونج في الهند، حيث قُدِّرت بنحو 2,647سم خلال الفترة الواقعة من أغسطس عام 1860م إلى يوليو عام 1861م.
ويعتقد علماء الأرصاد الجوية، أن كمية الأمطار تزداد في المدن، لكنهم لم يتمكنوا من معرفة السبب. ويمكن أن يكون السبب راجعًا إلى تكوّن السحب بسرعة أكبر، بسبب سخونة الهواء الصاعد من تشغيل السيارات وأنظمة التدفئة، والإسمنت المسخّن بالشمس. كما أن ملوثات الجو فوق المدينة قد تؤدي دور نويات التكاثف لقطرات المطر.
وتسبب الملوثات أيضًا ظاهرة المطر الحمضي التي تتشكل عندما تتفاعل الرطوبة مع أكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت. وتنبعث هذه المواد الكيميائية من المرْكبات والمصانع ومحطات توليد القدرة. وتعمل هذه الأمطار على تلويث مياه البحيرات والجداول مُشكِّلة بذلك خطورة على الحياة البرية، إذ يمكن أن تتلف المحاصيل، والغابات والتربة. انظر: المطر الحمضي.