الدين للحب
بسم الله وحده نصر جنده و اعز عبده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ....اما بعد
من بين اكبر القضايا اللتي شغلت شبانا الملتزم و العفيف و الطاهر و المتقرب من الدين و الخاشع لربه و التائب بقلبه قضية الحب في الاسلام فراينا فتاوى معه و فتاوى ضده اثارت هذه المسالة سجيتي الفكرية و قريحتي الادبية و خاصة اهتماماتي الدينية كوني مسلما و كما اثارت جدلا اجتماعيا في اوساط شبابية انا منذ قرابة الحول و انا اتابع المسالة و ابحث فيها داخل النت و خارجه و اخيرا جمعت بعض القصص و الاحاديث و الايات و لخصتها في قالب مقالة و انا الان اضعها بين ايديكم و لكم الحكم فيها
سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي كان يحب زوجته سارة حبًا شديدًا، حتى إنه عاش معها ثمانين عامًا وهي لا تُنجب، لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج غيرها أبدًا حتى لا يؤذي مشاعرها، فلما طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من هاجر وألحَّت عليه اضطر إلى النزول عند رغبتها"! "
وهذا قدوتنا ومعلمنا صلى الله عليه وسلم الذي لم يستَحِ من إعلان حبه لعائشة حين عاد "عمرو بن العاص" منتصرًا من غزوة "ذات السلاسل"، وسأله :" مَن أحب الناس إليك؟"-ظنًا منه أنه سيكون هو- فقال له صلى الله عليه وسلم أمام الناس:" عائشة"! ، فقال عمرو:" إنما أسألك عن الرجال"، فقال صلى الله عليه وسلم مؤكدًا اعتزازه بعائشة: أبوها"، ولم يقُل أبو بكر أو صاحبي...هل رأيتِ رئيس جمهورية أو قائد أُمَّة يعترف بهذا أمام الناس؟؟؟!
بل ومن الطريف أن يكون أمر حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة أمرًا يراعيه الخلفاء وكبار الصحابة من بعده في تشريعاتهم، وفي علمهم.. "فنرى الصحابة ينتظرون يوم عائشة ليقدموا الهدايا لرسول الله حتى غارت بقية أمهات المؤمنين! "
"وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه –المشهور بشدته – يراعي هذا الحب، فيفرض لأمهات المؤمنين عشرة ألاف من العطاء، ويزيد عائشة ألفين!..وحين يُسأل : وما السبب يا عمر، يقول:" إنها حبيبة رسول الله"!
بل إن مسروقًا -وهو أحد علماء الحديث الكبار -كان إذا روى حديثًا عن عائشة رضي الله عنها، قال:" عن الصِدِّيقة بنت الصدِّيق، حبيبة رسول رب العالمين"!
وتأملوا معي موقفًا آخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه لعائشة حين غارت من خديجة رضي الله عنها:" إني قد رُزِقتُ حبَّها"! (رواه البخاري)... هكذا ببساطة ووضوح، وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلم أن كل كلمة يقولها سوف تنشر بين الناس إلى يوم القيامة!
ولما جاءه ـ كما روى ابن عباس ـ رجل وقال له: "عندنا يتيمة قد خطبها رجلان: موسِر ومُعسِر، قال له: "فهَواها مع مَن؟" قال مع المُعسِر، فقال رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم: "لم يُر للمُتحابَّين إلا النِكاح""
فلم يغضب صلى الله عليه وسلم من رجل يسأل عن علاقة عاطفية أو قلوب تهوى وتحب، وإنما بارك هذا الحب، وقال أن خير ما يُمكن أن نفعله لمَن يتحابا هو مساعدتهما على الزواج
"وهذه القصة الشهيرة لمُغيث وبريرة، الَّذين كانا زوجين، ثم أُعتقت بريرة، فطلبت الطلاق من مغيث فطلَّقها، ولكنه ظل يحبها، وظل كبده يتحرق شوقًا إليها، فكان يجوب الطرقات وراءها، ودموعه تسيل على خديه يتوسل إليها أن تعود إليه، وهي تأبى.
ومِن فرط صدق هذا الحب وجماله، رقَّ قلب رسول صلى الله عليه وسلم لأمر مغيث، فذهب إلى بريرة وقال لها:" لو راجعتيه، فإنه أبو ولدك"، فقالت له:" أتأمُرني يا رسول الله؟" قال :" إنما أنا شافع"! قالت:" فلا حاجة لي فيه"! (أخرجه البخاري)"
أرأيتِ كيف اهتم بأمر الحب الطاهر رغم كثرة مشاغل وهموم الأمة الإسلامية التي كان يحملها على كتفيه؟؟؟!
أرأيتِ كيف أعطى الحق للمتحابين في الزواج حتى لو كانت الحالة المادية للحبيب متعسرة؟!
أرأيتِ كيف أعطى الحق للمرأة أن تختار من تتزوجه بناءً على ميل هواها وقلبها؟!
أرأيت كيف رقَّ لحال الحبيب،؟
أما عمر بن الخطاب الذي ينخدع البعض فيتهمه بالقسوة، فقد عُرف عنه قوله الرقيق: "لو أدركتُ عُروة وعفراء لجمعتُ بينهما"، وعروة وعفراء كانا مُحبَّين في الجاهلية تفرَّقا ولم يتزوجا، فعمر الذي يتجنب الشيطان سبيله، يرقّ لقصة حبيبين، ويعالجهما بدواء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الزواج.
حتى أن زوجاته يصفنه بأنه كان إذا دخل بيته تحول إلى طفل صغير، من شدة رفقِه، ومعاملته الحسنة لأهله!
وقد شغل أمر غياب الأزواج عن زوجاتهم لفترات طويلة، بال الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ عندما سمع في جوف الليل في أثناء حراسته للمدينة ـ صوت مرأة تناجي الله، تتألّم من شوقها لزوجها، فسارع أمير المؤمنين إلى ترك حراسته ثم سأل عن هذه المرأة، فقيل له: هذه فلانة زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأرجعه إليها مما كان فيه ـ ثم دخل على أم المؤمنين حفصة ـ رضي الله عنها ـ فقال: يا ُبنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله، مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك، قالت: خمسة أو ستة أشهر، فحدد للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة، ويسيرون راجعين!
بل الأعجب من ذلك أن نجد كبار الصحابة قد عاشوا قصص حب..فهذا عبد الله بن عمر العابد الزاهد العالِم التقي يحب جارية له حبًا شديدًا، فتعثَّرت يومًا في مشيتها ووقعت، ففوجىء من شاهد الواقعة أنه ما احتمل الموقف، وظل يمسح التراب عن وجهها بيديه، قائلاً:" فِداكِ نفسي وروحي، ثم أنها فارقته، فكان حزينًا جدًا لذلك، وكان حين يتذكرها يقول فيها الشعر، ويتهم نفسه بالتقصير في حق حبيبته فلم يخشَ أيضًا من البوح ولا الإعلان عن مكنونات قلبه المؤمن"!
هذه النظرة الراقية للحب هي ما جعلت "أبا السائب المخزومي" ـ الذي يصفه ابن القيم بأنه من أهل العلم والدين-يتعلق بأستار الكعبة وهو يقول:" اللهم ارحم العاشقين وقوِّ قلوبهم، وأعطِف عليهم قلوب المعشوقين"
فانظروا إلى أي مدى وجد هذا العابد العالم أنه في موقفه هذا يحتاج إلى الدعاء لهذا الصنف من الناس، فلم يتهمهم بالخواء، ولا بالفراغ، ولا صبَّ اللعنات على المحبين، لكنه وجد سعادتهم الحقيقية في أن يلتئموا مع أحبابهم
- الحب كمشاعر قلبية لا سيطرة للإنسان عليها والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
- وقد ضرب الله مثلا في قصة إعجاب ابنة شعيب بموسى عليه السلام على الحب كمشاعر تلامس القلوب , فكانت نتيجته تعريضها بشمائله و عرض والدها الزواج على موسى عليه السلام , فأنفق من عمره الشريف عشر سنين في سبيل حبه لها, فلولا أن الحب من أغلى الأشياء, لما ذهب كثير من زمن الأنبياء فيه .
- وقد جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المفهوم بأن نار الحب إذا اشتعلت لا يطفؤها إلا النكاح وذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لم ير للمتحابين مثل النكاح ) ابن ماجة (1847).
* قصة أبوبكر والجارية :
- وهذا الصديق أبو بكر رضي الله عنه يمر في خلافته بطريق من طرق المدينة . فإذا جارية تطحن برحاها وتقول : وهويته من قبل قطع تمائمي مـتمايسا مثل القضيب الناعم وكـأن نـور الـبدر سُنَّة وجهه ينمي ويصعد في ذؤابة هاشم فدق عليها الباب فخرجت إليه فقال ويلك أحرة أنت أم مملوكة ؟!
فقالت : بل مملوكة يا خليفة رسول الله . قال فمن هويت ؟! فبكت ثم قالت : بحق الله عليك إلا انصرفت عني . قال : لا أريم أو تعلميني.
فقالت :وأنا التي لعب الغرام بقلبها فـبكت لحب محمد بن قاسم
فسار أبو بكر إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه , وبعث إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال : هؤلاء فِتَنُ الرجال . وكم مات بهن من كريم , وعطب عليهن من سليم .
* قصة المحب مع علي :
- أُتيَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بغلام من العرب وجد في دار قوم بليل فقال له : ما قصتك ؟ فقال : لست بسارق , ولكني أصدقك :
تـعـلقت فــي دار الـربـاحي iiخَــودة يـدل لـها من حسنها الشمس والقمرلها من نبات الروح حسن ومنصب إذا افـتخرت بالحسن صدقها iiالفخرفـلما طـرقت الـدار مـن حب مهجة أتــيـت وفـيـها مــن تـوقـدها جـمـرتـبـادر أهـل الـدار لـي ثـم صَـيَّحوا هـو الـلص محتوم له القتل iiوالأسرفلما سمع علي شعره رقَّ له وقال للمهلب بن رباح : اسمح له بها نعوضك منها. فقال يا أمير المؤمنين سله من هو لنعرف نسبه ؟فقال: النهاس بن عيينة العجلي . فقال: خذها فهي لك .* قصة البدوي العاشق :
- ومن غرائب القصص ما ذكر أن المهدي خرج إلى الحج حتى إذا كان في السفر يتغدى فأتى بدوي فناداه : يا أمير المؤمنين, إني عاشق!!!! ورفع صوته .
فقال للحاجب ويحك ما هذا؟!قال : إنسان يصيح إني عاشق !
قال أدخلوه . فأدخلوه عليه فقال : من عشيقتك ؟
قال ابنة عمي .
قال: أولها أب ؟
قال: نعم.
قال: فما له لا يزوجك إياها ؟!
قال:ها هنا شيء يا أمير المؤمنين.
قال : ما هو ؟
قال: إني هجين.
قال له المهدي : فما يكون ؟
قال: إنه عندنا عيب . فأرسل المهدي في طلب أبيها فأتي به ,
فقال : هذا ابن أخيك ؟
قال : نعم .
قال : فلم لا تزوجه كريمتك؟
فقال له مثل مقالة ابن أخيه . وكان من ولد العباس وعنده جماعة .
فقال : هؤلاء كلهم بنو العباس وهم هجن ما الذي يضرهم من ذلك ؟
قال : هو عندنا عيب.
قال : زوجه إياها على عشرين ألف درهم , عشرة آلاف للعيب , وعشرة آلاف مهرها .
قال : نعم.
فحمد الله وأثنى عليه وزوجه إياها . فأتى ببدرتين فدفعهما إليه , فأنشأ الشاب يقول :بـتـعـت ظـبـية بـالـغلاء وإنـمـا يـعـطي الـغـلاء بـمـثلها أمـثـالي وتـركت أسـواق الصباح لأهلها إن الصباح وإن رخصن غوالي
-فالحب الذي يبقى مقيدا بلجام العفاف والتقوى لا حرج فيه , وسبيله الوحيد النكاح كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم .
* قصة الطفيل وزوجته :
- دخل الطفيل في الإسلام فأتت إليه زوجته لتقرب منه فمنعها وقال : إليك عني فلست منك ولست مني .
قالت ولم؟! بأبي أنت وأمي , فقلت: فرق بيني وبينك الإسلام , فقد أسلمت , وتبعت دين محمد صلى الله عليه وسلم .
قالت: أنا منك وأنت مني , وديني دينك فأسلمت .
سير أعلام النبلاء (جـــ1ص248-250),الإصابة(جــــ2ص225).
هكذا يكون جواب المحب لحبيبه , ( أنا منك وأنت مني ) ولكنه حب موصول بفاطر السماوات والأرض , خالق الحب ورازقه .
* هل تعرفون من هي صاحبة أغلى مهر في العالم؟- أظنكم فكرتم بأشهر الشخصيات العالمية كالأميرات والممثلات والمغنيات.
* أم سليم وأغلى مهر في العالم :
- توفي زوج الرميصاء بنت ملحان المكناة ( أم سُليم ) وبعد انتهاء عدتها , تقدم لخطبتها ( يزيد بن سهل ) المكنى أبو طلحة , ولكنها رفضته ..... لماذا؟
أعتقد هو أنها تريد الذهب والفضة .
فسألها : هل تريدين الأصفر والأبيض ؟
فقالت : بل إني أشهدك يا أبا طلحة , وأشهد الله ورسوله انك إن أسلمت رضيت بك زوجا من غير ذهب وفضة , وجعلت إسلامك لي مهراً.
قال: من لي بالإسلام ؟
قالت : أنا لك به.
فقال: كيف؟
قالت: تنطق بكلمة الحق, فتشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله, ثم تمضي إلى بيتك فتحطم صنمك ثم ترمي به.
فانطلقت أسارير أبي طلحة ..وقال: أشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله.الإصابة(جـــ1ص566) , الطبقات الكبرى(جــ 3ص504).
*فمن قال أنني أحب وينوي فيه زواج ونكاح على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وسعادة في الدنيا مع زوجة صالحه لتكون له جنة الدنيا وأذكركم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة) فهنيئا له حُبه فسيكون له عونا على طاعة الله عز وجل , ومن كان حبه فقط باللسان لا ينوي به زواج وستر فهذا الحب المحرم .
- ولنتدبر قول الله عز وجل
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) .
(269)
و اخيرا بعد كل ما رايناه و سمعناه يبقى للدين وجهة راي من ناحية الحب فهو يراه احاساسا نبيلا و اجره و ذنبه على حسب نية صاحبه فالحب سلاح ذو حدين و عملة ذات وجهين و لنا الاختيار فان كان الحب لله و بالله و في الله كان الاجر لصاحبه و الحسنة تعود له و ان كان في معضية او فاحشة او ابتغاء ذنب او لغرض دنيوي شيطاني فله ذنبه و العياذ بالله ....و اخيرا اسال الله ليكم ولكم الخير في الدنيا و الاخرة