أترضاه لأختك ؟! :
شاب عمره أكثر قليلا من العشرين مازال بنصف عقل , ومازال ليس له سكن يدخل فيه بزوجته إن تزوج اليوم , وسكن والديه يستحيل أن يتسع له هو وزوجته إن تزوج الآن .
وهذا الشاب مع أنه يشتغل وله وظيفة مستقرة مع الدولة , ومع ذلك هو حتى الآن ( بسبب أنه صغير وخفيف العقل مثل الكثير من شباب اليوم الصغار ) لا يحسن التصرف في أمواله ولا يحسن الإنفاق ولا الادخار .
هذا الشاب تعلق قلبه بفتاة معينة وطلب من والديه تزويجه منها ... ولأن الفتاة لا تصلح له من وجوه عدة ( لا داعي لذكرها هنا ) فإن والديه حاولا أن يصرفا نظره وتفكيره عن هذه الفتاة فلم يفلحا في ذلك , فطلبا منه عندئذ فقط التريث في أمره واستشارة من يثق فيهم من الناس خاصة الكبار منهم , وطلبا منه كذلك قطع الصلة تماما بالفتاة , وتقوية الصلاة بالله والإكثار من النوافل من الصلاة وقيام الليل وقراءة القرآن وذكر الله والدعاء و" اطلب من الله يا ولدنا أن يهديك ويشرح صدرك للذي فيه خيرك دنيا وآخرة " ... وقالا له " إن فعلت هذا ثم بقيت بعد عامين أو ثلاثة على رأيك , فإننا سنجاريك ونزوجك بمن أردت حتى وإن كنا غير راضين " .
ومع ذلك رفض الشاب ما نُصح به , وأصر على أن على الوالدين أن يطلبا له الفتاة الآن وبدون أي تأخير !!!.
استنجد الوالدان بي من أجل أن أكلم ابنهما لعله يسمع مني .
جلست مع الشاب جلسة طويلة ( أنا وإياه على انفراد ) وسألته ثم سمعت منه ونصحته ووجهته و ... وكان من ضمن قلته له خلال تلك الجلسة ما يلي :
1- أنت ما زلت صغيرا , ولأن تتأخر قليلا في الزواج أفضل لك مليون مرة من الاستعجال . التأخر لن يضرك لا من قريب ولا من بعيد خاصة وأنت ما زلت صغيرا , وأما الاستعجال فقد يضرك ضررا يلازمك طيلة حياتك الدنيا وربما يضرك حتى في آخرتك.
2- الاستشارة الواسعة في أمر مهم مثل الزواج تنفعك بإذن الله ولن تضرك أبدا , وأما رفض الاستشارة فقد تكون له عواقب وخيمة جدا في مستقبل أيامك .
3- الزواج أمر مهم جدا جدا جدا لأنه يتعلق بالمستقبل دنيا وآخرة , ويتعلق بشريكة الحياة وربة البيت وأم الأولاد وزوجة الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى ... ومنه فلا بد من التفكير الطويل قبل الزواج , وكما يقول المثل عندنا في الجزائر " زواج ليلة لازمو تخمام عام " , أي أن الزواج الذي يبدأ بليلة يلزمه تفكير عام كامل حتى يأتي الزواج بثماره المرجوة .
4- رضا الوالدين عن زواج الإبن أو البنت هو غالبا مصدر خير وبركة دنيا وآخرة , خاصة وأن الوالدين لم يرفضا امرأة بسبب أنها صاحبة دين وأدب وأخلاق وإنما رفضا لأسباب موضوعية ومقبولة شرعا , وكذلك فإنهما لم يفرضا عليك الزواج من امرأة معينة . ومن الصعب جدا أن تجد شخصا أسخط والديه في زواجه ثم سعد بزواجه بعد ذلك .
5- ثم إنك وأنت ما زلت متصلا بهذه الفتاة تفعل معها الحلال والحرام أنت كالأعمى
( لأنه لا شيء يعمي أبصار الرجال وبصائرهم مثل النساء والشهرة والزعامة ) لا تستطيع أبدا أن تفكر بالعقل والمنطق وأن تفكر بطريقة مستقيمة فيما يعود عليك بالخير والصلاح . إن نقطة ضعف المرأة المال ونقطة ضعف الرجل هي المرأة , ومنه فإذا أردت أن يعود إليك عقلك وصوابك ورشدك يجب أن تقطع وفي الحين صلتك بهذه الفتاة إن أردت الأجر من الله وأردت التفكير السليم وأردت الإعداد المناسب لمستقبلك دنيا وآخرة ... ثم إذا كتب الله لك في النهاية أن تتزوج بها فلن تتزوج غيرها بإذن الله تعالى .
6- ثم وأنت تتصل بهذه الفتاة ( وهي ما زالت أجنبية عنك سواء قبل الخطبة أو بعدها ... ولا تحل لك إلا بعد العقد الشرعي للزواج ) باستمرار وتتحدث معها وتختلي بها وتأخذ صورها معك وتغازلها و... والله وحده أعلم بكل الذي أنت تفعله معها , لأنك ربما حكيت معي كل شيء وربما أنت لم تحك لي إلا القليل فقط مما تم بينك وبين الفتاة . ألا تفكر ولو لحظة واحدة من الزمان بأن هذا الذي أنت مصر على فعله مع هذه الفتاة لا يجوز شرعا ولا يقبل ولا يستساغ عرفا و..." , فقاطعني قائلا " وماذا في ذلك ؟! أغلب الشباب يفعل هذا "!. قلت له :
* ما أغربك وما أعجب حديثك . أما أن ما تفعله مع الفتاة حرام شرعا فهذا أمر لم يختلف في حكمه عالمان من علماء الدنيا من عهد رسول الله محمد وإلى اليوم ...
* * وأما عرفا وعادة فأنا أسالك السؤال المعروف والبديهي والذي لا يريد أن يطرحه الشباب المتهور والمائع والمنحل لأن الجواب المعروف عن السؤال هو ضد شهوات الشاب وأهوائه ورغباته الحيوانية " , فقال لي " وما هو السؤال ؟ " قلت له :
* * * أترضى ما تفعله أنت مع هذه الفتاة , أترضى أن يفعله شاب آخر مثلك أنت , ولكنه يفعله مع أختك أنت ( عمرها حوالي 25 سنة ) ؟! . أجبني بصراحة هل ترضاه أنت ولو لثانية واحدة من أي شاب في الدنيا كلها ... هل تقبل أن يتصل أي شاب في الدنيا كلها مهما كان قدره ومهما كانت منزلته ومهما ... ويقول لها كاذبا أو صادقا ( مع العلم أن الرجل الذي لا يخاف الله لا يكذب في شيء كما يكذب في ادعائه الحب لامرأة أجنبية عنه ) " أنا أحبك " و " أنا أعشقك " و " أنت عندي أغلى من الدنيا كلها , ومن الدنيا وما فيها " . هل تقبل هذا ؟!.
هل تستسيغ أن يتصل شاب ( أي شاب ) بأختك ( بعيدا عن أنظار الناس ) مدعيا أنه يريد الزواج منها ثم يقبلها ويداعبها و... هل تستسيغ هذا ؟!.
هل ترضى أن يتصل أي شاب بأختك زاعما أنه يريد الزواج بها , ثم يختلي بها بعد ذلك ويفعل معها ما يريد أن يفعله أي شاب لا يخاف الله مع امرأة أجنبية عنه اختلى بها وتمكن منها . هل ترضى هذا لأختك ؟!" .
سكت الشاب لدقيقتين أو ثلاثة وأنا أساله وألح عليه في السؤال منتظرا الجواب , ثم قال بلهجة غاضبة وهو مطرق برأسه ومشيح بوجهه إلى جانب " نعم أنا بطبيعة الحال لن أقبل ولن أستسيغ ولن أرضى هذا لأختي أبدا " .
قلت له " تبا لهذه الأنانية التي يعاني منها الكثير الكثير من الرجال عموما ومن المراهقين خصوصا , حين ترى الواحد منهم لا يريد لمحارمه من النساء إلا الشرف والعفة والحياء و ... وأما بنات وأخوات الغير فيبيح لنفسه أن يعبث بشرفهن وكرامتهن وحيائهن وأعراضهن بلا أي خوف من الله ولا تأنيب ضمير ولا ... ألا ما أسوأ هذه الأنانية وما أقبحها وما أبشعها والتي يعاني منها الكثير من الرجال ولا يُـنجي منها إلا قوة إيمان عند الرجل وكذا خوف حقيقي من الله عزوجل " .
نسأل الله أن يعصمنا من أي سوء وشر وأن يغلبنا على أنفسنا وعلى الشيطان , آمين
منقوووول