الأدب العربي الفلسطيني
الشعر
المرحلة الأولى
المرحلة الثانية
المرحلة الثالثة
المرحلة الرابعة
النثر
المرحلة الأولى
المرحلة الثانية
المرحلة الثالثة
المرحلة الرابعة
القصص
المرحلة الأولى
المرحلة الثانية
المرحلة الثالثة
المرحلة الرابعة
الأدب العربي الفلسطيني بعد النكبة
الأدب العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة
الشعر
المسرحية
القصة القصيرة
أدب الانتفاضة العربية الفلسطينية
________________________________________
الأدب العربي الفلسطيني يقصد به الأدب الذي أبدعه أبناء الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين ومناطق الشتات في الفترة الممتدة من أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وحتى يومنا هذا.
مراحل الأدب العربي الفلسطيني مرت حياة الأدب العربي الفلسطيني قبل النكبة في مراحل أر بع، الأولى: من أواخر القرن التاسع عشر حتى إعلان الدستور العثماني عام 1908م. المرحلة الثانية: من إعلان الدستور العثماني عام 1908 حتى عام 1920م بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. الثالثة: ما بين الحربين العالميتين (1920 - 1940م). الرابعة: من الحرب العالمية الثانية حتى وقوع النكبة.
الشعر
المرحلة الأولى. كان من الطبيعي أن يسير الشعر في هذه المرحلة على النهج الذي سار عليه الأدب بعامة حينئذ، وكان انقطاع صلته بالشعر العربي القديم العريق، وجهل الشعراء بالشعر الأوروبي والاتجاهات الشعرية والحركات الفنية المختلفة، وتقليدهم لشعراء العصور المتأخرة من العوامل التي أثرت على صورة الشعر العربي الفلسطيني ومضمونه، وأحالته نثرًا منظومًا يشبه نظم الفقهاء والنحاة حين يصبون قواعدهم في ما عرفوه من بحور الشعر العربي. انظر: الشعر. وقد كان النظم دليلاً من أدلة النبوغ الفكري والوجاهة العلمية آنذاك.
موضوعاته وأعلامه. لقد لوّن كل من النظام الإقطاعي الذي كان سائدًا، والمحتوى الديني الإنتاج الشعري في هذه المرحلة بلونيهما. ومن أعلام الشعر في هذه المرحلة: يوسف النَّبْهاني (1849 - 1932م). ولد في قرية إِجْزِم في شمال فلسطين قرب حيفا ونشأ بها. اشتهر يوسف النبهاني بالمدائح النبوية ومن أشهرها همزيته التي يضمنها سيرة رسول الله ³ وقد وصلت إلى 1,000 بيت، يقول فيها:
نورك الكل والورى أنباء يا نبيًا من جنده الأنبياء
رحمة الكون أنت ولولاك لدامت في غيبها الأشياء
وللنبهاني قصيدة طويلة نلمح فيها اتجاهًا جديدًا حيث يصف حياة العرب في الآستانة حين ذهب إليها، ومنها:
ويمَّمتُ دار الملك أحسب أنها إلى اليوم لم تبرح إلى المجد سُلّما
فألفيتها قد أقفرت من كرامها ولم يبق فيها الفضلُ إلا توهُّما
وألفيتُ مثلي أمة عربية يرى القوم منها أمة الزنج أكرما
وما نقموا منا بني العرب خَلَّّةً سوى أن خير الخلق لم يك أعجما
ومن الأعلام الآخرين في الشعر العربي الفلسطيني في هذه المرحلة: الشيخ سعيد الكرمي (1852-1935م)، وعلي الريماوي (1860-1919م)، وجرجي عطية.
أسلوبه. يشبه أسلوب الشعر العربي الفلسطيني في هذه المرحلة أسلوب النظم، فليس فيه بلاغة العربية، وإشراق ديباجتها، لم يتمرس قائلوه بالأساليب العربية ولم تتمرن ملكاتهم على سنن التراث العربي.
المرحلة الثانية. انتقل الشعراء العرب الفلسطينيون إلى مرحلة ثانية بعد إعلان الدستور العثماني، ونشوء الصحف وقيام الجمعيات العربية ومحاولة الاستقلال الذاتي، ووقوف العرب إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) وتوقيع معاهدة سايكس بيكو التي قسِّم بموجبها الوطن العربي بين الدول الكبرى المنتصرة وكان مصير فلسطين الوقوع تحت الانتداب البريطاني. فكان الشعر معبرًا عن واقع مرحلة الاحتلال الأجنبي للأرض، والصراعات السياسية المحلية والمحيطة الدائرة آنذاك. انظر: سايكس بيكو، معاهدة.
موضوعات الشعر وأعلامه. أصبح للشعر في هذه المرحلة أغراض أوثق اتصالاً بالحياة من أغراض المرحلة الأولى. فنحن إزاء مرحلة تطرح مطالب جديدة كالدستور والحرية والوظائف وتناقش قضايا الاستعمار والصهيونية، ومواضيع كالعلم والطائرة والوطنيات والحرب وما إلى ذلك من مواضيع مؤثرة.
من أعلام الشعر في هذه المرحلة: محمد إسعاف النشاشيبي (1885-1947م). ولد في القدس ودرس في كتاتيبها ورحل إلى بيروت حيث تتلمذ على الشيخ عبدالله البستاني والشيخ محي الدين الخياط والشيخ مصطفى الغلاييني. وعاد إلى فلسطين يعمل في الصحافة والتحرير في مجلات: الأصمعي، النفائس، المنهل، وكلها كانت تصدر في القدس. وقد دخل النشاشيبي بشعره معترك الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية السائدة آنذاك، وكان من أوائل الذين حفزوا الشعب الفلسطيني على المطالبة بالحرية وبالدستور، فقال قصيدته في ذكرى فتاة مقدونيا وهي قصيدة في الحرية:
اخطري اليوم في الربوع اختيالا لا تخافي من العدو اغتيالا
لا تخافي من كيده لا تخافي إن كيد العدو ولّى وزالا
ويقول في قصيدة أخرى:
العُرب مات شعورهم فاندبه دهرك باكيا
ولَّى فولَّى بعده أُنسي وساء مآليا
أما سليمان التاجي الفاروقي الملقب بـ بدوي فلسطين فيخاطب السلطان العثماني محمد رشاد بلهجة قوية يدافع بها عن حقوق العرب، يقول:
كنا نعلِّل بالدستور أنفسنا بفارغ الصبر ذاك اليوم نرتقب
حتى إذا جاء لم يحدث لنا حدثًا ولا استجيب لنا في مطلب طلب
ويلقانا في هذه المرحلة الشاعر وديع البستاني الذي كان أول وأكبر موظف مدني في حكومة فلسطين أيام الانتداب البريطاني وانتهت خدماته بعد صراع طويل في مقاومة الصهيونية، وكان الشاعر يرقب الأحداث السياسية عن كثب فقال في الجمعية اليهودية:
تريدونها جدًا وجدًا أقولها من اليوم سرًا إن أردتم أو جهرا
فتحنا لكم صدرًا مددنا لكم يدًا وإني لأخشى أن تديروا لنا ظهرا
أرى هوة تزداد عمقًا سحيقة على عدوة أنتم ونحن على الأخرى
وذِّكرهم ذكرًا ولست مسيطرًا مخافة يوم فيه لا تنفع الذكرى
ومن الذين برزوا في الشعر العربي الفلسطيني في هذه المرحلة: أبو الإقبال اليعقوبي (1880-1946م)، إبراهيم الدباغ (1880 - 1946م)، صالح التميمي (1877 - 1922)، إسكندر الخوري البيتجالي.
أسلوبه. تخلَّص شعر هذه المرحلة من أسلوب نظم الفقهاء ومن الركاكة والضعف وعامية الألفاظ وابتذال العبارة. وأصبح أكثره يميل إلى الألفاظ الجزلة والعبارات الفصيحة المشرقة، والنسيج المحكم المتماسك.
المرحلة الثالثة. وهي مرحلة ما بين الحربين العالميتين. غلب على هذه المرحلة اتصال الشعر بالناس اتصالاً وثيقًا وأصبح يعبر عن شعورهم نحو قضية البلاد الوطنية والثورات في وجه الاستعمار والصهيونية. وفي هذه المرحلة نشأ الكثير من الأحزاب السياسية، منها: حزب الاستقلال العربي، حزب الدفاع الوطني، الحزب العربي، حزب الإصلاح، حزب الكتلة الوطنية. انظر: الأحزاب السياسية العربية. وقد استطاع الاستعمار البريطاني تحويل الأحزاب إلى ما يشبه التجمعات العشائرية وتبديد نشاطها في الخلاف على المصالح الشخصية.
موضوعات الشعر وأعلامه. استمرت موضوعات الشعر في المرحلة السابقة ترسِّخ طريقها في المرحلة الثالثة من مراحل الشعر العربي الفلسطيني فازدهرت موضوعات الشعر الوطني والحرب والاستعمار والصهيونية والتأبين والرثاء والسخرية، وأخذ الشعر يعالج القضايا العامة معالجة يمتزج فيها الحس بالفكر امتزاجًا تامًا.
ومن أعلام الشعر في هذه المرحلة: عبدالكريم الكرمي (أبوسلمى) الذي نظم مطولته التي قالها لدى مصرع الشيخ فرحان السعدي الذي حكمت عليه سلطات الانتداب بالإعدام رغم تجاوزه السبعين من عمره. وقد أرادها أبوسلمى تأريخًا لجهاد فلسطين العربية منذ اليوم الذي استشهد فيه عزالدين القسام إلى نهاية الثورة، يقول:
انثر على لهب القصيد شكوى العبيد إلى العبيد
قوموا انظروا فرحان فوق جبينه أثر السجود
يمشي إلى حبل الشها دة صائمًا مشي الأسود
سبعون عامًا في سبيل الله والحق التليد
وهو شعر رقيق عذب سلس ناعم تمتليء به القلوب وتستجيب له النفوس.
ومن أعلام الشعر أيضًا الشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود (1913 - 1948م) الذي استشهد في معركة الشجرة عام 1948م وكانت تضحيته أنشودة وطنية وكان شعره صورة مضيئة في طريق الجهاد، يقول:
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا
ويلقانا أعلام آخرون مثل: إبراهيم طوقان (1905- 1941) الذي صب غضبه في سخرية وتهكم شديدين على طائفة أصحاب النعرات، يقول:
أنتم (المخلصون) للوطنية أنتم الحاملون عبء القضية
أنتم (العاملون) من غير قول بارك الله في الزنود القوية
و(بيان) منكم يعادل جيشًا بمعدات زحفه الحربية
وهناك فدوى طوقان وخليل السكاكيني وحسن البحيري ومحمد حسن علاء الدين، وغيرهم. وقد جمع الدكتور عبدالرحمن ياغي شعرًا لما يزيد على أربعين شاعرًا في هذه المرحلة.
أسلوبه. بعث شعراء هذه المرحلة وخاصة أبو سلمى وعبدالرحيم محمود، بعثوا في الشعر روحًا جديدة وبنوا فيه صياغة حية متحركة من تصوير رائع مترابط وإمعان في التلاحم المتكامل وتوالي القصيدة وكأنها بيت واحد من مطلعها إلى وسطها وغايتها.
المرحلة الرابعة. حمل الشعر العربي الفلسطيني دوره في التدهور الذي أصاب قضية البلاد وحمل عبء التوعية والتنبيه وفضح دسائس المستعمرين ثم أصابت الشعر مسحة حزن وكأنه الحزن الذي يخشى وقوع الكارثة.
موضوعات الشعر وأعلامه. كان من الطبيعي في هذه المرحلة التاريخية أن يكون موضوع وطن الشهيد وفكرة الأخذ بالثأر وطلب النجدة، والغدر، من الموضوعات التي طرقها الشعراء. ولكن الشعر الغنائي بموضوعاته المختلفة لا يشفي غليل الشعراء، فتأثيره مقصور على عدد قليل من الناس ووقعه في النفوس لا يبلغ الدائرة الواسعة المرجوة فاتجه الشعراء إلى المسرح وألوانه وأضوائه ومناظره وبدأوا يقلدون تجارب الآخرين.
ومن أعلام الشعر في هذه المرحلة برهان الدين العبوشي الذي أنكر على الإنجليز طلبهم من عرب فلسطين أن يحالفوهم وهم يذبحونهم ويشردونهم ويظاهرون اليهود عليهم، في قصيدة عنوانها: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين:
أرهقتمونا وقرّبتم منايانا واليوم تبغوننا ننسى ضحايانا
لا تتركوا فوقها أنثى ولا ذكرا إلا قتلتم له أهلاًَ وأخدانا
ولم تراعوا لأهل الدين حرمتهم بل انتبذتم وراء الحور صبيانا
إلى أن يقول:
أو بعدما بعتُمُ صهيون حرمتنا وعرضنا تبتغون العرب إخوانا
ومن مسرحياته وطن الشهيد؛ شيخ الأندلس.
وهناك أعلام آخرون في هذه المرحلة مثل: محمد حسن علاء الدين بمسرحيته الشعرية امرؤ القيس، ومحي الدين الحاج عيسى بتمثيلية شعرية مصرع كليب.
أسلوبه. كان العمل المسرحي عند العبوشي وغيره في هذه المرحلة أشبه بمجموعة من الأشعار الغنائية التي تحمل أنفاسًا ملحمية بسيطة ترتبط لتكون مجموعة شعرية فيها بساطة السَّرْد القصصي وليس فيها البناء التركيبي العضوي للمسرحية.
النثر
المرحلة الأولى. صنّف دارسو الأدب الآثار النثرية في الأدب العربي الفلسطيني في هذه المرحلة في مسالك ثلاثة: الأول: مسلك التكلف والتصنع، وقد احتشدت فيه تماثيل البديع والاستعارات، ويمثل هذا الاتجاه الشيخ يوسف النبهاني وعباس خماش. والثاني: مسلك تحسس الوسط الذي ينتمي إليه الكاتب والمرحلة التي يعيش بها والروابط التي تربطه بمجتمعه والتعبير السليم عن شعوره بهذا الوسط وتلك الروابط ويمثل هذا الاتجاه خليل السكاكيني. والثالث: مسلك توصيل المعاني بطريقة ليس فيها شيء من العناية أو التنسيق أو أي تلوين نفسي أو شعوري وهذا المسلك صورة من صور التعبير اليومي الدارج.
وأسلوب الكتابة في هذه المرحلة لم يكن صحيح البناء دائمًا (كما نجد عند يوسف النبهاني وخليل السكاكيني) وإنما هناك تعبير يعتريه كثير من الضعف والاضطراب.
المرحلة الثانية. ظهرت في هذه المرحلة أشكال أدبية تنحصر في المقالة الأدبية واليوميات والخطابة. وقد شملت هذه الأشكال جميع المضامين والموضوعات التي أوجدتها ظروف الحياة الجديدة من مثل الثورة والحرب والسلم والسياسة والسِّير والعلوم وأدب السجون. ويمكن أن نميز في هذه المرحلة مدرستين: مدرسة السكاكيني ومدرسة النشاشيبي. ومن أعلام الكتاب في هذه المرحلة كذلك خليل بيدس وعيسى العيسى وحنا العيسى.
المرحلة الثالثة. وهي امتداد للمدرستين السابقتين بعد أن تطورتا بحكم ظروف الحياة، واتسعتا لكثير من المضامين الجديدة، وأخذت الكتابة على عاتقها تناول القضايا السياسية والوطنية ومقاومة سياسة التفريق، والمقابلة بين الشرق والغرب ونبذ الأوهام.
ومن أعلام الكتاب في هذه المرحلة أيضًا: إبراهيم الدباغ وأحمد شاكر الكرمي ومحمود سيف الدين الإيراني ونجاتي صدقي ومحمد عزة دروزة. انظر: دروزه، محمد عزة. ونلاحظ في هذه المرحلة أن تيار الخطابة يزدهر لأن دواعيها كثرت وتنوعت ولا نكاد نجد أديبًا من أدباء هذه المرحلة إلا وله مواقف خطابية تحمل طابعه وتدل على اتجاهه في الكتابة.
المرحلة الرابعة. لم تنشأ في هذه المرحلة تيارات جديدة بل استمرت التيارات السابقة ولكنها ضعفت. وتظهر في هذه المرحلة آثار نثرية للنشاشيبي مثل نقل الأديب؛ أمالي النشاشيبي؛ التفاؤل عند أبي العلاء؛ الأمة العربية؛ حماسة النشاشيبي؛ جنة عدن. كما تلقانا آثار نثرية للسكاكيني مثل : لذكراك؛ تعالوا ننقرض. ومن الأعلام البارزين في هذه المرحلة كذلك إسحق موسى الحسيني. وقد كان له من نصيب هذه المرحلة: علماء المشرقيات في إنجلترا؛ مذكرات دجاجة؛ عودة السفينة؛ هل الأدباء بشر.
واستمر تيار الخطابة يقوى ويشتد في هذه المرحلة وأحس الناس بحاجتهم إليه.
القصص
المرحلة الأولى. ارتبطت القصص في هذه المرحلة بعامة الناس لأنها أسلوب من أساليب رواية التاريخ لديهم. وقد كان من نتائج اتصال فلسطين بالأقطار الأجنبية أن عرف أبناؤها كثيرًا من اللغات الأجنبية في وقت مبكر جدًا مما أعانهم على ترجمة القصص العالمية أو اقتباسها كما فعل خليل بيدس في تتبع آثار بوشكين وتولستوي، حيث عرّب لبوشكين روايته ابنة القبطان كما ترجم قصته الطبيب الحاذق، وقصته القوزاقي الولهان. كما قام روحي الخالدي بتتبع آثار فيكتور هوجو القصصية، في كتابه تاريخ علم الأدب عند الإفرنج والعرب وفيكتور هوجو. انظر: بوشكين، ألكسندر؛ تولستوي، ليو؛ هوجو، فيكتور ماري.
المرحلة الثانية. وهي مرحلة ازدهار الصحافة حيث اتخذ الصحفيون من القصة والأقصوصة والحكاية والرواية موضوعات في صحفهم تثير اهتمام القارئ بغيرها من الموضوعات. وفي هذا الصدد برز خليل بيدس زعيم المدرسة القصصية في هذه المرحلة الذي أصدر صحيفة النفائس في نوفمبر 1908م حيث عرّب وترجم كثيرًا من الروايات والقصص القصيرة مثل: شقاء الملوك؛ أهوال الاستبداد؛ الحسناء المتنكرة؛ هنري الثامن وزوجته السادسة؛ العرش والحب؛ الوارث. كما كتب قصصًا قصيرة جمعها في كتاب بعنوان: مسارح الأذهان.
ومن أعلام هذه المرحلة أيضًا: رشيد الدجاني وإسكندر الخوري البيتجالي.
المرحلة الثالثة. بدأت هذه المرحلة من حياة القصة بترجمات عن اللغة الإنجليزية لأحمد شاكر الكرمي مثل: الكرميات؛ مي، أو الخريف والربيع؛ خالد. ويلتقي معه في هذا الاتجاه كاتب روائي آخر هو نصري الجوزي من القدس الذي كتب وقدم الروايات التالية لتمثيلها على المسرح: الحق يعلو؛ أشباح الأحرار؛ الخطيب الثائر؛ مكتب زواج؛ الشموع المحترقة. كما قدم جميل البحري روايات تعتمد على عنصر التشويق والمغامرات والعقد الروائية المثيرة مثل: سجين القصر؛ خمسة فصول؛ قاتل أخيه؛ في سبيل الشرف، وغيرها.
ونجد في هذه المرحلة كذلك مجموعة قصص تحمل طابعًا جديدًا وتعالج مواقف اجتماعية جادة ولها أهداف أدبية على نحو ما نجد في أول الشوط للأديب محمود سيف الدين الإيراني. ونجد في هذه المرحلة كذلك جبرا إبراهيم جبرا الذي تمرّس بالأدب الإنجليزي وبالفن القصصي، المترجم منه والموضوع، ولديه القدرة على إيجاد الجو القصصي والظروف القصصية الموحية. وتمثل عمله القصصي في هذه المرحلة قصة ابنة السماء.
المرحلة الرابعة. ظهر إنتاج قصصي في هذه المرحلة للأدباء: خليل بيدس ومحمود سيف الدين الإيراني ونجاتي صدقي والدكتور إسحق موسى الحسيني وعبدالحميد ياسين. ومضى جبرا إبراهيم جبرا يواصل إنتاجه القصصي كذلك. وتمتاز هذه المرحلة بالنضج الفني وإتقان العمل القصصي والارتفاع بالمستوى الفني لبناء القصة والتقاء المستويات الرفيعة في المضامين والأشكال والانسجام الملحوظ يبين الشكل والمضمون. كما أن هؤلاء الكتاب صدقوا أنفسهم وأخلصوا لاتجاهاتهم وأتقنوا أْعمالهم.
وتطالعنا في هذه المرحلة قصة البطلة لخليل بيدس، حذاؤه الجديد لمحمود سيف الدين الإيراني؛ الأخوات الحزينات لنجاتي صدقي.
الأدب العربي الفلسطيني بعد النكبة
كانت مرحلة النكبة عام 1948م مرحلة جديدة في حياة الأدب العربي الفلسطيني؛ فقد هب الشعراء والكتّاب لتمجيد الجهاد وشحذ العزائم ولوم زعماء البلاد وقادتها على تخاذلهم وتفرق كلمتهم فكان الشعر يفيض بالألم والحزن والتقريع. وكان الشعراء يغتنمون كل فرصة ليذكِّروا أمتهم بأمجادها القديمة وبأنها جديرة باسترجاع الوطن المغتصب؛ فها هو عبدالكريم الكرمي (أبو سلمى) ينادي فلسطين الحبيبة، قائلاً:
فلسطين الحبيبة كيف أغفو وفي عينيّ أطياف العذاب
اطهِّر باسمك الدنيا، ولولم يبرِّحْ بي الهوى لكتمتُ ما بي
تمر قوافل الأيام تروي مؤامرة الأعادي والصِّحاب
إلى أن يقول:
فلسطين الحبيبة! كيف أحيا بعيدًا عن سهولك والهضاب
تناديني السفوح مخضَّبات وفي الآفاق آثار الخضاب
ويسألني الرفاق ألا لقاء وهل من عودة بعد الغياب
لكن الأمل المشرق والتفاؤل الباسم يراود الشاعر بعد ذلك، كما في قوله:
غدًا سنعود والأجيال تصغي إلى وقع الخطا عند الإياب
أجل ستعود آلاف الضحايا ضحايا الظلم تفتح كل باب
ويلقانا الشاعر هارون هاشم رشيد في دواوين شعرية: عودة الغرباء؛ غزة في خط النّار؛ أرض الثورات، مجسّمًا النكبة الفلسطينية ومأساة اللاجئين الفلسطينيين، ومقدِّمًا أوضح مثال لمن يريد أن يدرس أثر النكبة في الشعر والتجاوب الوثيق بين الشاعر وأحداث أمته. ولننظر إلى الشاعر وهو يقدم لنا أمثلة تضطرب في أعماق اللاجئ الصغير:
يمر العام إثر العا م يا أبتي .. بلا جدوى
فلا أمل ولا بشرى ولا نجوى، ولا سلوى
سوى صوت من الأقدا ر يهتف دائمًا وطني
لماذا نحن يا أبتي لماذا ... نحن أغراب؟
ويرد الشاعر على أسئلة ابنته ليلى، قائلاً:
لنا أمل سيدفعنا إذا ما لوَّح الثأر
فصبرًا يا ابنتي صبرًا غداة غدٍ لنا النصر
وشعر أبي سلمى يكشف عن أهم الجوانب التي شغلت الشعراء العرب الفلسطينيين بعد النكبة، فهو شعر الحياة والأمل والقوة والدعوة إلى الثأر والعودة إلى الوطن الحبيب، فها هو يردد ويعيد:
عائدون عائدون إننا لعائدون
فالحدود لن تكون والقلاع والحصون
فاصرخوا يا نازحون إننا لعائدون
ومن أْعلام الشعر العربي الفلسطيني بعد النكبة، كذلك: فدوى طوقان ولها مجموعات شعرية منها: وحدي مع الأيام (1955م)؛ وجدتها (1957م). ومحمود سليم الحوت، وسلمى الخضراء الجيوسي وديوانها العودة من النبع الحالم، وبرهان الدين العبوشي وديوانه جبل النار (1956م)، ومحمد العدناني وديوانه اللهيب (1954م) وملحمته الشعرية الأمومة (1957م)، ويوسف الخطيب وديوانه العيون الظماء للنور (1955م) وديوان آخر عائدون (1959م)، كما يلقانا شعراء كثر من أمثال: أمين شنار، خالد نصرة، خليل زقطان، كمال ناصر، جبرا إبراهيم جبرا، عبد الرحمن الكيالي، هارون هاشم رشيد وغيرهم.
الأدب العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة
يعدُّ الأدب العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة عام 1948م ظاهرة جديدة في الأدب العربي الفلسطيني بخاصة، والأدب العربي بعامة. فهو يمثل ثروة أدبية لم يملك الأدب العربي مثلها في عصوره السابقة. وذلك على الرغم من سياسة التجهيل المتعمد التي كانت سمة بارزة من سمات الاضطهاد الثقافي الصهيوني للعرب الفلسطينيين في أرضهم المحتلة ومحاولة قطعهم عن الثقافة العربية ووضعهم تحت تأثير الثقافة اليهودية.
الشعر. لقد قدم الشعراء العرب الفلسطينيون في الأرض المحتلة أروع الأغنيات الشعرية في موضوعات الصمود والمقاومة والتشبث بالأرض والجذور والتحدي؛ يقول الشاعر العربي الفلسطيني توفيق زياد من ديوانه أشد على أيديكم:
كأننا عشرون مستحيل
في اللد .. والرملة .. والجليل!
هنا .. على صدوركم .. باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج .. كالصبّار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا .. على صدوركم .. باقون كالجدار
ويبلغ ذلك التحدي ذروته عند شاعر الأرض المحتلة، محمود درويش (1941م - )، حيث يقول من قصيدة بعنوان بطاقة هوية، وهي أول قصيدة في ديوانه أوراق الزيتون:
سجِّلْ
أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألفْ
وأطفالي ثمانية
وتاسعهم
سيأتي بعد صيفْ!
فهل تغضب!
سجلْ
أنا عربي
وأعمل مع رفاق الكدح في محجرْ
وأطفالي ثمانية
أسل لهم
رغيف الخبز
والأثواب
والدفترْ
من الصخر
ولا أتوسل الصدقات
من بابك
ولا أصغرْ
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضبْ
وعلى الرغم من تعرض الشعراء والكتاب العرب الفلسطينيين لأقسى أنواع الظلم والتعذيب والرقابة والسجن فقد عمَّقت مقاومتهم للمحتلين اليهود الإحساس بقضيتهم والارتفاع بها إلى أعلى المستويات رافضين أي لون من ألوان الذل والقمع والانحناء، وقد عبر شاعر الأرض المحتلة، محمود درويش عن ذلك كله في ديوانه آخر الليل:
وطني
يعلمني حديد سلاسلي
عنف النسور
ورقة المتفائل
ما كنت أعرف أن تحت جلودنا
ميلاد عاصفة
وعرس جداول
سدوا علي النور في زنزانة
فتوهجت في القلب
شمس مشاعل
كتبوا على الجدران رقم بطاقتي
فنما على الجدران
مرج سنابل
وهكذا يمضي الشاعر في كل دواوينه الشعرية: عصافير بلا أجنحة (1960م)؛ عاشق من فلسطين (1966م)، آخر الليل (1967م)، يوميات جرح فلسطيني.
ومن الأعلام المضيئة في شعر الأرض المحتلة كذلك: سميح القاسم (1939م - ) ودواوينه أغاني الدروب (1964م)؛ مواكب الشمس (1958م)؛ إرم (1965م)؛ دمي على كفي (1967م)، دخان البراكين (1968م)، وحبيب قهوجي وتوفيق فياض وفوزي الأسمر وسالم جبران وراشد حسين (1936م - ) وجمال قعوار وغيرهم.
ولقد التقت الشاعرة فدوى طوقان بالشعراء العرب الفلسطينيين في الأرض المحتلة في مدينة حيفا بعد نكسة حزيران (يونيو) 1967م، وكان ثمرة هذا اللقاء أغنيتها الشعرية لن أبكي:
على أبواب يافا يا أحبّائي
وفي فوضى حطام الدور، بين الردم والشَّوْك
وقفت وقلت للعينين
قفا نبك
على أطلال من رحلوا وفاتوها
تنادي من بناها الدار
وتنعي من بناها الدار
وكان القلب منسحقًا
وقال القلب
ما فعلتْ
بكِ الأيام يا دار
وأين القاطنون هنا
وهل جاءتك بعد النأي هل جاءتك أخبار
أحبائي
حصان الشعب جاوز كبوة الأمس
وهب الشهم منتفضًا وراء النهر
أصيخوا، ها حصان الشعب يصهل واثق النهمة
ويفلت من حصار النحس والعتمة
المسرحية. سار العمل المسرحي جنبًا إلى جنب مع الشعر من حيث مضمونه وموضوعاته عن: الصمود والمقاومة والتشبت بالأرض والتحدي، على الرغم من تخلُّفه عنه من حيث مستوى الأداء الفني والانتشار والكم. وسبب ذلك أن الشعر وسيلة فنية أكثر رسوخًا وأكثر قدرة على الانتشار، ولأن وسائل النشر تحت الاحتلال الإِسرائيلي وظروف القهر والظلم والرقابة لا تسمح بتطور سريع في موضوع المسرحية والقصة.
وتلك المضامين تشكل جوهر مسرحية توفيق فياض بيت الجنون (نشرت في ملحق الأنوار الأسبوعي 1967م)، وهي مسرحية في فصلين تدور حول بطل واحد من أولها إِلى آخرها، ذلك البطل هو سامي، أستاذ التاريخ والأدب، السابق. وقد اتجه الكاتب في تقديم هذه المضامين إلى الرمز الذي هو أفضل وسيلة للعمل الفني حين يمارس تحت ظل القمع والاحتلال، خاصة أن كثيرًا من المدرسين العرب الفلسطينيين قد تعرضوا للسجن والنفي والإبعاد والتسريح من وظائفهم بسب طبيعة الدروس التي كانوا يلقونها على تلامذتهم. وتدور أحداث هذه المسرحية في مدينة حيفا، ليلاً في أحد الأحياء المحاذية للبحر والتي جعل كاتبها، توفيق فياض، إِطارها لا يشتمل إِلا على بطل واحد. تتنازعه تحديات متعددة تدور كلها حول مضمون واحد هو المواجهة المباشرة مع التحدي الإسرائيلي؛ فالمسرحية تمثل المقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة وبطلها سامي رجل معزول، محارب، ملاحق من خارج الوطن المحتل ومن داخله. ولكنه يقاتل وحده ولا يخاف ويعد ألا ينسى. وقد استطاع الكاتب أن يقدم عملاً مسرحيًا رائعًا ارتفع بهذا الفن إلى درجة جعلته رائد آفاق مسرحية جديدة في الأرض العربية الفلسطينية المحتلة.
القصة القصيرة. (الأقصوصة). سارت القصة القصيرة، وكما رأينا في المسرحية، في خط مواز مع الشعر من حيث الموضوعات والمضامين العامة كالتحدي والصمود والمقاومة والتشبث بالأَرض.
ونلاحظ صدق هذا التناول في قصة الكاتب العربي الفلسطيني فوزي الأَسمر، عنوانها: رمال ودموع يروي فيها قصة شاب عربي فلسطيني حاول قتل سائق محراث آلي (تراكتور) إسرائيلي. والمعضلة بالنسبة للمحكمة هي أن السائق الإسرائيلي لا يعرف ذلك العربي ولم يسبق له أن قابله ولا يعرف سببًا للمحاولة. أما بالنسبة للعربي الفلسطيني فإن المسألة لها تفسير ومبرر؛ فقد شهد عن بعد ذلك السائق يربط جذع شجرة زيتون كان يملكها، وترمز بالنسبة له إلى تاريخ عائلته، محاولاً انتزاعها من أرضها. وحين اندفع نحوه ليقتله كان في الواقع يرمي إلى الدفاع عن أرضه وعرضه وشرفه. وتنتهي القصة نهاية مفاجئة حين ترفع المحكمة جلستها لتدارس الحكم الذي ستصدره ضد العربي.
كما تلقانا مجموعة قصص أخرى تشكل علامة بارزة في العمل النثري بشكل عام وهي سداسية الأيام الستة لكاتب مجهول اسمه أبو سلام من مدينة الناصرة في شمالي فلسطين المحتلة، وكان ينشرها بالتسلسل في مجلة الجديد 1968م. وفي هذا المجال تلقانا قصة قصيرة أخرى اسمها لأننا نحب الأرض لمحمد نفاع، نشرت في مجلة الجديد كذلك 1968م. كما تلقانا قصة قصيرة أخرى لعطا الله منصور اسمها رياض يعود إِلى بيته (1962م)، وقصة أخرى لسليم درويش اسمها نقطة دم نشرت في مجلة الفجر (1961م) وقصة ثالثة اسمها رنين الأجراس لعبد الرحمن محمد سعيد، وقد نشرت في مجلة الفجر كذلك (1962م).
ومما هو جدير بالملاحظة أن تلك القصص القصيرة كانت تركِّز ـ بالإضافة إلى المضامين السابقة التي أشرنا إليها ـ على نقد العلاقات الاجتماعية، كما كانت تتعامل مع مشكلات المؤسسة العربية الريفية وعلى الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الإنسان العربي الفلسطيني في بلده، فلسطين المحتلة.
كما أنه من الملاحظ ـ بوضوح ـ أن تلك القصص التي تشكو في الغالب من تصدُّع فني كبير، تشكو أيضًا من عجزها عن الوصول إلى المستوى الذي وصل إليه الشعر العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة.
أدب الانتفاضة العربية الفلسطينية
تفجَّر الغضب الشعبي في فلسطين التي احتلت عام 1967م إِثر هزيمة حزيران (يونيو) في التاسع من ديسمبر 1987م. وسرعان ما عرفت تلك الهبَّة بالانتفاضة ، تلك اللفظة التي أصبحت علامة بارزة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، وقد شارك في هذه الانتفاضة مختلف فئات الشعب الفلسطيني.
وفي ظل هذه الظروف، برز الأدب العربي الفلسطيني ليؤدي دوره في الانتفاضة وهب الشعراء يضمِّنون قصائدهم روح الجهاد والنضال، والمقاومة، والتحدي، كما تغنوا بوسائل المقاومة فالشاعر العربي الفلسطيني هارون هاشم رشيد يصور أطفال الحجارة الذين طال انتظاره لهم، يقول من قصيدته ثورة الحجارة :
لم يبق غيرك لي يا أيها الحجر فقد تخلت جموع أحجمت زمر
عشرون عامًا، وإِني في انتظارهم تجذُّرًا في ترابي يشمخ العمر
عشرون عامًا، وراياتي مخضبة بالدم شرَّفها أبطالنا الغرر
إلى أن يقول:
أسطورة المجد أطفال الحجارة في هذا الزمان الذي يهوي وينكسر
أسطورة المجد ما جاد الزمان لها جادت به طفلة في كفها حجر
أسطورة المجد ما الخنساء صابرة فعندنا ألف خنساء لها أثر
وعندنا ألف ألفٍ من شبيبتنا تلفحوا برداء الموت واتزروا
قد قالها الشاعر الشابّي من زمن لابد لابد أن القيد ينكسر
وإِنها ثورة للنصر زاحفة مهما دجت حولها واسودَّت الغير
وشاركت الشاعرة سلمى الريماوي بقصيدة (وتكلمت الحجارة) التي تحمل المضامين نفسها، تستنهض قومها لإِنقاذ فلسطين، قائلة:
أحقًا بدا في أرض كنعان نورها وقد ظهرت بعد الخسوف بدورها
وهزت ربوع الكون فيها انتفاضة يفتت أكباد العداة زفيرها
فقد نورت أرجاؤها وتكلمت حجارتها الصماء عزَّ نظيرها
فثار بنو قومي الأُباة ليثأروا لقدسهم الغراء ممن يضيرها
فيا أمة الإِسلام هل لك صولة لإِنقاذها يحي القلوب نفيرها
وقد ساهم الشعر الحر في معركة الانتفاضة أيضًا، فها هو شاعر الأرض المحتلة محمود درويش يقول من قصيدة بعنوان عابرون في كلام عابر:
أيها المارّون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءَكم، وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف ـ ومنا دمنا
منكم الفولاذ والغاز ـ ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى ـ ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز ـ ومنا المطر
ولم يقتصر شعر الانتفاضة على الشعراء العرب الفلسطينيين بل تجاوزه إِلى الشعراء العرب في جميع أقطار العالم العربي، فنجد قصائد جمة تحمل عناوين الحجارة وأطفال الحجارة على نحو: لغة الحجارة لعبد الرحمن العشماوي، طفل العقيدة لمحمود مفلح، كفانا الشبل والحجر لعلي الحسن، مع المناضلين بالحجارة لعبد الرحيم العبد الكريم، الفتية الأبابيل ليوسف العظم، الحجارة وسام الشهادة لعبد الله سالم الحميد، أطفال الحجارة لنزار قباني، نطق الحجر لشريف مرزوق دعسان وغيرهم وهم كُثر.