المهلهل
المُهَلْهَل ( ؟ - 100ق. هـ، ؟ - 521م). المهلهل ابن ربيعة، من شعراء الجاهلية، اسمه عدي وقيل امرؤ القيس. وهو أخو كُليب وائل الذي اندلعت بمقتله حرب بكر وتغلب. وكان كليب بن ربيعة أخًا للمهلهل، وأكبر منه سنًا، قاد قبيلة معد كلها يوم خُزاز فقضى على جموع اليمن وهزمهم، فاجتمعت عليه معدّ وجعلت له قَسم الملك وتاجه، وتحيته وطاعته، واستمر على ذلك حينًا من دهره، ثم دخله زهو شديد فبغى على قومه، حتى قالت العرب: "أعز من كليب وائل". نشبت بسبب مقتله حرب البسوس بين قبيلتي بكر وتغلب في أواخر القرن الخامس الميلادي. ويذكر الرواة أنها دامت أربعين سنة.
ويُرْوَى في سبب هذه الحرب أنّ البسوس بنت منقذ التميمية، خالة جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان البكري كانت نازلة في جواره، وكانت لها ناقة يقال لها سَراب. فمرت إبل لكليب وائل بسراب وهي معقولة بفناء البسوس، فلما رأت سراب الإبل خلخلت عقالها وتبعت إبل كليب واختلطت بها، حتى انتهت إلى كليب، فلما رآها كليب أنكرها ورماها بسهم في ضرعها، فنفرت سراب وولّت حتى بركت بفناء صاحبتها، وضرعها ينزف دمًا ولبنًا، فبرزت البسوس صارخة، يدها على رأسها تصيح واذلاّه؟ وأنشأت تقول:
لعمري، لو أصبحت في دار منقذ لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار غربة متى يَعْدُ فيها الذئب يعدُ على شاتي
فياسعد لا تُغْرَرْ بنفسك وارتحل فإنك في قوم عن الجار أموات
فلما سمع جساس صوتها أْسْكتها وقال : والله ليُقتلن غدًا جمل عظيم أعظم عقرًا من ناقتك.
غضب جساس لغضب خالته البسوس وثارت ثائرته، فانطلق إلى كليب فقتله. وكان مقتل كليب الشرارة التي أشعلت نيران هذه الحرب الضارية. تقول العرب ¸أشأم من سراب• و ¸أشأم من البسوس•.
وكان المهلهل بطل هذه الحرب، اجتمعت إليه وجوه قومه بعد مقتل أخيه، وأصبح رئيس تغلب. فنهض يطلب الثأر من قتلة أخيه بعد أن كان في حياة أخيه منصرفًا إلى متعه وملذاته، وكان كليب يسميه زير النساء، وإلى ذلك يشير المهلهل في قوله :
فلو نُبِشَ المقابر عن كليب فيْخبِرُ بالذنائب أي زير
والذنائب يوم من أعظم أيامهم، انتصرت فيه تغلب بقيادة زعيمها المهلهل على أعدائهم البكريين وقتلوا منهم أعدادًا كبيرة.
قاد المهلهل قبيلة تغلب من نصر إلى نصر. ثم بدأ ميزان الحرب يتحول لصالح قبائل بكر. وذلك حين دخل الحارث ابن عباد ـ سيد قبائل بكر كلها ـ الحرب، وكان قد اعتزلها منذ بدايتها. إلا أن قتل مهلهل لابنه بجير دفعه لدخول الحرب والمطالبة بثأر قبيلته. وقد أوقع بتغلب في يوم قِضَة (وهو يوم تحلاق اللِّمم) وفيه أسر الحارث مهلهلاً وهو لا يعرفه ثم أطلق سراحه وقال فيه:
لهف نفسي على عدي ولم أعرف عديًا إذْ أمكنتني اليدان
واختلف الرواة حول نهاية المهلهل، فمن قائل إنه مات، ومن قائل إنه قتل. ويقال إن وفاته كانت في أوائل القرن السادس الميلادي.
وأكثر الرواة يجمعون على أنه لُقِّب بالمهلهل لأنه هلهل الشعر يعني سلسل بناءه، كما يقال ثوب مهلهل، إذا كان خفيفًا، أو لأنه أول من رقق الشعر وتجنب الكلام الغريب والحوشي، وهو خال امرئ القيس بن حُجْر الكندي، وجدّ عمرو بن كلثوم الشاعر لأمه. وقد أشار الفرزدق في قصيدة له إلى أشهر شعراء الجاهلية فقال عن المهلهل:
"ومهلهل الشعراء ذاك الأول"
والمهلهل أهم شاعر ظهر في حرب البسوس. وشعره يعد وثيقة تاريخية لهذه الحرب، وهو بإجماع الرواة أول من قصّد القصائد، وذكر الوقائع، وكانت القصيدة العربية قبله أبياتًا مفردة أو مقطوعات قصيرة. ذكره ابن سلام في طبقاته فقال عنه: ¸وزعمت العرب أنه كان يدعي في شعره، ويتكثر في قوله بأكثر من فعله•.
وأغلب شعره في المصادر يغلب عليه التهديد والوعيد، وهو في قصائده ومقطوعاته يعبِّر عن إحساسه بوقع فجيعته. فقد ألحّ عليه الحزن، فبالغ في تهديد بني بكر. وشعره يعكس ماتفيض به نفسه من مشاعر الحقد والغيظ والرغبة في الانتقام.
ومن أبياته الشهيرة التي قالها في رثاء أخيه كُليب:
نُبئتُ أن النار بعدك أوُقدت واستَبَّ بعدك يا كليب المجلسُ
وتكلموا في أمرِ كل عظيمة لو كنت شاهدهم بها لم يَنْبِسُوا
ثم يقول في قصيدة أخرى:
دعوتك يا كليب فلم تجبني وكيف يجيبني البلد القفار
أجبني يا كليب خلاك ذمٌ لقد فُجِعَتْ بفارسها نزار
أم كلثوم
Ommu- Kalthum
أم كلثوم (1910م- 1975م). أشهر مغنية عربية وهي معروفة بكوكب الشرق، واسمها الأصلي فاطمة إبراهيم.
ولدت أم كلثوم في قرية طماي الزهايرة التابعة لمحافظة الدقهلية إحدى محافظات الوجه البحري بمصر. وقد تلقت تعليماً دينياً تقليدياً وحفظت القرآن الكريم. وعندما كانت طفلة صغيرة أدرك مدرسوها أنها تتمتع بصوت قوي ذي نبرات رنانة شجية ولديها موهبة موسيقية بارزة. انتقلت إلى القاهرة وتحولت من الاهتمام باللون الديني إلى الموسيقى الشعبية.
اشتهرت أم كلثوم وهي في سن مبكرة. وفي العشرينيات من عمرها أصبحت شخصية معروفة وطنياً. وقد اهتمت باللغة العربية وأدائها وحرصت على تقريبها من الجماهير المتشوقة للفن والموسيقى. وعلى مدى سنوات طويلة غنت لمعظم الشعراء المعاصرين المصريين أمثال أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعزيز أباظة وأحمد رامي وكامل الشناوي وإبراهيم ناجي كما غنت لأبرز شعراء العرب مثل الأمير عبدالله الفيصل واللبناني جورج جورداق والسوداني الهادي آدم والشاعر الباكستاني محمد إقبال. ومن التراث قدمت عدداً من القصائد منها قصيدة أراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني.
تميزت أم كلثوم في كل أعمالها بالحرص الشديد على تطوير أدائها وتنويع عالمها الموسيقي بالجدية والدراسة في إطار أهداف قومية عربية. ومن أشهر القصائد التي ذاعت لها في هذا المجال وُلد الهدى فالكائنات ضياء لأمير الشعراء أحمد شوقي؛ نهج البردة؛ أصبح عندي بندقية؛ أنا الشعب؛ مصر تتحدث عن نفسها للشاعر حافظ إبراهيم؛ الأطلال لإبراهيم ناجي... وغيرها.
لم تهتم أم كلثوم بالسينما كغيرها من الفنانين واكتفت بتقديم عدة أفلام أشهرها فاطمة، وسلاَّمة، ووداد، ودنانير. وبالرغم من ثروتها فقد عاشت عيشة متواضعة.كانت أم كلثوم تجود بسخاء على الفقراء في مصر، وقد كانت مناسبة وفاتها حداداً قوميًا وكانت جنازتها من النوع الذي يقام لرؤساء الدول.
المقاطعة الشمالية
المقام
المقالة
Essay
المقالات الشخصية
المقالات المنهجية
________________________________________
المقالة بحث قصير غير قصصي، يعرض رأي الكاتب في موضوع معين، أو تحليله له. وتشكِّل المقالة جزءًا كبيرًا من الأدب النَّثريّ الذي يتضمن أنواعًا عديدة من الكتابة، مثل نقد كتاب، ومقالات المجلات، وافتتاحيات الصحف. وللمقالة نوعان رئيسيان هما: المقالة الشخصية والمقالة المنهجية. تكتب المقالة الشخصية بأسلوب عفوي، أما المقالة المنهجية فمنظَّمة بشكل دقيق، وأكثر جدية من المقالة الشخصية. وقد استخدم الكتَّاب على مَر السنين أساليب ومداخل عديدة في كتابة نوعي المقالات.
المقالات الشخصية. ابتكرها الكاتب الفرنسي ميشيل دي مونتين في القرن السادس عشر الميلادي، وكان أول كاتب يرسِّخ فنَّ المقالة بوصفه نوعًا أدبيًّا منفصلاًً عام 1580م، وظهر ذلك في مجموعة كتاباته الواقعة في مجلدين والتي سمَّاها محاولات ـ لأن مقالاته كانت استكشافية وغير منهجية. وناقشت مقالاته مواضيع مثل الكسل والحكم والكذب. لقد كتب جوزيف أديسون والسير ريتشارد ستيل، وهما كاتبا مقالة إنجليزيان من كُتَّاب أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، عن آراء وأذواق الشعب الإنجليزي. وبينما كانت مقالات أديسون مُحكمة وواضحة، كانت مقالات ستيل أكثر عامية وعفوية، وقد أصدرا معًا دوريتيْن الأولى: ذا تاتلر (1709 - 1711م) والثانية المتفرج (1711 - 1712م) وقد كتبا لهاتين الدوريتيْن مقالات عديدة. وكتب تشارلز لامب وهو مؤلف إنجليزي عاش في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، كتب مقالات عن أشخاص وأحداث في حياته، وتحتوي مقالاته على أفكار مثيرة، وهي مكتوبة بأسلوب عفوي، وفي بعض الأحيان بأسلوب فكاهي. وقد نشرت أعماله في مجموعات عديدة بما فيها مقالات إيليا (1823م)؛ مقالات إيليا الأخيرة (1833م).
ألف الكاتب الأمريكي أوليفر وندل هولمز في القرن التاسع عشر ـ مقالات شخصية فكاهية، في كتابه الشهير حاكم طاولة الإفطار (1858م) الذي يتألف من اثنتي عشرة مقالة يُفْتَرَض أنها تصف حوارات على مائدة الإفطار في ضيافة، إلا أنها في الحقيقة تعبر عن آراء هولمز في طبيعة البشر والعلم ومواضيع أخرى.
أمَّا المحرر والصحفي الأمريكي هـ . ل منكن فقد نُشرت مقالاته المهمَّة خلال القرن العشرين. انتقد في مقالاته المكتوبة بأسلوب هجومي منوع، مواقف الطبقة الوسطى في المجتمع الأمريكي، ونُشرت مقالاته في الصحف والمجلات. وكتب الكاتب البريطاني جورج أورويل مقالات شخصية انتقدت بشدة الظلم الاجتماعي والنفوذ السياسي خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين. ونشرت له أول مجموعة مقالات باسم داخل الحوت (1940م).
المقالات المنهجية. طورها السير فرانسيس بيكون، وهو فيلسوف إنجليزي ورجل دولة عاش في منتصف القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر الميلاديين، وقد كان أول كاتب مقالة إنجليزي. وأحد أشهر أعماله كانت عام 1597م، وهو مجموعة من عشر مقالات توضح كيف يعيش حياة معقولة. وهذه المقالات قصيرة ومجردة ومتقنة، وتعالج مواضيع مثل الموت والخوف والحقيقة والثراء. وكتب الشاعر ألكسندر بوب، وهو شاعر إنجليزي عاش في القرن الثامن عشر الميلادي، المقالات المنهجية شعرًا، ففي مقالة عن النقد استخدم بوب الشعر لتوضيح كيف يجب انتقاد الشعر. وقام أيضًا بمناقشة أعمال عدة شعراء شهيرين في مقالته التثقيفية. ومن أعماله الأخرى مقالة عن الإنسان (1733 - 1734م)؛ مقالات أخلاقية (1731 - 1735م).
كان الناقد الإنجليزي وليم هازليت أحد أفضل كتاب المقالة المنهجية في أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر الميلادي، وكتب مجموعة مقالات نقدية سمَّاها شخصيات مسرحيات شكسبير (1817م)، ناقش فيها شخصيات عديدة من مسرحيات شكسبير. وكتابات هازليت عفوية ولكنها منظمة بشكل منطقي، كما أنه كتب العديد من المقالات الشخصية الجيدة. وكان المؤلف الأمريكي رالف والدو أمرسون كاتب مقالات مهمة، كتب العديد من المقالات حول الأخلاق والفلسفة. وكتابه الطبيعة (1836م) مقالة توضح المبادئ المعقدة، وهي حركة فلسفية ساهم في إنشائها. وكتبت سوزان سونتاج ـ وهي كاتبة مقالات في أواخر القرن العشرين ـ مقالات منهجية عن مجموعة كبيرة من المواضيع، فعلى سبيل المثال: مقالاتها عام 1969م تتحدث عن الفن والفلسفة والسينما. وتمتاز مقالاتها بأنها نقدية بشكل كبير، ومكتوبة بأسلوب مجرد وصحيح.
في العالم العربي نجد أن المقالة باعتبارها فنًّا أدبيًّا قائمًا بذاته أمر جديد في الأدب العربي، إلا أنها كانت موجودة بوصفها رسالة وبحثًا مصغرًا منذ أزمان بعيدة كرسائل إخوان الصفا. غير أن المقالة ارتبطت ارتباطًا شديدًا بتاريخ الصحافة العربية ونهضتها الشاملة منذ بداية القرن العشرين، حيث امتلأت الجرائد اليومية والمجلات بعشرات المقالات التي شرع فيها الكتاب العرب أقلامهم أيام أن كانت مجلة الرسالة قائمة. وظل الأمر على هذا الحال حتى بلغ مداه وارتفع مستواه الفني في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين على يد طه حسين والعقاد وعبد الرحمن شكري وعبدالقادر المازني وزكي مبارك والرافعي ومحمد رشيد رضا ومحمد كرد علي وميخائيل نُعَيْمة وخليل مطران وجبران خليل جبران. وفي أواخر القرن العشرين الميلادي، يلمس القارئ العربي تطوّرًا في المقالة السياسية والأدبية والعلمية لدى عشرات الكتاب التي توالي الصحافة وغيرها من وسائل الاتصال في العالم العربي نشر مقالاتهم.
انظر أيضًا: الصحافة؛ العربي، الأدب؛ الأدب.