إنها هاتف، وتلغراف، وراديو، وتلفاز، ودش، وصحف، ومجلات، وحاسب وغيرها من وسائل الاتصال المرئية والمسموعة الصغيرة والكبيرة، المحمولة والموصولة بشبكات نقل إلكترونية، والمتصلة بشبكات كهرطيسية تنقل الأخبار وتبث الصور بسرعة تفوق سرعة الضوء، محوِّلة العالم الكبير إلى حي صغير من أحياء مدينة واسعة يجري تناقل أخباره في كل زمان ومكان، ناقلة آخر ما توصل إليه العالم من اكتشافات وما جرى فيه من حوادث وكوارث طبيعية وغير طبيعية، باثة الأخبار السياسية والفنية والاجتماعية والتعليمية والدينية والثقافية، فما مدى تأثير هذه الوسائل علينا؟ وهل كل ما يبث من خلال هذه الوسائل يتناسب مع قيمنا وأخلاقنا وتربيتنا وينسجم مع معتقداتنا؟
تعريف الاتصال
الاتصال يعني المشاركة، وبحسب الأصل اللغوي هو الاشتراك في المعلومات، أو تبادل المعلومات والمشاعر والاتجاهات.
وقد عرَّف قاموس أكسفورد الاتصال بأنه نقل الأفكار والمعلومات وتوصيلها أو تبادلها (بالكلام أو الكتابة أو الإشارة). ويجري هذا التبادل بين مرسِل ومتلقٍ، أو مرسل ومستقبلين، أو عدد من المرسلين وعدد من المستقبلين.
وعُرِّف الاتصال أيضاً بأنه عملية تفاعل اجتماعي تهدف إلى تقوية الصلات الاجتماعية في المجتمع عن طريق تبادل المعلومات والأفكار والمشاعر، التي تؤدي إلى التفاهم والتعاطف والتحابب أو التباغض، وهذا التفاعل الاجتماعي يستخدمه الناس لبناء معانٍ تشكل في عقولهم صوراً ذهنية للعالم يتبادلونها عن طريق الرموز.
عناصر الاتصال
بناءً على التعريف السابق يكون الاتصال عملية، وهذا يعني سلسلة من العمليات والأحداث المستمرة والمتحركة دائماً باتجاه هدف ما. فالاتصال ليس كياناً جامداً أو ثابتاً في دنيا محررة من الزمان والمكان، وإنما هو عملية ديناميكية يجري استخدامها لنقل معان وقيم اجتماعية وخبرات مشتركة.
ويكون المتصِل، أو القائم بالاتصال، شخصاً أو شركة أو مؤسسة، وهو الذي يوجه رسالة إلى شخص ما.
وتكون الرسالة هي المعلومات والآراء والمشاعر والاتجاهات التي يرغب المتصل بإيصالها إلى الآخرين عبر مجموعة من الرموز الشفوية أو الكتابية أو الحركية أو الإشارات، وقد تكون الرسالة خليطاً من هذا وذاك.
والمتلقي هو الطرف الآخر في عملية الاتصال الذي يتلقى الرسالة، وقد يكون فرداً أو جماعة أو مؤسسة أو جمهوراً.
والهدف من عملية الاتصال قد يكون نشر معلومة أو ترويج فكرة أو تصحيح معتقد أو غير ذلك.
وقد تتعرض الرسالة إلى التشويش، الذي هو مجموعة من العناصر، التي تتداخل مع عملية الاتصال، وتؤدي إلى تغيير المعلومة وعدم إيصالها إلى الآخرين. وعلى هذا، فالاتصال لا يجري بمعزل عن الآخرين، وهو يتأثر بالظروف البيئية المحيطة.
ومن هنا، فعملية الاتصال تتطلب عناصر هي: المصدر، المُستقبـِل، الرسالة، الوسيلة.
لقد أدركت معظم وكالات الاتصال أهمية التواصل وخطورته ودوره الكبير في عصر العولمة، لذا تسابقت هذه الوكالات لامتلاك وسائل اتصال جديدة تمكنها من بسط سيطرتها وبث ما ترغب فيه من معلومات تخدم مصالحها وتروِّج لها، وسعت هذه الوكالات لتأمين شبكة سريعة فيما بينها لتضمن سرعة الوصول وتأمين انتشار المعلومات، بغض النظر عن مدى صدق ما يُقدَّم أو صحته، ولم تكتف هذه الوكالات بهذا فحسب، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ خصصت جزءاً من أرباحها المادية لتسخير التطور العلمي والتقدم التكنولوجي لخدمة هذه الوسائل وتطويرها، وهذا ما يفسر التنوع الكبير والتطور الملحوظ في طرق الاتصال، والانتقال السريع والمباشر من الاتصال المسموع، الذي يعتمد على توصيل المعلومات عن طريق الكلام المنطوق أو المكتوب، وهو الأسلوب الذي لاقى رواجاً كبيراً في بداية القرن الماضي، إلى وسائل اتصال جديدة تعتمد على التواصل عن طريق الحركة واللون والصوت والصورة والرموز وغير ذلك.
ويعد الاتصال المتلفز عن طريق القنوات الفضائية من أخطر أنواع الاتصالات، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، من أهمها: اتساع شريحة المتلقين، واختلاف أعمارهم وانتماءاتهم الفكرية والمذهبية، وهذا ما يضعنا على مفترق طرق كبير، إذ لا يمكن فرض الوصاية على ما يُرى أو يُسمع أو يصل من معلومات صحيحة أو خاطئة، إضافة إلى أنه لا يمكن وضع الناشئة في حصن منيع لحمايتهم، فالمعلومات لا بد أن تصلهم بطرق شتى ومتنوعة تنوع الوسائل نفسها.
ولهذا، فإن على عاتق وسائل الاتصال مهمة كبيرة وهي تزويد المتلقي بمجموعة من المعلومات الجديدة والصحيحة، وتصحيح المعلومات والمفاهيم الخاطئة، وإن كان ذلك لا يحدث في الواقع دائماً، إذ تكون المعلومات الواصلة ناقصة أو شكل أنصاف حقائق، مما يتطلب من المتلقي شحذ همته لتقصي مدى صحة هذه المعلومات.