إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ...
من يهده الله فلا مضل الله و من يضلل فلا هادي له ...
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله ...
و بعد :
علمنا التاريخ دروسا لا تنسى ، و الحكمة ضالة المؤمن عليه بها أينما وجدها كما قال الحكماء !
من الدروس التي علمنا التاريخ إياها أن الرجال مواقف و أن الجميع رائح إلى ربه !
و لكن شتان بين روحة و روحة !
علمنا تاريخ الأندلس الكثير من الدروس التي تبين لحكامنا ما عليهم فعله تجاه أزماتنا ...
تجاه أعدائنا ، أعدائنا من الداخل و الخارج !
و لكن أعداء الداخل أشد فتكا و خطورة !
عنوان الموضوع كلمة صغيرة بعثها رجل عظيم من أعظم قادة الإسلام على مر العصور
و قصتها أن ملك النصارى ألفونسو بدأ بإسقاط إمارات ملوك الطوائف الواحدة تلو الأخرى بما فيها تلك التي
كانت تدفع له الجزية ، فأسقط إمارات إسلامية عديدة حتى وصل إلى إشبيلية البعيدة نسبيا عن مملكته
و كان حاكما على إشبيلية " المعتمد على الله ابن عباد " فحاصر إشبيلية حصارا شديدا ...
فأيقن المعتمد على الله ابن عباد بالهلكة فتشاور الناس فيما بينهم و أيقنوا بضرورة الاستعانة
بالمرابطين اللمتونيين !
أرسل الأمراء رجال العلم و الدين إلى ملك المرابطين يوسف ابن تاشفين عليه رحمة الله ليطلبوا
مساعدته فقام من فوره ، و لكن بحكمته و رغم أن جيش المرابطين في ذلك الوقت كان يبلغ قرابة
500 ألف مقاتل إلا أنه لم يأخذ معه سوى 10 آلاف مقاتل فقط !
عبر جيش و على رأسه يوسف ابن تاشفين و كبير قواد الجيش داوود ابن عائشة ...
عبرو مضيق جبل طارق و حطوا الرحال ببلاد الأندلس ثم واصلوا التقدم شمالا نحو قشتالة ...
و بالطريق التحقت جيوش الأندلسيين ليبلغ عدد المسلمين 30 ألف مقاتل !
سمع ملك النصارى ألفونسو بالخبر فجهز 60 ألف مقاتل لقتال المسلمين على رأسهم الرهبان يحملون
الصليب و أيضا تصوروا من ؟ اليهود !
اليهود من أصحاب الأموال رافقوا الجيش لماذا ؟ ليشتروا أسرى المسلمين في المعركة !
و في ذلك الوقت أرسال يوسف عليه رحمة الله رسالة إلى ملك النصارى ألفونسو الذي كانت
كانت ترتعد فرائص ملوك الطوائف من ذكر اسمه أرسل له رسالة يدعوه فيها إلى اعتناق الإسلام
أول الجزية أو الحرب ! و أمهله ثلاثة أيام !
تعجب ملك النصارى ألفونسو من رسالة قائد المرابطين عليه رحمة الله ذلك أن ملوك الطوائف
كانوا يدفعون له الجزية عن يد و هو صاغرون و يهينهم فوق ذلك دون أن يحركوا ساكنين
فغضب غضبا شديدا و أرسل إلى يوسف رسالة يهدده فيها و يقول له : " و قد اخترت الحرب فما
ردك على ذلك ؟ "
فأجابه يوسف بجملة واحدة حفظها له التاريخ ، و أرعبت ألفونسو و جيشه قال له :
" الجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه بأذنك " !
و التقى الجيشان بعدها في معركة شهيرة هي من أعظم المعارك في التاريخ الإسلامي قتل فيها من
جيش النصارى البالغ 60 ألفا 59 ألفا و 650 مقاتل فر 350 مقاتلا فقط من بينهم ألفونسوا بساق
واحدة !
فصدق يوسف و كان الجواب ما رآه بعينه لا ما سمعه بأذنه !
نسقط هذه على حالنا اليوم ذل و هوان و انتهاك لحرمات و مقدسات المسلمين من أبسطها إلى
أعظمها ، و الأدهى من ذلك أن ترى كتبا من التنديد و الاستنكار و الشجب دون رد فعل عملي
واحد !
و الأدهى من ذلك أن ردود الاستنكار و الشجب و قد تـُغـَّـيـب في كثير من الأحيان !
و الأمر من ذلك أن دولا " شقيقة " تشارك في العدوان على مدنيين عزل بالتحالف مع قوى
مغتصبة !
فينتهك الحرم القدسي و " تستمع " إلى قائمة طويلة من الشاجبين و المستنكرين و المنددين لكن
دون رد فعلي عملي واحد !
و يفجر العراق الحبيب و ينكل بأهله و يقتل رجاله و نسائه و علماؤه و أدمغته و تنهب خيراته و
أمواله ، و تثقب رؤوس أهاليه بالمثقاب الكهربائي ، و يمثل بالجثث ، و ترى تلفزيونات دول شقيقة
تبث هذه المآسي في " شريط المختصرات " ! ، و يستهزأ بعقول العرب و المسلمين و العراقيين
بحجة العملية السياسية ، ولا تسمع سوى عبارات الشجب و الاستنكار و التنديد ، و أحيانا الخرس
النهائي و التبكم إرضاءا للقائد الأكبر الذي نهب البلاد و العباد !
و يعيث النصارى فسادا في أرض الصومال المسلمة ، لكن هنا الأمر مختلف فأصبحت هذه البلاد
الإسلامية " نسيا منسيا " فلا أثر لها حتى في " شريط المختصرات " !
فحالنا اليوم هي كثرة اللغط و اللف و الدوران دون فعل يذكر !
فانظر رحمني الله و إياك إلى كلمة واحدة تبعها فعل يرضاه الله و رسوله كيف حفظها التاريخ
لصاحبها و جعلها نورا يضيئ سماءه على مر العصور !
و انظر إلى اللغط الفارغ الذي تدوخ به عقولنا كيف يطوى و يرمى في مزبلة التاريخ !
فأين نحن و أين حكامنا من هؤلاء العظماء ؟
و أين هم من مقولة :
" الجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه بأذنك ؟ "
و السلام على من اتبع الهدى
منقوووول