اخدمي زوجك تملكي قلبه
تعد طاعة الزوجة لزوجها من الأمور الهامة والمساعدة على دوام السعادة الزوجية بين الزوجين، فالزوجة التي تتأبى على خدمة زوجها ورعايته أو التي تتكاسل في ذلك تعطيه الذريعة أن يبحث له عن امرأة أخرى تقوم على رعايته وتلبي طلباته واحتياجاته، فالزوج يحتاج إلى رعاية المرأة وعنايتها الدائمة له في مختلف شئونه.
كما أن خدمة الزوجة لزوجها يعد مظهرًا من مظاهر المشاركة والتعاون في بناء الأسرة، ولازم من لوازم توفير الراحة والسكن والاستقرار.
وخدمة الزوج تتمثل في تجهيز الأكل له، وكذلك تجهيز الملابس، وأيضًا تنظيف البيت، واستقبال الضيوف، مع احترام مواعيد الزوج في النوم والأكل.
وقد أوصت أُم إياس ابنتها وهي مقبلة على الزواج بنصائح؛ كان منها: (التعاهد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فحرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة) [محاضرات الأدباء، الراغب الأصفهاني، (1/415)].
أنتِ منبع السكينة
والمرأة في البيت هي التي تحقق للزوج الهدوء والراحة والسكينة والأنس بسعيها في خدمته، فهي بمثابة واحة الأمن والراحة والاستقرار للرجل في البيت، والمرأة كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم) [متفق عليه].
(وشئون البيت متعددة ومتداخلة، ولذلك فإن قرار المرأة في بيتها وسعي الرجل خارجه؛ جعل أكثر ما يتعلق بشئون البيت من مسئوليات المرأة بحكم الواقع) [بالمعروف ... حتى يعود الدفء العاطفي إلى بيوتنا، د.أكرم رضا، ص(242)].
وحتى المرأة التي تعمل لا يليق بها أن تتقاعس عن هذه المهمة العظيمة، وإني لأعرف الكثيرات من النساء ممن ترجع إحداهن من العمل ثم تتجه إلى شئون بيتها، فتبدأ بتجهيز الأكل ثم غسل الأواني، وترتيب المنزل وغير ذلك من أعمال البيت، بالإضافة إلى ذلك شئون أولادها والمذاكرة لهم ومتابعتهم دراسيًّا.
نماذج رائعة:
إنها نماذج من نساء القرون المفضلة، كنَّ في خدمة أزواجهن، وجعلن ذلك قربة لله يطلبن بها رضا الله، فكانت الواحدة منهن مهما علا شأنها لا تستنكف أن تخدم زوجها.
أسماء بنت أبي بكر وزوجها الزبير بن العوام:
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأستقي الماء، وأفرز غربه، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكنَّ نسوة صدق.
وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي منِّي على ثلثي فرسخ، فجئتُ يومًا والنوى على رأسي، فلقيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: (إخ إخ)؛ ليحملني خلفه، فاستحييتُ أن أسير مع الرجال، وذكرتُ الزبير وغيرته، وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييتُ فمضى.
فجئتُ الزبيرَ فقلتُ: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب فاستحييتُ منه، وعرفتُ غيرتك.
فقال: والله، لحملك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني) [متفق عليه].
وقد أقر الرسول صلى الله عليه وسلم خدمة أسماء لفرس زوجها، كما قال ابن القيم: (ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أسماء والنوى على رأسها والزبير زوجها معه لم يقل له صلى الله عليه وسلم: لا خدمة عليها، وأن هذا ظلم لها، بل أقره على استخدامها، وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهن، مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية) [زاد المعاد، ابن القيم، (4/33)].
زوجة جابر بن عبد الله ترعى أولاده:
ولما تزوج جابر بن عبد الله ثيبًا، وسأله النبي صلى الله عليه وسلم: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟!)، فقال: إن عبد الله هلك وترك تسع بنات ـ أو سبع ـ وإني كرهت أن آتيهن أو أجيئهن بمثلهن، فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (بارك الله لك) [رواه مسلم]، وعلَّق النووي على الحديث بقوله: (فيه جواز خدمة المرأة زوجَها وأولادَها وعياله برضاها، وأما من غير رضافها فلا) [شرح النووي على مسلم، (5/203)].
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تخدم زوجها:
وهذه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة، وهي تعيش مع زوجها علي بن أبي طالب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من المبشرين بالجنة.
يحكي لنا هذه الحكاية علي نفسه t، حيث جلس إليه أحد التابعين واسمه ابن أعبد فقال له علي: (ألا أحدثك عني وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت من أحب أهله إليه، وكانت عندي؟ قلتُ: بلى.
قال: إنها جرَّت بالرحا حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى أغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم، فقلتُ لها: لو أتيتِ أباكِ فسألتِه خادمًا؛ فأتته فوجدت عنده حدثاء فرجعت، فأتاها من الغد فقال: (ما كان حاجتك؟)؛ فسكتت.
فقلتُ: أنا أُحدثك يا رسول الله، جرت بالرحا حتى أثَّرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثَّرت في نحرها، فلما أن جاء الخدم أمرتُها أن تأتيك فتستخدمك خادمًا يقيها حر ما هي فيه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك ما هو خير لك منه؟ تسبحين الله عند منامك ثلاثًا وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبرين الله أربعًا وثلاثين)[رواه البخاري].
يقول ابن حجر في شرح الحديث: (أن فاطمة لما سألت أباها صلى الله عليه وسلم الخادم؛ لم يأمر زوجها بأن يكفيها ذلك، إما بإخدامها خادمًا أو باستئجار من يقوم بذلك، أو بتعاطي ذلك بنفسه، ولو كانت كفاية ذلك إلى علي لأمره به) [فتح الباري، ابن حجر، (9/506-507)].
وقال ابن القيم: (هذا أمر لا ريب فيه، ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة، وفقيرة وغنية، فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجَها، وجاءت الرسولَ صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة فلم يشكها، أي لم يسمع شكاويها) [زاد المعاد، ابن القيم، (5/169)].
امرأة من الصحابة:
وعن الحصين بن محصن، أن عمَّة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أذات زوج أنت؟)، قالت: نعم، قال: (كيف أنتِ له؟)، قالت: ما آلوه إلا ما عجزتُ عنه، قال: (فانظري أين أنتِ منه؟ فإنما هو جنتك ونارك) [وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (1933)]، وما آلوه: أي لا أقصر في خدمته.
وفي هذا دليل على عظم مكانة الزوج وعلو قدره، فإنه سبيل المرأة إلى النار أو إلى الجنة.
أترضين بهذا الموقف؟
وأنا أسألك الآن إذا رأيتِ أحد محارمك من الرجال وهو متزوج ملابسه غير نظيفة، أو غير مكوية، أو أحد الأزرار مخلوعة ولم تركب له زوجته غيره، فكيف تكون نظرتك لهذه الزوجة؟!
(إن اهتمام الزوجة بزوجها ونظافته وملابسه وطعامه هو دليل على صلاح الزوجة، ولاشك ينعكس هذا على استقرار الزوجين واستقرار الأسرة أيضًا.
فالزوج يحب الزوجة التي تهتم به، وتهتم بما يحب من الطعام والشراب والملبس، فاحرصي أيتها الزوجة على ما يرضيه في مطعمه ومشربه، وعلى ما يبرز نظافته وأناقته في ملبسه، وعليكِ أن تتفقديها فتصلحي ما يحتاج إلى إصلاح.
أعدي له طعامه في الوقت الذي يرغبه، فلا يعود من عمله خارج البيت متعبًا جائعًا والطعام لم يُعد بعد، أو لا يزال يُطهى، فإن ذلك يغضبه غضبًا شديدًا، إن هذه الأمور سهلة ويسيرة ولكن التهاون بها قد يجعل منها مشكلة؛ فانتبهي) [دروس تربوية للمرأة المسلمة، عصام محمد الشريف، ص(63)].
وماذا بعد الكلام؟
1. احرصي على مواعيد طعام زوجك ولا تقصري في ذلك مهما كانت مشاغلك.
2. لا تتركي زوجك ينزل عمله صباحًا بملابس غير مكوية أو غير نظيفة، فنظافته وحسن هندامه علامة على فطنتك وحسن رعايتك.
3. احرصي على أن يكون بيتك نظيفًا دائمًا لكي لا تقع عينا زوجك على ما يؤذيه داخل البيت.
_منقول_