عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال " رواه مسلم .
فلماذا هذه العشر خاصة ، لابد أن فيها شيئا متعلقا بالوقاية والحفظ من الفتن ، لأن من حفظها يُحفظ من شر فتنة ستكون على وجه الأرض : فتنة المسيح الدجال .
نعم فمفتاح السورة في قوله : " ولم يجعل له عوجا .. قيما " أي مستقيما ، إنه حديث الاستقامة الذي ابتدأناه بالأمس ، وذكرنا عشر خطوات عملية له ، وها أنا أزيدكم سبعًا من مفتتح سورة الكهف .
... حتى تستقيم أكمل عدة الاستقامة
(1) بشدة الارتباط بالقرآن .
" قيما "
" إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم "
يقولون : كل من اقترب من القرآن يأخذ من أوصافه ، فالقرآن كريم وكلما اقتربت منه وعملت به صرت كريما ، وهكذا القرآن لا اعوجاج فيه فهو يهدي إلى صراط مستقيم ، وأنت إذا اقتربت منه أكثر اتصفت بصفته .
(2) فقه سياسة النفس
بأن تعطيها الجزرة حال الترغيب وتعطيها العصا حال الترهيب وإلا لن تستقيم أبدًا هذا ( لينذر ...... ويبشر )
(3) املك عليك لسانك .
فلا يستقيم قلبك حتى يستقيم لسانك ، والاعوجاج يكون دائما بسبب آفات اللسان ، فحذار من الغيبة والنميمة والكذب والبهتان والخوض بالباطل ، فالكلمة قد تهوي بها في النار سبعين خريفا .
لذلك " كبرت كلمة تخرج من أفواههم "
(4) الاتباع .
فعليك بخير الهدي ، هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، لا تزيد عليه ولا تنقص ، لأن الاستقامة بين طرفي النقيض ، بين الغلو والتفريط .
وهذا مقتضى " فلعلك باخع نفسك " فليس عليك إلا العمل وليست لك النتائج ، وليس عليك إلا البذل وعلى الله القبول ، فكن على خير الهدي.
(5) فهم حقيقة الدنيا
فلا يزيغ القلب مثلها " حتى لا يزيغ قلب إن أزاغه إلا هي " ولذلك لو فهمت مآل الدنيا وحقيقتها ، لم تلتفت لها ، وعلمت أنها مجرد زينة ، وأن أفضلنا وأكثرنا استقامة وأعظمنا فضلا أكثرنا زهادة فيها
" إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " فهذه آخرة الدنيا .
(6) الانقطاع لله .
" إذ أوى الفتية إلى الكهف " لابد لك من كهف تعتزل فيه الفتن ، بمعنى أوفات تخلو فيها بالله ، لتستغفر وتتضرع وتجدد توبتك ، وتذكر الله " خاليا " فتفيض عيناك .
(7) الدعاء ... الدعاء .
" ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا "
إنها سبع علامات في مواجهة سبعة أبواب لجهنم ، فالتزمها تستقم .
اللهم اهدنا الصراط المستقيم ، واجعلنا ممن يحبونك ، ويرضونك ، وباعد بيننا وبين المعاصي والذنوب كما باعدت بين المشرق والمغرب .