قال أبي الطيب المتنبي في مرض سيف الدولة:
المَجدُ عوفِي إِذ عوفِيتَ وَالكَرَمُ * وَزالَ عَنكَ إِلى أَعدائِكَ الأَلَمُ
وَما أَخُصُّكَ في بُرءٍ بِتَهنِئَةٍ * إِذا سَلِمتَ فَكُلُّ الناسِ قَد سَلِموا
ومن ألطف ما قيل في المرض قول الشهرزوري الشاعر الأعجوبة:
مَرِضَ الْحَبِيبُ فعدتُّه * فَمَرِضْتُ ِمْن خَوْفِي عَلَيهْ
وَأَتَى الْحَبِيبُ يَزُورُنِي * فَشَفِيتُ مِنْ نَظَرِي إِلَيهْ
ودخل الصحابة على أبي بكر الصديق وهو مريض فقالوا «ألا ندعو لك طبيبا؟»، فقال «الطبيب قد رآني»، فقالوا «ماذا قال؟»، قال «إني فعال لما أريد»، فنظمها بعضهم فقال:
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي * والذي قد أصابني من طبيبي ؟
ومن أجمل قصائد المتنبي على الإطلاق ميمية الحمى الرائعة الذائعة التي يقول فيها:
وزائِرَتي كَأَنَّ بها حَياءً * فَلَيسَ تَزورُ إِلا في الظَلامِ
بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا * فَعافَتها وَباتَت في عِظامي
أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ * فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ ؟
والمرض تنبيه وكفارة وطهارة وتذكير بالصحة وكسر للنفس الأمّارة، وهو في حق المؤمن أجر ومثوبة وتطهير من الخطايا وحط من السيئات كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم « لا يصيب المؤمن من هم ولا وصب ولا نصب ولا مرض حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله به من خطاياه » (متفق عليه).. والمرض في القرآن ثلاثة أقسام: مرض شبهة ومرض شهوة ومرض بدن.. فمرض الشبهة هو مرض الكفر والنفاق كما قال تعالى « فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا »، ومرض الشهوة هو مرض التطلع للفواحش كما قال تعالى « فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ »، أما مرض البدن ففي قوله تعالى « فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ »، وأشدها وأفتكها وأخطرها مرض الشبهة لأن مصير صاحبه إلى النار، ومرض الشهوة يرجى لصاحبه العافية بالتوبة، أما مرض البدن فأجر وعافية ورحمة وطهارة وغسول وكفّارة، وأقول للمرضى على الأسرة البيضاء: لا بأس طهور إن شاء الله.. نسأل الله لكم العافية والشفاء العاجل مع الأجر الآجل.. ونقول للأصحاء حافظوا على الصحة بطاعة الله واجتناب ما يضاد الصحة وما يحارب العافية من مطعوم ومشروب، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، واسألوا الله العفو والعافية.