إخواني وأخواتي، مَنْ يحمل همَّ الإسلام إذا لم تحملوه؟ مَنْ يعفينا من المسؤولية أمام الله إذا لم نقم بها على الوجه المطلوب؟ مَنْ يؤدي أمانة تبليغ الإسلام إذا لم نؤدها كما أمرنا الله؟ كلنا تحت المساءلة يوم العرض الأكبر عند ملك الملوك عن رسالتنا الإسلامية، رسالة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، هل الدين له رجالٌ خاصون به كما تزعم الكنيسة؟ أم الدين عندنا نحن المسلمين للجميع رجالاً ونساءً حكّاماً ومحكومين علماء وعامة؟ ماذا تقول لربك أيها المسلم إذا لم تحمل رسالة الدعوة إلى الله بقوة؟ والدعوة إلى الله ليست بالمحاضرات والدروس والخطب فحسب، بل أنت بعملك بقدوتك بأخلاقك داعية إلى الله بالكلمة اللينة، بالتصرف الحكيم، بالأسلوب المهذَّب، بالتواضع الجم، بالحوار البنَّاء، تحصل على أجمل النتائج وأحسن الثمرات؛ فتكون في صفوف الدعاة إلى منهج الله، إذا لم تحمل همَّ الإسلام وتكون قضية الإسلام وفكرة نشر الإسلام القضية الأولى لديك فراجع حسابك بوصفك مسلماً، أجل ما هي أكبر قضية عندك إذا لم تكن قضية الإسلام؟ أهي قضية الاقتصاد؟ فغالب تجار العالم غير مسلمين، بل اليهود الآن يسيطرون على مفاتيح التجارة العالمية. أهي قضية سياسية؟ فدهاقنة السياسة العالمية غير مؤمنين برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم. أهي قضية أدبيّة؟ فانظر إلى الشعراء والأدباء العالميين ملؤوا الدنيا، وغالبهم لم يسجد لله سجدة. أهي قضية فكرية فلسفية؟ فها هم المفكرون الفلاسفة ملؤوا الدنيا ضجيجاً ولم يهتدوا لنور الوحي الذي بُعث به سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
إن الله - عز وجل - حكم في المسألة، وحل هذا الإشكال، وأجاب عن هذا التساؤل فقال: (ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، فالداعية إلى الله على بصيرة هو حبيب الله، وهو ولي الله، وهو التابع بحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فيا كل من شهد لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة قم فأنذر بقدر ما أعطاك الله من معرفة أو علم أو موهبة، بلّغ دين الله بالفتيا أو الدروس أو الخطابة أو الوعظ أو الكتابة أو الشعر، في أي مجال من مجالات الحياة أنت داعية، سواءً كنت حاكماً أو وزيراً أو قاضياً أو كاتباً أو طبيباً أو مهندساً أو تاجراً أو فلاّحاً أو أديباً، فالله الله لا يُؤتى الإسلام من قِبَلك، والله الله لا تكن أشقى الناس بالتّخلي عن واجب الدعوة ومسؤولية إبلاغ الدين وشرف حَمْل رسالة الإسلام، الله الله لا تكن عبداً لغير الله بانهماكك في غير عبوديّته فتصبح عبداً للدينار والوظيفة والمنصب والجاه والتجارة فتخسر الدنيا والآخرة. كل يوم اسأل نفسك: ماذا قدّمت للإسلام؟ وكلامي هذا ليس لمن أعرض عن الدّين وهجر الدعوة؛ فهذا يرى أن كلامي كلام المطاوعة ورجال الحسبة والمشايخ، وهم عنده صنف ومجموعة يرى أنهم في آخر القائمة، وأنهم يمثلون التّخلف والرجوع إلى الماضي؛ فهذا ليس لي معه كلام؛ لأن صنف المنافقين اعترضوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وقدحوا في الإسلام وتركوا الدعوة والنفير إلى الجهاد بحجج واهية وأعذار باهتة مثل: (لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ) ومثل: (ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي) ومثل: (إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ)، وهذا الصنف المريض الميئوس من شفائه سوف يبقى إلى قيام الساعة (وكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)، سوف يبقى يسخر ويستهزئ ويلمز ويهمز في الديانة وحملتها والملّة ورجالها، فاعمل أنت أيها المسلم البصير الحكيم الشجاع على نور من الله، وسر على بركة الله، وتوكل على الله، وكلما سمعت هؤلاء يهمزون ويلمزون ويغمزون فردِّد: (قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ).