بسم الله الرحمان الرحيم
الــــمــــقـدمــــــــــــــة
ان دراسة السجل التجاري يتطلب دراسة التطور التشريعي والتنظيمي واهم الإصلاحات التي مر به القانون التجاري .
الإصلاح 1979-1983:
أسس إصلاح القوانين:
1- تحقيق توحيد مسك السجل التجاري
مسك السجلات التجارية المحلية الذي كان بيده كتاب ضبط المحكمة وأصبح من اختصاص المركز الوطني للسجل التجاري.
2-مساهمة السلطان المحلية في عملية تطهير وتنظيم القطاع التجاري:
يظهر من خلال تقدير ملائمة إنشاء جميع الأنشطة التجارية أو تغيرها وكان رئيس المجلس الشعبي البلدي يختص بتسليم شهادة تثبث المنفعة الاقتصادية والاجتماعية.
وقد أجاز المشرع ممارسة التجارة متعددة المواد في المناطق الريفية.
الإصلاح الصادر بتاريخ 1983-1990
1-توضيح وضعية الحرفي: عدم إخضاعهم (الحرفيين والتعاونيات الحرفية)إلى التسجيل في السجل التجاري.
2-إلغاء شهادة المنفعة الاقتصادية والاجتماعية مما أثرت سلبا على التجارة لأنها كانت وراء احترام المحيط و صحة المستهلك و النظافة بالأمن.
3-إلغاء الأحكام الخاصة بالمؤتمنين الموزعين التجارة متعددة المواد
4-تخفيف عدد الوثائق الواجب تقديمها لتقيد في السجل التجاري والمتعلقة بالمحل التجاري
5-إلغاء المادة35 من المرسوم 83-258 كانت تسمح للولي المهني إقليما بالنظر في الطعن فيما يخص النزاعات في إجراءات القيد تحولت إلى المحكمة
أهم الإصلاحات التي ينضمها قانون 90-22
- تغيير وصاية المركز الوطني للسجل التجاري
كان المركز الوطني يمسك السجل التجاري تحت رقابة وزير التجارة وأصبحت تحت رقابة القضاء.
2-منح الطابع الرسمي للسجل التجاري
يعد التسجيل في السجل التجاري عقدا رسميا يبين كامل الأهلية القانونية لممارسة التجارة أي أنه ليس ترخيصا إداريا لمزاولة التجارة
3-من التصريح الإداري إلى التصريح
كان السجل التسجيل الطبيعي تصرح أمام موظف عمومي المكلف وأصبح الشخص يقدم تصريحاته ويكون مأمور السجل غير مقيد بمراقبة المعلومات ويتحمل الشخص عقوبات تقديم تصريحات .
4-تسليم سجل تجاري واحد
أي أن الشخص لا يستطيع إلا ممارسة نشاط واحد أي في النزاع السابق كان التاجر يطلب بحل تجاري عن كل نشاط، أما ألان عليه أن يقدم سجلا واحد مهما كانت الأنشطة .
المبحث الأول : ســيـر السجل التجاري :
من الثابت أنّ للسجل التجاري وظائف متعددة أهمها وظيفته الاشهارية لكونه يسمح للغير بمعرفة كل ما يتعلق بوضعية التاجر أو المحل المستغل. تأسيسا على هذا، يجب أن تقوم الهيئة المختصة بمسك السجل التجاري بطريقة منتظمة. هذا ما يدفعنا إلى بيان كيفية سيره. ومن أجل تحقيق دراسة دقيقة وبناءة، يجب التطرق إلى مسألتين على قدر كبير من الأهمية هما: مسك السجل التجاري والاطلاع عليه.
المطلب الأول:مسك السجل التجاري:
إنّ أحكام المرسوم رقم 83-258 المؤرخ في 16 أفريل 1983 والمعدل عام 1988 ألغيت بناء على أحكام المادة 25 من المرسوم التنفيذي رقم 97-41 المؤرخ في 18يناير 1997 المتعلق بشروط القيد في السجل التجاري. غير أنّه يتوجب من أجل توضيح موضوعنا هذا الرجوع إلى مضمون كافة النصوص القانونية التي صدرت في هذا المجال بما فيها النصوص التي ألغيت. ومن ثم، يلاحظ أنّ السجل التجاري يتكون من سجيلين، سجل محلّي وسجل مركزي.
السجل التجاري المحلي:
يجب لدراسة هذا الموضوع النظر إليه من خلال عمليتين أساسيتين هما: بيان محتوى السجل التجاري وتحديد الهيئة المختصة في حالة نزاع بين طالب القيد في السجل والمأمور المكلّف بمسكه.
محتوى السجل التجاري المحلي:
كان يحتوي هذا السجل قبل إصدار المرسوم رقم 79-15 المؤرخ في 25 يناير 1979 ، على النسخة المودعة لدى كتابة الضبط لدى المحكمة، وكان هذا الأخير ملزما بقيد البيانات على السجل دون البحث عن صحتها ، وكان يجب عليه أيضا أخذ التصريحات والوثائق اللازمة والقيام بقيد البيانات إذا كانت متطابقة للوثائق المقدمة. إنّ دوره كان منحصرا في مراقبة صحة إعداد الملف، ولهذا كان يعمل تحت إشراف القاضي الذي يراقب الإتمام المادي للإجراءات المطلوبة، ويقوم التاجر بهذه التصريحات في ثلاث نسخ حسب استمارات (formulaires) يسلمها كاتب الضبط إلى المتر شح. وبعد ذلك يسلم للتاجر إيصالا(recepisse).
وكانت كافة تصريحات التاجر تسجل على سجل زمني(registre chronologique) يسمى سجل الوصول وكانت تكوّن، مع الوثائق المقدمة، ملفا فرديا.فلكل تاجر ملف خاص به ورقم متسلسل حسب تاريخ تسجيله. بالإضافة إلى هذا كان الترقيم يتم حسب سلسلتين لهدف تمييز الأشخاص الطبيعيين- المشار إليهم بحرف (أ) عن الأشخاص المعنويين- المشار إليهم بحرف (ب). زيادة على هذا، كان كاتب الضبط يمسك فهرسين أبجديين للملفات (أ) و(ب).
وفي ظل المرسوم رقم83-258 المؤرخ في 16 أفريل 1983، كان يوجد سجل محلي في مقر مركز كل ولاية. فهو في الحقيقة ملحقة(une annexe) لذى يفتح لدى فروع المركز الوطني للسجل التجاري ويسيره مأمور السجل التجاري المحلي تحت سلطة المركز الوطني للسجل التجاري. ومثلما كان الوضع في التشريع السابق، يجب تمييز الشخص الطبيعي عن الشخص المعنوي، الأمر الذي يفرض على مأمور السجل المحلي إنشاء دفترين وإدراج كافة عمليات التسجيل، والتعديل، والشطب حسب التسلسل الزمني. وتتضمن خلاصة السجل التجاري رقم التعريف المركزي الذي منحه المركز الوطني للسجل التجاري.
وتجدر الإشارة إلى إلغاء المرسوم رقم 83-258 لم يغير جذريا هذا التنظيم بحيث أنّه يتبين بالرجوع إلى المرسوم التنفيذي رقم 92-68 المؤرخ في 18 فبراير 1992 أنّه يوجد سجل مركزي في جزائر العاصمة وسجل محلي في كل ولاية. فمن الثابت أنّ للسجل المحلي دور "ملحقة" تمثل السجل المركزي على مستوى مقر كل ولاية ويعود تسيير وإدارة الملحقة لمأمور المركز إذ يمكن أن يعين هذا الأخير على مستوى الهياكل المركزية للمركز الوطني للسجل التجاري أو لدى ملحقاته. تبعا لهذا، يعتبر مسؤولا عن التسيير العام لملحقة المركز، وبهذه الصفة يكون مجبرا "على إنجاز كل العمليات التي تدخل في مجال صلاحيته" ويمارس "السلطة السلمية على جميع مستخدمي ملحق المركز". ويظهر أنّ مأمور المركز يتكلف بسير الملحقة على المستوى المحلي تحت مراقبة مدير المركز الوطني للسجل التجاري. ومن ثم، يتوجب على الأشخاص الملزمين بالقيد في السجل التجاري استيفاء إجراءات القيد "لدى الملحقات المحلية" وبطبيعة الحال يتم هذا الإجراء بناء على طلب المعني بالأمر أو ممثله القانوني.
السجل التجاري المركزي
تحديد الهيئة المختصة بمسكه صلاحياته:
على خلاف السجل التجاري المحلي الذي يفتح في مقر مركز كل ولاية، فإنّ السجل التجاري المركزي الذي يشمل مجموع التراب الوطني، لا يوجد إلاّ في الجزائر العاصمة، وهو يتكون من النسخة الثانية للملفين الخاصين بالأشخاص الطبيعيين والمعنويين، كما تبين الأحكام القانونية الراهنة أنّ مسك السجل التجاري المركزي من اختصاص المركز الوطني للسجل التجاري. وحتى تكون الدراسة كاملة يجب تقديم لمحة تاريخية عن الهيئة المختصة قبل بيان صلاحياتها.
تحديد الهيئة المختصة بمسك السجل التجاري: لمحة تاريخية
إنّ النصوص القانونية القابلة للتطبيق على السجل التجاري والتي تحدد الهيئة المكلفة بمسكه، عرفت تطورا ملحوظا، الأمر الذي يفرض بيان مضمونها عبر الدراسة الآتية:
أنشئ المكتب الوطني للملكية الصناعية بمقتضى المرسوم رقم 63-248 المؤرخ في 10 يوليو 1963. وكانت اختصاصاته تشمل كافة أنواع الملكية الصناعية والتقييس وكل ما يتعلق بالسجل التجاري. ثم أنشئ المعهد الجزائري للتوحيد الصناعي والملكية الصناعية بناء على أمر رقم 73-62 المؤرخ في 21 نوفمبر 1973. فانتقلت صلاحيات المكتب الوطني للملكية الصناعية في ميدان الصناعية والتقييس إلى المعهد الجديد. وللقيام بمهامه الجديدة انتقلت إليه جميع أموال وحقوق والتزامات المكتب ماعدا تلك التي كانت متعلقة بالسجل التجاري. وعلى ذلك يلاحظ أنّ المكتب
احتفظ بكافة الصلاحيات المتعلقة بالسجل التجاري. غير أنّ تسميته تغيرت في نفس التاريخ وأصبح المركز الوطني للسجل التجاري. تبعا لهذا حلت التسمية الجديدة محل المكتب الوطني للملكية الصناعية في جميع أحكام المرسوم رقم 63-248 المشار إليه أعلاه والنصوص الأخرى المتعلقة به.
ومما لا ريب فيه أنّ التعديل الجوهري الذي قام به المشرع كان في 1986 وتعلق بتحويل كافة أعمال المعهد الجزائري للتوحيد الصناعي والملكية الصناعية المتعلقة بالعلامات، والرسوم والنماذج الصناعية، وتسميات المنشأ إلى المركز الوطني للسجل التجاري، ماعدا الصلاحيات الخاصة ببراءات الاختراع التي بقيت من اختصاص المعهد الجزائري للتوحيد الصناعي والملكية الصناعية. ومن ثم يتبين أنّ المشروع وصل بهذه الإصلاحات إلى وضعية شبيهة نوعا ما بالوضعية التي كانت موجودة في ظل المرسوم رقم 63-248 المؤرخ في 10 يوليو 1963 المذكور أعلاه حيث كان المكتب الوطني للملكية الصناعية يجمع سابقا كافة الاختصاصات المتعلقة بالسجل التجاري والملكية الصناعية بما فيها التقييس. غير أنّ المركز الوطني للسجل التجاري أصبح عام1986 يتمتع بجميع هذه الصلاحيات باستثناء تلك المتعلقة ببراءات الاختراع.
إلاّ أنّ المشرّع تدخل مؤخرا وغير توزيع هذه الصلاحيات. وهكذا يتضمن المرسوم التنفيذي رقم 98-68 المؤرخ في 21 فبراير 1998 إنشاء المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية ويحدد قانونه الأساسي. وتجدر الإشارة هنا أنّ هذا المعهد حل محل المعهد الجزائري للتوحيد الصناعي والملكية الصناعية في أنشطته المتعلقة بالاختراعات ومحل المركز الوطني للسجل التجاري في أنشطته المتعلقة بالعلامات والرسوم والنماذج الصناعية وتسميات المنشأ. تأسيسا على هذا تحولت إلى المعهد الجديد " الأنشطة الرئيسية والثانوية المرتبط بالاختراعات التي كان يحوزها أو يسيرها المعهد الجزائري للتوحيد الصناعي والملكية الصناعية وكذا الأنشطة الرئيسية والثانوية المرتبطة بالعلامات والرسوم والنماذج الصناعية وتسميات المنشأ التي كان يحوزها أو يسيرها المركز الوطني للسجل التجاري". ولا بأس أن نشير في هذا السياق إلى أنّ المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية الذي " يعد مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، وأصبح تابعا لوزارة الصناعة وإعادة الهيكلة. فهو مكلف بتنفيذ السياسة الوطنية في ميدان الملكية الصناعية وخصوصا بالسهر على حماية الحقوق المعنوية للمبدعين، ويستخلص من الأحكام القانونية أنّ صلاحيات المعهد الجزائري للتوحيد الصناعي والملكية الصناعية( أي المعهد القديم) المتعلقة بالتقييس لم تنتقل عام 1998 إلى المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعي ( أي المعهد الجديد) بل منحت إلى هيئة جديدة سميت بالمعهد الجزائري للتقييس. والجدير بالذكر أنّ التقييس يخضع لأحكام القانون رقم 89-23 المؤرخ في 19 ديسمبر 1989 الذي يحدد المفاهيم الأساسية المتعلق بهذا الموضوع ويبين ميدان تطبيقها. كما يلاحظ أنّ المعهد الجزائري للتقييس يعد على مثال المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية، خاضعا لوصاية وزارة الصناعة وإعادة الهيكلة.
يستخلص من كافة هذه النصوص أنّ هناك حاليا ثلاث هيئات مختلفة الاختصاص هي: المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية الذي يختص بكل ما يتعلق بالاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات (التجارية والصناعية والخدمة) وتسميات المنشأ. ثم نجد المعهد الجزائري
للتقييس الذي يتمتع بكافة الصلاحيات المتعلقة بالتقييس وأخيرا المركز الوطني للسجل التجاري الذي ينحصر اختصاصه في مسك السجل التجاري وتنظيمه.
صلاحيات المركز الوطني للسجل التجاري:
يعد المركز الوطني للسجل التجاري مؤسسة إدارية مستقلة مكلفة خصوصا بتسليم السجل التجاري وتسييره إذ أنّه يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.