نظراً إلى أخطار المخدّرات ومضارها المتعددة، ازداد الاهتمام العالمي بمحاربتها، وأقيمت المؤتمرات والندوات الكثيرة بهدف توعية الناس، وخصوصاً الشباب، إلى تلك الآفة القاتلة، وكرّست الأمم المتحدة يوم 16 حزيران/يونيو من كل عام ليكون "اليوم العالمي لمحاربة المخدرات" لتحقيق تلك الغاية.
وتعاطي المخدرات موضوع ذو ماضٍ وحاضر ومستقبل، أما الماضي فبعيد لم يدرك، والحاضر متسع يشمل العالم بأسره، والمستقبل أبعاده متجددة، وليست محددة حتى الآن على الأقل.
وتدلّ الدراسات التاريخية والأبحاث الانتروبولوجية على أن أغلب المجتمعات القديمة لم تخلُ من إشارات إلى تعاطي مادة أو مواد ذات مفعول مخدّر، كما هو الحال في الحضارات القديمة لكل من الهند والصين ومصر واليونان، وكما هو الحال في المجتمعات والقبائل البدائية التي ما زالت تعيش في أفريقيا وأميركا الجنوبية.
أنواع المخدرات
للمخدرات، التي تسبب الإدمان، أنواع كثيرة، بعضها معروف، وبعضها الآخر مفاجىء لنا، نظراً إلى عدم التفاتنا إلى خطورته، ومن هذه الأنواع يمكن أن نعدد ما يأتي:
الكحوليات: وهي الخمور المعروفة بأنواعها المختلفة.
الأفيون ومشتقاته: وهو المادة المعروفة وكل ما يُصنّع منها من عقاقير.
القنب: وهو العشبة المعروفة باسم "القنب الهندي" وتعاطيه منتشر بشكل واسع.
الكوكايين: يستخلص الكوكايين من نبات الكوكا، الذي عرف في أميركا الجنوبية منذ أكثر من ألفي سنة، وعندما لاحظ الإنسان تأثيره على الجهاز العصبي أُدخل كمنشط في عدد من الأدوية والمشروبات الغازية بنسبة ضئيلة جداً، دون الالتفات إلى مضاره وتسبّبه بالإدمان.
القات: القات شجرة دائمة الخضرة، ويتم تعاطيه بمضغ أوراق تلك الشجرة، وهو منتشر في اليمن والقرن الأفريقي.
المهلوسات: وهي مجموعة من المخدرات المصنّعة كيميائياً، مثل عقار أل.أس.دي (L.S.D).
التبغ : وهو التبغ المعروف الذي يتمّ تعاطيه عبر وسائل مختلفة (سجائر، نرجيلة، غليون..)، ويسبب الإدمان نظراً لاحتوائه مادة النيكوتين.
البن والشاي: وهما يسببان الإدمان المخفّف نظراً لاحتوائهما على مادة الكفايين Caffeine)).
مضار المخدرات
إن لتعاطي المخدرات وإدمانها مضار كثيرة، تحتاج إلى بحوث مطوّلة للإحاطة بها، لذلك سوف نكتفي، في هذه العجالة، بأهم تلك الأضرار، ويمكن أن نقسمها إلى ثلاث فئات أساسية: أضرار نفسية، أضرار بيولوجية، وأضرار اجتماعية.
الأضرار النفسية: يسبب تعاطي المخدرات وإدمانها تشتتاً في الفكر، وضعفاً في التركيز، واختلالاً في الذاكرة، وخاصة استذكار الوقائع الحديثة، ويتولد عند المتعاطي اختلاط في الزمن، وقد يصحب ذلك حدوث تغيرات في الشخصية نحو تبلّد الشعور وفقدان المبادرة والاهتمام، وبالتالي يدخل الشخص في حال من الإهمال وخاصة في مجال الهندام والنظافة.
كل تلك الاختلالات تؤدي إلى حصول أمراض نفسية خطيرة، لعلّ أبرزها الاكتئاب والفصام.
الأضرار البيولوجية: يسبب الإدمان تلفاً في المخ، ما يؤدي إلى اختلال كبير في الجهاز الحسي الحركي عند المتعاطي. ويسبب الإدمان، كذلك، حال من الصد النفسي للطعام، فيمتنع المدمن عن تناول وجباته الغذائية بشكل منتظم، ما يؤدي إلى هزاله وإصابته بأمراض كثيرة مرتبطة بسوء التغذية.
ودلّت الدراسات على وجود خلل بصري عند المدمن، ما يمنعه من الاستجابة السريعة للمؤثرات البصرية.
ولعلّ من أهم الأضرار ما يتسبّب به إدمان الأم الحامل لجنينها، إذ أكدت الدراسات أن المرأة التي تدمن يغلب عليها الإهمال الصحي، ما يكون له آثار سلبية على الجنين، فتزداد المخاطر في أثناء الولادة، وتكثر حالات الإجهاض، وترتفع نسبة التشوهات عند الطفل الوليد واحتمال إدمانه في المستقبل.
الأضرار الاجتماعية: قد يكون المجتمع الإنساني أكثر المتضررين من جراء إدمان المخدرات بأنواعها، فهو الذي يحصد تداعيات تلك الآفة المدمرة، سواء على شكل ارتفاع في مستوى الجرائم المختلفة (قتل، سلب، تهريب، عصابات...)، أو على شكل تنامي عدد حوادث السير القاتلة، أو الإنفاق المالي الذي يتجاوز المليارات ويهدد اقتصادات دول كثيرة، ويدمر عائلات عديدة.
ويبقى النـزف الأكبر في الثروة البشرية، وخصوصاً الشبابية منها، إذ يسقط منها أعداد كبيرة بسيف الإدمان.