--------------------------------------------------------------------------------
رحلة الحج من العقل إلى القلب
العقل مشغول باستمرار، يحلل ويحرّم... يحسب ويحاسب.. يناقش... يجادل... آن الأوان لكي يستريح قليلاً... ارجع إلى قلبك منبع النور والعطاء... ثق به، واتصل معه، فالقلب له طريقه الخاص، طريق الحب والحق، إنه يتحدث بلغة المشاعر والإحساس، أما العقل فيتحدث بلغه الكلمات والأفكار...
الإحساس هو الحياة الحقيقية الطبيعية.. أما التفكير فهو الحياة الزائفة الكاذبة... لأن التفكير هو حول الأشياء دائماً، وليس جوهرها الحقيقي، فمثلاً يمكنك أن تفكر بالماء بقدر ما تريد، ولكن لن تروي عطشك بهذا التفكير أبداً... عليك شرب الماء والإحساس به... التفكير نشاط خادع واهم، لأنه يمنحنا إحساساً كاذباً بحدوث شيء ما، ولكن لا شيء يحدث أبداً...
الأفكار ما هي إلا سراب، دخان متصاعد يعمي البصر والبصيرة، لكن عندما يتبدد هذا الدخان ويتلاشى لن يبقى إلا النور الأبدي الأزلي..
فودّع سجن الأفكار الضيق المظلم، وحلّق في آفاق قلبك بلا حدود، بلا سدود... إلى حيث تنطوي كل السماوات والأسرار...
الحج الحقيقي هو من عالم العقل والأفكار إلى عالم القلب والإحساس، وأفضل طريقة لذلك هي التفكر والتأمل من قلب:
تنفس الشهيق استشعر ذاتك ، اشعر بمعبدك الداخلي وتلك النفحات الربانية وهى تتغلغل وسط الصدر وكأن الوجود والحياة، الطبيعة كلها تنصب وتنهمر في داخلك متوحدة مع نبض القلب وحنايا الوجدان... الوجود كله قلب واحد، نَفَس ونبضٌ واحد... . ثم ازفر بعمق من القلب أيضاً، وكأنك تُعيد كل ما مُنح لك من محبة وكرم وعطاء من جديد، للوجود، للحياة، للرحمن...
يمكنك القيام بذلك عدة مرات خلال النهار، شرط أن تأخذ خمسة أنفاس عميقة متتالية على الأقل في كل مرة...
يساعدنا هذا على الانتقال من الفكر إلى القلب لنصبح أكثر إحساساً وحساسية، أكثر وعياً وإدراكاً لعدة أمور لم نكن نُعيرها أي اهتمام في السابق... سنشم، نتذوق، نلمس، نرى، نسمع، بحساسية مرهفة أكثر... سيكون إحساسنا بالحياة والطبيعة والوجود بلا حدود، ليغدو للحب في قلوبنا مساحات شاسعة واسعة لا نهاية لها ولا بداية...
هذه هي حجّة السلام، حجّة الصفاء، من الخارج إلى الداخل، من عالم الحرب والصراعات الدنيوية إلى عالم التفاهم والتلاقي و الحب، ومن الظلمات إلى النور...
حجا دائما ومقبولا