يـاسيـن الـمـديـر
عدد الرسائل : 9266 العمر : 35 المدينة التي تقطن بها : ورقلة الوظيفة : ليس بعد (دبلوم ماستر ميكانيك طاقوية) السٌّمعَة : 184 تاريخ التسجيل : 02/02/2008
| موضوع: فتح القسطنطينية وحاجتنا للفاتح الإثنين يونيو 17, 2013 6:03 pm | |
| تاريخ يذكرنا بمجد تليد، أم ذكرى ترثي ضعفنا المقيت، أم فتح يشوقنا لفتح جديد؟ أم إيمان، فتخطيط، فجدّ، فإصرار، فانتصار! انتصار يخبرنا أننا إن تمثلنا وامتثلنا فزنا وغنمنا، وامتلكنا الدين و الدنيا، وأعدنا مجداً صنعناه بأيدينا يوم كنا، و سنعيده من جديد إن عملنا، لنعلو في الأرض كما علونا، (كنتم خير أمة أخرجت للنّاس) فالله أرشدنا هدفنا!
إنها ذكرى فتح القسطنطينية عاصمة البيزنطيين. تلك المدينة التي استولى عليها المسلمون الترك يوم الثلاثاء في العشرين من شهر جمادى الأولى سنة (857) هـ الموافق 29 آيار ـ مايو سنة (1453)م. بقيادة السلطان العثماني محمد الثاني، الملقب بالفاتح وأبو الخيرات، لتكون عاصمة للدولة العثمانية –و يتحول اسمها من القسطنطينية إلى إسلام بول أي مدينة الإسلام ثم إلى إستنبول. وفي عهد العلمانيين- لحقدهم وكيدهم- تتحولت العاصمة إلى أنقرة، ولتتحقق نبوءة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم و بشارته حين قال: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) رواه الإمام أحمد في مسنده. بسبب هذه البشارة تنافس الخلفاء المسلمون وقادتهم لفتح القسطنطينية. وقد بذلت محاولات عدة خلال 800 عام قبل محمد الفاتح لنيل هذه البشارة، منذ أيام معاوية بن أبي سفيان، مروراً بالخلافة الأموية والعباسية ودولة السلاجقة، فالدولة العثمانية.. وما أعظم أن تجنّد الأمة نفسها من أجل تحقيق حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم
كانت القسطنطينية معقلاً للتحركات الصليبية ضد العالم الإسلامي. مدينة عظيمة خلاّبة رائعة الجمال تصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأسود من جهة وتصل أوروبا بآسيا من جهة أخر محاطة بأسوار عالية وأبراج وحصون، فتجعل من المستحيل غزوها بالوسائل التقليدية، فكانت خطة السلطان محمد الفاتح العبقرية التي تفوّق بها على الإسكندر و نابليون!
عمر في الجهاد والعلم والفتح:
هوالسلطان محمد خان الثاني بن مراد الثاني بن محمد جلبي، السابع في سلسلة آل عثمان، ولد في 26 رجب سنة 833 هـ، و هو الثاني بين إخوته. استشهد أخوه الأكبر علاء الدين في ميادين الجهاد، فبويع محمد الفاتح سنة 855 هـ، وكان عمره إذ ذاك 22 عاماً. فتح السلطان محمد مدينة القسطنطيني في 25 من عمره ، وتوفي في 4 ربيع الأول سنة 886هـ وهو في طريقه لفتح رومية (روما) حين أعد جيوشاً عظيمة لإسقاط حصون النصرانية (الأرثوذوكس والكاثوليك) وأيضا لتحقيق بشارة الرسول صلى الله عليه و سلم، عن عمر ناهز53 سنة، وما أجمله من عمر قضاه في الجهاد والفتح!.
عايش صراع الدولة البيزطية في عهد أبيه، ومارس الأعمال السلطانية. كما أنه اطلع على المحاولات العثمانية السابقة لفتح القسطنطينية. نشأ على حب الإسلام والإيمان والقرآن والسنة واتباعهما، فكان ملتزماً بالشريعة الإسلامية . كما كان تقياً ورعاً محباً للعلم والعلماء مشجعاً على نشر العلوم. يعود حبه للشريعة والعلم إلى توجيهات والده وتربيته الإسلامية التي تلقاها على أيدي صفوة الأساتذة الربانيين كالعالم الرباني أحمد بن إسماعيل الكوراني الذي جعله والده معلماً لمهابته وليعلم محمد الفاتح أن يختم القرآن
هذه التربية الإسلامية الصادقة وهؤلاء هم المربون الذين يمزقون الأمر السلطاني إذا وجدوا به مخالفة للشرع. علماء لا ينحنون لسلطان مخاطباً إياه باسمه ومصافحاً يده دون تقبيلها، بل إن السلطان هو من يقبل يد العالم! من الطبيعي بهذة الحالة أن يتخرج من بين جنباتهم أناس عظماء كمحمد الفاتح.
برز دور الشيخ آق شمس الدين في تكوين شخصية محمد الفاتح وبث فيه منذ صغره أمرين هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية والإيحاء دوماً لمحمد منذ نعومة أظفاره أنه الأمير المقصود بالحديث النبوي: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش). كما علمه العلوم العلمية: من الرياضيات والفلَك والتاريخ وأساليب الحرب. إيضافة إلى ما سبق، فقد حصَّن الشيخ السلطان الفاتح ضد الظلم. وفي مرة من المرات استدعى الشيخ السلطان الفاتح ثم قام بضربه ضربًا شديدًا بلا سبب! بكى له الفاتح بشدةٍ، وظلَّ يتذكر تلك الواقعة حتى تولى السلطنة أيام أبيه مراد فاستدعى شيخه أق شمس الدين وسأله بغضب شديد "لماذا ضربتني يوم كذا ولم أكن قد فعلت ما أستحق عليه الضرب؟! فقال له شيخه: "أردت أن أعلمَك كيف يكون طعم الظلم، وكيف ينام المظلوم، حتى إذا وُلِّيت الأمر لا تظلم أحدًا"، فما كان من الفاتح إلا أن اعتذر لشيخه وقبَّل رأسه ويده..
كما وساعده على الثبات والاستمرار في العديد من المواقف. ففي مرحلة من المراحل قبل الفتح حاول البعض أن يفت في عضده حينما هلك كثير من الجنود، وفسد الكثير من العتاد ،وأتى للأعداء عون كبير من الإفرنج فلاموه على اتباعه لشيخه آق شمس الدين. ردّ الشيخ برسالة بعدما طلب منه الفاتح ذلك وهو يشكو إليه (هو المعز الناصر.. إن حادث السفن قد أحدث في القلوب التكسير والملامة وأحدث في الكفار الفرح والشماتة.. إن القضية الثابتة هي أن العبد يدبِّر والله يقدِّر والحكم لله، ولقد لجأنا إلى الله وتلونا القرآن الكريم، وما هي إلا سنة من النوم بعد إلا وقد حدثت ألطافُ الله تعالى فظهرت من البشارات ما لم يحدث مثلها من قبل)فثبت بها الجنود و القادة و واصلوا فتح القسطنطينية.
وعندما أراد الفاتح بعد فتح القسطنطينية أن يعتزل ويترك الحكم ويتفرَّغ للعبادة سأل الشيخ (أق) فقال له الشيخ "إنك إذا دخلت الخلوة تجد لذةً تسقط عندها السلطنة من عينيك فتختل أمورها، وما أنت فيه أفضل من دخولك للخلوة والتعب وهذه من المواقف القليلة التي تجعل من الشيخ آق شمس الدين الفاتح المعنوي للقسطنطينية!! ....... |
|