رحلة الى دائرة فلاوسن بتلمسان
أيها الإخوة القراء ، السلام عليكم ، يسعدني أن أطلعكم على مراسيم الرحلة الى دائرة فلاوسن بتلمسان وذلك على إثر دعوات موجهة لنا لحضور مراسيم الإحتفال بزفاف أخينا بوزيان ولد أحد أصدقائنا وأحبابنا السيد يوسف بن عامر رئيس دائرة فلاوسن وهو إبن شهيد وحرمه كذلك إبنة شهيد وكلاهما من الأسرة الثورية وهما من الأشراف الحسنيين ينتهي نسبهما الى فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها .
بداية الرحلة كانت من مدينة تقرت ولاية ورقلة على الساعة السادسة مرورا ببلدية العالية الى القرارة ولاية غرداية ثم الأغواط عاصمة الولاية مرورا بالحاجب الى مدينة آفلو التي بها حطينا الرحال لتناول وجبة الغداء وأخذ قسط من الراحة قبل تأدية صلاة الظهيرة ، والتي كان الطقس بها منعشا نوعا ما على عكس ما خلفناه وراءنا بصحرائنا التي تكتسحها موجة من الحر فاقت الخمسين درجة فوق الصفر في الظل رفقة زوابع رمليه لا يهدأ لها بال مع الإنقطاع المتكرر للتيار الكهربائي مع ضعف شدته مما حدا بتعطيل المكيفات والثلاجات وحتي المراوح هي الأخرى غير قادرة على الحركة ، الأمر الذي سبب القلق والصداع للمواطنين مما جعلهم يستهلكون كميات كبيرة من الأسبرين والباراسيتامول والكاطالجين بصرف النظر عن الإسهال الذي أصاب الرضع نتيجة الحمى عفانا الله وإياكم
ثم واصلنا مسيرنا نحو بلدية سيدي عبد الغني مرورا بمدينة السوقرووجدنا في إستقبالنا أحد الأصدقاء السيد بوخاتم مولاياط رفقة إمام المسجد وبعض الأبناء فاستقبلوننا ورحبوا بنا أيما ترحاب جزاهم الله عنا الخير كل الخيروحفظهم ورعاهم ، وبعد تناول قهوة المساء رحنا الى المسجد لأداء صلاة المغرب وبعدها عدنا الى المنزل لإتمام السهرة الى أن تناولنا وجبة العشاء رفقة الإمام وبعض الأعيان ، وقبل النوم إتصلت هاتفيا بأسرتي ببلدة العالية لأطمئن عليهم وأتحسس أخبارهم فقالوا بأنهم يصارعون الموت جراء الحر الشديد المصحوب بالزوابع الرملية مع الضعف الشديد للتيار الكهربائي فهم يستخدمون المراوح التقليدية المصنوعة من سعف النخيل ويبخبخون أجسامهم بالماء ، فقلت في نفسي أما آن لهؤلاء المواطنين أن يستفيقوا من سكرتهم ويقاطعوا الإنتخابات ويتركوا الصناديق لحالها، ولطالما أن خدعهم المنتخبون المحليون بتلك الشعارات البراقة الزائفة والوعود الكاذبة التي يحسبها الشعب الضمئان ماء؟؟؟ ثم قلت دع عنك… من لم يكن له من نفسه واعظ لا تنفعه المواعظ… أيها المواطنون لقد كتب عليكم الشقاء كما كتب على الذين من قبلكم أياما معدودات ، ثم قلت : موتوا بغيظكم ، نحن في السوقرننعم بالبرد وراحة البال…أصبروا أو لاتصبروا ف….
وفي صبيحة يوم الخميس: 10 جوان 2010 م وبعد الصلاة وبعد تناول الإفطارتوجهنا نحو زاوية النجاجرة مرورا بتيارت والرحوية…وكان الطقس باردا وجميلا والطبيعة الخلابة من مياه وأشجار وورود وزروع من قمح وشعيروكل ما يدخل البهجة والسرور على السائحين ، وفي حدود الساعة 12.30 وصلنا الى زاوية النجاجرة وكان في إستقبالنا شيخها الفاضل المحترم حيث تناولنا معه وجبة الغداء وصلينا الظهر ونمنا قليلا ثم بعد صلاة العصرجلسنا في حلقة مع الشيخ وبعض الحضور الزوار لتناول شاي المساء وبعدها إفتتح شيخ الزاوية الدرس
الذي تضمن الترحيب بالحضور وجملة من المواعظ التي لا غنى للمسلم عنها ،وكان الختام بمدائح دينية والدعاء لنصرة الإسلام والمسلمين ، ثم ودعنا الشيخ بعد إلحاح شديد للبقاء معه
أخذنا معنا أحد الأصدقاء أحمد فليسي من الغزوات واتجهنا نحو دائرة فلاوسن والتي وصلناها بعيد صلاة المغرب فوجدنا في إستقبالنا الأخ يوسف بن عامر ثم دخلنا القاعة الشرفية الكبيرة الفخمة والمزينة بمختلف الورود والأضواء الملونة وبها المدعوون من مختلف جهات الوطن ومن مختلف الشرائح من أساتذة ودكاترة وعلماء وأيمة وفنانين ملتزمين من أمثال الفنان القدير محمد غفور وجملة من الفنانين الصوفيين ومقرئين للقرءان الكريم ، أخذنا أماكننا بعد أن سلمنا على المدعوين، ولقد كلف والد العريس أخينا بوخاتم مولاياط بفتح الجلسة والتنشيط فكان ذلك ، حيث رحب بالحضور من مختلف الشرائح وتمنى لهم إقامة طيبة والتمتع ببرنامج الحفل ، كما تمنى للعريس وأهله وذويه وأقاربه السعادة والرفاهية والإزدهار في كنف الأسرة المسلمة ، ثم تلاه رئيس الدائرة السيد بن عامر الذي هو الآخر رحب بالحضور وشكر لهم تلبية الدعوة وتمنى لهم إقامة ممتعة وبعد التلاوة الجماعية للقرءان الكريم تيمنا وتبركا ، فتح الباب لمداخلات الأيمة والأساتذة والدكاترة التي كانت تدور حول التربية وبناء الأسرة المسلمة وحسن الرعاية والتربية والمتابعة الدائمة وأنه لايصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، وكان يتخلل هذه المداخلات بين الفينة والأخرى المدائح الدينية والصوفية الهادفة وبعد صلاة العشاء وتناول وجبة العشاء أستؤنف النشاط من جديد الى غاية منتصف الليل أين تم الإعلان عن نهاية السهرة وتوجه الجيع الى المبيت، ومما تجدر الإشارة إليه أن الحفل مر بسلام وهو دسم حيث إستفاد الحضور من دروس الوعظ والإرشاد من توجيه ونصائح قيمة ولم نسمع أبدا صوت الديسك جوكي ولا الأغاني سواء كانت ملتزمة أو فاحشة سواء جهة الرجال أو جهة النساء ، مما زادنا فخرا وتيها وإعجابا، وفعلا إنه عرس نموذجي إسلامي نسأل الله العلي القديرأن يبارك للعريسين ولهما وفيهما بالخير والرفاهية والإزدهار والأمن والأمان والطمأنينة ، وما أحوجنا الى مثل هذه الأعراس الملتزمة في عصرنا هذا الذي إختلط فيه الحابل بالنابل وضاعت فيه القيم.
وفي صبيحة يوم الجمعة : 12 جوان 2010م وبعد تناول الإفطار، وبعد أن قدمنا التهاني لوالدي العريس وتمنينا لهما دوام الصحة والسعادة والرفاهية وأن يجعل هذا الزفاف مبراك عليهما وعلى العريس وأهله وذويه وأقاربه وكافة المسلمين ودعنا أهل الدار وتوجهنا نحو زاوية أولاد ميمون وكان ماسح الزجاج شغالا طوال النهار لكون الجو ممطرا منذ البارحة وكنا نسير ببطء وحذر شديدن خوفا من الإنزلاق ، وفي حدود الساعة منتصف النهار وصلنا زاوية أولاد ميمون واستقبلنا شيخها السيد فراح وألح على أن نتناول معه وجبة الغداء ، فكان لنا ذلك ثم ودعناه واتجهنا نحو السوقر التي وصلناها قبيل المغرب بقليل حيث إتصلنا بالسيد يحي عبد النبي إمام مكلف بنظارة الشؤون الدينية وبقينا معه حوالي 40 دقيقة وافترقنا على أن نلتقي في منزل السيد بوخاتم مولاياط لتناول وجبة العشاء معا وكان الأمر كذلك حيث حضر معنا بعض الفقراء وبعد الإنتهاء من وجبة العشاء تم الشروع مباشرة في حوار حول التصوف الإسلامي والإستماع الى الإبتهالات والمدائح الدينية الى غاية الساعة 11 ثم إستلمنا الى النوم في جو مريح بارد منعش الى غاية الصبح وبعد تناول الإفطار ودعنا صاحب المنزل بعد أن شكرناه على حسن الضيافة والإستقبال الجيد، واتجهنا نحو تقرت مرورا بآفو والأغواط وبالريان والقرارة الى العالية التي حطيت بها رحالي في حدود الساعة 15.30 من يوم السبت 12 جوان 2010م أما أخي الباحث عبد القادر وإبنه فوصلا المسير الى مدينة تقرت والتي وصلاها في حدود الساعة 16.45 من نفس اليوم والتاريخ المذكورين فحمدنا الله على السلامة ، فخلفنا البرد والمناظر الطبيعية الجميلة وراءنا وعدنا الى عادتنا القديمة من ممارسة العيش في كنف الشمس الحارقة والصحراء القاحلة ذات الرمال الساخنة فهذا قدرنا كتب علينا منذ الأزل ولا مفر لنا منه ، فهو لنا ونحن له نكافحه بشتي الوسائل وبكل ما أوتينا من قوة.