معاشر القراء الكرام ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته......
في سنوات السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي ، كان والدي وأمي وإخوتي يقيمون ب - تماسين - بحكم أن الوالد كان إماما بالمسجد الأخضر بنفس المدينة وكنت أنا وزوجتي وأولادي الصغار أقيم ببلدة العالية التي كانت تابعة لبلدية الحجيرة والتي كانت خالية من كل المرافق من ماء وكهرباء ومرافق صحية ومواصلات..... جئتها من مدينة تقرت وفضلت العيش بها رغم كل ما ذكر وذلك محاولة مني للرفع من مستوى بني جلدتي حيث ضحيت بالمدينة وزخارفها وبهجتها وكان ذلك من السنة الدراسية : 1974/1975 كمعلما مكلفا بالإدارة الى غاية 1979 حيث رحلت الى مدينة ورقلة .
قلت في صائفة 1976 بينما كنت في زيارة لوالدي وإخوتي بمدينة - تماسين - وإذا بخالي ومعلمي الشيخ أحمد غزال مشري رحمه الله والذي كان يقيم بحي - بومرداس - بمدينة تقرت والذي طلب مني أن أحضر الليلة عنده بمنزله بعد صلاة العصر لكي أساعده على إستقبال وقضاء حاجياتهم ، وفعلا بعد صلاة العصر لبست سروالي - أرجل الفيل - والقميص المسنتر من إنتاج جزائري ممتاز الشريعة ووضعت علبة السجائر من نوع هكار في جيبي الأيسر العلوي من فميصي ومشطت شعري الأملس الطويل الذي يتجاوز قفايا وشحمتي اذني ولمست عطري المفضل من نوع - الحلم الذهبي - الأصلي ولبست نعالتي الجلدية البيضاء والتي جلبتها من - تمكطن - أولف أثناء تعيني الأول بها سنة : 1971 ثو ودعت والدتي وامتطيت سيارتي الزرقاء السماوي 404 برلين ورحت الى مدينة تقرت حيث سلمت على خالي الذي وجدت صينية الشاي أمامه فقال لي أنه الليلة لدينا ضيوف مهمين ومحترمين كن منظبطا نوعاما وكل ما هو مطلوب منك أن تلبي الطلبات في الوقت المناسب وأن تعلمهم مسبقا بأنه ممنوع التدخين في غرفة الضيوف لأن هناك من يتأذى من ذلك فقلت له السمع والطاعة يا خالي ، قلت في نفسي ياليتك تعرف بأني مدخن محترف منذ كنت طالبا بدار المعلمين بالأغواط منذ سنة 1967وكنت أدخن علبتين في اليوم والثالثة تفتح إذا طالت السهرة ، لا علينا بقيت أدردش مع خالي وكنت دوما حريصا على أن أترك بيني وبينه مسافة أمنية كافية حتى لا يشتم مني رائحة الدخان.....حيث أن المدخن دوما تنبعث من فمه وعرق جلده رائحة كريهة تزعج غير المدخنين...وبينما نحن كذلك إذ أذن المؤذن لصلاة المغرب فهممت بمغادرة قاعة الضيوف هربا من الصلاة الجماعية حتى لآ أقترب من خالي وحتى لا يشم مني رائحة الدخان وتعللت بانه لدي مشوار خفيف على أن أعود فلم يقبل وأصر على بقائي معه ففكرت في حيلة أخرى وقلت له أنا أريد أحضر صلاة الجماعة بالمسجد المجاورفضحك وقال لي هي توبة جديدة منك غيرمعهودة ...وقال لي لنصلي أنا وأنت فقط قرب سجادتك من سجادتي وأقم الصلاة وهذا ما كنت أخشاه....فسلمت امري الى الله وأقمت الصلاة وكنت حريصا على أن أكتم أنفاسي حتى لا يشتم مني رائحة الدخان ومع سخونة الجو كنت شديد التعرق والحياء فأمتزجت رائحة الدخان برائحة الصنان التي خرجت من إبطي والشبيهة - بغاز الخردل - الخانق والمسيل للدموع ، فأنا تأذيت قبل خالي أما هو فإني أعتقد أنه يحتاج الى قارورة أكسجين لكي يتمكن من إستعادة أنفاسه...وكنت أنظر إليه من طرف خفي وألاحظ تغيير تقاسيم وجهه كالسماء المكفهرة بالسحب المركومة المصحوبة بالصواعق والتي لا محالة أنها ستنزل على أم رأسي وتهشمها لكن أثناء الركعة الثالة في كل سجود مني وركوع حيث كانت علبة السجائر تتساقط منها سجائر ترطم بموقع سجودي ثم تنحدر نحو مكان سجود خالي وكان يضربها بيده اليسري بقوة لتروح خارج السجادة وكأنها مقذوفة بقوس كرة المضرب وازداد حيائي وخجلي حتي كدت يغمى علي من شدة الخوف والحياء والخجل وما أن أطلق السلام حتى قفزت قفزة كالجبروع الى الأمام وغادرت القاعة بدون نعالتي وعدت من حيث أتيت ولم أسمع منه غيرلعنة الله عليك...ولما وصلت الى تماسين ومن حسن حظي وجدت اخي ع. م وص . م في الدار فأرسلتهما في مكاني ليعوضاني في القيام بمهام الضيافة وتم ذلك فعلا لكن خالي أرسل لي معهما طردا فيه نعالتي مصحوبة برسالة فحواها التوبيخ والتقريع والألفاظ جد قاسية لو وضعت على الجبال لأزالتها....هذه قصتي مع خالي والسجارة من الواقع المعيش ، الحمد له الذي خلصنا من السجارة.
كتبها المدون : تيجاني سليمان موهوبي
mouhoubi51blogspot.com