كان اليوم يوم الأربعاء من شهر ديسمبر إدبار السنة الميلادية 2015 /م وإقبال السنة الموالية الجديدة 2016 وكان اليوم صحوا وباردا نوعا ما ، بعد الزوال حيث كان اهالي بلدة العالية جلهم إن لم نقل كلهم يخرجون الى ضواحي البلدة خارج النسيج العمراني بحوالي 20 الى 30 كلم حيث الهدوء والسكينة والكثبان الرملية الذهبية والهضبات طلبا للراحة والإستجمام والترويح عن النفس بمعية النساء والأطفال وذلك على متن السيارات والكرايل والدراجات النارية ، وبعد ان يحطوا رحالهم يشرعون في جمع الحطب ويوقدون النار ويشرعون في تحضير عجين خبز الملة الشهي الذي يوضع في نار الجمر بعد أن يكون على شكل اقراص ثم يردم بالرمل الساخن الممزوج بالجمر ويترك لمدة حتى ينضج وتفوح منه تلك الرائحة الطيبة التي تفتح الشهية لتناول كؤوس الشاي بمعية اللحم المشوي ذو الرائحة النفاذة ومن البعض الذي يعمد الى بقبقة الفول وحبات البطاطس سيما الأطفال ومن البعض من يمرح ويتزحلق على الرمال ومنهم من يجمع بعر الإبل الذي يصلح لعلف النخيل وهكذا يبقى القوم مدة نصف يوم أو ربع يوم في الخلاء حيث لا يوجد بالبلدة حدائق عمومية ولا ساحات خضراء.... تشد الناس إليها .
وبالمناسبة قدم من مدينة ورقلة احد اصدقائي واقترح علي أن نخرج نحن كذلك كما يفعل غيرنا من الأهالي لنروح عن أنفسنا ونشم الهواء النقي ونتمتع بجمال الطبيعة فقلت لا مانع فحضرنا أدنان الماء وأواني الشاي وشبكة شواء اللحم ووضع الكل في السيارة وهممنا بمغادرة النسيج العمراني وفي طريقنا عدنا أحد المرضى الذي كان يعاني من وعكة صحية من إنتفاخ في الرجلين وغيره فسلمنا عليه وسألناه على ذهبت الى الطبيب فقال لا فالمرض جاء به الله وهو الذي يرفعه فعلمت ان الرجل متواكل على الله وليس متوكلا فقلت لصديقي لقد إنتهى موعد الزيارة هيا بنا لنغادر ، وأثناء مرورنا بالكثبان الرملية وبالهضبات ترائى لنا من بعيد وقريب أن سكان البلدة يرمون بنفاياتهم في كل مكان تشوه تلك المناظر الطبيعية وتسوء الى البيئة التي ما عادت نظيفة كأيام زمان وأن السلطات نائمة نوم العروس تغط في نومها كنوم اصحاب الكهف وبعد أن اخترنا المكان حطينا رحالنا بجانب أحد الكثبان الرملية وشرعنا في الإحتطاب فجمعنا ما تيسر ثم صلينا صلاة الظهيرة وكان عند صديقي خيمة برتقالية اللون تسع لحوالي اربعة افراد فجهزناها وفضلت انا النوم بداخلها وكان الهواء عندما يرتطم بحافاتها يحدث سنفونية طبيعية جلابة للنوم فاستسلمت لذلك ورايت في منامي ما يرى النائم في نومته حيث أن كهلا في زهور العمر متزوج وله بنين وبنات وكانت زوجته في حالة نشوز مستديم وهي قروية لا تعير للحياة الزوجية حقها لجهلها وكان همها الوحيد المطبخ والأولاد فقط وكان زوجها دائم النصح لها أحيانا بالحكمة والموعظة الحسنة وطورا بالتي هي اخشن وكان ذلك عندها على حد السواء....وسواء عليه زوجها نصح أم لم ينصح فنصح لها ولكنها لا تحب الناصحين ... لكن الزوج هذا وجد فراغا في حياته وقال : إذا كان لا بد مما ليس منه بد علي أن أختار زوجة ثانية ، وبعد عملية البحث الشاقة وجد هذا الأخير ضالته لكن الزوجة الأولى اقامت الدنيا ولم تقعدها بعد وثارت ثائرتها وأعلنت عليه حربا ضروسا مستعملة فيها كافة أنواع الأسلحة وكان هو وزوجته الثانية وقودها وأضحت النتيجة الطلاق وأصبح الزوج يعوم في بحرلجي من الأوهام يعيش أحداث الماضي والحاضر وشرع في البحث عن زوجة أخرى ثالثة تحل محل المطلقة وكان يعرف صديقا له دله على واحدة فنسج معها علاقة واكتشف أنها مدللة كثيرا وانتهازية ومتكبرة وتحسب نفسها ملكة جمال العالم - بريجيت باردو- فكدرت صفو حياة خطيبها بطلباتها الكثيرة والمتكررة وحدث في يوم ما أن قطعت المكالمة الهاتفية في وجهه فاغتاظ كثيرا وقرر قطع العلاقة معها وأصبح بين إختيارين لا ثالث لهما إما أن يعاود الكرة من جديد وتكون على أسس سليمة أو يرجع الى عشه القديم يجر ذيول الخيبة والأمل ويعيش طوال حياته في نار الجحيم من صنيع بناة حواء المتهورون والذين هم اكثرية سكان جهنم لأنهن يكفرن العشير .... وفي هذه الأثناء ايقظني صديقي وقطع علي مسلسلي المنامي قائلا : الشاي جاهز هيا بنا نشوي اللحم فقلت له لحم ماذا فقال لقد إصطدت 6 جرذان 3لك و3 لي هيا قم بذبح الخراف لم يبق من الوقت ما يكفي لعميلة النفخ السلخ لكن الحمد لله لقد تم كل شيء على احسن ما يرام ثم صعدنا الى الكثيب وحكيت لصديقي عن مسلسلي المنامي فقال لي ما عنوان النص فقلت : نهاية مأساة فقال لي هيا بنا نحفر قبرا رمزيا وندفن فيه هذه المأساة وبعد ان حفرناه وضعنا فيه شيئا ودفناه ووضنا علييه ثلاثة نصب بعد ان صلينا اربعا وقدمت التعازي لصديقي وقلت له أجرك الله في مصيبتك وابدلك خيرا منها كل نفس ذائقة الموت .
المدون : تيجاني سليمان موهوبي
mouhoubi51blogspot.com