بسم الله الرحمن الرحيم
ظاهرة الأنتحار ظاهرة خطيرة،وارتأيت أن أتطرق إلى موضوعها ، الموضوع صراحة طويل لكنه مفيد.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, وتدرك الغايات, وترفع الدرجات, وتقال العثرات ، نحمده حمدا يليق بجلال قدره، وعظيم سلطانه على ما أولانا من نعم وما هدانا إليه من رشاد وما كلفنا به من إرشاد وما أكرمنا به من توازن نفسي وعقلي وسداد. والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد إمام المتقين وقدوة العالمين وعلى آله الطاهرين وصحابته أجمعين، ومن سلك سبيلهم مستمسكين غير مبدلين ولا مغيرين إلى يوم الدين وبعد:

فإن ظاهرة الانتحار التي صارت واقعا معيشا، كثيرا ما عكر صفو حياة مجتمعنا الإسلامي بعد أن كنا نستوحش من مجرد سماع اسم هذه الظاهرة، ما هو الانتحار؟:
الانتحار: هو المسار الأخير في نعش الصحة النفسية والعقلية (كما جاء عن بعض الأخصائيين) في كل 40 ثانية هناك شخص ينتحر في مكان ما من هذا العالم! وفي كل عام هنالك مئات الآلاف من الأشخاص يموتون منتحرين في العالم. وفي كل عام يموت 873 ألف إنسان بعمليات انتحار مختلفة (1). إنها بحق ظاهرة تستدعي الوقوف طويلاً والتفكر في أسبابها ومنشئها، بل وكيفية علاجها.
وفي مقالتنا هذه سوف نرى الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الانتحار، وسوف نتساءل أيضاً: هل غفل كتاب الله تعالى وهو الكتاب الذي أنزله الله تفصيلاً لكل شيء، هل غفل عن ذكر هذه الظاهرة وعن ذكر علاج له؟
بل سوف نقارن العلاج العلمي بالعلاج القرآني لنرى التطابق المذهل، بل لنرى أن القرآن يتفوق على العلماء وأبحاثهم العلمية.
حقائق حول الانتحار
- حسب إحصاءات الأمم المتحدة فإنه في أية لحظة ننظر إلى سكان العالم نجد أن هنالك 450 مليون شخص يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية.
- الرجال أكثر عرضة للانتحار من النساء بأربعة أضعاف تقريباً. ولكن محاولات الانتحار عند النساء أكثر.
-عوامل تؤدي للانتحار:
- إن عنصر الكآبة هو الأوفر حظاً في السيطرة على مشاعر من لديه قابلية للانتحار
- إن تكرار محاولات الانتحار أو التفكير في الانتحار هي أسباب قوية لتنفيذ هذا الانتحار فيما بعد.
- إن الإدمان على الكحول والمخدرات قد يكون أحد الأسباب المؤدية للانتحار.
- المعتقد الديني حول الانتحار له دور أساسي في قبول فكرة الانتحار.
- فقدان شيء غالٍ أو خسارة كبيرة، وهذا يؤدي لنوع من رد الفعل قد ينتهي بالانتحار، كفقدان العشيق أو أحد الأبوين وحتى أحد الرفاق تعاطفا وتضامنا معه .

عوامل الوقاية حسب معطيات العلم الحديث:
يؤكد العلماء الذين درسوا آلاف الحالات لأشخاص قد ماتوا منتحرين مؤكدين على ضرورة العناية بمن لديهم اضطرابات نفسية قد تؤدي بهم إلى الانتحار.

الإحصائيات العالمية تظهر أن نسب الانتحار شبه ثابتة وتتأرجح حول معدل قد يصل إلى مليون منتحر كل
أرقام مرعبة:
ولكي لا يظن أحد أننا نبالغ في هذه الأرقام، فإننا نقدم إحدى الإحصائيات الدقيقة جداً والتي تمت عام 2002 في الولايات المتحدة الأمريكية (3) وكان بنتيجتها:
بلغ عدد المنتحرين أكثر من 31 ألف حالة. عدد الرجال منهم 25 ألف رجل، و6 آلاف امرأة.
أكثر من 5000 شخص بين هؤلاء هم من المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً.
أما عدد الشباب بين هؤلاء (15-24 سنة) فقد بلغ 4000 منحراً.
وبناء على هذه الأرقام فإنه يمكن القول بأنه في أمريكا هنالك شخص يقتل نفسه كل ربع ساعة!!

إن الحديث عن عواقب الانتحار ونتائجه الخطيرة وآلامه يمكن أن تمنع عملية الانتحار(5).
والسؤال: ماذا عن كتاب الله تعالى؟
ولذلك نجد أن القرآن العظيم لم يهمل هذه الظاهرة، فقد أعطى أهمية كبرى حول هذا الأمر وعلاجه فتحدث بكل بساطة ووضوح عن هذا الأمر. بل أمرنا أن نحافظ على أنفسنا ولا نقتلها فقال: ((وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)) [النساء: 29]. إنه أمر إلهي يجب ألا نخالفه.
من هنا ندرك أن القرآن العظيم لم يغفل عن هذه الظاهرة بل عالجها العلاج الأمثل. ولذلك نجد أن أخفض نسبة للانتحار هي في العالم الإسلامي!!! وذلك بسبب تعاليم القرآن الكريم. بينما يعاني الغرب من عدم وجود تعاليم تمنعه من الإقدام على الانتحار فتجد نسبة الانتحار عالية لديهم.
أكدت إحصاءات رسمية تزايد جرائم الانتحار؛ لا سيما بالتسمم أو بالصبغة خلال الفترة الأخيرة وسط النساء بنسبة كبيرة، ثم الرجال عن طريق الإلقاء في البحر


مشهد أول:
فتاة يرفض أهلها زواجها من رجل ذي خلق ودين؛ بسبب أنه ليس من الأهل!!..
آباؤها: لن تتزوجيه.. لن تتزوجيه!!..
البنت: سوف أتزوجه عن طريق القضاء!!..
ينهال عليها الآباء ضرباً مبرحا؛ مما تسبب في كسر يدها، وإصابتها بجروح بالغة!!..
البنت أخذت كوباً من الماء ممتلئا (صبغة) فشربته؛ منتحرة!!..
مشهد ثان:
شاب شاهده المارة يلقي بنفسه من بلكونة الدور الخامس؛ وقد نقل إلى المستشفى وهو مصاب بعدة كسور متفرقة فى جسمه؛ ما جعل الأطباء يشُكّون في أن الإصابة ليست طبيعية، ومن ثم اتصلوا بقسم شرطة المدينة لإبلاغهم بالحادث، والتعرف على أسبابه..
وكانت المفاجأة فى سبب الإقدام على الانتحار - على الرغم من أن الشاب يبلغ من العمر خمسا وعشرين عاما - أنه يعانى من العطالة بعد تخرجه من إحدى الجامعات؛ وذلك بمثابة القضاء على حياته؛ لأنه منذ عامين يبحث عن عمل يساعد به أسرته التي تمر بظروف قاسية، وبسبب مرض أبيه الذي يتطلب السفر إلى الخارج؛ لكنه فشل في ظل الواسطة!!..
هذه هي الصور السوداء التي كثرت مؤخراً في مجتمعنا اليوم!!.. شباب من الجنسين سودت بهم الصحف مطلع كل فجر.. ينتحرون بسبب موجة التغييرات التي تحل في حياتهم..
* ما هي صفات المنتحر النفسية ؟!..
الصفات التي يتميز بها المنتحر في الغالب عديدة ومتنوعة، ويمكننا أن نذكر بعضا منها:

1_ لديه خلل على صعيد أل أنا؛ فهولا يستطيع أن يبلور طاقاته الدفاعية كي يتعامل مع الناس ومع واقعه؛ لشعور بالنقص والخسارة؛ وهو شعور ممكن أن يكون واقعيا وخياليا
2_عدم قدرته على تخطي ظروفه. وظلمة الدنيا في عينيه وانسداد الطرق أمامه . 3_ العنف على الذات.. ويكون نابعا عن كبت، وما ذلك إلا ضعف في عقيدته ومعلوماته الدينية ,
6_ ضعف ثقته بنفسه؛ إذ يكون دائماً بحاجة إلى امتداح الآخرين، فإذا افتقد ذلك منهم فقدلذة العيش دون ما يسمى بمرآة المجتمع .
* أسباب الانتحار:
تشير الأرقام إلى أن أكثر المنتحرين كانت لديهم ضغوط اقتصادية قاسية؛ من فقر وبطالة.. ويفسر البعض ذلك بأن القلق، والكآبة، وعدم الاستقرار تزداد بين العاطلين؛ بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وهذه الحالات النفسية من الأزواج تنعكس سلبيا على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزداد المشاكل العائلية.

وبناءً على ذلك فإن تعطيل الطاقة الجسدية بسبب الفراغ - لا سيما بين الشباب الممتلئ طاقة وحيوية، ولا يجد المجال لتصريف تلك الطاقة - يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسيا؛ مسببة له مشاكل كثيرة؛ قد تنتهي بقرار التخلص من الحياة.. وهو ما يفسر العلاقة بين الجانب النفسي من الإنسان، وبين توفر الحاجات المادية، وأثرها في الاستقرار والطمأنينة، وأن الحاجة والفقر يسببان الكآبة والقلق وعدم الاستقرار، وما يستتبع ذلك من مشاكل صحية معقّدة.. وهناك مثل شعبي يضرب في بعض المجتمعات العربية يقول (الجوع كافر)..
ونذكر من أمثلة الانتحار:

الارتباطات العاطفية بين البنت والولد دوما تسهم في وقوع هذه الحالات التي لوثت المجتمع
* العلاقات العاطفية:
وجد أن 30% من حوادث الانتحار عند البالغين سببها المشاكل العاطفية بين المرأة والرجل!!..
وهنا أذكر قصة البنت التي اإنتحرت بحرق نفسها عندما اكتشفت أن الرجل الذي كانت تربطه بها علاقة أربع سنوات قد تزوج بأخرى؛ فما كان منها إلا وأن أخذت الغاز وصبته على جسدها، ثم أشعلت عود ثقاب الكبريت عليها؛ منتحرة لذلك السبب!!..

* انتحار التقليد:
عندما ينتحر طفل أو مراهق فى مدرسة أو نادي أو أي مجموعة تحدث حالات انتحار مشابهة في المجموعة تقليداً للطفل أو توحدا أو تعاطفا معه.. ويحدث هذا أيضا بعد رؤية بعض الأفلام أو المسلسلات التي انتحر فيها أحد الأشخاص في هذا السن.. وقد نشرت رواية فى أوربا منذ 200 عام بعنوان (أحزان الصغير ويرزر)، وحدثت بعدها موجة من الانتحار في صغار السن، وكانوا يلبسون لحظة انتحارهم مثل لبس (ويرزر) بطل القصة، أو ينتحرون والقصة بجوارهم!!..
* إدمان المخدرات والكحول:
نسبة الانتحار أيضاً تزداد وسط الذين يعانون الإدمان بالمخدرات والخمر والكحول؛ كما أكدت ذلك بعض الدراسات..
وبالطبع هناك أنواع أخرى للانتحار؛ مثل الحالات العصبية والذهنية مثل (انفصام الشخصية)، والهذيان، والهلوسة، والانتحار غير المقصود؛ الذي قد يحدث بقرار نابع من تأثير الخمور والكحول والمخدرات!!.. كالسياقة في حالة السكر .

* الجهل بأمور الدين:
وبعد كل هذه الأسباب.. الجهل بالعلم الشرعي، وضعف الوازع الديني هو أهم سبب من أسباب الانتحار..

* الحكم الشرعي:
ما رأي الدين في الانتحار؟ وما الذي يترتب عليه من عقاب؟ :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردَّى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسَّى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)) متفق عليه، فالانتحار من الآثام العظام، والذنوب الكبار؛ ولذلك عد العلماء قتل النفس من كبائر الذنوب؛ ونشير هنا إلى أنه لا يجوز رمي المنتحر بالكفر، بل أمره إلى الله؛ ويدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه(( أنه هاجر إلى المدينة ومعه رجل من قومه؛ فاجتووا المدينة؛ فمرض؛ فجزع؛ فأخذ مشاقص له؛ فقطع بها براجمه؛ فشخبت يداه؛ حتى مات؛ فرآه الطفيل بن عمرو في منامه؛ فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيا يديه؛ فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم.. فقال: ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت.. فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <اللهم وليديه فاغفر> ))..

وفي ظل هذه النتائج ندرك أهمية أن يستبشر المؤمن برحمة من الله، فهو القائل: ((يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)) [آل عمران: 171].
من هنا نتعلم درسين من دروس التقوى: الصبر والشكر. ولذلك قال تعالى: ((أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم)) [يونس: 62-64].
قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))

نشكرك على مساهمتك الفعالـة أخــي

مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور

هذا من ضعف الإيمان

اقتبس من اخي رياض عندك كل الصواب ضغف الايمان والوازع الديني يترك الانسان الغير عاقل يعمل مثل هذه الاعمال مشكور اخي على موضوع جد قيم ومفيد بالتوفيق منتظرين كل جديد من عندك