لماذا لا نخطب لبناتنا وأخواتنا الأكفاء من الشباب، وهل من العيب أن نجتهد في البحث وأن نعلن بالطريقة الذكية المناسبة عن وجود قريبات لنا يردن الزواج؟ ولماذا يغيب دور الفتاة المقبلة على الزواج عن هذه المهمة؟
هل يعلم الكثيرون أن خديجة هي التي خطبت النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك جميع أهل السير عن نفيسة بنت منية أنها قالت: كانت خديجة بنت خويلد امرأة حازمة ، قوية، شريفة مع ما أراد الله تعالى لها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وأحسنهم جمالاً وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة، قد طلبها جلّ رجال قومها، وذكروا لها الأموال، فلم تقبل فأرسلتني خفية إلى محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن رجع في عيرها من الشام فقلت: يا محمد ما يمنعك أن تتزوج؟..
فقال: ما بيدي ما أتزوج به..
قلت: فإن كفيت ذلك... ودعيت إلى المال... والجمال... والشرف... والكفاية.. ألا تجيب؟
قال: فمن هي؟..
قلت: خديجة بنت خويلد..
قال: وكيف لي بذلك يا نفيسة؟؟ وأنا يتيم قريش، وهي أيم قريش ذات الجاه العظيم والثروة الواسعة.
فقالت نفيسة: قل بلى وأنا أفعل.
فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن يحضر إليها.. وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها فحضر.
وكذلك حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتوفي بالمدينة - فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في أمري , فلبثت ليالي , ثم لقيني , فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا , قال عمر : فلقيت أبا بكر الصديق ، فقلت : إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا ، وكنت أوجد عليه من على عثمان ، فلبثت ليالي ، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه ، ثم لقيني أبو بكر الصديق بعد ذلك وقال لي إنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أنني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها ، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولوتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبلتها ) البخاري (5122)
ولقد ظنت بنت أنس بن ماك رضي الله عنه أن المرأة التي عرضت نفسها هي امرأة قليلة الحياء , ولكن الصحابي الجليل أنس بن مالك خطأها ووضح لها أن التي عرضت نفسها خيرا من التي اعترضت عليها , عن ثابت البناني قال
كنت عند أنس وعنده ابنة له , قال أنس : جاءت امرأة إلى رسول الله تعرض عليه نفسها قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس : ما أقل حياءها , واسوأتاه . قال : هي خير منك , رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها ) البخاري (5120)
وقد بوب له البخاري : (باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح )
إن هذا أكبر دليل على أن المرأة الحكيمة الذكية تبذل جهدها في البحث عن المناسب بالطرق الشرعية ، وألا تنتظر نصيبها كما يقال ، وأن تحاول جهدها حضور المناسبات النسائية الطيبة، ومع ذلك تراعي عادات أهلها ولا تصدم ما درجوا عليه، وتحاول بوسائل غير مباشرة .
لقد أدت بعض الأعراف غير المستندة إلى الشرع والإعلام الفاسد وأسباب أخرى إلى تأخر الزواج ، وأصبحت المجتمعات تئن من الأعداد المتزايدة ممن تأخرن في الزواج ، كما تسبب هذا في ظهور ألوان من الاقترانات تسمى زواجاً وهي أبعد ما تكون عن تحقيق مقاصد الزواج الشرعية . كما نشأت كثير من المنتديات الالكترونية التي رفعت شعار تزويج البنات وبعضها للأسف الشديد مصائد خطرة.
إن من واجب العلماء والمفكرين أن يقودوا الناس إلى ما فيه صلاحهم الديني والدنيوي وأن يزيلوا ما تراكم في الحياة بفعل الجهل تارة وحب المال أخرى .
لنفكر في تزويج بناتنا ونبحث لهن عن الصالحين فهذا من الخير الذي زهد فيه كثير من الناس.