بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ، من صفات المؤمن الصادق أنه يخاف ، يخاف الله ، وأصل الخوف أن الله سبحانه وتعالى خلق النفس البشرية على طبيعة الخوف ، فقال تعالى :
( سورة المعارج ) .
ولولا هذه الخصيصة في النفس البشرية لما تاب إنسان ، ولما خضع إنسان ، ولا أناب إنسان ، والخوف سبب سعادة الدنيا والآخرة ، هي نقطة ضعف في أصل خلق الإنسان ولكن هي لصالح الإنسان : ] الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا [ .
إلى الآيات الله عز وجل يقول :
( سورة آل عمران ) .
لا بد من أن تخاف جهة ، يفترق المؤمن عن غير المؤمن أن المؤمن يخاف من الله وحده ، بينما غير المؤمن يخاف من كل أقوياء الأرض ، قلبه مشتت ، فإذا كان الأقوياء متناقضين وقع في حرج كبير ، إن أرضى هذا أغضب هذا ، إن أرضى هذا أغضب هذا فالله عز وجل يقول : ] فَلَا تَخَافُوهُمْ [ ، جمع : ] وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [ .
إذاً من علامة الإيمان أن تخاف الله وحده ، وهذا المعنى أيها الإخوة يحتاجه المسلمون اليوم قبل أي وقت آخر ، السبب أن القوى التي تهدد المسلمين في شتى بقاع الأرض قوى جبارة وطاغية ، ولا تخاف الله عز وجل ، فعلامة إيمان المؤمن أنه يعتقد أن أمره بيد الله ، وأن الله سبحانه وتعالى ما كان له أن يسلمه إلى غيره ، ] فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ [ .
( سورة هود الآية : 123 ) .
القضية كفكرة سهلة ، أما كممارسة فصعبة جداً ، أنت سهل أن تقول : الله بيده كل شيء ، أنا سأخافه وحده ، لكن القوى التي أمامك ملموسة ، محسوسة ، بطاشة ، جبارة فعملياً لا تستطيع أن تخاف الله وحده إلا بتوحيد كبير ، والتوحيد الكبير يحتاج إلى جهد كبير ، فالموحد وحده لا يرى إلا الله ، يرى يد الله فوق أيديهم .
( سورة الأنفال الآية : 17 ) .
فالآية الأولى : ] فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ [ ، فأنت بين أن تخاف من ألف جهة متناقضة ، وبين أن تخاف من الله وحده ، ومن جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها .
الآية الثانية :
( سورة البقرة ) .
وحينما قدمت كلمة : ] وَإِيَّايَ [ أفاد هذا التقديم معنى القصر ، يعني ينبغي أن ترهب الله ، ومن لوازم رهبتك من الله ألا ترهب أحدًا آخر مهما كان قوياً ، ] وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [ .
الآية الثالثة :
( سورة المائدة الآية : 44 ) .
لما يأتي نهي في القرآن الكريم معنى ذلك أن هذا واقع ، الناس يخاف بعضهم بعضاً ، الناس يخشون بعضهم بعضاً .
( سورة المؤمنون ) .
( سورة المؤمنون ) .
في نهاية الآية :
( سورة المؤمنون ) .
إذاً في أصل تصميم الإنسان أنه شديد الخوف ، في أصل التصميم ، وشدة الخوف سلم يرقى به إلى الله ، شدة الخوف حيادية ، يمكن أن توظف بالإيمان ويمكن أن تقود إلى الشرك ، حيادية ، وأنت مخير ، فأنت مصمم على أن تخاف ، كائناً من كان ، بل إن الذي يخاف من المشركين قطعاً المشرك يخاف .
( سورة آل عمران الآية : 151 ) .
لأنه أشرك يخاف ، ولو كان أقوى أقوياء الأرض ، والذي ترون الآن أن القوى التي لا تعقل قوتها أشد خوفاً من الضعفاء ، الآن في مرتبة عليا من الخوف .
قال بعض العلماء : القلب في سيره إلى الله كالطائر تماماً ، المحبة رأسه والخوف والرجاء جناحه ، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر يجيد الطيران ، ومتى قطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد جناحيه فهو عرضة لكل صائد وكاسر ، رأس الطائر المحبة وجناحاه الخوف والرجاء ، إذاً لا بد من أن يجتمع في قلب المؤمن محبة وتعظيم وخوف ورجاء .
والحقيقة أن الخوف إذا زاد عن حده أصبح يأساً وقنوطاً ، وهو عين الكفر والمحبة إذا قادتك إلى التساهل في طاعة الله عز وجل كانت محبة ترتبط بالنفاق ، المحبة إذا اشتطت بحيث أنك أهملت عباداتك ، أهملت غض البصر ، أهملت أهملت هذه محبة كاذبة ، فعلامة المحبة المبالغة في الطاعة ، وعلامة الخوف الخوف من أن تنقطع علاقة بالله التي تحرص عليها .