كثيرا ما تَصْدُقُ تلك الشخصية التي تختبئ خلف الصمت والسكوت لدى
بعض الأشخاص في كشف حقيقة الإنسان وطبعه، على تلك التي يُبديها
للجميع والتي تُرى من خلال الكلمات المنقاة والأحاديث المعتاد عليها
والابتسامات المستعارة، لكن هذه الأخيرة غالبا ما تكون مصطنعة من
طرف صاحبها ليخفي غموضه ونقائصه، فهو بإتباعه لهذا الأسلوب
يقوم بشيء من التمويه الذي لا يدوم طويلا والذي لا يلبث أن يتمزق
وينجلي بعضا من الشخصية الحقيقية و التي لا يمكن إخفاؤها أو خلعها،
فهي ليست ثوبا يُرتدى في أماكن ويُخلع في أماكن أخرى، و هذه الفئة
من الناس تتسم في ساحة المجتمع بتعدد الأوجه والتعاملات، و قد
يستغرب القارئ لماذا يتفادى الإنسان إظهار شخصيته الحقيقية للآخرين
والتعامل معهم على طبيعته؟،لكن صعوبة التأقلم مع الظروف المعيشة و
الفوارق الاجتماعية الفادحة بين الأفراد و الحاجة الكبيرة للاكتمال و
تحقيق الذات، تدفع بالإنسان إلى التخلي حتى عن دينه كما فعل بعض
المسلمين في الآونة الأخيرة باعتناقهم للمسيحية وذلك تحت مغريات تطأ
على جراحهم لتشفيها وتخفي أثرها أيضا، وأود أن تعرف عزيزي
القارئ، من خلال وجهة نظري هذه، أنه لا يمكننا الحكم على إنسان ما
إلا بعد معرفتنا لما خلف سكوته و صمته وما وراء تقمصه و قد يأخذ
ذلك وقتا طويلا، مما يستوجب علينا إتباع أسلوب خاص نستخلصه من
تجاربنا في الحياة لكشف حقيقة الشخصيات.
الحالمة كرافسة