أشار
تقنيون و خبراء في الأشغال العمومية إلى ''تجاوزات'' في انجاز مشروع
الطريق السيار ''شرق ـ غرب'' الذي انطلقت أشغاله سنة 2004، و حددت آجال
فيفري 2009 لتسليمه.
غير أن نسبة الإنجاز لغاية الآن لم تتجاوز 30 بالمائة، أي 365 كلم من مجموع 1216 كلم.
حذر المختصون الذين تحدثوا لـ''الخبر''، من الإبقاء على نفس معدل الإنجاز
الذي أعلنت عنه الحكومة في تقرير رسمي سلم للبرلمان في سبتمبر 2008، حيث
أشارت إلى أنه منذ انطلاق المشروع في 2004، لم تتجاوز وتيرة الإنجاز 2 كلم
شهريا.
وهو أمر غير معقول؛ لأنه سيحول دون تسليم هذا المشروع الضخم في آجال
معقولة، لأن آجال الإنجاز انقضت منذ أكثر من شهرين. وبالوتيرة التي تضمنها
تقرير الحكومة الذي تحوز ''الخبر'' على نسخة منه، فإن مشروع الطريق السيار
لن يرى النور في السنوات القليلة القادمة. ويشير ذات التقرير إلى أنه خلال
خمس سنوات لم تتجاوز 365 كلم من مجموع 1216 كلم، وهي نسبة تناقض تماما
تصريحات مسؤولي القطاع الذين يعلنون في كل مرة عن تطوّر كبير في أشغال
المشروع.
وحسب عدد من الخبراء فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، فإنه منذ انطلاق المشروع
تم تسجيل تحفظات'' عديدة من بينها اعتماد صيغة التراضي في منح صفقة
الإنجاز، وهو تجاوز مفضوح لقانون الصفقات العمومية الذي يفرض التعامل وفق
نظام المناقصات الوطنية والدولية في كل مشروع تتجاوز تكلفة انجازه 600
مليون سنتيم. ومع ذلك فضل أصحاب المشروع اعتماد هذه الصيغة بحجة ''ربح
الوقت'' يقول أحد المختصّين في الأشغال العمومية. غير أن هذه المخالفة
فتحت الباب للعديد من ''التجاوزات''، بداية من اختيار مكاتب دراسات وشركات
مقاولة أجنبية في نفس مستوى شركات وطنية من حيث احترام المقاييس المعمول
بها في انجاز المنشآت القاعدية. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول السبب
الحقيقي وراء اعتماد الأجانب رغم أنهم لا يملكون في بلدانهم الأصلية أي
خبرة أو تجربة في هذا المجال.
وتحدثت نفس المصادر عن تكلفة انجاز المشروع التي حددت في البداية ـ وفق
الدراسات ـ بنحو 8 ملايير دولار ليقفز الرقم إلى 12 مليار دولار أي بزيادة
تعادل 4 ملايير دولار، دون تقديم أي مبررات عن ''تضخيم'' التكلفة التي
تمثل في الحقيقة ميزانية ثلاثة بلدان إفريقي، حسب نفس المتحدث.
وأشار مصدر متتبّع لملف الطريق السيار شرق ـ غرب إلى ''ثغرة'' قانونية
تكون قد وقعت فيها السلطات العمومية. ويتعلق الأمر بعدم وجود هيئة رسمية
تراقب تسيير وصرف ميزانية المشروع، ''وإلا كيف يفسر عدم تقديم تقييم
إجمالي لما تم انجازه لحد الآن سواء للبرلمان أو للرأي العام بالنظر إلى
ضخامة المشروع''. وتساءل مصدرنا في هذه النقطة قائلا: ''هل حجم الأموال
التي أنفقت لحد الآن يعادل نسبة الإنجاز؟''
الخروقات، حسب الخبراء، لم تتوقف عند هذا الحد، بدليل حالات الغش التي تم
تسجيلها في أكثر من موقع على غرار مقطع الذي يربط البويرة ببرج بوعريريج،
حيث اكتشف بأن الشركة الصينية المكلفة بإنجاز الجسر لم تراع المقاييس
المعمول بها ما كان وراء تهديم 40 عمودا أنجزت بطريقة مشكوك فيها. وهو ما
حدث أيضا في مواقع أخرى بسبب غياب دراسات جيوتقنية وجيولوجية تحدد نوعية
التربة وحركية الأرض قبل الشروع في انجاز هذا النوع من البناء. ولم يراع
أصحاب المشروع القوانين التي تنظم قطاع الأشغال العمومية، خاصة ما تعلق
بمنع انجاز أي منشأة على مسافة 50 مترا من الطريق السريع، لأن هذا الأمر
سيتسبب في فتح مداخل إلى الطريق ما يشكل خطرا حقيقيا على سلامة وأمن
مستعمليه، مثلما حصل في الشطر الواقع بواد الكرمة حيث تم انجاز مصنع
وأنشئت بسببه أرصفة على مستوى الطريق السيار تماما مثلما هو حاصل في منطقة
سيدي رزين ببلدية براقي. وهو ''تجاوز'' مفضوح، تضيف مصادرنا، لجميع
القوانين المعمول بها