قال رسول الله (ص) " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟!
ارحم اليتيم ؛ وامسح رأسه ؛ وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك "
كان أبو القاسم الدينورى ثقة صالحاً ؛ يضرب به المثل فى مجاهدة النفس ؛ والتعفف والتقشف ؛ والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؛ رآه بعضهم وقد اشترى دجاجة وحلواء .. فتعجب من ذلك فاتبعه إلى دار فيه امرأة ؛ ولها أيتام فدفعها إليهم ؛ ولما حضرته الوفاة جعل يقول :
" سيدى : لهذه الساعة خبأتك " ( البداية والنهاية : 6 / 431 )
لو أطعمنا أنفسنا .... !!
كان هناك رجلاً اسمه أبو نصر الصياد يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد ؛ فمشى في الطريق مهموماً لأن زوجته وابنه يبكيان من الجوع ؛ فمر على شيخ من علماء المسلمين وهو أحمد بن مسكين ..
وقال له : أنا متعب..
فقال له : اتبعني إلى البحر .. فذهبا إلى البحر..
وقال له: صلي ركعتين فصلي..
ثم قال له : قل بسم الله ..
فقال: بسم الله .. ثم رمى الشبكة فخرجت بسمكة عظيمة ؛
فقال له: بعها واشتر طعاماً لأهلك..
فذهب وباعها في السوق واشترى فطيرتين :
إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى ..
وقرر أن يذهب ليطعم الشيخ منها .. فذهب إلى الشيخ وأعطاه فطيرة ..
فقال له الشيخ :
لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة !!
( أي : أن الشيخ كان يفعل الخير للخير.. ولم يكن ينتظر له ثمناً )
ثم رد الفطيرة إلى الرجل ؛ وقال له: خذها أنت وعيالك ؛
وفي الطريق إلى بيته .. قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها .. فنظرا إلى الفطيرتين في يد الرجل ؛
فسأل الرجل نفسه: هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً .. فلمن أعطي الفطيرتين ؟! ..
ونظرا إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيها..
فقال لها: خذي الفطيرتين .. فابتهج وجهها وابتسم ابنها فرحاً .. وعاد يحمل الهم .. فكيف سيطعم امرأته وابنه ؟
وخلال سيره سمع رجلاً ينادي: من يدل على أبو نصر الصياد ؟
فدله الناس على الرجل ؛ فقال له: إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ؛ ثم مات ولم أستدل عليه..
خذ يا بني " ثلاثون ألف درهم " مال أبيك !!
يقول أبو نصر الصياد : وتحولت إلى أغنى الناس ؛وصارت عندي بيوت وتجارة ؛ وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة .. لأشكر الله .. فرأيت رؤيا في المنام أن الميزان قد وضع ؛
وينادي مناد : أبو نصر الصياد .. هلم لوزن حسناتك وسيئاتك..
يقول : فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي.. فرجحت السيئات.. فقلت أين الأموال التي تصدقت بها ؟!
فوضعت الأموال.. فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بنفس .. كأنها لفافة من القطن لا تساوي شيئاً !! ورجحت كفة السيئات وبكيت .. وقلت : ما النجاة ؟! وأسمع المنادي يقول : هل بقى له من شيء ؟!
فأسمع الملك يقول : نعم بقت له رقاقتان !!
فتوضع الرقاقتان ( الفطيرتين ) في كفه الحسنات .. فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات ؛ فخفت.. وأسمع المنادي يقول : هل بقى له من شيء ؟!
فأسمع الملك يقول : بقى له شيء..
فقلت : ما هو ؟!
فقيل له : دموع المرأة حين أعطيت لها الرقاقتين (الفطيرتين ) !!
فوضعت الدموع .. فإذا بها كحجر .. فثقلت كفة الحسنات.. ففرحت ..
فأسمع المنادي يقول : هل بقى له من شيء؟
فقيل : نعم .. ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيت له الرقاقتين !!
وترجح وترجح وترجح كفة الحسنات ..
وأسمع المنادي يقول له: لقد نجا .. لقد نجا .. فاستيقظت من النوم أقول :
لو أطعمنا أنفسنا هذا لما خرجت السمكة !!
سبحانك ربى سبحانك !!..
وصدق ربنا
" إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ؛ وإن أسأتم فلها "
وتعليق :
" كم من أرملة مات " عائلها " وترك لها أولاداً صغاراً .. لا تملك لهم ولا لنفسها قوتاً ولا غذاءً !!
كم من أرملة تنام طاوية .. وأطفالها يتضررون جوعاً .. ولا تجد يداً حانية تشبع جوعتهم .. ولا تمسح دمعتهم !!
كم من يتيم .. نظر إلى آباء أصحابه وكل أب يضع يده فى يد ولده ويصطحبه ليشترى له كسوة أو طعاماً ..
ولا يجد يداً رحيمة تمسك بيده !!
يا ترى ما ذنبه ؟!
لماذا قست القلوب ؟! لماذا جفت أصابع المسلمين عن الخير ؟!
لماذا جفت منابع الرحمة ؟! لماذا مات الحنان ؟!
أهذه أخلاق قوم يؤمنون بالله واليوم الآخر ؟!
لماذا لا نحض على طعام المسكين ؟! لماذا لا نكرم اليتيم ؟!
أخى ..
أتعلم أن بيننا أغنياء يموتون من كثرة الشبع ؟! ويمرضون من الأشر وابطر ؟! حقاً ؛ ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة .. ويل لهم ..
أعلم أن كلاب الأغنياء يتقلبون فى النعيم .. أطفالنا اليتامى يبكون من ظلم المسلمين ؟!
كم من طفل يحتاج إلى بسمة ؟! كم من طفل يتيم يحتاج لرحمة ؟!
منقول للامانة