لعدم وجود مصادر مكتوبة اختلفت الروايات التاريخية وتضاربت الآراء حول شان التسمية ، وعليه فإن الرغبة الملحة لكشف هذا السر دفعني إلى جمع ما أمكن جمعه واكتشاف أربعة روايات ترددت كثيرا عند سكان البلدة وهي كما يلي :
الرواية الأولى: قامت في البدايات الأولى من الاحتلال الفرنسي للمنطقة اشتباكات بين أهالي المنطقة والقائد علي باي بوعكاز الذي عرف بسوء تسييره للمنطقة وشدة بطشه ضد الأهالي ,لهذا ثار سكان المنطقة ضده واستعملوا في ثورتهم سلاح يسمى ((المقرون )) وكان هذا الأخير السبب في انتصارهم في هذه الاشتباكات, ومن ثم لقب أهالي المنطقة بأصحاب المقرون ومع طول الزمن تحول إسم المنطقة إلى إسم المقارين .
الرواية الثانية:عند دخول أول سكان قدموا إلى المنطقة من أصل بني ميزاب شاهدوا وجود نخلتين مقرونتين إلى بعضهما البعض , فكانت بالنسبة لهم ظاهرة غريبة وعجيبة ، بحيث لم يشاهدوا مثل ذلك من قبل ,فأطلقوا على المنطقة (( بلاد بالمقرونتين )) ،وبمرور السنين تحرف هذا الإسم إلى إسم المقارين .
الرواية الثالثة: في حديثنا مع المرحوم المجاهد محمد الصالح زوزو قال أن أصل التسمية يعود إلى زمن غابر، بحيث كانت جماعة من أهالي البلدة يجتمعون في السنة مرتين ,الأولى في فصل الصيف والثانية في فصل الخريف وهذا أجل حل بعض مشاكل السكان ،ومنها إصلاح المتخاصمين ومساعدة الفقراء والمساكين ، وعلى هذا الأساس سميت البلدة ((ذات المقرين)) ومع مرور الأيام تطور هذا الإسم إلى إسم المـقارين .
الرواية الرابعة: لقد جاء في مداخلة الدكتور الأستاذ إبراهيم ميـاسي في ذكرى المئة والخمسون المخلدة لمعركة المقارين أن أصل التسمية يعود إلى كلمة (متقارنيين) لكون أن المقارين تحتل موقع إستراتيجي جيد إذ تعتبر همزة وصل بين وادي ريغ و وادي ميزاب ومنطقة الزيبان.
الرواية الخامسة :ذكر الدكتور احمد رضوان شرف الدين في إحدى مداخلاته بمناسبة الذكرى الثانية والخمسون المخلدة لمعركة المقارين أن كلمة "المقارين" تعني "المضيافين" ، وفسّر ذلك أن كلمة المقّار في قاموس اللغة العربية تعني الضّيف.
بعد استعرضنا لهذه الروايات يمكن القول أن الرواية الثانية هي الأقرب إلى الصواب لكونها ترتبط بالبدايات الأولى لنشأة السكان والعمران بالمنطقة والتي تعود إلى حوالي القرن الحادي عشر ميلادي.
أما الرواية الأولى فلا يمكن أن تكون صحيحة لأنه قبل الحملة الفرنسية على منطقة وادي ريغ أرسلت الإدارة الاستعمارية بعثات استكشافية استخبارتية إلى المنطقة ، وقد ذكر هولاء المستكشفون اسم المقارين في تقاريرهم وقدموا وصفا جغرافيا وإجتماعيا وافيا حول هذه المنطقة ، وهذا إن دل فإنما يدل على أن اسم المقارين كان موجودا من ذي قبل ولم يظهر في فترة علي باي الذي نصبته فرنسا بعد احتلال المنطقة سنة 1854م حاكما على وادي ريغ ووادي سوف وورقلة.
وفيما يخص الرواية الثالثة فيمكن إرجاعها إلى ما يسمى بـ ((حضرة الرجال الملاح أو الحشان)) التي ظهرت بمنطقة وادي ريغ سنة 1910 م وتقام كل سنة في موسم جني التمور الخريف ، وتهدف هذه الطريقة الصوفية إلى الصلح بين أفراد المجتمع ، والسعي إلى الأعمال الخيرية والدعوة إلى المشاريع ذات المنفعة العامة والمصلحة المشتركة ، وكانت كلما تصل هذه الحضرة إلى منطقة المقارين تعقد جلستها الأولى في منطقة بورخيس ثم جلستها الثانية بمنطقة المقارين القديمة.
أما الرواية الرابعة والخامسة فهي تبقى اجتهاد من الأستاذين إبراهيم مياسي واحمد رضوان شرف الدين ، إذ لا يمكننا أن نحصر الموقع الاستراتيجي في منطقة المقارين وحدها فقط ، بل منطقة وادي ريغ ككل هي التي تحتل هذا الموقع ، إضافة إلى أنها تمثل ملتقى محورين هامين شمال جنوب,شرق غرب بحكم أنها كانت محطة هامة للقوافل التجارية وطريق هام من الطرق الصحراوية الرئيسية نحو وسط القارة الإفريقية.
2 - الموقع الإداري والجغرافي:
تقع منطقة المقارين في إقليم وادي ريغ والذي هو عبارة عن منخفض مستطيل الشكل يتراوح طوله حوالي 160كلم، وعرضه ما بين30و40 كلم، ويبدأ شمالا من عين الصفراء قرب بلدة أم الطيور، وينتهي جنوبا بقرية (القوق) قرب بلدة عمر جنوب تقرت .[1]
وتبعد المقارين عن منطقة تقرت بمسافة تقدر بـ: 10 كلم وعن مقر الولاية بـ: 170 كلم ، وعن مقر العاصمة بـ: 608 كلم، وهى مقر دائرة تابعة لولاية ورقلة تضم إداريا كلا من بلديتي المقارين و سيبدى سليمان ، كما أنها تقع في منطقة إستراتيجية بحيث يمر بجانبها الطريق الوطني رقم 3 الرابط بين ولايتي بسكرة وورقلة ، ويمر قربها خط السكة الحديدية الذي أنشئنه السلطة الإستعمارية في 2 ماي 1914م بحضور الحاكم العام لوطوا ووزيرا الحربية والمالية .