الحمد لله رب العالمين المُنزَّه عن عالَم الحِسِّ والإدراك ، فلا تُدرَك كُنْهُ ذاته إلا بالتسليم والانقياد. واشهد أن لا اله إلا الله لا تُدركه الأبصار. وانّ محمدا عبدُه ورسوله
(اللَّهُمَّ) إني أستغفرك لكل ذنبٍ يدعو إلى غضبك، أو يُدني إلى سخطك، أو يميلُ بي إلى ما نهيتني عنهُ. أو يُباعِدُني عما دَعَوتني إليه.
فصلِّ يا ربِّ وسلـّم وبارك على سيِّدنا محمد وعلى آل سيـِّدنا محمد واغفِره لي يا خير الغافرين.
تأملات فى لفظ الجلالة ومعناه :-
الله (اسم الجلالة) وهو اسم علم للدلالة على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو الإله الواحد, الذي له الدين الخالص والذي يؤمن به أتباع أديان التوحيد على أنه الخالق والمتحكم بالكون والناس. رغم شيوع المصطلح بين أتباع الأديان فإن المفهوم يختلف كثيرا من أصحاب رسالة لأخرى.
لفظ اسم (الله) أصله عربي، استعملها العرب قبل الإسلام والله الإله الأعلى لا شريك له الذي آمن به العرب في فترة الجاهلية قبل الإسلام، لكن بعضهم أشرك معه أشياء أو تماثيل اعتبروها آلهة، والبعض عبدوها ليتقربوا بها إلى الله، وآخرون أشركوا الأصنام في عبادته. جذر الكلمة إيل في الكلدانية أو الآرامية.
وجود الله وصفاته:-
يمكن الاتفاق بين الناس كافة (المؤمنين منهم والملحدين) على أن يكون المنطق العلمي السليم هو السبيل الوحيد للوصول إلى حقيقة وجود الله وصفاته. فالكل يتفق على أن لكل فعل فاعل, وأن لكل شيء سبب. ولا يستثنى من ذلك شيء, فلا يأتي شيءٌ من فراغ أو من عدم، ولا يحصل شيءٌ بلا سبب أو مسبب، والأمثلة على ذلك لا تحصى، ولا يغفل عنها أحد. والكون كله بكل ما فيه من حي أو جماد، ساكن ومتحرك، وجد بعد العدم. فالمنطق والعلم يؤكدان إذاً أن هناك من أوجد الكون. وسواء كان اسمه الله أو الخالق أو المبدع أو المبدئ، فليس لذلك تأثير على الحقيقة هذه. فالكون كله، بما فيه، يدل دلالة كافية على وجود الخالق.
والتعرف على صفات هذا الخالق يتم عن طريق دراسة ومتابعة ما أنجزه من أعمال ومصنوعات (مخلوقات). فالكتاب، على سبيل المثال، يدل على علم وخبرة وثقافة كاتبه وأسلوبه وتفكيره وقدرته على الإنجاز والتحليل. وكذلك كافة المصنوعات تعطي صورة وفكرة واسعة عن صفات الصانع. وإذا استعمل الناس هذا المنطق العلمي مع الكون والمخلوقات التي فيه لتمكنوا من الوصول إلى صفات الخالق (الصانع). فجمال البحار والطبيعة، ودقة الخلايا وحكمة ما فيها من تفاصيل، وتوازن الكون ونظام حركته، وكل ما توصل له الإنسان من علوم، كلها تدل على عظمة وعلم وحكمة الخالق.
سواءٌ أتفق الناس أم لم يتفقوا على صدق الأديان وما فيها من تعاليم، وسواءٌ اكتشفوا العلة والحكمة من الوجود أم لم يكتشفوها، وسواءٌ اتفقوا على الحكمة من وجود الألم والصعوبات في الحياة أم لم يتفقوا، فإن هذا لا يغير شيء من النتيجة التي وصل لها المنطق العلمي الذي يؤكد وجود الخالق العظيم والعليم والحكيم، الذي يتفق المؤمنون على تسميته الله.
وقديما قال العرب: "البعرة تدل على البعير، وآثار الأقدام تدل على المسير، أرض ذات فجاج وسماوات ذات أبراج أفلا تدل على العلي القدير؟"
أسماء الله في الديانات المختلفة:-
* في اليهودية: يهوه ويهوفاه أو جاهوفا بعض الأسماء التي تشير إلى الله في اليهودية تحديدا في عدة نسخ وترجمات للتناخ ويهوه كان الإله القومي للإسرائيليين. ومن أسماء الله في اليهودية: ألوهيم أو أيلوهيم (אלוהים)و إيل وشدَاي وأدوناي (أي الرب) ورب الصبؤوت (أي رب الجنود). وكلمة يهوه في العبرية (יהוה) تعني "الذي هو"، ردًا على سؤال موسى عندما أرسله الله إلى فرعون "أقول لهم من أرسلني؟". تجدر الإشارة أن اليهود يتجنبون ورعا لفظ كلمة يهوه ويستعيضون عنها بكلمة أدوناي عند صلاتهم وكلمة השם (أي الاسم) في حديثهم العادي.
* في المسيحية: يؤمن المسيحيون بالله، لكن نظرتهم له تختلف عن الإسلام إذ يؤمنون أن الله واحد في ثلاثة أقانيم. الثالوث الأقدس هو مصطلح مسيحي يشير للأقانيم الثلاثة: الآب والابن والروح القدس وكلهم عبارة عن ثلاث خواص أساسية (أقانيم) لإله واحد ورب واحد، ويظهر ذلك جلياُ في الكتاب المقدس في سفر التكوين [1] وأيضًا في إنجيل يوحنا [2] ورسائل القديسين [3] ومن صفات الله في المسيحية: محب وحكيم وقدوس وعادل ورحيم ورؤوف والرّب، مع ملاحظة أن الأسماء المستخدمة في الديانة اليهودية لها اعتبار في التقليد المسيحي.
* في الإسلام: الله هو الإله الواحد الأحد عند المسلمين وهو وصف لغوي للذات الإلهية. وله أسماء تسمى أسماء الله الحسنى وهي أكثر من أن تعد أو تحصى، ومنها تسعة وتسعون اسمًا خصّها نبي الإسلام محمد بالذكر وذكرت متفرقة في القرآن والأحاديث (السنة)، ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله. ومن أسمائه الكريم الحليم الرحمن الودود فهو يتودد لعباده وهو غني عنهم لكن رحمته وسعت كل شيء.
الله في الإسلام:-
الله في الإسلام؛هو علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو. ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، فرد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم.
وهو الإله الحق وكل ما يُدعى من دونه فهو باطل. فالمسلمون لا يعبدون إلا الله، فهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله ويؤمنون باليوم الآخر ويؤمنون بالقدر خيره وشره.
وتوحيد الله بالعبادة هي جوهر العقيدة في الدين الإسلامي.
فالله هو خالق السماوات والأرض وهو المحيي والمميت، حي لا يموت واحد، أحد، فرد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير ولا مشير ولا عديد ولا نديد ولا قسيم فهو كما أخبر عن نفسه في القرآن ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‹1›اللَّهُ الصَّمَدُ‹2›لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‹3› وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ‹4›﴾«112:1—4».
أسماء الله الحسنى:-
سماء الله الحسنى: هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وصفات كمال لله ونعوت جلال لله, وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله [4], يدعى الله بها، وتقتضي المدح والثناء بنفسها [5].
سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو إستأثر الله بها في علم الغيب عنده[6], لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد [7], وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله [8]، لا يعلمها كاملةً وافيةً إلا الله.
وهي أصل من أصول التوحيد في العقيدة الإسلامية لذلك فهي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوي يقينه [9]، والعلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم عند المسلمين، وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله [10].
إمتدح الله بها نفسه في القرآن فقال ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (
﴾ (سورة طه), وحث عليها الرسول محمد فقال (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة