ما هو الكرم؟
الكرم يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال:
(فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله)
[البخاري].
فالرسول صلى الله عليه وسلم وصف يوسف -عليه السلام- بالكرم لأنه
اجتمع له شرف النبوة والعلم والجمال والعفة وكرم الأخلاق والعدل ورياسة الدنيا والدين،
وهو نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي.
كرم الله سبحانه:
من صفات الله -سبحانه- أنه الكريم، وهو الكثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه.
كرم النبي صلى الله عليه وسلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس شرفًا ونسبًا، وأجود الناس
وأكرمهم في العطاء والإنفاق، فقد أتاه رجل يطلب منه مالا،
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأخذها كلها، ورجع إلى قومه،
وقال لهم: أسلموا، فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
[أحمد].
كما تروي عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء؛
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة: (ما بقي منها؟)
فقالت: ما بقي إلا كتفها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بقي كلها غير كتفها)
[الترمذي].
أي أن ما يتصدق به الإنسان في سبيل الله هو الذي يبقي يوم القيامة،
ولا يفنى إلا ما استعمله في هذه الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(ما نقص مال عبد من صدقة)
[الترمذي].
أنواع الكرم:
بما أن الكرم يطلَق على ما يحمد من الأفعال؛ فإن له أنواعًا كثيرة منها:
الكرم مع الله:
المسلم يكون كريمًا مع الله بالإحسان في العبادة والطاعة،
ومعرفة الله حق المعرفة، وفعل كل ما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه.
الكرم مع النبي صلى الله عليه وسلم:
ويكون بالاقتداء بسنته، والسير على منهجه، واتباع هديه، وتوقيره.
الكرم مع النفس:
فلا يهين الإنسان نفسه، أو يذلها أو يعرضها لقول السوء أو اللغو،
وقد وصف الله عباد الرحمن بأنهم:
{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا }
[الفرقان: 72].
الكرم مع الأهل والأقارب:
المسلم يكرم زوجه وأولاده وأقاربه، وذلك بمعاملتهم معاملة حسنة، والإنفاق عليهم،
فخير الإكرام والإنفاق أن يبدأ المسلم بأهله وزوجته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( دينار أنفقتَه في سبيل الله،
ودينار أنفقته في رقبة (إعتاق عبد)،
ودينار تصدقتَ به على مسكين،
ودينار أنفقتَه على أهلك،
أعظمها أجرًا الذي أنفقتَه على أهلك )
[مسلم].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها (أي ينوي عند إنفاقها أنها خالصة لوجه الله)،
كانت له صدقة)
[متفق عليه].
فالصدقة على القريب لها أجر مضاعف؛ لأن المسلم يأخذ بها ثواب الصدقة وثواب صلة الرحم.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم (القريب) ثنتان: صدقة، وصلة)
[الترمذي والنسائي وابن ماجه]
إكرام الضيف:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)
[متفق عليه].
الكرم مع الناس:
طرق الكرم مع الناس كثيرة؛ فالتبسم في وجوههم صدقة،
كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
(لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق)
[مسلم].
وقد قال علي -رضي الله عنه- وهو يحث على العطاء وإن قَلَّ:
لا تستحي من عطاء القليل؛ فالحرمان أقل منه، ولا تجبن عن الكثير؛ فإنك أكثر منه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كل سُلامَي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة،
ويعين الرجل على دابته؛ فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة،
والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة،
ويميط الأذى عن الطريق صدقة)
[متفق عليه].
وقال الله صلى الله عليه وسلم:
(كل معروف صدقة)
[البخاري].
الكرم والإنفاق في حوائج المسلمين:
المسلم يجب عليه أن ينفق في حوائج المسلمين،
فمثلا في وقت الحروب يجب عليه أن يكثر من الإنفاق لتجهيز جيش المسلمين،
وفي أزمات التعليم ينفق في تيسير التعليم، وإن كان هناك وباء أو مرض مثلا،
فعليه أن يتبرع بالمال مساهمة منه في القضاء على هذا المرض،
ولو علم المسلم بحاجة أخيه المسلم في بلد إسلامي معين إلى دواء أو غذاء،
فعليه أن يسارع إلى معاونته.
فضل الجود والكرم:
* ثواب الجود والإنفاق عظيم، وقد رغَّبنا الله فيه في أكثر من موضع من القرآن الكريم،
قال الله سبحانه و تعالى -:
{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
[البقرة: 261].
وقال تعالى:
{ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }
[البقرة: 272].
وقال تعالى:
{ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ
وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
[البقرة: 274].
* الكرم يقرب من الجنة ويبعد عن النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار.
والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار)
[الترمذي].
* الكرم بركة للمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا)
[البخاري].
وقال الله سبحانه و تعالى في الحديث القدسي:
(أنْفِقْ يا بن آدم أُنْفِقْ عليك)
[متفق عليه].
* الكرم عِزُّ الدنيا، وشرف الآخرة، وحسن الصيت، وخلودُ جميل الذكر.
* الكرم يجعل الإنسان محبوبًا من أهله وجيرانه وأقاربه والناس أجمعين.
لكل هذه الفضائل فإن المسلم يحب أن يكون كريمًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق،
ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها) [البخاري