الحمد لله وحده ثم الصلاة على من لا نبي بعده..........
لا يخلو أي مجتمع من مجتمعاتنا المعاصرة من ظاهرة النخب وأعني بها تلك الصفوة من البشر التي لها ميزة معينة تميزها عن بقية النخب المشكلة للنسيج الاجتماعي لكل بلد من البلدان العالم.وهناك عدة أنواع منها النخب الاقتصادية المتكونة من ارباب المال والأعمال وهناك النخب السياسية كرؤساء الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ذات التوجه السياسي والنخب الرياضية المكونة من الرياضيين الأبطال والمحترفين خارج الوطن وهناك أيضا النخب الثقافية المتكونة من المفكرين والادباء والعلماء والنخبة الحاكمة وهي المتكونة من الذين يسيرون البلاد إبتداءا بالرئيس او الملك كلا على حسب النظام المطبق في بلد ما ورؤساء الحكومات والهيئات التشريعية.
وإن كان لكل نخبة من الذين ذكرتهم دورها المهم في المجتمع فإني سأركز على النخب المثقفة والحاكمة لما بينهما من علاقة جدلية تاريخية تتسم بطابع المولاة والتحالف فيما بينها أو العكس فتصبح ألد أعداء السلطة.فماهي علاقة المثقف بالسياسي في الجزائر؟ وماهو الدور الذي تريده السلطة من المثقف؟.
لا يختلف إثنان في أن السلطة في الجزائر هي وليدة حركة تحرر وطنية قادتها جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي من 1954-1962 وكانت جبهة التحرير تضم مختلف الأطياف من وطنيين كأعضاء حركة الانتصار للحريات الديمقراطية((حزب الشعب سابقا)) وإسلاميين إصلاحيين من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ويساريين وعلمانيين وشيوعيين وإن كانو أقل من غيرهم.وعند نيل الاستقلال حدثت أزمة صائفة 62 السياسية نتيجة تضارب مصالح وقناعات القادة الثوريين.وإنتهى الامر الى الرئيس احمد بن بلة بدعم من قائد الاركان انذاك العقيد الراحل هواري بومدين.مزيحا بن يوسف بن خدة رئيس الحكومة للجمهورية الجزائرية المؤقتة.ومن هنا حدث الانفصال والطلاق البائن بين المثقف والسياسي الحاكم.صحيح انه كان في دواليب الدولة مثقفون أبرزهم مالك بن نبي الذي تولى منصب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.وكان الدكتور محي الدين عميمور مستشار للرئيس الراحل هواري بومدين لكن ماهي قيمة هذا التواجد ومامدى تاثيره على رسم الاستراتيجية العامة للبلد؟ فيما يخص القضايا الثقافية .طرحت قضايا جوهرية إبان الاستقلال فمن الذي بت فيها وأصدر القرارات الاكيد انه السياسي العسكري وليس المثقف.فعلى سبيل المثال طرحت قضية التعريب فهل أسندت للنخبة المثقف حتى تسير هذا الموضوع الجوهري ؟الجواب لا.أنا لا يهمني هنا طغيان النخب المثقفة ثقافة فرنكفونية على النخب المثقفة باللغة العربية أنا يهمني من اعطى للاولى حق القدرة والتحكم دون الثانية طبعا السلطة. يكفي ان مالك بن نبي إستقال من منصبه لأنه تعب من التدخلات الفوقوية ولأن نظرته كانت أبعد من نظرة غيره فأثر التفرغ للبحث والتأليف.إذا العلاقة بين المثقف والحاكم كانت علاقة إقصائية.قامت بها السلطة وساعده في ذلك المثقف نفسه لانه لم يثبت ذاته ولا شخصيته ولم يستطع ان يكون ضمير الامة الحي.
غالبا ماكان المثقف الجزائري مجرد ديكور في دواليب تسير الدولة يحضرني الان أسماء كثير من المثقفين في تلك الفترة لم نستطع الاستفادة منهم ولا من علمهم وثقافتهم في وقت كنا في أشد الحاجة إليهم.أمثال العلامة البشير الابراهمي الذي مات تحت الاقامة الجبرية سنة 1965 الدكتور عبد الله شريط والامين بشيشي والكاتبة زهور ونيسي وغيرهم كثير ضاعو في متاهات تصلب النخب الحاكمة عليهم.الدولة لا تريد المثقف الا واسطة بينها وبين الشعب في تلميع صورته والاقرار بان الحاكم هو ظل الله في أرضه على حد تعبير أبو حامد الغزالي رحمة الله عليه.
إن السلطة التي لا تعمل برأي المثقفين. مثلها مثل الاعمى الذي يسير دون هدى وكم من أزمات مررنا بها سببها هو غياب وتغييب دور المثقف.ان القوى الخارجية التي تتحكم فينا عملت برأي كل نخبها وأبرزهم المثقف.فحكموا بلدهم وتحكمو ببلاد غيرهم.ولم تكتف السلطة بتغييب صوت المثقف بل وأصرت على ضرب بعضهم ببعض وتصنيفهم تصنيفات ماانزل الله بها من سلطان.مثل التيار الوطني التيار الاسلامي التيار العلماني التيار اللائكي وهكذا دواليك فكثرت الملاسنات بين هذه الفرق وحادو عن رسالتهم الاساسية وهي قيادة الامة وان يكونو في الطليعة. هذه خواطر جالت ببالي فرميت بها بينكم للنقاش.