عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” الدّينُ النَصيحةُ ” قيل لمن يا رسول الله قال: ” للّهِ ولِرَسولِهِ ولأئمةِ المُسلمين ولعامّتِهِم ” .
(رواه مسلم)
قال الله تعالى : ” وذَكِّر فَإنّ الذِكرى تَنفَعُ المُؤمِنينَ ” (9) ، قال عمر بن الخطاب: لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين . وقال الحارث المحاسبي: إعلم أن من نصحك فقد أحبك ومن داهنك فقد غشك ومن لم يقبل نصيحتك فليس بأخ لك . ومن تصدى لنصح أحد فليكن أولا قد إتصف هو بالخلق الذي ينصح الناس به وليكن نصحه برفق وتلطف دون تشهير. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: إذا نصحت فانصح سرا لا جهرا ، فإذا نصحت أخاك سرا فقد نصحته وزِنته (من الزين) ، وإن نصحته أمام ملأ فقد نصحته وشنته (من الشين).ـ
وقد يكون النصح بالتعريض والتلميح أبلغ أحيانا من التصريح ، خاصة لمن يفوقك في السلطان أو يكبرك بالسن . مر الحسن والحسين رضي الله عنهما وهما صغيران بشيخ لا يحسن الوضوء ، فأرادا أن يعلماه الوضوء فتقدم منه أحدهما وقال: إختصمنا أنا وأخي هذا في أينا أحسن وضوءا ونريد أن تكون بيننا حكما ، فلما توضآ أمامه عرف خطأه فشكر لهما صنيعهما . وإذا عرفت من شخص عنادا بأن يفعل عكس ما تنصحه به فعليك أن ترفق به وتنصحه بعكس ما تراه لكي يصيب الحق في مخالفته لك . وذلك هو أحد الأسس التي عرفت حديثا في تعليم الكبار. فالغاية من النصح تقويم الإعوجاج وليس العجب بالنفس والتباهي بأنك أفضل ممن تنصحه أو أعلم منه.
والنصح لله هو أن تأمر بما يأمر الله وتنفذ أوامره في خاصة نفسك ، والنصح لرسوله أن تبلغ ما أمر به أمته مما أوتيت من علم وتكون أمينا في الدفاع عن سنته. والنصح لأئمة المسلمين بإرشادهم لما فيه خير الناس ومساعدتهم في تنفيذ ذلك والدعاء لهم . قال عبد الله بن المبارك لو علمت أن لي دعوة مستجابة واحدة لجعلتها لأئمة المسلمين لأن بصلاحهم يصلح ناس كثير وبفسادهم يهلك ناس كثير.أما النصح لعامة المسلمين فيجب البدء بالأقرب فالأقرب . وقد وصف الله تعالى الإنسان بالخسران إلا الذين يتواصون بالحق وبالصبر: ” إن الإنسانَ لَفي خُسر. إلاّ الّذينَ آمَنوا وعمِلوا الصالحاتِ وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصَبرِ ” (10).ـ