الحياة مشوار يبدا بصرخة يطلقها الجنين لحظة خروجه من رحم امه وتنتهي ايضا بصرخة يطلقها المفجوعون لحظة طلوع الروح وتحول الجسد المفعم بالحيوية الى جثة هامدة وبين الصرختين يمتد بساط الحياة مليء بالمتناقضات لحظات للسعادة المطلقة والفرح الذي ينطق بكل اللغات واوقات اخرى تمر عصيبة كئيبة يغلفها الحزن والالم تحت وقع احداث معينة او مشاكل تكدر الصفو واذا كان التعامل مع الفرح سهلا بل ممتعا فان مواجهة المشاكل و اللحظات الصعبة ليس بالامر الهين بل يتطلب الكثير من الصبر و الهدوء والتفكير المنطقي بعيدا عن الانفعال الذي قد يزيد الطين بلة ويصب يؤزم الوضع اكثر
حينما تحل بالانسان كارثة او يدخل في دوامة مشكلة معينة قد تبدو له مستعصية لا حل لها فانه في الغالب يتملكه الانفعال ويستسلم للحزن والتوتر وكل الصفات التي تدخل في هذا الاطار بينما الموقف يتطلب منه في الواقع البحث عن مخرج امن ونهاية سعيدة للدوامة التي وقع فيها وحالته لا تسمح له بذلك لان التوتر غالبا ما يكون السبب الرئيسي لتعقيد المشكلة حيث يتحرك صاحبها يمينا ويسارا ويتخبط دون هدف معين فكل باب يتصوره مخرجا للنجاة بينما في الواقع هناك منفذ واحد يسمح له بوضع نقطة نهاية لما هو فيه والغريب في الامر ان توتره قد يمر امام الحل الامثل دون ان يدرك ذلك
علماء النفس يؤكدون على ضرورة عدم تضخيم الامور والتحلي باعصاب هادئة حتى في احلك اللحظات لانها المفتاح السحري وقد يبدو ذلك مستحيلا وامرا بعيد المنال لان التوتر يرفع يوصد كل منافد التفكير لكن لو فكر صاحب المشكلة بشيء من الواقعية لادرك دون شك ان الحزن والصياح وشد الشعر لن يحل اي شيء بل العكس تماما فالوضع يزداد سوءا لذلك فالكل يوصي بعدم اتخاد اي قرار في لحظة الانفعال لانه غالبا ما يحقق نتيجة عكسية
بعد ان ينتهي مسلسل الصراخ والتوتر وشد الشعر وربما حتى كسر الاواني وضرب الاخرين يكتشف ذلك الشخص ان المشكلة ما زالت قائمة كما هي لم يتغير منها شيء بل قد تكون ازدادت تعقيدا لذلك يؤكد علماء النفس ان المرء حينما يقع في مطب معين او يجد نفسه في مواجهة مشكلة عليه ان يقتنع اولا انه عليه ان يتقبل الوضع كما هو وانه امام معضلة لابد ان يواجهها لانه لا الفرار ولا التشنج يمكن ان يفيداه و لا حتى التجاهل والتطنيش لذلك لو جلس في هدوء واتعرض الوضع كما هو متطرقا الى كل صغيرة وكبيرة ولا باس من استشارة من يراهم اهلا لاعطائه الراي السديد وليس من يزيدون الطين بلة فانه سيجد نفسه يصل الى الحل الملائم بكل سلاسة
المشكلة تكبر وتصغر حسب تعامل الانسان معها فهناك من يقع في مشكلة كبرى تهدد مستقبله وقد تشكل خطرا على ماضيه ايضا لكنه يقابلها بابتسامة وثقة لينسل منها كالشعرة من العجين ونجده يتجه مباشرة الى الباب الصحيح الذي كان يضنه الجميع موصدا ومفتاحه في قاع البحر لكن المعني بالامر يتصرف بذكاء ويعرف كيف يفتح الابواب الموصدة بينما يغرق اخرون في مشكلة بسيطة جدا ويضيعون فيها فتجدهم يتخبطون عاجزين عن تحديد مخرج النجاة الذي قد يكون امامهم فاتحا الابواب على مصراعيها
ما زلت اتذكر صديقا التقيته مرة وهو في حالة يرثى لها وكانه يحمل هموم العالم كله وحيمنا سالته عن السبب حدثني عن مشكلة يواجهها فما كان مني الا جلست معه وفتحت ملف مشكلته لنبدا من الالف الى الياء وما هي سوى لحظات حتى كان قد توصل الى الحل الامثل وقام مستبشرا وكانه قد حل مشكلة الشرق الاوسط وقد تغيرت حالته من مطر وبرق ورعد الى سماء صافية ووجه ينطق بالفرح
همسة خد الامور ببساطة تجدها حقا بسيطة