فهمسات تسع:
الهمسةُ الأولى : إلى قارئ هذه السطور .. ها هو عام مضى وانقضى ، وساعاتٌ ودقائقُ تصرَّمت وانتهت .. فهل يا تُرى عُمّرت بالطاعاتِ وتحصيلِ الحسنات ؟ أم لطِّخت بالمعاصي والسيِّئات ؟ ﴿وأنْ ليسَ للإنسانِ إلاَّ ما سعى . وأن سعيهُ سوف يُرى . ثم يُجزاهُ الجزاء الأوفى ﴾[6] .
الهمسةُ الثانية : إلى كلِّ داعيةٍ وطالب علم .. سل نفسك .. أينَ أنت ؟ وماذا قدَّمت ؟ ما هيَ مخطَّطاتك ؟ وماذا تريد ؟ ألا تكفي الأعمالُ الارتجاليةُ دون تخطيطِ أو تفكير ؟ ألا يكفي الانشغالُ بالمهمِّ عن الأهم ؟
الهمسةُ الثالثة : إلى الشباب المباركين المحبين لدينهم وأمتهم ووطنهم .. أقول : إنكم تعلمون أنَّ أمة الإسلام اليوم تواجه أزماتٍ قاسية ، وهجماتٍ شرِسةٍ ضارية موجهة تارةً من عدوِّها الخارجيِّ (اليهودُ والنصارى وأضرابِهم) وتارة من عدو داخلي لدود (العلمانيون والليبراليُّون وأذنابُهم) . جعلوا الإسلام شِعاراً ، والإصلاح بُغيةَ الحضارة ، والتمدُّن دثاراً .. فلا تغرَّنكم فِعالهم ، ولا تهولنَّكم دعواتهم ، بل عليكم مواجهتهم بسلاح العلم الشرعيِّ .. ولْتكونوا قريباً من العلماء والأكابر .. فبالبركةُ معهم .. واسلُكوا طريقهم حيثُ تيمَّموا .
الهمسةُ الرابعة : إلى كُلِّ إعلاميّ أقول : إنك تعلم مدى تأثير الإعلام على واقع الأمة ، ودورُه الكبير في توجيهِ الناس وقيادتهم - سلباً كان أو إيجاباً - .. فالإعلامُ جعلَ هذا العالم بيتاً واحداً ، وهو سلاحٌ ذو حدَّينِ -كما يُقال- فإما أن يُستخدمَ في الخيرِ ، فهذا –والله- هوَ الفلاحُ والفوز ، وإما أن يُستخدم لنشرِ الشرِّ وهذه هي الخسارةُ والخيانةُ لعُقولِ الأمة . فالذي ينبغي هو أن يتعاونَ الجميعُ من أجلِ تصحيحِ مجالاتِ الإعلام ودخولها بكلِّ قوة -ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا-.
الهمسة ُ الخامسة : إلى كلِّ من ولاَّهُ الله أمراً من أمورِ المسلمين -أمراً خاصاً أو عاماً- تذكر أنَّ اللهَ سائلُك عما استرعاك : أحفظت أم ضيعت؟ تذكَّر أنك ستقفُ في محكمةٍ يقضي فيها الله - جلَّ الله - . إنَّ هذه الأمانة التي تولَّيتها إما أن تكونَ ممراً لكَ إلى الجنة ، وإما أن تُبعِدَك عنها -والعياذ بالله- فاتَّق الله فيما تولَّيت ، واسأل ربَّك الإعانة والتوفيق ، فإنه خيرُ معين.
الهمسةُ السادسة : إلى كل مجاهد في سبيل الله ، إلى المقاومين الصامدين على ثغورِ الإسلام ، في بلادِ العراقِ وأفغانستان وفي كل مكان ؛ حُيِّيتم ، وسُدِّدتم ، ووُفِّقتم ، وأعانكمُ الله ونصرَكم .. فلقد رفعتم هامة الإسلام عالية ، للهِ أنتم يومَ تركتمُ النومَ على الفِراشِ الوثيرِ وآثرتمْ منازلة المحتلِّ الباغي .. لكمُ منَّا الدعاء ، وحقّكمُ علينا الذبُّ عن أعراضكِم .. مكَّنكمُ اللهُ من رقابِ الكافرين ، وأعادَ لكم أرضكم ودياركُم ، ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾[7] .
الهمسةُ السابعة : إليكم أيُّها المرابطون الصابرون على أرض فلسطين المباركة ، إن القلم يستحي أن يكتبَ لكم شيئاً ، لقد علَّمتمونا كيف نصبرُ ونُصابر ، أيها الأحبة: إن الظلامُ سينجلي ، ويُسفرُ صُبحٌ بديعُ المُحيَّا ، وإنَّ الفرج قريبٌ فلا تجزعوا ، أسألُ الله أن ينصرَكم ، وأن يكُفَّ بأسَ الذين كفروا عنكم : ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[8]. ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[9] .
الهمسةُ الثامنة : إلى من أطلقَ قلمه ولِسانه للنيلِ من العلماء والدعاة سباً وتجريحاً وتنفيراً وتحريضا أو انتقاصاً من شعيرة دينية ، أو لمزاً للعفةِ والطهرِ والفضيلة .. أقولُ لهم : ﴿ستُكتبُ شهادتُهم ويُسألون﴾[10]..
وما مِن كاتبٍ إلا سيفنى ويُبقي المرءُ ما كتَبت يداهُ
فلا تكتُب بكَفِّكَ غيرَ شيءٍ يسُرُّكَ في القيامةِ أن تراهُ
الهمسةُ التاسعة : إليك أيتُها المرأةُ الفاضلة الطاهرةُ الشريفةُ العفيفة -أمَّاً أو أختاً أو بنتاً- أيتُها الصالحةُ الوفيَّةُ لدينها .. أمامكِ تحدِّياتٌ عصيبة في ظلِّ تردٍ أخلاقيّ وطغيانِ رذيلة . آنَ لك أن تتقدَّمي الصفوف لرعاية الفضيلة ، وتحصين الأسرة بدينِ الفطرة .
يا حرةً قد أرادوا جعلها أمةً غربية الفعلِ لكن اِسمها عربي
يا درَّةً حُفِظت بالأمسِ غاليةً واليومَ يبغونها للَّهوِ واللعبِ
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستخلص العبر مما مضى من السنين ، وأن يجعلنا أكثر محاسبة لأنفسنا فيما يستقبلنا من العمر ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .