يوم عاشوراء بين أهل السنة وأهل البدع
--------------------------------------------------------------------------------
لن أتحدث عن يوم عاشوراء وفضائله وحكم صيامه والأحاديث المتعلقة بذلك فهذه الأمور قد كفاني إياها من هو خير مني وأعلم ، وإنما أنقلكم إلى موضوع هام وخطير يتعلق بيوم عاشوراء ، وهي جزئية ندر من يتنبه لها ذلك لأنها تحتاج إلى الخروج عن المألوف في الطرح .
يوم عاشوراء يوم له مكانته عند جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم ، فلأهل البدع فيه بدع ولأهل السنة فيه سنن ، وليس بخاف عليكم ما يفعله الرافضة قبحهم الله من الأفعال الشنيعة وما يظهرونه من ألوان البدع مباهاة وتعظيماً لهذا اليوم ولهم في ذلك شعائر يظهرونها ويجاهرون بها في شكل جماعي بدأ من مواكب النياحة ولطم الخدود وشق الجيوب وتعذيب أجسادهم بالسلاسل وإسالة دمائهم وغير ذلك من البدع ، حتى إذا ما جن الليل كان لهم مواعيد مع شعائر الفساد والخنا والمنكرات والتي يلبسونها ثوب العبادة والدين .
والعجيب هو تكالبهم وتكاتفهم على إظهار هذه الشعائر البدعية ولا يختلف في ذلك فاسقهم عن متشددهم ، ونسائهم عن رجالهم ، وصغارهم عن كبارهم بل الجميع على قلب رجل واحد في إظهار تلك البدع ، ومن المؤسف أن احتفائهم ببدعهم هذه أشد من احتفاء أهل السنة بسننهم .
إن يوم عاشوراء ليشتكي إلى بارئه وخالقه مما أحدثه أولئك المقبوحين ، وإنه لينظر من طرف خفي إلى أهل السنة استحياء من تخاذلهم في إظهار السنن وتناحرهم فيما بينهم حتى إنه لتمر مواسم السنن فلا تسمع و لا ترى من يظهرها إلا قلة منهم على استحياء .
إن صيام يوم عاشوراء ليس مجرد سنة مؤكدة بل هو فوق ذلك إظهار لمشاعر الفرح بنصر الله وتمكينه لعباده المتقين وهو شكر لله وتذكر متكرر لسنة إلهية ماضية ( إن العاقبة للمتقين ) .
إن يوم عاشوراء يوم عظيم نجى الله فيه موسى ومن معه وأغرق فرعون ومن معه ، فصامه موسى شكراً وتذكراً لهذا النصر ثم صامه اليهود بعده ، فلما تقادم الزمن وانحرف اليهود عن مسارهم وحرفوا الكتاب وقتلوا الأنبياء واستحلوا الحرام وحرموا الحلال ظلوا متمسكين بصيام هذا اليوم ، في وقت ينظر إليهم هذا اليوم بنظر المقت والبغض لأنهم ادعوا ولايته وأحقيتهم به وهو منهم براء فاشتكى إلى بارئه وخالقه مما يدعيه هؤلاء فأبدله الله تعالى بخير منهم وهم أوليائه المتقين وفي مقدمتهم رسولنا صلى الله عليه سلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار ، وأعلن حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه وأصحابه وأتباعه أحق بهذا اليوم من غيرهم ، ولكن الأيام كانت حبلى بأدعياء جدد يسيرون على منهج اليهود ويرتسمون خطاهم ويدعون أنهم أولياء يوم عاشوراء ، وهذه الشرذمة ليست بخافية عليكم وتعرفونها حق المعرفة أنهم الرافضة قبحهم الله .
إن المسافة بين عاشوراء السنة وعاشوراء الرفض مسافة عظيمة وكبيرة فعاشوراء السنة شكر وفرح وبهجة بنصر الله وتذكر لعظيم نعمه وتدبر في سنته الخالدة ( إن العاقبة للمتقين ) .
وأما عاشوراء الرفض فحزن وبكاء – لا على الحسين رضي الله عنه ما يدعون وهو منهم براء فهم الذين أسلموه وخذلوه ، ولكن حزنهم وبكاؤهم على هزيمة فرعون وجنده وتذكر لهذه النقمة العظمى عليهم وتدبر في سنة الله الخالدة ( لنهلكن الظالمين ) .
عجباً لمن ينادي بالتقريب بين أهل السنة والرافضة ، وفي يوم عاشوراء رد حاسم وقاطع على بطلان دعوى التقريب ، إذ كيف يتم التقريب بين متناقضين ، أعني من يتعبد بالفرح والشكر وإظهار البهجة وبين من يتعبد بالحزن والبكاء وإظهار السخط ، إنه جمع بين المتناقضات فإما أن نفرح كأهل سنة وإما أن نحزن كرافضة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .