الاشبيلي شخصيّة رفيعة بالمنتدى
عدد الرسائل : 822 العمر : 48 الموقع : ashpele@hotmail.fr المدينة التي تقطن بها : الوادي الوظيفة : تاريخ الاندلس السٌّمعَة : 41 تاريخ التسجيل : 03/06/2010
| موضوع: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الأحد أكتوبر 10, 2010 2:00 pm | |
| ألأوبـــــئـــــــــة
تكتسي دراسة هذا الموضوع أهمية كبرى لكثرة الأوبئة التي عرفها المغرب، وللظروف الدولية التي أحاطت بالموضوع خصوصا خلال القرن التاسع عشر مما يتيح إمكانية التوسع في البحث.
كما تتجلى أهمية الموضوع في النتائج المرتبطة به، فقد هزت الأوبئة بعنف البنى الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية للمغرب.
كما خلفت تراثا فكريا ارتبط بكثرة الكتابات والفتاوى والرسائل في الطواعين خصوصا إذا علمنا أن الرسائل المغربية التي كتبت في الموضوع لا تخلو من فائدة، فهي تفيدنا في معرفة منظور المعاصرين للطاعون ومواقفهم من أسباب ظهورها، وطرقها العلاج منها والسلوك الذي يجب على المسلم أن يلتزم به إذا نزل البلاء.2
وتعكس لنا هذه الرسائل والفتاوى ذلك الجدل الذي احتدم بين الفقهاء حول إشكالية حقيقة العدوى، مما يلقي الضوء على واقع الحياة الفكرية للبلاد وتأثيرات ذلك على سلوكيات أفراد المجتمع.
وإننا هنا لن نحيط بكل ماكتب في الموضوع، فهذا يحتاج إلى دراسة مستقلة بذاتها، وإنما سنقتصر على نموذج واحد ورد في كتاب (المصادر العربية لتاريخ المغرب ) الجزء الثاني لمحمد المنوني رحمه الله.3
وهو كتاب (الكواكب الذرية المستنيرة بحديث لا عدوى ولا طيرة ) من تأليف محمد بن المدني كنون رحمه الله، منشور بالمطبعة الحجرية الفاسية بهامش كتابه الآخر ( الزجر والاقماع بزواجر الشرع المطاع لمن كان يومن بالله ورسوله ويوم الاجتماع عن آلات اللهو والسماع ).4 ولقد اطلعنا عليه بمكتبة عبد الله كنون بطنجة.
وقد حاول صاحبه الجواب على إشكالية كبرى بقيت مثار خلاف بين العلماء وغالبا ما كانت النقاشات تنحصر في إعادة الخلافات القديمة حول الموضوع، واجترار ما قرره السلف بشان حقيقة انتقال العدوى، وكيفية الاحتراز منها، وذلك على ضوء الأحاديث النبوية وعلى التراث الفقهي الضخم الوارد من اجل تحديد الموقف الشرعي الذي يجب اتخاذه زمن الطاعون.5
وقد تضاربت الآراء حول مسألتين أساسيتين
الأولى: حول حقيقة العدوى.
الثانية: حول جواز أو عدم جواز الفرار من أرض نزل بها الطاعون.
وتضارب الآراء هذا انعكس على نتيجة الاجتهاد، وقد كان هناك اتجاهان رئيسيان.
الأول: أكد على ضرورة الأخذ بأسباب الوقاية، بما فيها الفرار من ارض الطاعون.
والثاني نهى عن الفرار وأكد على التسليم لمجرى القدر.6
ويمكن القول عموما أن مختلف الآراء والحجج التي أدلى بها كل طرف لدعم موقفه تعكس كما سبق وان اشرنا ذلك الخلاف الذي احتدم بين علماء وفقهاء الإسلام في السابق.7
فأين يقع كتاب الكواكب الذرية المستنيرة بحديث لا عدوى ولا طيرة لمحمد بن المدني كنون في هذا الجدل القائم ؟ وما دواعي تأليفه وقد تناول السابقون القضية بالدراسة والتحليل ؟
إن الإجابة عن هذا السؤال نستشفها من الكتاب نفسه، يقول المؤلف رحمه الله ( وقد طلب مني بعض من لا تسعفني مخالفته...أن اجمع له ما وقفت عليه من كلام الأئمة على حديث لا عدوى ولا صفر ولا هامة...فأجبته إلى ذلك تقربا لقائله وتوسلا بجاهه ).8
مما يعني أن الحاجة الاجتماعية بقيت قائمة، لإيجاد جواب شافي في المسالة، رغم أن الموضوع قد تحدث فيه أهل الصناعة.
كما أن جانب الرؤيا كان دافعا قويا للشيخ لإتمام التأليف، فقد أشار محمد بن كنون إلى انه رأى النبي الكريم في المنام وأبو بكر الصديق عن يمينه وكأنهما داخلان عليه البيت، وكان النبي عليه السلام على حلة من نور. يقول (ودهشت عندما رأيت الأنوار قد أحدقت بي فإذا أنا بالذي عن يمينه وهو أبو بكر الصديق يقول لا باس عليك يا سيدي قد أثابك على هذا الموضوع، فاستيقظت من منامي فرحا برؤيته صلى الله عليه وسلم).9
هذا من حيث الدوافع، أما عن المضمون فإن محمد بن كنون رحمه الله حاول في كتابه التوفيق بين الآراء المتضاربة معتمدا على تأويل الأحاديث التي تبدو متناقضة ظاهريا معتمدا في ذلك على أقوال بعض العلماء من السلف.
وقد أكد في البداية على صحة الحديث الذي اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر...وزاد البخاري وفر من المجذوم فرارك من الأسد،... واخرجا عن أبي سلمة مرفوعا ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة، فقال أعرابي يارسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها فقال فمن أعدى الأول ثم أعاد البخاري وزاد ما نصه وعن أبي سلمة انه سمع أبو هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يوردن ممرض على مصح).10
وأورد أحاديث مشابهة من روايات وطرق أخرى لها نفس المعنى.
ثم انتقل لشرح الأحاديث التي أوردها معتمدا على أقوال السلف، ففي موضوع حقيقة العدوى نقل عن الحافظ بن حجر (وحاصل قوله لا عدوى نهي عن اعتقادها وقوله لا يورد ممرض على مصح سبب النهي عن الإيراد خشية الوقوع في اعتقاد العدوى).11
والمراد بنفي العدوى أن شيئا لا يعدي بطبعه كما كانت الجاهلية تعتقد، فأبطل صلى الله عليه وسلم اعتقادهم، فأكل مع المجذوم ليبين أن الله تعالى هو الذي يمرض ويشفي.12
ونهاهم عن الدنو من المجذوم ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجري الله العادة أنها تمضي إلى مسبباتها.وفي فعله أنها لاتنتقل بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئا، وان شاء أبقاها فأثرت وعلى هذا جرى أكثر الشافعية.13
وقيل لا عدوى أصلا.. والأمر بالفرار إنما هو... سد للذريعة لئلا يحدث للمخالط شيء من ذلك فيظن انه بسبب المخالطة فيثبت العدوى التي نفاها صلى الله عليه وسلم.فأمر عليه السلام بتجنب ذلك شفقة منه ورحمة.14
وقال العلامة المحقق أبو علي اليوسي في محاضرته ما نصه وفي الحديث (لا عدوى ولا طيرة) والحق عندنا في تأويله أنه إثبات لانفراد المولى عز وجل بكل التأثير، وأنه لا تأثير لشيء مما يتوهم العرب أنه مؤثر لا في باب العدوى ولا في باب الطيرة...وقوله صلى الله عليه وسلم( وفر من المجذوم فرارك من الأسد) وكذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يورد ممرض على مصح) والإبل المريضة على الإبل الصحيحة يحتمل معنيين احدهما انه سد للذريعة بمعنى انه يترك ذلك مخافة أن يقع شيء، فيظن من وقع له وغيره انه ناشئ عن ذلك السبب فيقع في الشرك.15
وقال الشيخ السنوسي في شرح القصد في بيان معنى لا عدوى ولا طير مانصه: أي لا تأثير لهما في وقع مرض أو مكروه البتة لاستحالة الشريك مع مولانا جل وعلا.16
ولما عرض لبعض من سمعه شبهة فقال يارسول الله فنا بال الإبل ؟ قال له الرسول (ص) مجيبا عن شبهته فمن أعدى الأول....أي أن انتقال الإبل مثلا من حال السلامة إلى الجرب بدخول الجمل الأجرب بينها كما يتوهم، لوجب أن يكون سبب جرب الجمل الداخل عليها دخول جمل آخر أجرب عليه، ثم ننقل الكلام أيضا إلى ذلك الجمل الأجرب وهكذا، فإما أن يتسلسل إلى ما لا نهاية له أو ينتهي إلى جمل أصابه الجرب أولا من غير دخول جمل أجرب عليه، والأول مستحيل لأنه من باب وجود حوادث لا أول لها، ويتعين الثاني وهو الانتهاء إلى جمع ينقطع فيه توهم العدوى، ويتيقن فيه أن جربه حدث فيه بمحض خلق الله تعالى بلا واسطة.17
أما في قضية الفرار فإن المؤمن الموحد إذا فر منها إنما هو يفر من قدر الله تعالى إلى قدر الله ويلجأ من الله إلى الله كما أشار إليه الفاروق رضي الله عنه.18 إقتباس من مقال
نماذج من القضايا الاجتماعية من خلال كتاب المصادر العربية لتاريخ المغرب
بقلم الأستاذ: خاليد فؤاد طحطح |
|
هاجر مشرفة أقسام التعليم العالي والبحث العلمي
عدد الرسائل : 1248 العمر : 37 المدينة التي تقطن بها : قالمة الوظيفة : طالبة جامعية ماستر 2 السٌّمعَة : 34 تاريخ التسجيل : 13/09/2010
| موضوع: رد: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الأحد أكتوبر 10, 2010 2:54 pm | |
| موضع جد قيم و يحتاج الى التوعية بمعناها الحقيقي |
|
nadjet30 إدارة
عدد الرسائل : 3618 العمر : 34 المدينة التي تقطن بها : ورقلة الوظيفة : أستاذة السٌّمعَة : 49 تاريخ التسجيل : 25/02/2010
| موضوع: رد: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الأحد أكتوبر 10, 2010 5:41 pm | |
| موضوعك في القمة دمت مميزا.... |
|
الاشبيلي شخصيّة رفيعة بالمنتدى
عدد الرسائل : 822 العمر : 48 الموقع : ashpele@hotmail.fr المدينة التي تقطن بها : الوادي الوظيفة : تاريخ الاندلس السٌّمعَة : 41 تاريخ التسجيل : 03/06/2010
| موضوع: رد: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 7:20 pm | |
| |
|
عادل لطفي عضو ماسي
عدد الرسائل : 2614 العمر : 46 المدينة التي تقطن بها : الوادي الوظيفة : تاجر السٌّمعَة : 64 تاريخ التسجيل : 17/10/2010
| موضوع: رد: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 8:09 pm | |
| موضوع متميز جزاك الله كل الخير |
|
TARKANO5 مشرف سابق
عدد الرسائل : 1325 العمر : 48 المدينة التي تقطن بها : جامعة الوظيفة : محاسب السٌّمعَة : 48 تاريخ التسجيل : 07/08/2010
| موضوع: رد: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الأربعاء ديسمبر 29, 2010 2:25 pm | |
| والله مميز يا إشبيلي مواضيعك دائما فها الكثير من الحكمة والمنفعة شكرا عزيزي . |
|
الاشبيلي شخصيّة رفيعة بالمنتدى
عدد الرسائل : 822 العمر : 48 الموقع : ashpele@hotmail.fr المدينة التي تقطن بها : الوادي الوظيفة : تاريخ الاندلس السٌّمعَة : 41 تاريخ التسجيل : 03/06/2010
| موضوع: رد: الأوبئة نموذج للقضايا الاجتماعية في تاريخ المغرب الأربعاء ديسمبر 29, 2010 4:24 pm | |
| - عادل لطفي كتب:
- موضوع متميز
جزاك الله كل الخير شكرا عادل - TARKANO5 كتب:
- والله مميز يا إشبيلي مواضيعك دائما فها الكثير من الحكمة والمنفعة شكرا عزيزي .
بارك الله فيك طرقان |
|