الصبار فاكهة ودواء وحافظ للبيئة
يطلق اسم الصبار على نوع من النبات المقاوم للجفاف وهناك أنواع كثيرة منه منها ما يستعمل كنبات للزينة، ومنها أيضا الصبار الذي يعطي فاكهة التين الشوكي أو ما نسميه نحن بالعامية بالهندي أو الهندية
في السنين الماضية كانت فاكهة الصبار من الفواكه المهملة، ولم يكن يتناولها إلا فئة معينة من الناس وخصوصا من جاءوا من البادية أو من لهم ارتباط بالبادية، وقد عرفت هذه الفاكهة في المدن في السنوات الأخيرة غلاء كبيرا، كما أننا بدأنا نسمع عن تعاونيات للاستفادة من أوراق ونبات الصبار الذي توسعت استخداماته لتشمل أيضا مواد التجميل .
يتطرق الدكتور محمد فائد في هذا الموضوع لمكونات الصبار وأيضا لفوائده الصحية والعلاجية، وحتى لا أطيل أترككم مع الموضوع الذي تصرفت فيه بعض الشيء
الصبار أصله شمال إفريقية ودول آسيا وتمتاز دول شمال إفريقية بإنتاجه.
الصبار الكمثري أو الصبار البري ويسمى كذلك التين الهندي، وهو نبات جبلي يقاوم الحرارة والجفاف لمدة سنين. وأصل هذا النبات شمال افريقية وآسيا وانتقل إلى دول أمريكا اللاتينية. ويكثر في بلدان إفريقيا الشمالية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط. ويمتاز الصبار بمقاومته لكل الأمراض النباتية من فطريات وفايروسات، ويقاوم كل الديدان والمتعضيات الأرضية التي تنخر النبات. والصبار لديه قوة كابحة للديدان والحشرات الآكلة للنبات، ولا تقترب هذه الكائنات من التربة التي ينبت عليها الصبار. ويزع الصبار بصعوبة في بعض أنواع التربة كما يتطلب وقتا ليبلغ طور الاشتداد والاستفادة منه إما للحيوانات ككلأ أو للإنسان كخضرة وكفاكهة من النوع الممتاز. والصبار لا ينبت جيدا إلا في الأراضي الوعرة والتربة الصخرية وعموما كان الناس لا يزرعونه في الأراضي الصالحة للزراعة وإنما في كل الأماكن التي تصلح للرعي والزراعة،ولذلك كان المغاربة يزرعون في الهضاب المرتفعة التي لا تصلح للزراعة وكذلك الأراضي الصخرية التي يستحيل حرثها فيلجأ المزارعون الذين كانوا بارعين في علم الزراعة إلى غرس هذه الأراضي بالصبار لأمرين الأول هو الاستفادة من الفواكه والثاني هو الاستفادة من أوراقه كعلف للماشية فكانت الأوراق تحك لإزالة الشوك ثم تعطى للحيوانات، وكان يعطى بالخصوص للجمال ولا يضاف معه أي شيء، ولا تزال هذه الإستعمالات جارية.
من الخصائص الزراعية لنبات الصبار أنه يعطي الأوراق بكثرة في السنوات الممطرة والفواكه بكثرة في السنوات الجافة. وبذلك يكون نافعا أكثر بالنسبة للماشية لأن في السنوات الجافة يقل التبن والكلأ ويحل الصبار محل هذه المواد العلفية بالنسبة للماشية. ويساعد الصبار على تسمين الماشية إذا ما أعطي مع العلف لأنه يقضي على طفيليات الأمعاء ويعطل الهضم في الأمعاء بمادته الهلامية ليجعل المردودية الامتصاصية ترتفع. والصبار هو أكل الجمال بامتياز وهي النقطة المهمة بالنسبة للإنتاج لأن في هذه الحالة يمكن إنتاج اللحوم بدون تكلفة كبيرة، ويمكن الحصول على لحوم من الدرجة الممتازة والجودة العالية وهي لحوم الجمال وبدون مصاريف باهظة كما هو الشأن بالنسبة للمواشي الأخرى.
ويجمع الصبار بين كونه من النباتات المشوكة وهي النباتات التي تقاوم الحرارة ولا تخضر إلا في فصل الصيف، وبين النبتات الطبية التي تحتوي على مكونات طبية تدخل في العلاج الغذائي، بالإضافة إلى مكونات غذائية للإنسان لأن الأوراق على شكل أدن كبيرة هي من الخضر النفيسة التي لا يعرف الناس مزاياها. ويحتوي الصبار الكمثري على هلام بالأوراق يستعمل كسائل في علاج كثير من الأمراض الجلدية والشعر. ومن الناحية التركيب الكيماوي فإن الصبار الكمثري يحتوي على نسبة عالية من الماء والأملاح المعدنية، والألياف الخشبية وبعض السكريات. فنسبة الماء تصل إلى 90 بالمائة والأملاح المعدنية إلى حوالي 20 بالمائة والكالسيوم إلى 1.5 بالمائة والألياف إلى 10 بالمائة والبروتينات إلى 4 بالمائة إضافة إلى السكريات والفايتمين س والفاتمين أ. وتتوزع الأملاح المعدنية على البوتاسيوم بنسبة عالية 1 بالمائة ونسبة قليلة جدا من السوديوم 0.4 بالمائة والمانغنيز والحديد والمانغنيز والكالسيوم، وفاكهة الصبار تمتاز بالمانغنيز الذي يلعب دورا أساسيا في نشاط العضلات الحمراء، وينشط الخصوبة عند الرجال، ونلاحظ أن المناطق التي يكثر فيها الصبار في المغرب كان ينعدم فيها العقم والسرطان، بل كانت معروفة بالخصوبة لأن معدل الأطفال كان يفوق العشرة لكل امرأة. ويتميز الصبار بالفوسفور وأوراق الصبار تحتوي على نسبة أعلى من الفواكه من الفوسفور.
ومن الناحية الصحية فإن أوراق الصبار كنبات طبي يساعد على الوقاية من التسممات الكيماوية، وقد بينت بعض الدراسات أن الصبار يحفظ من أثر التسمم الكحولي، ويحد من الآلام في الرأس والعضلات. ونظرا لكون كل نباتات فصيلة الصبار تحتوي على هلام في أوراقها وأشهرها هلام الصبر فإنها تستعمل في علاج الجهاز الهضمي وتحفظ من آلام المعدة والأمعاء وتحد من الإسهالات، وترتبط مكونات الهلام بالمكونات الغذائية في الأمعاء فتعطل الهضم ومرور الأغذية بالأمعاء ولذلك لا يحس الشخص الذي يستهلك الصبار بالجوع. ويحد استهلاك أوراق الصبار من الخدش الذي يسببه الإمساك في الأمعاء، وكذلك التهاب الأمعاء من جراء بعض الأدوية أو التسممات الغذائية والكيماوية.
والمعروف طبيا عن نبات الصبار أنه يخفض من السكر في الدم، وقد حاول بعض الباحثين تفسير هذه المفاعلة الفايزيولوجية بكون الصبار يحتوي على بوتاسيوم بكثرة، وبعض المواد التي تزيل الكوليستيرول من الدم، وقد يساعد هذان العاملان على جعل نسبة السكر في الدم تنخفض، لكن هناك بعض المواد الأخرى الموجودة في الصبار والتي تساعد على خفض السكر بالدم عبر التناسب الهرموني، فهي تلعب دور هرمون الأنسولين وليس دور تخفيف الدم. وننصح المصابين بالسكري خصوصا رقم 2 أن يتناولوا أوراق الصبار كخضرة إما على شكل شربة أو عصير أو مسلوقة، فهي تخفض من نسبة السكر بالدم فور استهلاكها.
ورغم قوة خفض نسبة السكر بالدم فإن الأمر الموجودة في أوراق الصبار فإن استعماله ليس حتميا لخفض السكر بالدم , وإنما يجب أن يكون ضمن النظام الغذائي المبين لأصحاب السكري، وهذا النظام يرتكز على مقومات أخرى. من حيث يجب أن يكون هذا الاستهلاك مراعيا للنظام الغذائي الكلي وليس الصبار فقط. ويمتاز الصبار على الصبر في ميدان التزيين، فماء أوراق الصبار يغسل به الشعر لتقويته وقد كان الصبار يستعمل للقضاء على القمل في الشعر وكذلك فطريات الشعر وتقويته.
وهناك منتوجات أخرى من الصبار لا تزال غير معروفة وكل أجزاء الصبار صالحة للعلاج، ومنها الأوراق والجذور والأزهار والفواكه. فالأزهار معروفة بقوتها ضد ارتفاع الضغط، وتستعمل الأزهار في خفض الضغط أما يابسة أو طرية، كما تستعمل في علاج السرطان وأعراض الجهاز العصبي والكلية. وهي مدرة للبول وتحد من تضخم للبروستاتا عند الرجال. وكذلك الفواكه فهي تلعب دورا كبيرا في علاج البروستاتا.
وفواكه الصبار تكون محاطة بأشواك رقيقة كالشعر من حيث قد تصيب اليدين والفم ولا ترى لأنها دقيقة جدا، ولذلك لا يقبل الناس على استهلاكها بكثرة إلا في بعض البوادي، لأن الذين يستهلكون الصبار يعرفون جيدا مدى أهميته في التغذية. ويستحسن أن يستهلك الأطفال فواكه الصبار بكثرة على شكل عصير لتفادي الإمساك الحاد الذي يسببه الحصى الموجود في هذه الفواكه.وربما يكون استهلاك الصبار على شكل عصير أحسن بكثير من استهلاكه كليا ومباشرة، ويحتوي الصبار على المنكنيز الضروري للعضلات الحمراء في الجسم ليكتمل نشاطها. ونلاحظ أن المناطق التي كان يستهلك فيها الصبار بكثرة كدكالة والرحامنة وقلعة اسراغنة وجنوب المغرب وناحية قصبة تادلة وبعض المناطق بالشاوية الجنوبية لم يكن السكري منتشرا بكثرة ولم تكن الأمراض المزمنة معروفة إلا نادرا جدا، وتمتاز البوادي بشدة العضلات والخصوبة.
ومن المزايا الصحية الهائلة للصبار أنه يساعد على خفض الوزن والحد من السمنة، فالصبار يشد إليه الدهنيات من حيث لا يمتصها الجسم، وهذه الخاصية ينفرد بها الصبار في ميدان علم الحمية، إذ ليس هناك قوة تشد الدهنيات أكثر من الصبار، وبما أن الصبار يستهلك فاكهة وأوراقا فهو يفيد على طول السنة وليست الفواكه فقط هي النافعة وإنما الأوراق كذلك. والألياف الخشبية التي يحتوي عليها الصبار هي التي تشد الدهنيات خصوصا إذا وجدت بكثرة، ولما تتصل وحدات الألياف الخشبية بالدهنيات حيث تشدها إليها فتسفر عن تكون جزيئة كبيرة الحجم من حيث يصعب امتصاصها فتمر عبر الأمعاء لترمى مع الفضلات. وبنفس الطرقة تخفض نسبة الكوليستيرول بالأوعية الدموية، ولذلك فإن استهلاك الصبار يخفض نسبة الكوليستيرول بالدم بسرعة وبطريقة طبيعية دون تناول عقاقير، وليس هناك عقاقير تخفض من نسبة الكوليستيرول بالدم أحسن من الصبار ولا أسرع ولا أكبر.
ويمشي استهلاك الصبار مع نظام غذائي متكامل ليكون العلاج بنسبة عالية، ولا يمكن أن يعطي الصبار كل هذه الفوائد إلا لما يتوقف الجسم عن تناول السموم وكل المحدثات للأمراض المزمنة، فالحد من السرطان لا يمكن أن يحقق بالصبار إلا إذا توقف الجسم عن تناول مسببات السرطان، ثم يستهلك الصبار ومنتوجات أخرى مع الصبار ليكون النظام متكاملا فيسهل العلاج. ولذلك فالنصائح التي تقدم للناس تكون ناقصة بدون تحديد النظام الغذائي المتكامل للعلاج. وهذا النظام لا يمكن أن يحدد إلا من طرف دوي الاختصاص في علم التغذية والطب الطبيعي، ونحن نعلم أن ليس هناك اختصاص في الطب البديل لأنه متشعب ويجمع اختصاصات كثيرة لا يمكن أن يحاط بها في تكوين واحد. واستهلاك الصبار لا ينفع مع استهلاك المواد الغذائية المصنعة واستهلاك اللحوم الدسمة وتناول كل ما من شأنه أن يحدث عدم التوازن في الجسم.
فالصبار يخفض السكر في الدم لكن مع تناول اللحوم ربما لا ينفع، وبدون حركة الجسم ومع الإرهاق والتدخين. لكن إذا استهلك في غياب اللحوم ومع نباتات أخرى كالحلبة والقرنفل والخضر الخضراء واستبدال القمح بالشعير وتناول حبوب الكتان فربما ينفع ولا يحتاج المصاب لأي شيء، وفي حالة اجتماع السكري مع ارتفاع الضغط يتغير النظام الغذائي ليشمل مكونات غذائية أخرى إضافية تخفض من ارتفاع الضغط كأوراق الزيتون البري والقرفة والثوم، وأزهار الصبار مع أوراقه، وقد تضاف بعض الطحاليب البحرية مع السدر والزيادة في كمية حبوب الكتان وتناول الخل الطبيعي كخل التفاح والعنب.
والصبار ينفع في إزالة الطفيليات من الأمعاء لكن إذا صحبته حمية تشمل عدم استهلاك الحلويات والتوقف عن استهلاك الخضر الطازجة والفواكه الطرية وتناول منتوجات النحل كالعكبر والشهد وتناول بذور القرعيات وعرق السوس وعصير أوراق الصبار، وربما تكون جذور الصبار نافعة أكثر من الأوراق في القضاء على الطفيليات. ولا ننظر إلى الطفيليات دون الأعراض الأخرى، فالعلاج يجب أن يكون متكاملا، ولذلك يجب مراعاة تجانس المنتوجات وتأثيرها إيجابيا أو سلبيا على مرض دون الآخر.
وربما يقرأ شخص هذه النصائح ثم يبدأ في محاولة لتطبيقها دون أن يأخذ بعين الاعتبار كل ما يتعلق بعلم التغذية، فلا تنفعه ثم يحبط فيقول هذا ليس علاجا وليس طبا، ولذلك فالذين يشتكون من البروستاتا مثلا ليس الصبار وحده الذي يمكن أن يحد من تضخم البروستاتا، وإنما هناك ممارسات أخرى منها الحجامة إذا كان الهرمون مرتفعا ثم الانقطاع عن تناول اللحوم واستهلاك الخضر المرة كالبصل الأحمر والثوم واللفت وبذور القرعيات وحبوب اللقاح والعكبر ثم الصبار وأزهار الصبار تفيد أكثر من الأوراق إذا وجدت.
واستعمال الصبار في الحد من السمنة يجب أن يكون في إطار نظام غذائي متكامل للحد من السمنة، وهو نظام يرتكز على الحركة وحمية خالية من الدسم واللحوم والسكريات الصناعية، وزيوت المائدة من الحبوب، وتناول الخل وحبوب الكتان وحصتين من الحجامة متباعدتين بشهر، ثم يستهلك الصبار خصوصا الأوراق بكثرة مع أوراق التين وحبوب البسباس، ولا يمكن أن يخفض الوزن بدون الانقطاع التام عن اللحوم والسكريات، ويفضل استبدال القمح بالشعير، لأن الكلوتين يزيد من حدة السمنة، ويسبب حساسية داخلية في الجسم. وشرب العسل قبل الأكل بالنسبة لأصحاب السمنة ضروري لقطع الشهية وللحد من الارتخاء والكسل بسبب الجوع.
واستعمال الصبار لتنظيم العادة الشهرية عند النساء يكون مصحوبا بعدم تناول اللحوم الدسمة والاكتفاء بلحوم السمك والدجاج الطبيعي أو البري، وتناول الكرفس وأوراق التين بكثرة، وإذا كانت أوراق التين خضراء أو طرية فهو أحسن.
ولذلك فالنصائح يجب أن تؤخذ في مجملها ليكون نظام متكامل للعلاج، أو طب متكامل للعلاج كما نسميه، وإلى حد الآن ليس هناك طريقة علاجية ناجحة تماما، وإنما هناك نسبة في العلاج فقط، وكلما كان الشخص يتناول مواد طبيعية ويبتعد عن المواد الصناعية كلما زادت نسبة العلاج، ويصعب على الطب النباتي علاج الأمراض بدون حمية وكذلك بالنسبة للطب الكيماوي. فالحمية هي أصل العلاج وتأخذ نسبة عالية في العلاج بالنسبة للأمراض المزمنة، ويلاحظ جل الناس أن العلاج لا يزال مستعصيا وثقيلا ولو بالعقاقير والكيماويات، لأن استأصال المرض لا يكون بالجراحة ولا بالكيماويات والعقاقير، ولكن بحبس السموم عن الجسم قبل الشروع في أية طريقة للعلاج، وقد نستغرب للعيادات والمستشفيات التي تضع المرضى تحت المراقبة والعلاج المكثف أو الجراحة ثم لا يكون لديها برنامج غذائي لهؤلاء المرضى، فهي تصب الماء في إناء مثقوب وتنتظر أن يمتلئ. وقد نلاحظ أن أسوأ أكل هو أكل المستشفيات والعيادات، وهذا العجز الحاصل الآن في الميدان الصحي هو الذي يجعل العلاج مستعصيا، ولن تقدر المستشفيات ولا العيادات على نهج نظام غذائي سليم للمرضى لأنه أمر صعب لكنه ليس مستحيلا. فالأمراض تختلف وتتعقد من حيث يجب أن تعطى لكل مريض وجبته الصحيحة، ولذلك يجب أن يكون المطبخ أقوى من المركب الجراحي داخل المستشفى، ولو اتبعنا هذا النهج لكان العلاج يسيرا ولارتاح الأطباء.