مملكة نبي الله سليمان عليه السلام
* ورث الملك عن أبيه وعمره ثلاثة عشر سنة، وكان مع حداثة سنه من ذوي الفطنة والذكاء والكياسة والتدبير. كما أن الله أعطاه الحكمة وحسن القضاء منذ نعومة أظفاره وسخر له الجن والشياطين لخدمته وعلمه الله منطق الطير وكلامها ولغاتها..
- بعثه الله لبني إسرائيل، ليدعوهم إلى عبادة الله وحده على منهج الأنبياء والرسل السابقين، وكان يحكم بينهم بنصوص التوراة، استخدم في حلول مشاكل مملكته السياسية والاقتصادية طريقة الحلول الدبلوماسية التي دعمت العلاقات بين مملكته وملك صور الفينيقية والفراعنة في مصر، بل وصلت مملكته في عهده إلى أوج قوتها، حيث اهتم نبي الله سليمان بالأعمال العمرانية فبنى المعبد المركزي الذي كان قد بدأه والده داود عليه السلام قبل موته على هيئة ضخمة فخمة تليق بمكانة نبي ملك أوتي مالم يؤت أحداً من العالمين ووهب ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده..
ولفخامة الهيئة التي بنى سليمان عليها المسجد الأقصى المعروف في تاريخ بني إسرائيل بالهيكل نسب هذا المعبد إليه، فليس هو بانيه الأول كما سبق البيان بل كان هو الذي بناه بناءً عظيماً محكماً.
- قال ابن تيمية: ( المسجد الأقصى كان من عهد إبراهيم لكن سليمان عليه السلام بناه بناءً عظيماً ).
- ولقد برزت قوة سليمان عليه السلام في تعامله مع مخلوقات الله بما يخدمه، ففي قصة بلقيس ملكة سبأ التي ذكرت في القرآن الكريم تمكن من إحضارها إلى مملكته لتقف بنفسها على مشاهدة عظمة نبوته وملكه، قال تعالى: { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } النمل.
- خضعت ملكة سبأ (بلقيس) لحكم نبي الله سليمان فأصبحت بلاده ذات رقعة واسعة فأسلمت له كل بلاد الشام، وطمع بملك سليمان أحد القادة اليهود وهو يربعام الذي قاد ثورة ضده، لكنها باءت بالفشل فلجأ إلى فرعون مصر، وبوفاة نبي الله سليمان خلفه ابنه رحبعام الذي ثار عليه اليهود واستدعوا يربعام وملكوه عليهم، قام يربعام بشطر المملكة إلى قسمين شطر كوَّن مملكة الشمال وجعل عاصمتها شكيم، أما رحبعام فاستمر ملكاً على جنوب البلاد، وبعد وفاة نبي الله سليمان دب الخلاف والنزاع بين مملكتي الشمال والجنوب.
* مملكة سليمان عليه السلام:
- قال تعالى: { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } الأنبياء81.
- فسّر الشعراوي في قصص الأنبياء: أن سليمان عليه السلام استفاد من تعليم الله لأبيه داود، فأخذ هذه النعمة، وزوده الله بنعم أخرى خاصة به، فأعطى له الريح العاصفة تسير بأمره وينتقل بها من مكان إلى آخر في الأرض التي بارك فيها من صحراء فلسطين حتى العراق فكانت الريح تمثل مواصلات داخلية في مملكته.
* أوضاع اليهود بعد وفاة نبي الله سليمان عليه السلام:
- بعد وفاة نبي الله سليمان عليه السلام انقسمت مملكته إلى قسمين هي مملكة الجنوب يهوذا وعاصمتها أور شليم، ومملكة الشمال إسرائيل وعاصمتها نابلس شكيم، وكان أغلب أسباط بني إسرائيل في دولة الشمال التي كانت أوسع رقعة من الجنوب..
- وفي سنة (721)ق.م أسقط ملك الآشوريين مملكة إسرائيل الشمالية من الوجود واعتقل آخر ملك فيها وشرد شعبها وأقام في أرضها والياً باسمه، وتعرف هذه الفترة بفترة التغريب الآشوري..
- وفي سنة (608)ق.م زحف فرعون مصر في ذلك الوقت على مملكة يهوذا التي لم تكن قد سقطت بعد، فاحتلها واستمر في زحفه حتى احتل مملكة إسرائيل الشمالية التي استولى عليها الآشوريون، فثار لذلك ملك بابل بختنصر الذي آل إليه الأمر على بلاد آشور وزحف على فلسطين بقسميها يهوذا وإسرائيل وهزم الفرعون واستعاد منه المملكتين ودمر المسجد الأقصى سنة (586)ق.م وسبى أكثر بني إسرائيل إلى بابل وفر بعضهم إلى مصر وأقطار أخرى وعرفت هذه المدة تاريخياًً بفترة السبي البابلي.