-إن عقيدة الإسلام تصنع الإنسان صناعة أخرى ، فتجعله ينظر إلى الحياة بشكل آخر ، ويقيِّم الأشخاص بشكل آخر ، بل إن أبسط المسلمين ثقافةً يستطيع أن يدرك من خلال عقيدته لُغزَ الحياة ، الذي حار عنه أكبر علماء الأرض ، فعقيدته تجيبه عن الأسئلة المحيرة :
من أنا ؟ .. من أوجدني ؟ .. لماذا أوجدني ؟ ..
* شخصية المسلم شخصية مُصدِّرة للسلوك والأخلاق لا تستورد أي سلوك من أمة أخرى ؛ لأن في كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، تدَخُلٌ في كل خصوصيات المسلم ، تعلمه ما ينبغي عليه أن يعمل ، وما يُكره له ، وما يُستحب فعله ، في كل زمان ومكان ، وفي نفس الوقت يعتقد المسلم أن أحكام الشرع جاءت لجلب المصالح ، ودرء المفاسد ، وأن كل حكم شرعي ينطوي على مصلحة للمسلم ، فلن يجد لنفسه شرعاً أعلى من هذا الشرع ، وصدق الله إذ يقول :
[سورة المائدة]
* وشخصية المسلم قوية جداً ؛ لأنها على اتصال مباشر بأقوى الأقوياء سبحانه وتعالى ، وتعلم أنه لا يستطيع مخلوق أن يتسلط عليها بالشر إلا إذا شاء الله ، كما أنه لا يستطيع كائن أن ينفعها بشيء إلا إذا قدَّر الله عز وجل ذلك ، فهي لذلك لا تخضع لأحد ، ولا تُعلق الآمال بأحد إلا بالله ؛ لأنه هو وحدَه مصدر النفع والضر والعز والذل .
* كما أن شخصية المسلم تفتخر بالانتماء إلى الله عز وجل ، فهي شخصية عالية المطلب ، فعند ما يكون همُّ الناس هو الدنيا وحطامها ، يوجِّهُ المسلم همه إلى إرضاء الله عز وجل ، وفعل محابِه من الأعمال ، فإذا انفرد المسلم بنفسه فكَّر بالله ، وإذا اجتمع مع الناس تحدث عن الله ، وإذا احتاج سأل الله ، وإذا استغنى شكر الله ، وإذا استوحش أَنِس بالله واشتاق إليه ، واطمأن بذكره .
* وشخصية المسلم مطمئنة واثقة بوعد الله عز وجل ، فهو وعَدَها بالجنة إن أطاعت ، وكتب عليها النار إن هي عصت أمره وتخلت عنه ... فكل مصيبة تنزل به لا يقيم لها وزناً ، إن لم يكن بها ضرر له في دينه ، وكل أذىً يصيبه يصبر عليه طالباً الأجر من الله تبارك وتعالى ، منتظراً من ربه إنجاز وعده له بإدخاله الجنة .
شتم رجل سيدنا أبا الدرداء ، فأجابه قائلاً : يا هذا إن أمامي عقبة كؤود (يعني ساعة الحساب) فإن نجوتُ منها ما ضرني ما تقول ، وإن لم أنجُ منها كنتُ شراً مما تقول .
* تلك هي الخطوط العريضة للشخصية الإسلامية ، أراد الإسلام من المسلم أن يتخلق بها ؛ ليكون رجلاً فذَّاً على خلاف عادة البشر ، لا يعرف الهزيمة .
-*- ومن أراد دليلاً على ذلك فليعد بذاكرته إلى أصحاب رسول اله صلى الله عليه وسلم ، أولئك الرجال الذين ربَّاهم الإسلام ، فكانوا خير أمة أخرجت للناس ، وصدق سلمان الفارسي رضي الله عنه إذ يقول :
أبي الإسلام لا أب لي سواه إن افتخروا بقيس أو تميم
-----وجعلنا الله جنودورجال الاسلام